الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَعُزُوبُهَا) : أَيْ ذَهَابُهَا مِنْ الْقَلْبِ بَعْدَ اسْتِحْضَارِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، (مُغْتَفَرٌ) غَيْرُ مُبْطِلٍ لَهَا وَلَوْ بِتَفَكُّرٍ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ بِخِلَافِ رَفْضِهَا فَمُبْطِلٌ.
(كَعَدَمِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ) إنْ كَانَتْ أَدَاءً، (أَوْ) عَدَمِ نِيَّةِ (الْقَضَاءِ) إنْ كَانَتْ قَضَاءً، فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا نِيَّةُ أَدَاءً أَوْ قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى مُلَاحَظَةُ ذَلِكَ (أَوْ) عَدَمِ نِيَّةِ (عَدَدِ الرَّكَعَاتِ) فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُلَاحِظَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مَثَلًا، فَالظُّهْرُ فِي وَقْتِهِ مَثَلًا يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَأَنَّهُ أَدَاءٌ، وَخَارِجُ وَقْتِهِ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ قَضَاءٌ، بَلْ إذَا كَانَ غَافِلًا عَنْ الْأَدَاءِ مَثَلًا أَوْ جَاهِلًا بِوَصْفِهَا بِذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ.
(وَ) ثَانِيهَا: (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ] : أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاغِلِ عَنْ اسْتِصْحَابِهَا تَفَكُّرَهُ بِدُنْيَوِيٍّ أَوْ أُخْرَوِيٍّ، مُتَقَدِّمًا عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ طَارِئًا عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: [فَمُبْطِلٌ] : أَيْ إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ اتِّفَاقًا. وَعَلَى أَحَدِ مُرَجَّحَيْنِ: إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَعَدَمِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ] إلَخْ: وَنَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ إنْ اتَّحَدَا وَلَمْ يَتَعَمَّدْ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَتَّحِدَا فَلَا، كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَيَّامًا قَبْلَ وَقْتِهِ، فَلَا يَكُونُ ظُهْرُ يَوْمٍ قَضَاءً عَمَّا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَجْزَأَ، وَلَوْ ظَنَّهُ أَدَاءً. وَصِيَامُ أَسِيرٍ رَمَضَانَ سِنِينَ فِي شَعْبَانَ كَالْأَوَّلِ، وَفِي شَوَّالٍ كَالثَّانِي. (اهـ. مِنْ الْمَجْمُوعِ) .
[تَنْبِيه أَقْوَال الصَّلَاة لَيْسَتْ بِفَرَائِض إلَّا ثَلَاث]
قَوْلُهُ: الْإِحْرَامِ: أَصْلُ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ نُقِلَ لَفْظُ الْإِحْرَامِ لِلنِّيَّةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ، لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَدْخُلُ بِهِمَا فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ. وَإِضَافَةُ التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ إمَّا مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ - إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ - أَوْ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى مُصَاحِبِهِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ النِّيَّةُ فَقَطْ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: الْمُنَاسِبُ لِحَدِيثِ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ فَإِذَا كَبَّرَ فَتَكْبِيرُهُ إحْرَامٌ أَيْ دُخُولٌ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا نَافَاهَا. (اهـ) . تَنْبِيهٌ:
الصَّلَاةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ فَجَمِيعُ أَقْوَالِهَا لَيْسَتْ بِفَرَائِضَ إلَّا ثَلَاثَةً: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالْفَاتِحَةُ، وَالسَّلَامُ. وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا فَرَائِضُ إلَّا ثَلَاثَةً: رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ، وَالتَّيَامُنُ بِالسَّلَامِ. (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) .
عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ مَأْمُومًا، فَلَا يَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، (وَإِنَّمَا يُجْزِئُ: اللَّهُ أَكْبَرُ) بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ، وَلَا يُجْزِئُ مُرَادِفُهَا بِعَرَبِيَّةٍ وَلَا عَجَمِيَّةٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِهَا سَقَطَتْ كَكُلِّ فَرْضٍ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهَا أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ مِنْ أَكْبَرَ وَاوًا لِمَنْ لُغَتُهُ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ] إلَخْ: فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ كَانَ مَأْمُومًا ثُمَّ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ كَانَ شَكُّهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَهَا بِغَيْرِ سَلَامٍ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ، وَإِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ شَكِّهِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ، جَرَى عَلَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ. وَإِنْ كَانَ الشَّاكُّ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونَ: يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ، فَإِنْ قَالُوا، أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادَ جَمِيعُهُمْ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [فَلَا يَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَرَائِضِ عَدَمُ الْحَمْلِ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِ الْفَاتِحَةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ] : لَمَّا كَانَ مَعْنَى التَّكْبِيرِ التَّعْظِيمَ، فَيُتَوَهَّمُ إجْزَاءُ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، بَيْنَ انْحِصَارِ الْمُجْزِئِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ إنَّمَا يُجْزِئُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [بِلَا فَصْلٍ] إلَخْ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ (أَكْبَرُ) .
(اهـ.) وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُضِرٌّ إذْ لَا يُعْطَفُ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَإِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مُتَعَبَّدٌ بِهِ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [سَقَطَتْ] إلَخْ: فَلَوْ أَتَى بِمُرَادِفِهَا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى] : أَيْ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ دَلَّ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ - كَلَفْظِ الْجَلَالَةِ - أَوْ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ مِثْلَ: بَرٌّ بِمَعْنَى مُحْسِنٍ. وَأَمَّا إنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِهِ مِثْلَ: كِبْرٌ أَوْ كَرٌّ، أَوْ كَانَ لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا كَالْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأُجْهُورِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ فَلَا يَأْتِي بِهِ وَأَطْلَقَ.
قَوْلُهُ: [لِمَنْ لُغَتُهُ ذَلِكَ] : أَيْ كَالْعَوَامِّ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ وَهُوَ
(وَ) ثَالِثُهَا: (الْقِيَامُ لَهَا فِي الْفَرْضِ) : فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ مِنْ جُلُوسٍ وَلَا فِي حَالَةِ انْحِنَاءٍ، بَلْ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا. وَقَوْلُنَا:[فِي الْفَرْضِ] زِدْنَاهُ لِإِخْرَاجِ النَّفْلِ لِجَوَازِ صَلَاتِهِ مِنْ جُلُوسٍ. لَكِنْ لَوْ كَبَّرَ فِيهِ جَالِسًا وَقَامَ فَأَتَمَّهُ مِنْ قِيَامٍ هَلْ يُجْزِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ صَلَاةُ رَكْعَةٍ مِنْ قِيَامٍ، وَأُخْرَى مِنْ جُلُوسٍ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: مِنْ كُلِّ مُصَلٍّ، قَوْلَهُ (إلَّا لِمَسْبُوقٍ) وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَ (كَبَّرَ مُنْحَطًّا) أَيْ حَالَ انْحِطَاطِهِ لِلرُّكُوعِ وَأَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، بِأَنْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِ الْإِمَامِ قَائِمًا، فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَسَوَاءٌ ابْتَدَأَهَا مِنْ قِيَامٍ وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ طَوِيلٍ، أَوْ ابْتَدَأَهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ كَذَلِكَ. وَهَذَا إذَا نَوَى بِهَا الْإِحْرَامَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يُلَاحِظْ شَيْئًا مِنْهُمَا، أَمَّا إذَا نَوَى بِهِ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَقَطْ، فَلَا يُجْزِئُ كَمَا سَيَأْتِي.
ــ
[حاشية الصاوي]
حَرَكَتَانِ، فَإِنْ زَادَ فَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: يُغْتَفَرُ أَقْصَى مَا قِيلَ بِهِ عِنْدَ الْقُرَّاءِ، وَلَوْ عَلَى شُذُوذٍ وَهُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَرَكَةً. وَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ إشْبَاعُ الْبَاءِ وَتَضْعِيفُ الرَّاءِ، وَأَمَّا نِيَّةُ أَكْبَارٍ: جَمْعُ كَبَرٍ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ، فَكُفْرٌ وَلْيَحْذَرْ مِنْ مَدِّ هَمْزَةِ الْجَلَالَةِ فَيَصِيرُ كَالْمُسْتَفْهِمِ، وَأَمَّا زِيَادَةُ وَاوٍ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَتُوهِمُ الْقَسَمَ وَالْعَطْفَ عَلَى مَحْذُوفٍ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ.
قَوْلُهُ: [بَلْ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا] : أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهَا قَائِمًا مُسْتَنِدًا لِعِمَادٍ - بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ - فَلَا تُجْزِئُ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِمَسْبُوقٍ] إلَخْ: حَاصِلُ صُوَرِ الْمَسْبُوقِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْحِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ صُورَةً مِنْهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ - الصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَعِشْرُونَ الصَّلَاةُ فِيهَا بَاطِلَةٌ. وَهِيَ أَنْ تَقُولَ: إذَا وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا، إمَّا أَنْ يَبْتَدِئَهَا مِنْ قِيَامٍ وَيُتِمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ، أَوْ بَعْدَهُ. أَوْ يَبْتَدِئَهَا فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ وَيُتِمَّهَا أَوْ بَعْدَهُ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ. وَفِي كُلٍّ مِنْهَا: إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْإِحْرَامَ، أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعُ، أَوْ لَمْ يُلَاحِظْ شَيْئًا، أَوْ الرُّكُوعَ فَقَطْ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ. وَفِي كُلٍّ: إمَّا أَنْ يَحْصُلَ فَصْلٌ أَوْ لَا فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ. إنْ حَصَلَ فَصْلٌ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي سِتَّ عَشْرَةَ، أَوْ نَوَى بِالتَّكْبِيرِ الرُّكُوعَ فَقَطْ فَبَاطِلَةٌ أَيْضًا فِي أَرْبَعَةٍ، يَبْقَى اثْنَتَا عَشْرَةَ صَحِيحَةً.
وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْمُدْرَكَةِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهَا أَوْ لَا؟ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَفِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ) الْمُدْرَكَةِ مَعَ الْإِمَامِ (إنْ ابْتَدَأَهَا) : أَيْ التَّكْبِيرَةَ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) وَأَتَمَّهَا حَالَ انْحِطَاطِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهَا (تَأْوِيلَانِ) . وَأَمَّا لَوْ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَةَ حَالَ انْحِطَاطِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهَا، وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا وَجْهُ التَّأْوِيلِ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ اُغْتُفِرَ لِلْمَسْبُوقِ تَكْبِيرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَوْنُ الِانْحِطَاطِ مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الرَّكْعَةِ دُونَ الصَّلَاةِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَفِي الِاعْتِدَادِ] إلَخْ: أَيْ فَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي سِتِّ صُوَرٍ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ اتِّفَاقًا فِي السِّتِّ الْبَاقِيَةِ وَيَضُمُّ لِتِلْكَ السِّتِّ مَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهَا، سَوَاءٌ ابْتَدَأَهَا مِنْ قِيَامٍ وَأَتَمَّهَا حَالَ الْقِيَامِ أَوْ حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ ابْتَدَأَهَا مِنْ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ، فَهَذِهِ خَمْسٌ سَوَاءٌ نَوَى الْإِحْرَامَ فَقَطْ، أَوْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يُلَاحِظْ شَيْئًا. فَقَدْ دَخَلَ تَحْتَ الشَّكِّ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي تُلْغَى فِيهَا الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً.
قَوْلُهُ: [وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ] إلَخْ: قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِحْرَامُ، إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ. مَعَ أَنَّ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الْإِحْرَامِ. فَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي إحْرَامِهَا بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَا مِنْ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَتَكُونُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَالشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْقِيَامُ - مُقَارِنٌ لِلْمَشْرُوطِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ حُكْمًا. وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِي رُكُوعِهَا، فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُقَارِنْ فِيهَا الْمَشْرُوطَ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ. قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْقِيَامَ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ غَيْرُ فَرْضٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ إنَّمَا جَاءَ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا حَيْثُ أَدْمَجَ الْفَرْضَيْنِ الثَّانِيَ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ
(وَ) رَابِعُهَا: (فَاتِحَةٌ) : أَيْ قِرَاءَتُهَا (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ (لِإِمَامٍ، وَفَذٍّ) أَيْ مُنْفَرِدٍ - لَا مَأْمُومٍ - لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهَا عَنْهُ دُونَ سَائِرِ الْفَرَائِضِ، (فَيَجِبُ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (تَعَلُّمُهَا) : أَيْ الْفَاتِحَةِ لِيُؤَدِّيَ صَلَاتَهُ بِهَا (إنْ أَمْكَنَ) التَّعَلُّمُ بِأَنْ قَبِلَهُ، وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ طَوِيلَةٍ، (وَإِلَّا) يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ - لِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مُعَلِّمًا أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ - (ائْتَمَّ) وُجُوبًا (بِمَنْ يُحْسِنُهَا إنْ وَجَدَهُ) ،
ــ
[حاشية الصاوي]
التَّكْبِيرِ، وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَامُ لِلتَّكْبِيرِ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ لَهُ الرُّكُوعُ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ. (اهـ. بْن) .
قَوْلُهُ: [أَيْ قِرَاءَتُهَا] : إنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ.
قَوْلُهُ: [بِحَرَكَةِ لِسَانٍ] : احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا أَجْرَاهَا عَلَى قَلْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ] : وَلَكِنَّ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يُوجِبُ إسْمَاعَ النَّفْسِ. وَفِي الْخَرَشِيِّ نَقْلًا عَنْ الْأُجْهُورِيِّ: أَنَّهُ يَجِبُ قِرَاءَتُهَا مَلْحُونَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ. قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَهُوَ اسْتِظْهَارٌ بَعِيدٌ، إذْ الْقِرَاءَةُ الْمَلْحُونَةُ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةٌ، فَصَاحِبُهَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعَاجِزِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ يَلْحَنُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مَا لَا يَلْحَنُ فِيهِ، وَيَتْرُكُ مَا يَلْحَنُ فِيهِ. وَهَذَا إذَا كَانَ مَا يَلْحَنُ فِيهِ مُتَوَالِيًا وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَتْرُكَ الْكُلَّ.
قَوْلُهُ: [لِإِمَامٍ وَفَذٍّ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً، جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً.
قَوْلُهُ: [لَا مَأْمُومٍ] : أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ بِلُزُومِهَا لِلْمَأْمُومِ فِي السِّرِّيَّةِ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ لُزُومِهَا وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا لَهُ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [دُونَ سَائِرِ الْفَرَائِضِ] : أَيْ فَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْهَا فِعْلِيَّةً أَوْ قَوْلِيَّةً.
قَوْلُهُ: [إنْ أَمْكَنَ] إلَخْ: فَإِنْ فَرَّطَ فِي التَّعَلُّمِ مَعَ إمْكَانِهِ قَضَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ تَعَلُّمِهَا مَا صَلَّاهُ فَذًّا فِي الْأَزْمِنَةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [لِخَرَسٍ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَرَسَ يُوجِبُ الِائْتِمَامَ، لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا ائْتَمَّ وُجُوبًا غَيْرُ الْأَخْرَسِ.
وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ (وَإِلَّا) يَجِدْهُ صَلَّى فَذًّا.
(نُدِبَ) لَهُ (فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ (وَرُكُوعِهِ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ وَهُوَ أَوْلَى، وَنَكَّرَ [فَصْلٌ] لِيَشْمَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ بَدَلَهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّكْبِيرِ لِخَرَسٍ دَخَلَ بِالنِّيَّةِ وَسَقَطَ عَنْهُ. ثُمَّ إنَّ الْفَاتِحَةَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ] : أَيْ لِتَرْكِهِ وَاجِبًا وَهُوَ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِكَوْنِهِ لَا يَتَوَصَّلُ لَهَا إلَّا بِالْإِمَامِ، فَإِذَا تَرَكَهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ مَعَ الْإِمْكَانِ.
قَوْلُهُ: [صَلَّى فَذًّا] : أَيْ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّعَلُّمِ وَالِائْتِمَامِ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا فَطَرَأَ عَلَيْهِ قَارِئٌ، أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا لَمْ يَقْطَعْ وَيُتِمُّهَا كَعَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ أَوْلَى] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَنْ يَقُولُ وُجُوبَ الْبَدَلِ، فَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَصْلَ مَنْدُوبٌ وَكَوْنُهُ بِذِكْرِ مَنْدُوبٍ آخَرَ وَكَوْنُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ.
قَوْلُهُ: [لِيَشْمَلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ] : أَيْ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ الْمُقَيِّدِ لَهُ بِكَوْنِهِ يَقِفُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ مَعَهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ] إلَخْ: أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونَ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّكْبِيرِ] إلَخْ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الْأَخْرَسَ يَجِبُ عَلَيْهِ الِائْتِمَامُ، كَاَلَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ. فَاسْتَشْعَرَ سُؤَالَ سَائِلٍ يَقُولُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ؟ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ إنَّ الْفَاتِحَةَ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهَا. فَقِيلَ: لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ: بَلْ هِيَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِحَمْلِ الْإِمَامِ لَهَا وَهُوَ لَا يَحْمِلُ فَرْضًا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونَ وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ إنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ: فَقِيلَ فِي كُلِّ الرَّكْعَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيلَ فِي الْجُلِّ وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ. وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَسُنَّةٌ فِي الْبَاقِي. وَقِيلَ فِي النِّصْفِ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ
تَجِبُ فِي كُلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ تَجِبُ فِي الْجُلِّ فَفِي الرُّبَاعِيَّةِ تَجِبُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَفِي الثُّلَاثِيَّةِ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَتُسَنُّ فِي رَكْعَةٍ لَكِنْ لَا كَسَائِرِ السُّنَنِ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا أَوْ بَعْضَهَا مُبْطِلٌ. (فَإِنْ سَهَا عَنْهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهَا فِي رَكْعَةٍ) : أَيْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا سَهْوًا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّدَارُكُ بِأَنْ رَكَعَ، (سَجَدَ) سُجُودَ السَّهْوِ لِذَلِكَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (كَرَكْعَتَيْنِ) ، أَيْ كَمَا لَوْ تَرَكَهَا سَهْوًا فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ (وَأَعَادَهَا) أَيْ احْتِيَاطًا
ــ
[حاشية الصاوي]
بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْإِرْشَادِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ تَجِبُ فِي الْجُلِّ] : أَيْ فِيمَا لَهَا جُلٌّ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ عَلَى وُجُوبِهَا فِي جَمِيعِ الثُّنَائِيَّةِ، وَإِنَّمَا اخْتِلَافُ الْقَوْلَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَلَمْ يُرَاعِ خِلَافَ اللَّخْمِيِّ لِضَعْفِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَبْطُلُ إذَا تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِلْعَمْدِ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ لِكَوْنِهَا سُنَّةً شُهِّرَتْ فَرْضِيَّتُهَا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَهَا عَنْهَا] إلَخْ: هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ رَكَعَ] : أَيْ فَالتَّدَارُكُ يَفُوتُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ رُجُوعٍ مِنْ فَرْضٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الرُّكُوعُ إلَى مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ سَلَامِهِ] : أَيْ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلَ رَكْعَةِ النَّقْصِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ] : هُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، سَهْوًا مِنْ الْأَقَلِّ - كَرَكْعَةٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ - فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ أَوْ النِّصْفِ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا إمَّا
أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) إنْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا (عَمْدًا) وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (كَأَنْ لَمْ يَسْجُدْ) : أَيْ كَمَا تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا سَهْوًا حَتَّى طَالَ الزَّمَنُ.
