الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِهَا مَا ذُكِرَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْجِعْرَانَةِ لِأَنَّهَا دُونَ الْمَسَافَةِ. ثُمَّ إذَا خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ قَصَرَ، فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ الْمَدِينَةِ اعْتَبَرَ الْبَاقِيَ، فَإِنْ كَانَ مَسَافَةَ قَصْرٍ، قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْقَصْرِ وَطَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُهُ بِقَوْلِهِ:
(وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ الَّذِي كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ (دُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ وَطَنِهِ الْمَارِّ عَلَيْهِ، أَوْ دُخُولُ مَحَلِّ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا، حَالَ كَوْنِهِ (بَعْدَهَا) : أَيْ الْمَسَافَةِ؛ أَيْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. فَإِنْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ دُخُولِهِ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَصْرِ حَتَّى يَدْخُلَ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ الْمَسَافَةِ. وَكَذَا إذَا كَانَ دُونَهَا حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي ابْتَدَأَ السَّفَرَ مِنْهُ غَيْرَ قَاصِدٍ دُخُولَ مَا ذُكِرَ فَطَرَأَ لَهُ الدُّخُولُ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ مِنْ وَقْتِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ الْمَدِينَةِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا قَبْلَ وَطَنِهِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَسَافَةِ وَفِي هَذِهِ يَقْصُرُ قَبْلَ دُخُولِهِ لِوَطَنِهِ وَبَعْدَهُ.
الثَّانِي: عَكْسُهُ وَالْمَجْمُوعُ فِيهِ الْمَسَافَةُ، وَفِي هَذَا إنْ نَوَى الدُّخُولَ أَتَمَّ قَبْلَ دُخُولِهِ وَطَنَهُ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ دُخُولَهُ قَصَرَ، وَإِنْ نَوَى دُخُولَهُ بَعْدَ سَيْرِهِ شَيْئًا فَفِي قَصْرِهِ قَوْلَا سَحْنُونَ وَغَيْرِهِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَ مَسَافَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَإِنْ نَوَى الدُّخُولَ فَلَا يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الدُّخُولَ قَصَرَ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَقْصُرُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى دُخُولَهُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ، فَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ قَوْلَيْنِ الْقَصْرُ لِسَحْنُونٍ وَالْإِتْمَامُ لِغَيْرِهِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَبَعْدَهُ أَقَلُّ مِنْهَا فَيَقْصُرُ قَبْلَ وَطَنِهِ مُطْلَقًا نَوَى الدُّخُولَ أَمْ لَا، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . وَمَا قِيلَ فِي الْوَطَنِ يُقَالُ فِي مَكَانِ الزَّوْجَةِ وَفِي مَكَان نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِيهِ، فَتَأَمَّلْ.
[طُرُوء مَا يَقْطَع الْقَصْر]
قَوْلُهُ: [دُخُولُهُ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِالْوَطَنِ أَوْ مَكَانِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ حَاذَاهُ. وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ، وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الزَّوْجَةِ: الْبَلَدُ الَّذِي هِيَ بِهِ لَا خُصُوصُ الْمَنْزِلِ الَّذِي هِيَ بِهِ، وَلَا يَكُونُ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ قَاطِعًا إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَاشِزَةٍ، فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الزَّوْجَةَ النَّاشِزَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا مِثْلَ الزَّوْجَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: [اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَصْرِ] : أَيْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ.
نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي هَذَا الثَّانِي، أَوْ الدُّخُولِ بِالْفِعْلِ إذَا لَمْ يَطْرَأْ لَهُ قَصْدُ الدُّخُولِ.
(ثُمَّ) إذَا شَرَعَ فِي بَقِيَّةِ سَفَرِهِ (اعْتَبَرَ مَا بَقِيَ) . فَإِنْ كَانَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَصَرَ. وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَ) قَطْعُ الْقَصْرِ أَيْضًا (دُخُولُ بَلَدِهِ) : الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا. بَلْ (وَإِنْ رُدَّ) إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَطَنِ وَمَا بَعْدَهُ (غَلَبَةً بِكَرِيحِ) رَدَّتْ السَّفِينَةَ الَّتِي هُوَ بِهَا، فَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ تَرْجِعُ لِمَا قَبْلَ بَلَدِهِ أَيْضًا؛ وَهُوَ وَطَنُهُ أَوْ مَحَلُّ زَوْجَتِهِ الْكَائِنُ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ. وَلَا يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا:" وَلَا يَقْصُرُ رَاجِعٌ " لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِ الدُّخُولِ فِي الْبَلَدِ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ. وَهُنَاكَ فِي كَوْنِ الرَّاجِعِ لَا يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ إذَا كَانَتْ مَسَافَتُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
(وَ) قَطْعُهُ (نِيَّةَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ) : تَسْتَلْزِمُ عِشْرِينَ صَلَاةً وَإِلَّا فَلَا (أَوْ الْعِلْمُ بِهَا) أَيْ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ فِي مَحَلٍّ (عَادَةً) بِأَنْ كَانَتْ عَادَةُ الْقَافِلَةِ أَنْ تُقِيمَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّ (لَا الْإِقَامَةَ) الْمُجَرَّدَةَ عَنْ كَوْنِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، كَالْمُقِيمِ لِحَاجَةٍ مَتَى قُضِيَتْ سَافَرَ فَإِنَّهَا لَا تَقْطَعُ الْقَصْرَ (وَلَوْ طَالَتْ) ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ [بِكَرِيحٍ] : وَمِثْلُهُ دَابَّةٌ جَمَحَتْ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهَا لَا الْغَاصِبُ إذْ يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ وَلَوْ بِمَالٍ، فَهُوَ عَلَى نِيَّةِ سَفَرِهِ. كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [نِيَّةَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ] إلَخْ: الْأَوْلَى نُزُولُ مَكَان نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَنْقَطِعُ حُكْمُ السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّهَا. وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ الْمَسَافَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [تَسْتَلْزِمُ عِشْرِينَ صَلَاةً] : أَيْ فِي مُدَّةِ تِلْكَ الْإِقَامَةِ بِأَنْ دَخَلَ قَبْلَ فَجْرِ السَّبْتِ وَنَوَى الِارْتِحَالَ بَعْدَ عِشَاءِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، وَاعْتَبَرَ سَحْنُونَ الْعِشْرِينَ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَالْعِلْمُ بِهَا] إلَخْ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عَادَةِ الْحَاجِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ يُقِيمُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيُتِمُّ. وَمَحَلُّ قَطْعِ الْقَصْرِ بِإِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِي غَيْرِ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَمَّا هُوَ فَيَقْصُرُ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ. كَمَا قَالَ خَلِيلٌ: إلَّا الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْحَرْبِ.