الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ، (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) فِي ص، (وَإنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فِي فُصِّلَتْ. وَقِيلَ:[وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ] .
(وَكُرِهَ لِمُحَصِّلِ الشُّرُوطِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (وَقْتَ الْجَوَازِ) لَهَا، وَمِنْهُ: بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ (تَرْكُهَا) أَيْ السَّجْدَةِ، (وَإِلَّا) يَكُنْ مُحَصِّلًا لِلشُّرُوطِ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ (تَرَكَ الْآيَةَ) الَّتِي فِيهَا السُّجُودُ بِرُمَّتِهَا عَلَى التَّحْقِيقِ لَا الْمَحَلَّ فَقَطْ.
(وَ) كُرِهَ (الِاقْتِصَارُ عَلَى) قِرَاءَةِ (الْآيَةِ لِلسُّجُودِ) أَيْ لِأَجْلِهِ؛ كَأَنْ يَقْرَأَ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} [السجدة: 15] إلَخْ لِقَصْرِ السُّجُودِ عَلَى أَظْهَرِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَقِيلَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَحَلِّ فَقَطْ كَأَنْ يَقُولَ:{وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] ثُمَّ يَسْجُدُ.
أَوْ يَقُولَ: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النحل: 114] وَيَسْجُدُ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْآيَةِ لِلسُّجُودِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ.
(وَ) كُرِهَ لِمُصَلٍّ (تَعَمُّدُهَا) : أَيْ السَّجْدَةِ، بِأَنْ يَقْرَأَ مَا فِيهِ آيَتُهَا (بِفَرِيضَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالنَّصْبُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ.
قَوْلُهُ: [وَأَنَابَ فِي ص] : وَقِيلَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] .
قَوْلُهُ: [قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ] : أَيْ فَلَيْسَ الْإِسْفَارُ وَالِاصْفِرَارُ بِوَقْتٍ لَهَا، بَلْ تُكْرَهُ فِيهِمَا. وَتُمْنَعُ عِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا.
قَوْلُهُ: [لَا الْمَحَلِّ فَقَطْ] : أَيْ فَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} [السجدة: 15] يَتْرُكُ الْآيَةَ بِرُمَّتِهَا لَا خُصُوصَ: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَيَنْبَغِي مُلَاحَظَةُ الْمُتَجَاوِزِ بِقَلْبِهِ لِنِظَامِ التِّلَاوَةِ بَلْ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. وَإِنَّمَا أُمِرَ بِمُجَاوَزَةِ الْآيَةِ كُلِّهَا لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَحَلِّ السُّجُودِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى مُجَاوَزَتِهِ مَظِنَّةَ تَغَيُّرِ الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَحَلَّ السُّجُودِ فَقَطْ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى.
[مَكْرُوهَات سُجُود التِّلَاوَة]
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ الِاقْتِصَارُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ مَحَلِّ السُّجُودِ كُرِهَ اتِّفَاقًا وَإِذَا فَعَلَهُ لَا يَسْجُدُ، وَأَمَّا إذَا قَرَأَ الْآيَةَ كُلَّهَا فَفِيهِ خِلَافٌ بِالْكَرَاهِيَةِ وَعَدَمِهَا. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ لَوْ قَرَأَهَا لَا يَسْجُدُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَسْجُدُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الطَّرِيقَةِ الْخَلْوَتِيَّةِ فِي خَتْمِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَيُسَنُّ السُّجُودُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ.
وَقَوْلُهُ [بِفَرِيضَةٍ] : أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ
وَلَوْ صُبْحَ جُمُعَةٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ (لَا) فِي (نَفْلٍ) فَلَا يُكْرَهُ، (فَإِنْ قَرَأَهَا بِفَرْضٍ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (سَجَدَ) لَهَا (وَلَوْ بِوَقْتِ نَهْيٍ لَا) إنْ قَرَأَهَا فِي (خُطْبَةٍ) فَلَا يَسْجُدُ لَهَا لِاخْتِلَالِ نِظَامِهَا.
(وَجَهَرَ بِهَا) نَدْبًا (إمَامُ) الصَّلَاةِ (السِّرِّيَّةِ) كَالظُّهْرِ لَيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَتَّبِعُوهُ فِي سُجُودِهِ، (وَإِلَّا) يَجْهَرْ بِهَا بَلْ قَرَأَهَا سِرًّا وَسَجَدَ (اتَّبَعَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّهْوِ. فَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْ صَحَّتْ لَهُمْ.
(وَمُجَاوِزُهَا) فِي الْقِرَاءَةِ (بِكَآيَةٍ) أَوْ آيَتَيْنِ (يَسْجُدُ) بِلَا إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ لِمَحَلِّهَا.
(وَ) مُجَاوِزُهَا (بِكَثِيرٍ يُعِيدُهَا) : أَيْ الْقِرَاءَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
مَرَّةً وَإِنَّمَا كُرِهَ تَعَمُّدُهَا بِالْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْهَا دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ أَيْ اللَّوْمِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] . وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي عَدَدِ سُجُودِهَا كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي النَّافِلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ لَيْسَ زَائِدًا. وَإِنْ قُلْت: إنَّ مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ فِي الْفَرْضِ الْبُطْلَانُ، قُلْت: إنَّ الشَّارِعَ لَنَا طَلَبَهَا مِنْ كُلِّ قَارِئٍ صَارَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً مَحْضَةً (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ صُبْحَ جُمُعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] : أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِهَا فِيهِ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ. وَلَيْسَ مِنْ تَعَمُّدِهَا بِالْفَرِيضَةِ صَلَاةُ مَالِكِيٍّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ يَقْرَؤُهَا بِصُبْحِ جُمُعَةٍ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ رَاتِبٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ مَكْرُوهًا. قَالَهُ (عب)
قَوْلُهُ: [سَجَدَ لَهَا] : هَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ غَيْرَ جِنَازَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ قَرَأَهَا فِي خُطْبَةٍ] أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرَهَا.
فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَسَجَدَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ الْجِنَازَةِ هَلْ يَبْطُلَانِ لِزَوَالِ نِظَامِهَا أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُتَّبَعْ صَحَّتْ لَهُمْ] أَيْ لِأَنَّ اتِّبَاعَهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا أَصَالَةً، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ.
أَوْ بِهَا (وَلَوْ بِالْفَرْضِ) وَيَسْجُدُ - وَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّتِهَا - (مَا لَمْ يَنْحَنِ) بِقَصْدِ الرُّكُوعِ فِي نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ فَإِنْ رَكَعَ بِالِانْحِنَاءِ فَاتَ تَدَارُكُهَا.
(وَأَعَادَهَا) ؛ أَيْ أَعَادَ قِرَاءَتَهَا نَدْبًا (بِالنَّفْلِ) لَا الْفَرْضِ (فِي ثَانِيَتِهِ) : أَيْ رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ. إذَا لَمْ تَكُنْ قِرَاءَتُهَا فِي ثَانِيَتِهِ، وَهَلْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ قَبْلَهَا، قَوْلَانِ.
(وَنُدِبَ لِسَاجِدِهَا بِصَلَاةٍ) - فَرْضًا أَوْ نَفْلًا - (قِرَاءَةٌ) وَلَوْ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى (قَبْلَ رُكُوعِهِ) لِيَقَعَ رُكُوعُهُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ.
(وَلَوْ قَصَدَهَا) : أَيْ السَّجْدَةَ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا وَانْخَفَضَ بِنِيَّتِهَا (فَرَكَعَ سَاهِيًا) عَنْهَا (اُعْتُدَّ بِهِ) : أَيْ بِرُكُوعِهِ (عِنْدَ مَالِكٍ) - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ لَا تُشْتَرَطُ - (لَا) عِنْدَ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَهُ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (فَيَخِرُّ) إذَا تَذَكَّرَ (سَاجِدًا وَلَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ) مِنْ رُكُوعِهِ ثُمَّ يَأْتِي بِالرُّكُوعِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا الْفَرْضِ] : أَيْ يُكْرَهُ إعَادَتُهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ. فَإِنْ أَعَادَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا، وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ بِالِانْحِنَاءِ.
قَوْلُهُ: [فِي ثَانِيَتِهِ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ فَاتَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ قَبْلَهَا قَوْلَانِ] : الْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَوَجْهُ الثَّانِي تَقَدُّمُ سَبَبِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخَّرَهَا حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَلَهَا بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى] : أَيْ كَسَاجِدِ الْأَعْرَافِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ الْأَنْفَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ. وَمَحَلُّ كَرَاهَةٍ الْجَمْعُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الْفَرِيضَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِمِثْلِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ] إلَخْ: أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ] : أَيْ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [فَيَخِرُّ إذَا تَذَكَّرَ سَاجِدًا] : أَيْ لِلتِّلَاوَةِ، وَيَرْجِعُ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ
(وَسَجَدَ) لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ (بَعْدَ السَّلَامِ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ) : أَيْ بِرُكُوعِهِ، لِظُهُورِ الزِّيَادَةِ. فَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ سَجَدَهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
(وَكَرَّرَهَا) الْقَارِئُ أَيْ السَّجْدَةَ كُلَّ مَرَّةٍ (إنْ كَرَّرَ حِزْبًا) : أَيْ جُمْلَةً مِنْ الْقُرْآنِ فِيهِ السَّجْدَةُ كَاَلَّذِي يَقْرَأُ سُورَةَ السَّجْدَةِ؛ مِرَارًا.
(إلَّا الْمُعَلِّمَ) لِلْقُرْآنِ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّعْلِيمِ، حِفْظًا أَوْ غَيْرَهُ، (وَالْمُتَعَلِّمُ) كَذَلِكَ (فَأَوَّلُ مَرَّةٍ) يَسْجُدُهَا فَقَطْ لِلْمَشَقَّةِ.
(وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ) عِنْدَ سَمَاعِ بِشَارَةٍ (أَوْ) سُجُودٌ (عِنْدَ زَلْزَلَةٍ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) أَيْ تَطْرِيبٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
رَفْعِهِ مِنْهُ. إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ] : وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ فَسُرَّ بِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ الْعَمَلُ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الصَّلَاةِ] : أَيْ لِلشُّكْرِ وَالزَّلْزَلَةِ فَمَنْدُوبَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ] : وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيُّ وَاسْتَحْسَنَهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، لِأَنَّ سَمَاعَهُ بِالْأَلْحَانِ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقُرْآنِ، وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقَلْبَ خَشْيَةً وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ
(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةُ جَمَاعَةٍ) يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مَعًا نَحْوَ سُورَةِ يس. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إذَا لَمْ تَخْرُجْ) الْقِرَاءَةُ (عَنْ حَدِّهَا) الشَّرْعِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَهَذَا الْقَيْدُ زِدْنَاهُ عَلَيْهِ.
(وَ) كُرِهَ (جَهْرٌ بِهَا) : أَيْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (بِمَسْجِدٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْلِيطِ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالذَّاكِرِينَ مَعَ مَظِنَّةِ الرِّيَاءِ (وَأُقِيمَ الْقَارِئُ) جَهْرًا (بِهِ) : أَيْ بِالْمَسْجِدِ مِنْ الْقِيَامِ لَا الْإِمَامَةِ، أَيْ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ جَهْرًا، وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الِامْتِثَالُ، (إنْ قَصَدَ) بِقِرَاءَتِهِ (الدَّوَامَ) : أَيْ دَوَامَ الْقِرَاءَةِ كَاَلَّذِي يَتَعَرَّضُ بِقِرَاءَتِهِ لِسُؤَالِ النَّاسِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» وَقَوْلُهُ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَأُجِيبُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَنْ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاءُ وَعَنْ الثَّانِي: بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ.
قَوْلُهُ: [يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ] : إنَّمَا كُرِهَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّخْلِيطِ وَعَدَمِ إصْغَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ وَاحِدٌ رُبْعَ حِزْبٍ مَثَلًا، وَآخَرُ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا فَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُهَا قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ: [وَأُقِيمَ الْقَارِئُ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْقَارِئَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ يُقَامُ نَدْبًا، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا مُحْتَاجًا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُ جَهْرًا، وَدَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَاقِفٌ لِأَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَوْ كُرِهَ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَمِنْ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَلَا يَرْفَعُ الْمُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَمَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعَ الصَّوْتِ؟ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَفِي الطُّرُقِ قَصْدًا لِطَلَبِ الدُّنْيَا، فَحَرَامٌ، لَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ لِفَاعِلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمُحَرَّمِ وَلَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ، فَكَادَتْ أَنْ تَكُونَ كُفْرًا وَالرِّضَا بِهَا مِنْ أُولِي الْأَمْرِ ضَلَالٌ مُبِينٌ.