الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) لَوْ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ دُونَ نِصَابٍ، ثُمَّ اقْتَضَى مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ كَانَ (حَوْلُ الْمُتَمِّ) بِفَتْحِ التَّاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ: وَهُوَ مَا قُبِضَ أَوَّلًا (مِنْ) وَقْتِ (التَّمَامِ) ، فَإِذَا قَبَضَ خَمْسَةً فَخَمْسَةً فَعَشْرَةً، فَحَوْلُ الْجَمِيعِ وَقْتُ قَبْضِ الْعَشَرَةِ، فَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ حِينَئِذٍ (ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ) بَعْدَ ذَلِكَ (وَلَوْ قَلَّ) كَدِرْهَمٍ حَالَ قَبْضِهِ وَيَكُونُ كُلُّ اقْتِضَاءٍ بَعْدَ التَّمَامِ عَلَى حَوْلِهِ لَا يُضَمُّ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ نَقَصَ النِّصَابُ بَعْدَ تَمَّامِهِ لِاسْتِقْرَارِ حَوْلِهِ بِالتَّمَامِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
زَكَاةِ الْعُرُوضِ
، وَمُرَادُهُمْ زَكَاةُ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ عِوَضُ الْعُرُوضِ، إذْ الْعُرُوض لَا تُزَكَّى: أَيْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا زَكَاةٌ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهَا. فَقَالَ:
(وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرَضُ تِجَارَةٍ) : لَا قِنْيَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، إلَّا إذَا بَاعَهُ بِعَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ.
وَقَوْلُهُ: " عَرْضُ ": أَيْ عِوَضٌ، فَيَشْمَلُ قِيمَةَ عُرُوضِ الْمُدِيرِ عَنْ عُرُوضِ الْمُحْتَكِرِ حَيْثُ بَاعَهَا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ:
ــ
[حاشية الصاوي]
مَعًا سَوَاءٌ بَاعَهُمَا مَعًا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى، لَكِنْ إذَا بَاعَهُمَا مَعًا زَكَّى الْأَرْبَعِينَ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ بَاعَ وَاحِدَةً زَكَّاهَا الْآنَ، وَأَصْلَ الثَّانِيَةِ فَيُزَكَّى الْآنَ إحْدَى وَعِشْرِينَ. فَإِذَا بَاعَ الْأُخْرَى زَكَّى تِسْعَةَ عَشْرَ. وَمَا بَقِيَ مِنْ الصُّوَرِ يُزَكِّي إحْدَى وَعِشْرِينَ لَا غَيْرَ - كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلرَّمَاصِيِّ. تَتِمَّةٌ
إذَا تَعَدَّدَتْ أَوْقَاتُ الِاقْتِضَاءَاتِ وَعُلِمَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهَا وَالْمُتَأَخِّرُ، وَنُسِيَ الْمُتَوَسِّطُ فَإِنْ يُضَمُّ لِلْمُتَقَدِّمِ وَيَجْعَلُ حَوْلُهُ مِنْهُ عَكْسَ الْفَوَائِدِ الَّتِي عُلِمَ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا، فَإِنَّ الْمَجْهُولَ الْوَسَطَ يَضُمُّ لِلْمُتَأَخِّرِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِضَاءَاتِ تُزَكَّى لِمَا مَضَى، فَهِيَ بِالتَّقْدِيمِ أَنْسَبُ. وَالْفَوَائِدُ بِالِاسْتِقْبَالِ أَنْسَبُ.
[زَكَاة الْعُرُوضِ]
قَوْلُهُ: [عَلَى زَكَاةِ الْعُرُوضِ] : أَعْقَبَهَا بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْهَا - وَهُوَ الْمُحْتَكِرُ - يُقَاسُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ] : كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ كَالْفَوَائِدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. بَلْ مُقْتَضَى الْفِقْهِ أَنَّهُ يُزَكَّى الثَّمَنَ مِنْ حَوْلِ تَزَكِّيَة الْأَعْيَانِ كَمَا فِي (عب) نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ.
أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ كَانَ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ) كَالثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ، وَأَمَّا مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَنِصَابِ مَاشِيَةٍ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ حَرْثٍ فَلَا يَقُومُ عَلَى مُدِيرٍ، وَلَا يُزَكِّي ثَمَنَهُ مُحْتَكِرٌ بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ إلَّا إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ وَبَاعَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْمُبْدَلِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ:(وَمَلَكَ) الْعَرْضَ (بِشِرَاءٍ) لَا إنْ وَرِثَهُ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ أَخَذَهُ فِي خُلْعٍ أَوْ أَخَذَتْهُ صَدَاقًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْفَوَائِدِ. وَقَوْلُنَا:" بِشِرَاءٍ " أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: " بِمُعَاوَضَةٍ " لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الصَّدَاقَ وَالْخُلْعَ، فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِنَا: مَالِيَّةٍ، لِإِخْرَاجِهِمَا. وَشَمِلَ هَذَا الشَّرْطُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ الْحَبَّ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرَضِ مَا يَشْمَلُ الْمِثْلِيَّاتِ. وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ:(بِنِيَّةٍ تَجْرٍ) أَيْ إنْ مُلِكَ بِشِرَاءٍ مَعَ نِيَّةٍ تَجْرٍ مُجَرَّدَةٍ حَالَ الشِّرَاءِ (أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّتِهِ) : بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ شِرَائِهِ لِلتِّجَارَةِ أَنْ يُكْرِيَهُ إلَى أَنْ يَجِدَ رِبْحًا (أَوْ مَعَ) نِيَّةِ (قِنْيَةٍ) : بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ الشِّرَاءِ رُكُوبَهُ أَوْ سُكْنَاهُ أَوْ حَمْلًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجِدَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْمُبْدَلِ كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ: " وَمَنْ أَبْدَلَ أَوْ ذَبَحَ مَاشِيَةَ فِرَارًا أُخِذَتْ مِنْهُ ".
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ] : أَيْ لِأَنَّ الْحَرْثَ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ إلَّا عَلَى مَنْ كَانَ وَقْتُ الْوُجُوبِ فِي مِلْكِهِ، وَالْحَبُّ الْمُشْتَرَى لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ.
وَقَوْلُهُ: [وَعَلِمَ بِذَلِكَ] : أَيْ بِشُمُولِهِ لِلْحَبِّ.
قَوْلُهُ: [مُجَرَّدَةٍ حَالَ الشِّرَاءِ] : سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ: " لَا بِلَا نِيَّةٍ أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ ".
قَوْلُهُ: [أَوْ مَعَ نِيَّةُ غَلَّتِهِ] : وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مُصَاحَبَةَ نِيَّةِ الْغَلَّةِ لِنِيَّةِ التِّجَارَةِ أَخَفُّ مِنْ مُصَاحَبَةِ الْقِنْيَةِ لِلتِّجَارَةِ، فَإِذَا لَمْ تُؤَثِّرْ مُصَاحَبَةُ الْأَقْوَى فَأُولَى مُصَاحَبَةُ الْأَضْعَفِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مَعَ نِيَّةِ قِنْيَةٍ] : أَيْ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وِفَاقًا لِأَشْهَبَ. وَرِوَايَتُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ. وَالِاخْتِيَارُ وَالتَّرْجِيحُ يَرْجِعَانِ لِلتَّجْرِ مَعَ الْقِنْيَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: وَأَمَّا التَّجْرُ مَعَ الْغَلَّةِ فَهَذَا
فِيهِ رِبْحًا فَيَبِيعَهُ، (لَا) إنْ مَلَكَهُ (بِلَا نِيَّةٍ) أَصْلًا (أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ) فَقَطْ، (أَوْ) نِيَّةِ (غَلَّةٍ) فَقَطْ (أَوْ هُمَا) : أَيْ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ وَالْغَلَّةِ مَعًا، فَلَا زَكَاةَ. وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ:(وَكَانَ ثَمَنُهُ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْعَرَضَ (عَيْنًا أَوْ عَرْضًا كَذَلِكَ) : أَيْ مُلِكَ بِشِرَاءٍ سَوَاءٌ كَانَ عَرْضَ تِجَارَةٍ أَوْ قِنْيَةً كَمَنْ عِنْدَهُ عَرْضٌ مُقْتَنَى اشْتَرَاهُ بِعَيْنٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بِعَرْضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ، فَيُزَكِّي ثَمَنَهُ إذَا بَاعَهُ لِحَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ اشْتِرَائِهِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ مُلِكَ بِلَا عِوَضٍ - كَهِبَةٍ وَمِيرَاثٍ - فَيَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ. وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ:(وَبِيعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَرْضِ، وَأَوْلَى بَيْعُهُ كُلِّهِ (بِعَيْنٍ) نِصَابًا فَأَكْثَرَ فِي الْمُحْتَكِرِ أَوْ أَقَلَّ،
ــ
[حاشية الصاوي]
الْحُكْمُ فِيهِ أَبْيَنُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَلَّةٍ فَقَطْ] : أَيْ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ، خِلَافًا لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ قَائِلًا: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْتِمَاسِ الرِّبْحِ مِنْ رِقَابٍ أَوْ مَنَافِعِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ هُمَا] : أَصْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُمَا. فَحَذَفَ الْمُضَافِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لَا الْأَصَالَةِ، لِأَنَّ " هُمَا " لَيْسَتْ مِنْ ضَمَائِرِ الْجَرِّ، لِأَنَّ ضَمِيرَ الْجَرِّ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَّصِلًا.
