الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: فِي الْجَنَائِزِ
بَيَانُ أَحْكَامِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ) وَلَوْ حُكْمًا؛
فَلَا يُغَسَّلُ كَافِرٌ (الْمُسْتَقَرِّ الْحَيَاةِ) : أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي الْجَنَائِزِ]
[حُكْم غَسَلَ الْمَيِّت وَتَكْفِينَهُ وَالصَّلَاة عَلَيْهِ]
فَصْلٌ
تَقَدَّمَ دُخُولُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي رَسْمِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ. وَالْمَوْتُ كَيْفِيَّةٌ وُجُودِيَّةٌ تُضَادُّ الْحَيَاةَ فَلَا يَعْرَى الْجِسْمُ عَنْهُمَا، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ عَرْضٌ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ عَرْضٌ. وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ مَعْنًى خَلَقَهُ اللَّهُ فِي كَفِّ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ يَجِدُ رِيحَهُ إلَّا مَاتَ.
وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُتَحَلِّلٌ فِي الْبَدَنِ تَذْهَبُ الْحَيَاةُ بِذَهَابِهِ. (اهـ. خَرَشِيٌّ) .
فَائِدَتَانِ: الْأُولَى: تَرَدَّدَ بَعْضٌ: هَلْ شُرِعَتْ الْجِنَازَةُ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ؟ وَظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا بِالْمَدِينَةِ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمَجْمُوعِ: وَرَأَيْت بِخَطِّ النَّفْرَاوِيِّ شَارِحِ الرِّسَالَةِ: لَوْ أُحْيِيَ مَيِّتٌ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ لَهُ غُسْلٌ وَتَجْهِيزٌ ثَانٍ. قُلْت: هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ مُقْتَضِيه، لَكِنْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْحَيَاةِ الْمُتَعَارَفَةِ لَا مُجَرَّدِ نُطْقٍ وَهُوَ فِي نَعْشِهِ أَوْ قَبْرِهِ مَثَلًا. (اهـ) .
قَوْلُهُ: [غُسْلُ الْمَيِّتِ] : أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا إذَا سَقَطَتْ عَلَيْهِ صَخْرَةٌ لَمْ يُمْكِنْ إزَالَتُهَا عَنْهُ وَظَهَرَ قَدَمُهُ فَيُغَسَّلُ وَيُلَفُّ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُوَارَى عَمَلًا بِحَدِيثِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» هَكَذَا يَظْهَرُ، وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الْآتِي:" وَلَا دُونَ الْجُلِّ " لِأَنَّ ذَاكَ انْعَدَمَ بَاقِيهِ، وَهُنَا مَوْجُودٌ لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَيْهِ. وَلَا يَخْرُجُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْجَبِيرَةِ مِنْ إلْغَاءِ الصَّحِيحِ إذَا قَلَّ جِدًّا كَيْدٍ؛ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَاكَ، أَعْنِي التَّيَمُّمَ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . قَوْلُهُ:[وَلَوْ حُكْمًا] : وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي نَوَى بِهِ مَالِكُهُ الْإِسْلَامَ كَمَا يَأْتِي.
الَّذِي اسْتَقَرَّتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ وَلَوْ لَحْظَةً بِأَنْ اُسْتُهِلَّ صَارِخًا، أَوْ قَامَتْ بِهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ؛ فَلَا يُغَسَّلُ السَّقَطُ (غَيْرُ شَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ) فِي قِتَالٍ الْحَرْبِيِّينَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُغَسَّلُ لِمَزِيدِ شَرَفِهِ (بِمُطْلَقٍ) : مُتَعَلِّقٌ بِغُسْلٍ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ الْمَاءُ الْمُضَافُ (كَالْجَنَابَةِ) أَيْ غُسْلًا مِثْلَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ الْإِجْزَاءُ كَالْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالُ كَالْكَمَالِ.
(وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى غُسْلٌ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ: (فَرْضَا كِفَايَةٍ) إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِمُطْلَقٍ] : أَيْ وَلَوْ بِزَمْزَمَ بَلْ هُوَ أَبْرَكُ، وَالْآدَمِيُّ طَاهِرٌ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدٌ.
قَوْلُهُ: [كَالْجَنَابَةِ] إلَخْ: أَيْ إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ تَكْرَارِ غُسْلٍ وَسِدْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي، وَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُضُوءُ بِتَكَرُّرِ الْغُسْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا ثُمَّ يَبْدَأُ بِغَسْلِ الْأَذَى فَيُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً فَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَقْلِبُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ. (اهـ. مِنْ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [فَرْضَا كِفَايَةٍ] : أَمَّا فَرْضِيَّةُ الْغُسْلِ فَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَهْرِ بْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَمُقَابِلُهُ السُّنِّيَّةُ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْجَلَّابِ، وَشَهْرُ بْنُ بَزِيزَةَ، وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ الصَّلَاةِ فَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ ابْن نَاجِي وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ، وَالْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ لَمْ يَعْزُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنِ عَرَفَةَ إلَّا لِأَصْبَغَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْأَشْهَرُ فِيهَا الْفَرْضِيَّةَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ السَّيِّدِ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ غُسْلُ الْمَيِّتِ بِالشُّرُوعِ عَلَى قَاعِدَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَمْ لَا؟ لِجَوَازِ غَسْلِ كُلِّ شَخْصٍ عُضْوًا.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ الثَّانِي فَصَارَ كُلُّ جُزْءٍ كَأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. إنَّمَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ بِالشُّرُوعِ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ عِبَادَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. وَلَوْ غَسَّلَهُ مَلِكٌ أَوْ صَبِيٌّ كَفَى وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْخِطَابُ لَهُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَالِغِينَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِمْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. (اهـ.) قَوْلُهُ: [وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ] : أَيْ فِي الطَّلَبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: