الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: فِي شُرُوطِ الْجُمُعَةِ
وَآدَابِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمَوَانِعهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَلَهَا شُرُوطُ وُجُوبٍ وَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهَا عَلَيْهَا، وَشُرُوطُ صِحَّةٍ وَهِيَ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا.
وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ:
(الْجُمُعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ) لَا كِفَايَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْجُمُعَةِ]
[حُكْم الْجُمُعَةِ وَشَرْط وُجُوبهَا وفضل الْعَمَل فِيهَا]
فَصْلٌ سُمِّيَتْ الْجُمُعَةُ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِالْأَرْضِ فِيهِ، وَقِيلَ: لِمَا جُمِعَ فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: لَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا لَهُ مَزِيَّةٌ عَنْ الْعَمَلِ فِي غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ لِتِلْكَ الْحِجَّةِ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهَا. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حِجَّةً فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَفِيهِ وَقْفَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمُنَاوِيُّ - ذَكَرَهُ (شب) فِي شَرْحِهِ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [وَآدَابِهَا] : مُرَادُهُ مَا يَشْمَلُ السُّنَنَ.
قَوْلُهُ: [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] : أَيْ مِنْ تَفَاصِيلِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ. وَأَعْقَبَهَا لِصَلَاةِ الْقَصْرِ لِكَوْنِهَا شِبْهَ ظُهْرٍ مَقْصُورَةً.
قَوْلُهُ: [الْجُمُعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ] : الْأَشْهَرُ فِيهَا ضَمُّ الْمِيمِ وَبِهِ قَرَأَ جَمَاعَةٌ، وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَبِهِنَّ قُرِئَ شَاذًّا وَهِيَ بَدَلٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ مِنْهَا فِي الْفِعْلِ. وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَدَلًا فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ: أَنَّ الظُّهْرَ شُرِعَتْ ابْتِدَاءً ثُمَّ شُرِعَتْ الْجُمُعَةُ بَدَلًا عَنْهَا، وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَدَلًا عَنْهَا فِي الْفِعْلِ أَنَّهَا إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُهَا أَجْزَأَتْ عَنْهَا الظُّهْرُ. (اهـ. خَرَشِيٌّ) . وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الظُّهْرِ عَلَى رَأْيٍ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ فَرْضُ يَوْمِهَا، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ شَاذٌّ إذْ لَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ فِعْلُهَا مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهِ.
وَلَا تَتَوَقَّفُ إقَامَتُهَا ابْتِدَاءً عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ. (عَلَى الذَّكَرِ الْحُرِّ) : أَيْ عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ حُرٍّ لَا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ رَقِيقٍ (غَيْرِ الْمَعْذُورِ) لَا عَلَى مَعْذُورٍ بِعُذْرٍ مِمَّا يَأْتِي، (الْمُقِيمِ بِبَلَدِهَا) : أَيْ بَلَدِ، الْجُمُعَةِ الْآتِي بَيَانُهُ (أَوْ) الْمُقِيمِ (بِقَرْيَةٍ) أَوْ خَيْمٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَرْيَةٍ (نَائِيَةٍ) : أَيْ خَارِجَةٍ وَمُنْفَصِلَةٍ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ (بِكَفَرْسَخٍ) ، ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ ثُلُثَ الْمِيلِ لَا أَكْثَرَ مُعْتَبَرًا (مِنْ الْمَنَارِ) ، فَتَجِبُ عَلَى الْمُقِيمِ الْمَذْكُورِ (وَإِنْ) كَانَ (غَيْرَ مُسْتَوْطِنٍ) ، بِبَلَدِهَا بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لِمُجَاوَرَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ. فَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ إذَا لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَحِينَئِذٍ فَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَقْتَ سَعْيِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [وَلَا تَتَوَقَّفُ إقَامَتُهَا] إلَخْ: أَيْ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ الِاسْتِئْذَانُ فَقَطْ. وَوَجَبَتْ عَلَيْهِمْ إنْ مُنِعَ وَأَمِنُوا ضَرَرَهُ، وَإِلَّا لَمْ تُجِزْهُمْ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَلَا سِيَّمَا فِي شُرُوطِهَا. وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةَ. كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [لَا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ رَقِيقٍ] : فَالْمَرْأَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْجُمُعَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُسِنَّةً لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا. وَلَا تَجِبُ عَلَى عَبْدٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ] : الْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِأَضْدَادِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الظُّهْرُ، فَإِذَا حَضَرَهَا وَصَلَّاهَا حَصَلَ لَهُ ثَوَابُهَا مِنْ حَيْثُ الْحُضُورُ وَسَقَطَ عَنْهُ الظُّهْرُ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى التَّخْيِيرِ، إذْ لَوْ كَانَ حُضُورُهَا مَنْدُوبًا فَقَطْ لَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ. وَرُدَّ: بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَسَاوِيَةٍ؛ بِأَنْ يُقَالَ: الْوَاجِبُ إمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا. وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ابْتِدَاءً. لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ فِيهَا الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صَلَاةٌ، وَزِيَادَةٌ مِنْ حَيْثُ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةُ،