الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتِدْرَاكُ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فَقَالَ:
(وَيَجِبُ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (قَضَاءُ) : أَيْ فِعْلُ وَاسْتِدْرَاكُ (مَا فَاتَهُ مِنْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ لِغَيْرِ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ لِفَقْدِ الطُّهْرَيْنِ بَلْ لِتَرْكِهَا عَمْدًا، أَوْ لِنَوْمٍ، أَوْ لِسَهْوٍ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهَا بَاطِلَةً لِفَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ (وَلَوْ شَكًّا) : فَأَوْلَى إنْ فَاتَتْهُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[الْفَوَائِت وَالْقَضَاء]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ شَرَعَ] إلَخْ: أَيْ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ سُنَنٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ وَمَكْرُوهَاتٍ وَمُبْطِلَاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا فِي نَفْسِهَا وَمَعَ غَيْرِهَا، وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ مَا يَفْعَلُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِتْيَانِ أَوْ فِي عَيْنِهَا أَوْ فِي تَرْتِيبِهَا، وَانْجَرَّ بِهِ الْكَلَامُ إلَى بَيَانِ حُكْمِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ فَذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ قَوْلُهُ:[اسْتِدْرَاكُ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ] : أَيْ إدْرَاكُهُ وَتَحْصِيلُهُ؛ لِيَسْقُطَ عَنْ ذِمَّتِهِ.
قَوْلُهُ: [لِغَيْرِ جُنُونٍ] إلَخْ: وَمِثْلُ مَا ذَكَرَ السُّكْرُ بِحَلَالٍ فَهُوَ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لِفَقْدِ الطُّهْرَيْنِ] : أَيْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ لِتَرْكِهَا عَمْدًا] إلَخْ: ابْنُ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ. قَالَ عِيَاضٌ: سَمِعْت عَنْ مَالِكٍ قَوْلَةً شَاذَّةً: لَا تُقْضَى فَائِتَةُ الْعَمْدِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ سِوَى دَاوُد وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ، وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ، وَخَرَّجَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ عَلَى يَمِينِ الْغَمُوسِ (اهـ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ)
قَوْلُهُ: [وَلَوْ شَكًّا] : أَيْ فِي فَوَاتِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِقَرِينَةٍ مِنْ كَوْنِهِ وَجَدَ مَاءَ وُضُوئِهِ بَاقِيًا أَوْ وَجَدَ فِرَاشَ صَلَاتِهِ مَطْوِيًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ، كَمَا إذَا شَكَّ فِي الْحَاضِرَةِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ مُطْلَقًا لِبَقَاءِ سَلْطَنَةِ وَقْتِهَا. وَمِنْ الْقَرِينَةِ أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ التَّهَاوُنَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَتَقَدَّمَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ شَأْنُهُ التَّهَاوُنُ فِيهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَهَا هُنَا شَبَهٌ بِالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ لِرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلٍ، شَكَّ هَلْ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَى دُخُولِهِ؟ وَأَمَّا إذَا جَزَمَ بِأَصْلِ الطَّلَاقِ وَشَكَّ فِي عَدَدِهِ عَامَلُوهُ بِالْأَحْوَطِ فِي حِلِّيَّتِهَا لَهُ بِالْأَزْوَاجِ، وَكَذَا هُنَا إذَا جَزَمَ بِأَصْلِ التَّرْكِ وَشَكَّ فِي عَيْنِ الْمَنْسِيَّةِ عَامَلُوهُ بِالْأَحْوَطِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الشَّكِّ مِنْ غَيْرِ عَلَامَةٍ فَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَأَوْلَى الْوَهْمُ. إنْ قُلْت: إنَّ مَنْ ظَنَّ تَمَامَ الصَّلَاةِ وَتَوَهَّمَ بَقَاءَ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْوَهْمِ وَالْإِتْيَانُ بِرَكْعَةٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ؟ قُلْت: مَا هُنَا ذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ تَحْقِيقًا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُورَدَةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ فِيهَا مَشْغُولَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
وَيَقْضِيهَا بِنَحْوِ مَا فَاتَتْهُ، سَفَرِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً، جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً (فَوْرًا) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ (مُطْلَقًا) - سَفَرًا أَوْ حَضَرًا، صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا - وَقْتَ جَوَازٍ بَلْ (وَلَوْ وَقْتَ نَهْيٍ) كَطُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ (فِي غَيْرِ مَشْكُوكَةٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ. فَالْمَشْكُوكُ فِي فَوَاتِهَا يَقْضِيهَا بِغَيْرِ وَقْتِ النَّهْيِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ:" فَوْرًا مُطْلَقًا " قَوْلَهُ: (إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَةِ) : أَيْ الْحَاجَةِ؛ كَوَقْتِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَتَحْصِيلِ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي مَعَاشِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِنَحْوِ مَا فَاتَتْهُ] : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي زَرُّوقٍ عَلَى الرِّسَالَةِ: يَقْنُتُ فِي الْفَائِتَةِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّسَالَةِ، قَالَ: وَيُطَوِّلُ. وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ لَا يُقِيمُ وَسَبَقَ خِلَافُهُ. نَعَمْ يَقْضِي الْعَاجِزُ بِمَا قَدَرَ وَالْقَادِرُ بِالْقِيَامِ وَلَوْ فَاتَتْهُ حَالَ عَجْزِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْعَوَارِضِ الْحَالِيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ تَتْبَعُ وَقْتَهَا (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَوْرًا] : أَيْ عَادِيًّا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُفَرِّطًا، لَا الْحَالَ الْحَقِيقِيَّ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْوَادِي قَالَ:«ارْتَحِلُوا فَإِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ، فَسَارَ بِهِمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ» فَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْمَعْنَى خَاصٌّ وَهُوَ أَنَّ الْوَادِيَ بِهِ شَيْطَانٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ) .
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ مَشْكُوكَةٍ] : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: الْمُرَادُ الشَّكُّ فِي أَصْلِ التَّرْتِيبِ، أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَكَالْمُحَقَّقِ (اهـ) وَمَعْنَاهُ يَقْضِي وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ.
قَوْلُهُ: [فَالْمَشْكُوكُ فِي فَوَاتِهَا] : أَيْ لَا فِي عَيْنِهَا فَتُقْضَى وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ كَمَا عَلِمْت (اهـ) .