قَوْلُهُ: [أَيْ مُلِكَ بِشِرَاءٍ] : طَرِيقَةٌ لِابْنِ حَارِثٍ، وَطَرِيقُ اللَّخْمِيِّ الْإِطْلَاقُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ قِنْيَةٍ] : هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي ارْتَضَاهُ الْمُؤَلِّفُ فِي تَقْرِيرِهِ كَمَا ارْتَضَاهُ (ح) و (ر) خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ: إنَّ الَّذِي أَصْلُهُ عَرَضُ قِنْيَةٍ يَسْتَقْبِلُ بِهِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ] إلَخْ: الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: مَا أَصْلُهُ عَيْنٌ أَوْ عَرَضُ تَجْرٍ يُزَكِّي اتِّفَاقًا، وَمَا أَصْلُهُ عَرَضُ قَنْيِهِ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ: الْمَشْهُورُ زَكَاةُ عِوَضِهِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ، وَمَا أَصْلُهُ عَرَضُ مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ - بِأَنَّ مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ أَصْلًا أَوْ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ - فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى لِلَّخْمِيِّ تَحْكِي قَوْلَيْنِ مَشْهُورُهُمَا الِاسْتِقْبَالُ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ حَارِثٍ: يَسْتَقْبِلُ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَقَلَّ] : أَيْ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ عَامَّةٌ فِي الْمُحْتَكِرِ وَالْمُدَبَّرِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُحْتَكِرِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الَّتِي بَاعَ بِهَا نِصَابًا سَوَاءٌ بَقِيَ مَا بَاعَ
(وَلَوْ دِرْهَمًا فِي الْمُدِيرِ) . فَإِنْ تَوَفَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطِ زُكِّيَ (كَالدَّيْنِ) : أَيْ كَزَكَاةِ الدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ إنْ قَبَضَ ثَمَنَهُ عَيْنًا نِصَابًا فَأَكْثَرَ كَمُلَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ فِي مَرَّاتٍ أَوْ مَعَ فَائِدَةٍ تَمَّ حَوْلُهَا، أَوْ مَعْدِنٍ.
وَهَذَا (إنْ رَصَدَ) رَبُّهُ (بِهِ) أَيْ بِالْعَرْضِ الْمَذْكُورِ (الْأَسْوَاقَ) أَيْ ارْتِفَاعَ الْأَثْمَانِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُحْتَكِرِ، فَقَوْلُهُ:" كَالدَّيْنِ " خَاصٌّ بِالْمُحْتَكِرِ وَالشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَامَّةٌ فِيهِ وَفِي الْمُدِيرِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ زَكَّاهُ كَزَكَاةِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُحْتَكِرًا شَأْنُهُ يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ.
(وَإِلَّا) يَرْصُدْ الْأَسْوَاقَ بِأَنْ كَانَ مُدِيرًا: وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ كَيْفَ كَانَ وَيُخَلِّفُ مَا بَاعَهُ بِغَيْرِهِ؛ كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ وَالطَّوَّافِينَ بِالسِّلَعِ، (زَكَّى عَيْنَهُ) الَّتِي عِنْدَهُ (وَدَيْنَهُ) أَيْ عَدَدَهُ (النَّقْدَ) الَّذِي أَصْلُهُ عَرْضٌ (الْحَالَّ) : أَيْ الَّذِي
ــ
[حاشية الصاوي]
بِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ؛ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَيْعُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ وَلَوْ قَلَّ. فَلَوْ لَمْ يَبِعْ الْمُحْتَكِرُ نِصَابًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَقَصَّدْ الْبَيْعَ بِالْعُرُوضِ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ التَّحَيُّلِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ دِرْهَمًا] : فَهِمَ الْأُجْهُورِيُّ مِنْ ذَكَرِهِمْ الدِّرْهَمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لِأَقَلِّ مَا يَكْفِي فِي التَّقْوِيمِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحَ الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ ذِكْرَ الدِّرْهَمِ مِثَالٌ لِلْقَلِيلِ لَا تَحْدِيدَ، وَأَنَّهُ مُبْهَمًا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ - وَإِنْ قَلَّ - لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. (اهـ بْن - نَقَلَهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ خُسْرٌ.
قَوْلُهُ: [كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ] إلَخْ ابْنُ عَاشِرٍ: الظَّاهِرُ أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ كَالْحَاكَّةِ وَالدَّبَّاغِينَ مُدَبَّرُونَ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْأَسْفَارِ الَّذِينَ يُجَهِّزُونَ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْبَلَدَانِ مُدَبَّرُونَ.
قَوْلُهُ: [زَكَّى عَيْنَهُ] : إنَّمَا نَصَّ عَلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ - مَعَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدَبَّرِ بِزَكَاتِهَا - لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِي الْكَلَامَ عَلَى أَمْوَالِ الْمُدَبَّرِ.
قَوْلُهُ: [وَدِينه] : إنَّمَا الْكَائِنُ مِنْ التِّجَارَةِ الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ. وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيه كُلَّ عَامٍ بَلْ لِسَنَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ كَمَا يَأْتِي.
حَلَّ أَجَلُهُ أَوْ كَانَ حَالًّا أَصَالَةً (الْمَرْجُوَّ) خَلَاصَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْضِهِ بِالْفِعْلِ. وَمَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ - مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكَّى بَعْدَ قَبْضِهِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ - فَفِي غَيْرِ الْمُدِيرِ أَوْ فِي الْمُدِيرِ إذَا كَانَ أَصْلُهُ قَرْضًا كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَكَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ. (وَإِلَّا) يَكُنْ نَقْدًا حَالًّا - بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ مُؤَجَّلًا - مَرْجُوًّا فِيهِمَا؛ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ:" النَّقْدَ الْحَالَّ " فَقَطْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. وَمُرَادُنَا بِالْعَرْضِ: مَا يَشْمَلُ طَعَامَ السَّلَمِ (قَوَّمَهُ) عَلَى نَفْسِهِ قِيمَةُ عَدْلٍ (كُلَّ عَامٍ) وَزَكَّى الْقِيمَةَ، لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مَرْجُوٌّ فَهُوَ فِي الْمُدِيرِ فِي قُوَّةِ الْمَقْبُوضِ (كَسِلَعِهِ) أَيْ الْمُدِيرِ أَيْ كَمَا يُقَوِّمُ كُلَّ عَامٍ سِلَعَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ (وَلَوْ بَارَتْ) سِنِينَ إذْ بُوَارُهَا بِضَمِّ الْبَاءِ أَيْ كَسَادُهَا لَا يَنْقُلُهَا لِاحْتِكَارٍ وَلَا قِنْيَةٍ، وَأَمَّا الْبَوَارُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَمَعْنَاهُ: الْهَلَاكُ.
(لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْدَمٍ أَوْ ظَالِمٍ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ فَلَا يُقَوِّمُهُ. فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالْعَيْنِ الضَّائِعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ (أَوْ كَانَ) : أَيْ وَلَا إنْ كَانَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَا يَشْمَل طَعَامُ السَّلَمِ] : كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ.
قَوْلُهُ: [وَزَكَّى الْقِيمَةَ] : أَيْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُحْسَبُ عَلَيْهِ لَوْ قَامَ غُرَمَاءُ ذَلِكَ الْمَدِينِ.
قَوْلُهُ: [كَسِلَعِهِ] : اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُقَوِّمهُ الْمُدَبَّرُ مِنْ السِّلَعِ هُوَ مَا دَفَعَ ثَمَنَهُ وَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ. وَحُكْمُهُ فِي الثَّانِي حُكْمُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ زَكَاةِ مَا حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ دَيْنِ ثَمَنِ هَذَا الْعَرَضُ الَّذِي لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُ فِي مُقَابِلَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. انْتَهَى (بْن) كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لَا يَنْقُلُهَا] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ لَا يَقُومُ مَا بَارَ مِنْهَا وَيَنْتَقِلُ لِلِاحْتِكَارِ.
قَوْلُهُ: [فَمَعْنَاهُ الْهَلَاكُ] : كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاح وَالْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الْكَسَادِ وَالْهَلَاكِ مَعًا، (كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .