الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَأَفَاقَ وَقْتَ الْفَجْرِ فَلَا قَضَاءَ لِسَلَامَتِهِ وَقْتَهَا، (كَبَعْدِهِ) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ، (جُلَّ يَوْمٍ) وَأَوْلَى كُلُّهُ (لَا) إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ (نِصْفُهُ) فَأَقَلَّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الصَّوْمِ وَشُرُوطِهِ ذَكَرَ
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِفْطَارِ
وَهِيَ خَمْسَةٌ: الْقَضَاءُ، وَالْإِمْسَاكُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالْإِطْعَامُ، وَقَطْعُ التَّتَابُعِ؛ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي الْمُدَوَّنَةِ، خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَدَنِيِّينَ، قَالُوا: إنْ كَثُرَتْ كَالْعَشَرَةِ فَلَا قَضَاءَ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ. لَنَا أَنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] .
قَوْلُهُ: [نِصْفَهُ فَأَقَلَّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ كُلَّ الْيَوْمِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّهُ، سَوَاءٌ سَلِمَ أَوَّلَهُ أَمْ لَا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فِيهِمَا؛ فَالْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ. فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، وَاسْتَمَرَّ بَعْدَهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَ الْيَوْمِ أَوْ أَقَلَّهُ، وَسَلِمَ أَوَّلُهُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا؛ فَالصُّوَرُ سَبْعٌ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي خَمْسٍ، وَعَدَمُهُ فِي اثْنَتَيْنِ. وَمَا قِيلَ فِي الْإِغْمَاءِ يُقَالُ فِي الْجُنُونِ، وَمِثْلُهُمَا السُّكْرُ كَانَ بِحَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَتَبِعَهُ (بْن) خِلَافًا لِلْخَرَشِيِّ وَ (عب) حَيْثُ تَبِعَا الْأُجْهُورِيَّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَجَعَلَا الْحَرَامَ كَالْإِغْمَاءِ، وَالْحَلَالَ كَالنَّوْمِ - كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِفْطَارِ]
قَوْلُهُ: [وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الصَّوْمِ] : أَيْ مِنْ جِهَةِ حَقِيقَتِهِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِفْطَارِ] : أَيْ فِي مَجْمُوعَةِ صُوَرِهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْخَمْسَةَ لَا تَحْصُلُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ خَمْسَةٌ] : بَلْ سِتَّةٌ وَالسَّادِسُ التَّأْدِيبُ.
قَوْلُهُ: [الْقَضَاءُ وَالْإِمْسَاكُ] : أَيْ وَكُلٌّ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ اُنْظُرْ (المج) .
قَوْلُهُ: [وَالْكَفَّارَةُ] : أَيْ الْكُبْرَى وَلَا تَكُونُ إلَّا وَاجِبَةً.
قَوْلُهُ: [وَالْإِطْعَامُ] : وَهُوَ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى، وَيَكُونُ مَنْدُوبًا وَوَاجِبًا.
إذَا عُلِمَتْ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ (فَإِنْ حَصَلَ) لِلصَّائِمِ (عُذْرٌ) اقْتَضَى فِطْرَهُ بِالْفِعْلِ؛ كَمَرَضٍ، أَوْ اقْتَضَى عَدَمَ صِحَّتِهِ؛ كَحَيْضٍ (أَوْ اخْتَلَّ رُكْنٌ) مِنْ رُكْنَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً (كَرَفْعِ النِّيَّةِ) نَهَارًا أَوْ لَيْلًا بِأَنْ نَوَى عَدَمَ صَوْمِ الْغَدِ، وَاسْتَمَرَّ رَافِعًا لَهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (أَوْ) اخْتَلَّ (بِصَبِّ) شَيْءٍ (مَائِعٍ فِي حَلْقِ) صَائِمٍ (نَائِمٍ أَوْ) اخْتَلَّ (بِجِمَاعِهِ) أَيْ النَّائِمِ - مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ - (أَوْ بِكَأَكْلِهِ) مِنْ إضَافَتِهِ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَوْ اخْتَلَّ بِتَنَاوُلِهِ مُفْطِرًا مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. حَالَ كَوْنِهِ (شَاكًّا فِي) طُلُوعِ (الْفَجْرِ أَوْ) فِي (الْغُرُوبِ أَوْ بِطُرُوِّهِ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ، أَيْ الشَّكِّ - بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ - ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ هَلْ حَصَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ قَبْلَهُ؛ فَطُرُوُّ الشَّكِّ مُخِلٌّ بِرُكْنِ الْإِمْسَاكِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. فَالصَّوْمُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. فَإِنْ كَانَ فَرْضًا:(فَالْقَضَاءُ) لَازِمٌ بِحُصُولِ الْعُذْرِ أَوْ اخْتِلَالِ الرُّكْنِ (فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا) : أَفْطَرَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، أَوْ غَلَبَةً، جَوَازًا كَمُسَافِرٍ، أَوْ حَرَامًا كَمُنْتَهَكٍ، أَوْ وُجُوبًا كَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ؛ كَانَ الْفَرْضُ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَوْمِ تَمَتُّعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(إلَّا النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ) كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [اقْتَضَى فِطْرَهُ] : أَيْ جَوَازَ فِطْرِهِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ صَحِيحًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ اقْتَضَى عَدَمَ صِحَّتِهِ] : أَيْ وَيَكُونُ الصَّوْمُ حَرَامًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ اخْتَلَّ رُكْنٌ] : أَيْ بِحُصُولِ مُفْسِدٍ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إثْم أَمْ لَا، فَإِنَّ السَّهْوَ وَالْغَلَبَةَ وَالصَّبَّ فِي حَلْقِ النَّائِمِ، وَطُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ الْأَكْلِ لَا إثْمَ فِيهِ، وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَمُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالنَّاسِي وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ تَكْلِيفُ حَالَةِ الْفَسَادِ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ جَوَابَنَا الْمُتَقَدِّمَ عَنْ إشْكَالِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَلَبَةً] : أَيْ أَوْ إكْرَاهًا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [أَوْ حَرَامًا كَمُنْتَهِكٍ] : أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ مُقْتَضٍ.
وَأَفْطَرَ فِيهِ (لِمَرَضٍ) لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى صَوْمِهِ لِخَوْفِهِ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ هَلَاكًا أَوْ شِدَّةَ ضَرَرٍ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ، (أَوْ) أَفْطَرَ فِيهِ لِعُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ صِحَّتِهِ (كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ، فَلَا يَقْضِي لِفَوَاتِ وَقْتِهِ. فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ صَوْمُهُ. (بِخِلَافِ) فِطْرِ (النِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ وَخَطَأِ الْوَقْتِ) : كَصَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَظُنُّهُ الْخَمِيسَ الْمَنْذُورَ؛ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ مَعَ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ. وَاحْتُرِزَ " بِالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ " مِنْ الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ وَقْتِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ. (وَ) إنْ كَانَ الصَّوْمُ نَفْلًا (قَضَى فِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ) أَيْ بِالْفِطْرِ الْعَمْدِ (الْحَرَامِ) . (وَإِنْ) حَلَفَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ (بِطَلَاقٍ بَتٍّ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَضَى. وَأَوْلَى. إذَا كَانَ رَجْعِيًّا أَوْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
(لَا غَيْرَهُ) : أَيْ غَيْرَ الْعَمْدِ الْحَرَامِ بِأَنْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ مُكْرَهًا أَوْ عَمْدًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (كَأَمْرِ وَالِدٍ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ لَهُ بِالْفِطْرِ شَفَقَةً، (وَ) أَمْرِ (شَيْخٍ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ فِطْرِ النِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ] : أَمَّا النِّسْيَانُ فَلِأَنَّ عِنْدَهُ نَوْعًا مِنْ التَّفْرِيطِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، وَقَالَ (ح) إنَّهُ الْمَشْهُورُ. وَفِي الْخَرَشِيِّ لَا قَضَاءَ فِي الْإِكْرَاهِ، وَمَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ قَائِلًا إنَّ الْمُكْرَهَ أَوْلَى مِنْ الْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ] : أَيْ حَيْثُ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي الْخَمِيسِ. وَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا فِي أَثْنَائِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَقَضَاؤُهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ] إلَخْ: رَدٌّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ قَالَ: إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَا قَضَاءَ، وَمِثْلُ الثَّلَاثِ: إذَا كَانَتْ مَعَهُ عَلَى طَلْقَةٍ وَحَلَفَ بِهَا. وَمَحَلُّ عَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ إلَّا لِوَجْهٍ؛ كَتَعَلُّقِ قَلْبِ الْحَالِفِ بِمَنْ. حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا إنْ حَنِثَ فَيَجُوزُ، وَلَا قَضَاءَ. وَهُوَ حِينَئِذٍ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ لَا غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [أَبٍ أَوْ أُمٍّ] : أَيْ لَا جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ. وَالْمُرَادُ الْأَبَوَانِ الْمُسْلِمَانِ، لَا إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا يُطِيعُهُمَا إلْحَاقًا لِلصَّوْمِ بِالْجِهَادِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِيَّاتِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.