الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) نُدِبَ لَهُ (قَضَاؤُهُ) وَلَمْ يَجِبْ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ.
(بِخِلَافِ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ الْمُبِيحُ) : أَيْ الَّذِي يُبِيحُ (لَهُ الْفِطْرَ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ؛ كَصَبِيٍّ بَلَغَ) بَعْدَ الْفَجْرِ (وَمَرِيضٍ صَحَّ وَمُسَافِرٍ قَدِمَ) نَهَارًا وَحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ طَهُرَتَا نَهَارًا، وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ وَمُضْطَرٍّ لِفِطْرٍ عَنْ عَطَشٍ أَوْ جُوعٍ؛ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَحِينَئِذٍ (فَيَطَأُ) الْوَاحِدُ مِنْهُمْ (امْرَأَةً) لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (كَذَلِكَ) : أَيْ زَالَ عُذْرُهَا الْمُبِيحُ لَهَا الْفِطْرَ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ بِأَنْ قَدِمَتْ مَعَهُ مِنْ السَّفَرِ أَوْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ بَلَغَتْ نَهَارًا أَوْ أَفَاقَتْ مِنْ جُنُونٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: " مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ " عَنْ النَّاسِي، وَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ، لَكِنْ يَرِدُ الْمُكْرَهُ؛ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ بِرَمَضَانَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ؟ وَيُجَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبِيحِ اخْتِيَارًا وَلَا اخْتِيَارَ لِلْمُكْرَهِ. وَيَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ؛ فَإِنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ كَالنَّاسِي، وَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْإِمْسَاكُ إذَا أَفَاقَ.
(وَ) نُدِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ (تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ وَ) نُدِبَ (تَتَابُعُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (كَكُلِّ صَوْمٍ لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ) : كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالتَّمَتُّعِ وَصِيَامِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، فَيُنْدَبُ تَتَابُعُهُ
(وَ) نُدِبَ لِلصَّائِمِ (كَفُّ لِسَانٍ وَجَوَارِحَ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (عَنْ فُضُولٍ) مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا إثْمَ فِيهَا.
(وَ) نُدِبَ (تَعْجِيلُ فِطْرٍ)
ــ
[حاشية الصاوي]
[مَنْدُوبَات الصَّوْمِ]
قَوْلُهُ: [وَيَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ] : وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمَجْنُونِ: بِأَنْ فَعَلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، فَلَا يَدْخُلَانِ فِي مَنْطُوقٍ وَلَا مَفْهُومٍ.
قَوْلُهُ: [كَفُّ لِسَانٍ وَجَوَارِحَ] : أَيْ يَتَأَكَّدُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُفْطِرِ، وَمِمَّا يُنْسَبُ لِابْنِ عَطِيَّةَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ:
لَا تَجْعَلَنْ رَمَضَانَ شَهْرَ فُكَاهَةٍ
…
كَيْمَا تُقَضِّيَ بِالْقَبِيحِ فَنُونَهُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك لَنْ تَفُوزَ بِأَجْرِهِ
…
وَتَصُومَهُ حَتَّى تَكُونَ تَصُونَهُ
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ تَعْجِيلُ فِطْرٍ] : أَيْ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ لَك صُمْت
قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ تَحْقِيقِ الْغُرُوبِ، وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ وِتْرًا وَإِلَّا حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ.
(وَ) نُدِبَ لِلصَّائِمِ (السُّحُورُ) لِلتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الصَّوْمِ.
(وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُهُ) لِآخِرِ اللَّيْلِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت» ، وَفِي حَدِيثٍ:«اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ يَقُولُ قَبْلَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي الْفَمِ:«يَا عَظِيمُ ثَلَاثًا أَنْتَ إلَهِي لَا إلَهَ غَيْرُك اغْفِرْ لِي الذَّنْبَ الْعَظِيمَ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إلَّا الْعَظِيمُ» .
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الصَّلَاةِ] : أَيْ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِهِ يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ: «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» ، وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْأَكْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا.
قَوْلُهُ: [فَتَمَرَاتٌ وِتْرًا] : أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَلَوِيَّاتٍ، فَالسُّكْرُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَاءِ الْقَرَاحِ.
وَقَوْلُهُ: [حَسَوَاتٍ] جَمْعُ حُسْوَةٍ كَمُدْيَةٍ وَمُدْيَاتٍ. وَالْفَتْحُ فِي الْجَمْعِ لُغَةٌ، وَالْحُسْوَةُ مِلْءُ الْفَمِ مِنْ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: [السُّحُورُ] : هُوَ بِالضَّمِّ الْفِعْلُ، وَبِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ آخِرَ اللَّيْلِ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ، وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالنِّصْفِ الْأَخِيرِ، وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ كَانَ أَفْضَلَ، فَقَدْ وَرَدَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَبْقَى عَلَى الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً»
(وَ) نُدِبَ (صَوْمٌ بِسَفَرٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَلَا يَجِبُ (وَإِنْ عَلِمَ الدُّخُولَ) لِوَطَنِهِ (بَعْدَ الْفَجْرِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ دُخُولِهِ أَيْ إنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ.
(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ) ، وَكُرِهَ لِحَاجٍّ؛ أَيْ لِأَنَّ الْفِطْرَ يُقَوِّيهِ عَلَى الْوُقُوفِ بِهَا.
(وَ) نُدِبَ صَوْمُ (الثَّمَانِيَةِ) الْأَيَّامِ (قَبْلَهُ) أَيْ عَرَفَةَ (وَ) صَوْمُ (عَاشُورَاءَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ صَوْمٌ بِسَفَرٍ] : أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لَهُ لِلْفِطْرِ وَسَتَأْتِي شُرُوطُهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ الْفِطْرُ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا وَذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ. فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» . أُجِيبَ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى صَوْمِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ إذَا شَقَّ، وَيُرْوَى الْحَدِيثُ بِأَلْ وَأَمْ عَلَى لُغَةِ حِمْيَرَ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ] : لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِنَدْبِ الصَّوْمِ تَأَكُّدُهُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ مُطْلَقًا مَنْدُوبٌ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ الْأَيَّامِ قَبْلَهُ] : وَاخْتُلِفَ فِي صِيَامِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا، فَقِيلَ يَعْدِلُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ سَنَةً.
قَوْلُهُ: [عَاشُورَاءَ] : هُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءُ تَاسِعُهُ وَهُمَا بِالْمَدِّ، وَقَدَّمَ عَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّ تَاسُوعَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْوُجُودِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ. وَيُنْدَبُ فِي عَاشُورَاءَ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ، بَلْ يُنْدَبُ فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ مَا عَدَا عِيَادَةَ الْمَرِيضِ فِي قَوْلِهِ:
صُمْ صَلِّ صِلْ زُرْ عَالِمًا ثُمَّ اغْتَسِلْ
…
رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقْ وَاكْتَحِلْ
وَسِّعْ عَلَى الْعِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا
…
وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ
وَتَاسُوعَاءُ وَالثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ) أَيْ تَاسُوعَاءَ (وَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ وَ) صَوْمُ (رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَ) نُدِبَ صَوْمُ (الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) ، (وَ) نُدِبَ صَوْمُ يَوْمِ (النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ) لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ. وَالنَّصُّ عَلَى الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ - مَعَ دُخُولِهَا فِي شَهْرِهَا - لِبَيَانِ عِظَمِ شَأْنِهَا وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْبَقِيَّةِ؛ فَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَعَاشُورَاءُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ، وَهُمَا أَفْضَلُ مِمَّا قَبْلَهُمَا، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقِيَّةِ.
(وَ) نُدِبَ صَوْمُ (ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) .
(وَكُرِهَ تَعْيِينُ) الثَّلَاثَةِ (الْبِيضِ) الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ فِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ (كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ إنْ وَصَلَهَا) بِالْعِيدِ (مُظْهِرًا) لَهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَصَوْمُ رَجَبٍ] : أَيْ فَيَتَأَكَّدُ صَوْمُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ أَحَادِيثُهُ ضَعِيفَةً لِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ] : وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا فَلِذَلِكَ كَانَ مَالِكٌ يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ وَحَادِيَ عَشَرَهُ وَحَادِيَ عَشَرَيْهِ.
قَوْلُهُ: [الثَّلَاثَةُ الْبِيضُ] : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَيَاضِ اللَّيَالِيِ بِالْقَمَرِ.
قَوْلُهُ: [كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ] : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إذَا أَظْهَرَهَا مُقْتَدًى بِهِ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ وُجُوبَهَا أَوْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّتَهَا لِرَمَضَانَ، كَالنَّفْلِ الْبَعْدِيِّ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا سِرُّ حَدِيثِهَا أَنَّ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةَ بِشَهْرَيْنِ فَكَأَنَّهُ صَامَ الْعَامَ. وَتَخْصِيصُ شَوَّالٍ قِيلَ تَرْخِيصٌ لِلتَّمَرُّنِ عَلَى الصَّوْمِ حَتَّى إنَّهَا بَعْدَهُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا أَشَقُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