الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْهُ فَإِنْ أَصْلَحَ بِأَنْ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ لَمْ تَبْطُلْ.
(وَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ) : أَيْ كَثُرَ عَلَيْهِ وَلَوْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، (أَصْلَحَ) صَلَاتَهُ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ (وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) بَعْدَ السَّلَامِ وَلَا قَبْلَهُ. عَكْسُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ. مِثَالُ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ: أَنْ يَسْهُوَ عَنْ السُّورَةِ كَثِيرًا فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى يَرْكَعَ، أَوْ يَسْهُوَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَثِيرًا فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي مِثْلِ هَذَا إصْلَاحٌ. وَمِثْلُ مَا يَأْتِي فِيهِ الْإِصْلَاحُ أَنْ يَكْثُرَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَكْعَةٍ، فَمَا يَشْعُرُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا، فَهَذَا يَصْلُحُ وُجُوبًا إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ بِأَنْ يَرْجِعَ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ وَيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّلَامِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ - كَأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ عَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي قَامَ لَهَا - انْقَلَبَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى، وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ.
فَعُلِمَ أَنَّ اسْتِنْكَاحَ الشَّكِّ أَنْ يَعْتَرِيَهُ الشَّكُّ: فِي شَيْءٍ كَثِيرٍ، هَلْ فَعَلَهُ أَوْ لَا؟ وَأَنَّ اسْتِنْكَاحَ السَّهْوِ: أَنْ يَتْرُكَ سُنَّةً أَوْ فَرْضًا سَهْوًا كَثِيرًا.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ: (كَمَنْ شَكَّ هَلْ سَلَّمَ) أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ؟ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، (أَوْ) شَكَّ (هَلْ سَجَدَ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَوْ نَقْصٍ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: [يُسَنُّ لِسَاهٍ عَنْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ] إلَخْ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّاهِي وَالشَّاكِّ أَنَّ السَّاهِيَ يَضْبِطُ مَا تَرَكَهُ بِخِلَافِ الشَّاكِّ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَصْلَحَ] : أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا فِي الْحَطَّابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِعْرَاضَهُ عَنْ شَكِّهِ تَرْخِيصٌ لَهُ وَقَدْ رَجَعَ لِلْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ] : أَيْ مُطْلَقًا أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ أَمْ لَا، وَانْظُرْ مَا حُكْمُ سُجُودِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا، وَالثَّانِي إنْ كَانَ بَعْدِيًّا؟ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: فَلَوْ سَجَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالسُّجُودِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِسُجُودِهِ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ.
[مَا لَا سُجُود لِلسَّهْوِ فِيهِ]
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ] : أَيْ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ، فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ. وَإِنْ انْحَرَفَ اسْتَقْبَلَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ. وَإِنْ
(وَاحِدَةً) أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ أَيْ لِهَذَا السَّهْوِ. (أَوْ) شَكَّ (هَلْ سَجَدَهُ) أَوْ لَمْ يَسْجُدْهُ مِنْ أَصْلِهِ؟ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ثَانِيًا لِهَذَا الشَّكِّ.
(وَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَفِي الْأُولَى: يَبْنِي عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلِيُّ. وَفِي الثَّانِيَةِ: عَلَى أَنَّهُ سَجَدَ وَاحِدَةً فَقَطْ وَفِي الثَّالِثَةِ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ أَصْلًا ثُمَّ يَأْتِي بِمَا شَكَّ كَمَا قَدَّمْنَا. (أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ) : مَعًا وَأَوْلَى فِي وَاحِدَةٍ أَوْ فِي أَخِيرَةِ الْمَغْرِبِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ.
(أَوْ خَرَجَ) فِي أُولَيَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ سُورَةٍ (إلَى) سُورَةٍ (أُخْرَى) فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
(أَوْ قَاءَ أَوْ قَلَسَ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ خَرَجَ مِنْهُ قَيْءٌ أَوْ قَلْسٌ (غَلَبَةً) : فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (إنْ قَلَّ) الْخَارِجُ مِنْهُمَا، (وَطَهُرَ) بِأَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ (وَلَمْ يَزْدَرِدْ) أَيْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ (شَيْئًا عَمْدًا وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُرَ الْخَارِجُ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ نَجِسًا بِأَنْ تَغَيَّرَ أَوْ ابْتَلَعَ مِنْهُ شَيْئًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، وَقَوْلُنَا:" إنْ قَلَّ " إلَى آخِرِهِ مِمَّا زِدْنَاهُ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
طَالَ لَا جِدًّا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: [هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً] : بَيَانٌ لِصُورَةِ شَكِّهِ، أَيْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ثَانِيًا لِهَذَا الشَّكِّ] : أَيْ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ وَتَحْصُلَ الْمَشَقَّةُ الْكُبْرَى. وَلَا يُقَالُ التَّسَلْسُلُ مُسْتَحِيلٌ، لِأَنَّ التَّسَلْسُلَ - بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ - لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بَطَلَتْ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ: وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ السُّجُودِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ خَرَجَ فِي أُولَيَيْهِ] : أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِخَارِجٍ عَنْ الصَّلَاةِ. وَكُرِهَ تَعَمُّدُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَفْتَتِحَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي صَلَاةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ، فَيُنْدَبُ لَهُ تَرْكُهَا، وَيَنْتَقِلُ إلَى سُورَةٍ طَوِيلَةٍ.