(وَ) خَامِسُهَا: (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِلْفَاتِحَةِ (بِفَرْضٍ) : فَإِنْ جَلَسَ أَوْ انْحَنَى حَالَ قِرَاءَتِهَا بَطَلَتْ. وَكَذَا لَوْ اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ سَقَطَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنْ يَتْرُكَهَا مِنْ الْأَقَلِّ أَوْ النِّصْفِ أَوْ الْجُلِّ، فَالْمَشْهُورُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ يَتَمَادَى حَيْثُ فَاتَهُ التَّدَارُكُ بِالرُّكُوعِ مِنْ رَكْعَتِهَا، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا كَمَا قَالَ (ر) رَدًّا عَلَى الْأُجْهُورِيِّ وَالتَّتَّائِيِّ مِنْ قَوْلِهِمَا: إنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَحَاشِيَتِهِ.
قَوْلُهُ: [أَبَدًا] : أَيْ وُجُوبًا كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [بَطَلَتْ صَلَاتُهُ] : أَيْ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَسَائِرِ السُّنَنِ.
قَوْلُهُ: [حَتَّى طَالَ الزَّمَنُ] : أَيْ بِالْعُرْفِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ تَرْكَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَمَا هُنَا أَوْلَى.
قَوْلُهُ: [قِيَامٌ لَهَا] : أَيْ لِأَجْلِهَا فِي حَقِّ إمَامٍ وَفَذٍّ، فَلَيْسَ بِفَرْضٍ مُسْتَقِلٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ، فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بِهَا كُلِّهَا مِنْ جُلُوسٍ؟ أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا وَيَجْلِسُ فِي غَيْرِهِ؟ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الثَّانِي. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا، فَلَوْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا لِعِمَادٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ بِجُلُوسِهِ حَالَ قِرَاءَتِهَا، ثُمَّ قِيَامُهُ لِلرُّكُوعِ لِكَثِيرِ الْفِعْلِ لَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ، كَمَا قِيلَ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْجَالِسِ بِالْقَائِمِ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
(وَ) سَادِسُهَا: (رُكُوعٌ مِنْ قِيَامٍ) فِي الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ الَّذِي صَلَّاهُ مِنْ قِيَامٍ، فَلَوْ جَلَسَ فَرَكَعَ لَمْ تَصِحَّ (تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ) تَثْنِيَةُ رَاحَةٍ وَهِيَ الْكَفُّ وَالْجَمْعُ رَاحٌ بِلَا تَاءٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) لَوْ وَضَعَهُمَا؛ أَيْ أَنَّ الرُّكُوعَ الْوَاجِبَ هُوَ الِانْحِنَاءُ بِحَيْثُ لَوْ وَضَعَ كَفَّيْهِ لَكَانَتَا عَلَى رَأْسِ الْفَخْذَيْنِ مِمَّا يَلِي الرُّكْبَتَيْنِ، فَيَكُونُ الرَّأْسُ أَرْفَعَ مِنْ الْعَجِيزَةِ فِيهِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ تَطَأْطُؤِ الرَّأْسِ فَلَيْسَ بِرُكُوعٍ بَلْ إيمَاءٌ. وَأَمَّا تَسْوِيَةُ الظَّهْرِ فَمَنْدُوبٌ زَائِدٌ عَلَى الْوُجُوبِ لِتَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي.
(وَ) سَابِعُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ بَطَلَتْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [رُكُوعٌ مِنْ قِيَامٍ] : أَيْ فَلَا تَتِمُّ حَقِيقَةُ الرُّكُوعِ إلَّا بِالِانْحِطَاطِ مِنْ قِيَامٍ. أَمَّا فِي الْفَرْضِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلِكَوْنِهِ ابْتَدَأَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ مِنْ قِيَامٍ، فَلَوْ جَلَسَ وَرَكَعَ لَكَانَ مُتَلَاعِبًا.
قَوْلُهُ: [تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ] : هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْبَاجِيُّ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: [لِتَمْكِينِ الْيَدَيْنِ] : أَيْ فَوَضْعُ الْيَدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَالتَّمْكِينُ مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ، وَرَأَى مَالِكٌ التَّحْدِيدَ فِي تَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ وَضَمِّهَا بِدْعَةً، فَإِنْ قَصُرَتَا لَمْ يَزِدْ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ. وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا وَضَعَ الْأُخْرَى عَلَى رُكْبَتِهَا - كَمَا فِي الطِّرَازِ - لَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَعًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
قَوْلُهُ: [فَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ بَطَلَتْ] : أَيْ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ، وَأَمَّا سَهْوًا فَيَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِحَالَةِ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. إلَّا الْمَأْمُومَ فَلَا يَسْجُدُ لِحَمْلِ الْإِمَامِ سَهْوَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْدَوْدِبًا وَرَجَعَ قَائِمًا أَعَادَ صَلَاتَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَهَذَا إذَا كَانَ رُجُوعُهُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ سَهْوًا أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
(وَ) ثَامِنُهَا: (سُجُودٌ عَلَى أَيْسَرِ جُزْءٍ) أَيْ عَلَى أَقَلِّ جُزْءٍ تَيَسَّرَ (مِنْ جَبْهَتِهِ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْحَاجِبَيْنِ وَبَيْنَ الْجَبِينَيْنِ. (وَنُدِبَ) السُّجُودُ (عَلَى أَنْفِهِ) : وَقِيلَ يَجِبُ (وَأَعَادَ) الصَّلَاةَ (لِتَرْكِهِ) : أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ (بِوَقْتٍ) مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ.
(وَ) تَاسِعُهَا: (جُلُوسٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [سُجُودٌ] : عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِالْجَبْهَةِ (اهـ) . وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا، مِنْ نَحْوِ السَّرِيرِ الْمُعَلَّقِ فِي حَبْلٍ مَثَلًا، وَبِقَوْلِهِ: مِنْ ثَابِتٍ، عَنْ الْفِرَاشِ الْمَنْفُوشِ جِدًّا، وَدَخَلَ فِي الثَّابِتِ السَّرِيرُ مِنْ خَشَبٍ مَثَلًا لَا مِنْ شَرِيطٍ، نَعَمْ أَجَازَهُ بَعْضُهُمْ لِلْمَرِيضِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا، وَإِنْ عَلَا عَنْ سَطْحِ رُكْبَتَيْهِ فَيَشْمَلُ السُّجُودَ عَلَى الْمِفْتَاحِ، وَالسُّبْحَةِ وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ وَالْمَحْفَظَةِ. وَلَكِنَّ الْأَكْمَلَ خِلَافُهُ، هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِمَّا فِي عب وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَحَدَّهُ الشَّافِعِيَّةُ بِارْتِفَاعِ الْأَسَافِلِ وَانْحِدَارِ الْأَعَالِي، قَالُوا: وَلَا بُدَّ مِنْ التَّحَامُلِ وَهُوَ أَنْ يُلْقِيَ رَأْسَهُ عَلَى مَا سَجَدَ عَلَيْهِ؛ حَتَّى لَا يُعَدَّ حَامِلًا لَهَا، فَلَا يَكْفِي الْإِمْسَاسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاصَقَةِ. وَلَيْسَ مَعْنَى التَّحَامُلِ شَدُّ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهَا كَمَا يَفْعَلُ الْجَهَلَةُ، وَسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ: الْخُشُوعُ وَالْخُضُوعُ. (اهـ. بِالْمَعْنَى مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ) .
قَوْلُهُ: [عَلَى أَيْسَرِ جُزْءٍ] : أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ إلْصَاقُ الْجَبْهَةِ بِتَمَامِهَا وَإِنَّمَا إلْصَاقُهَا كُلُّهَا مَنْدُوبٌ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مَا فَوْقَ الْحَاجِبَيْنِ] : أَيْ فَالْجَبْهَةُ هُنَا مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ أَيْ: مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، فَلَوْ سَجَدَ عَلَى أَحَدِ الْجَبِينَيْنِ لَمْ يَكْفِ.
قَوْلُهُ: [وَأَعَادَ الصَّلَاةَ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَالْمُرَادُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي غَيْرِهِمَا لِلطُّلُوعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: الْوَقْتُ الِاخْتِيَارِيُّ.
قَوْلُهُ: [جُلُوسٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ] : وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ خَلِيلٍ: " وَرَفْعٌ مِنْهُ ". قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَمَّا الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَوَاجِبٌ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَصْلِ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَا اثْنَتَيْنِ (اهـ.) وَنَحْوَهُ فِي