الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ وَجَمْعِهَا
وَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا (سُنَّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (لِمُسَافِرٍ سَفَرًا جَائِزًا) أَيْ مَأْذُونًا فِيهِ فَيَشْمَلُ، الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُسَافِرٍ، بُرُدٍ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ: جَمْعُ بَرِيدٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَمَسَافَةُ الْقَصْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا، وَالْمِيلُ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَخَمْسُمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ وَجَمْعِهَا]
[حُكْم الْقَصْر]
فَصْلٌ قَوْلُهُ: [سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ] : هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ قَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: كَوْنُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ (اهـ) . وَقِيلَ إنَّ الْقَصْرَ فَرْضٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ مُبَاحٌ. وَعَلَى السُّنِّيَّةِ فَفِي آكَدِيَّتِهَا عَلَى سُنِّيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَعَارَضَا كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُسَافِرُ أَحَدًا يَأْتَمُّ بِهِ إلَّا مُقِيمًا؛ فَلَا يَأْتَمُّ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَأْتَمُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [لِمُسَافِرٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ كَانَ بِطَيَرَانٍ أَوْ خُطْوَةٍ.
قَوْلُهُ: [جَائِزًا] : خَرَّجَ غَيْرَ الْجَائِزِ كَالْمُسَافِرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْعَاقِّ وَالْآبِقِ؛
وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ سَيْرٍ وَحَطٍّ وَتَرْحَالٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَصَلَاةٍ. مُعْتَبَرَةً (ذَهَابًا) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَلَوْ بِبَحْرٍ) كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا، تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ (أَوْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ) وَلَا تَمْنَعُهُ صُحْبَةُ أَهْلِهِ عَنْ الْقَصْرِ.
(قَصْرُ) صَلَاةٍ (رُبَاعِيَّةٍ) نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ لَا ثُنَائِيَّةٍ وَثُلَاثِيَّةٍ (سَافَرَ بِوَقْتِهَا)
ــ
[حاشية الصاوي]
فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ. وَإِنْ قَصَرَ فَقَوْلَانِ: بِالْحُرْمَةِ، وَالْكَرَاهَةِ، وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ مَعَ الصِّحَّةِ. وَخَرَّجَ الْمَكْرُوهَ أَيْضًا؛ كَالسَّفَرِ لِلَهْوٍ فَيُكْرَهُ الْقَصْرُ، وَالصَّلَاةُ صَرِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا إعَادَةَ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ] إلَخْ: فَالْمُرَادُ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِبَارَةِ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ وَيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا مَعْنَى لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ كَبِيرٍ الْخَرَشِيِّ: هَلْ مَبْدَأُ الْيَوْمِ الشَّمْسُ أَوْ الْفَجْرُ؟ فَإِنَّ مَعْنَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَاجِبَةٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً فَمَا خَرَجَ عَنْ الْيَوْمِ دَخَلَ فِي اللَّيْلِ. (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِبَحْرٍ] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّحْدِيدِ بِالْمَسَافَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: الْعِبْرَةُ فِي الْبَحْرِ بِالزَّمَانِ مُطْلَقًا، وَلِمَنْ قَالَ: الْعِبْرَةُ فِيهِ بِالزَّمَانِ إنْ سَافَرَ فِيهِ لَا بِجَانِبِ الْبَرِّ وَإِنْ سَافَرَ فِيهِ بِجَانِبِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ. وَأَمَّا أَصْلُ الْقَصْرِ فِي الْبَحْرِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا] إلَخْ: هَذَا التَّعْمِيمُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَاعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَالَ فِي تَقْرِيرِهِ: وَهُوَ الَّذِي أَدِينُ لِلَّهِ بِهِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ - وَحَلَّ بِهِ فِي الْأَصْلِ - فَقَالَ: وَلَوْ كَانَ سَفَرُهَا بِبَحْرٍ أَيْ جَمِيعُهَا أَوْ بَعْضُهَا سَوَاءً تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْثُ كَانَ السَّيْرُ فِيهِ بِالْمَجَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ، كَأَنْ كَانَ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَتَأَخَّرَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ وَتَقَدَّمَتْ، وَكَانَتْ قَدْرَ الْمَسَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ وَيَسِيرَ بِالرِّيحِ. (اهـ. وَفِي الْمَجْمُوعِ مَا يُوَافِقُ هَذَا) .
قَوْلُهُ [نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ] : أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ. فَأَوْلَى فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ غَيْرُ النُّوتِيِّ إذَا سَافَرَ بِأَهْلِهِ وَالنُّوتِيُّ إذَا سَافَرَ بِغَيْرِ أَهْلِهِ، فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ.
قَوْلُهُ: [سَافَرَ بِوَقْتِهَا] : أَيْ وَقْتِهَا الْحَاضِرِ.
وَلَوْ الضَّرُورِيَّ، لَا إنْ خَرَجَ وَقْتُهَا الضَّرُورِيُّ فَلَا تُقْصَرُ وَلَوْ قَضَاهَا فِي سَفَرِهِ. (أَوْ فَاتَتْهُ) عَطْفٌ عَلَى سَافَرَ أَيْ أَوْ رُبَاعِيَّةٌ فَاتَتْهُ (فِيهِ) أَيْ فِي سَفَرِهِ فَتُقْصَرُ، وَلَوْ صَلَّاهَا بِحَضَرٍ أَوْ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَدَّاهَا فِي سَفَرِهِ أَوْ فَاتَتْهُ فِيهِ.
وَمَحَلُّ الْقَصْرِ (إنْ عَدَا) : أَيْ جَاوَزَ الْمُسَافِرُ (الْبَلَدِيُّ) أَيْ مَنْ سَكَنُهُ بِبَلَدٍ (الْبَسَاتِينَ) لِهَذَا الْبَلَدِ (الْمَسْكُونِ) بِالْأَهْلِ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَأَيَّامِ الثِّمَارِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَسْكُونِ وَلَوْ كَانَ بِهِ الْحُرَّاسُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْدِيَتُهُ كَالْمَزَارِعِ، بَلْ يَقْتَصِرُ بِمُجَرَّدِ تَعَدِّي الْبُيُوتِ كَالْخَالِيَةِ عَنْ الْبَسَاتِينِ (وَلَوْ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ) وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ ضَعِيفٌ، (وَ) إنْ عَدَا (الْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ) أَيْ بُيُوتَ حِلَّتِهِ، وَلَوْ تَفَرَّقَتْ حَيْثُ جَمَعَهَا اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ، أَوْ الدَّارُ فَقَطْ؛
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [الْبَلَدِيُّ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ تَعْدِيَةِ الْبَلَدِيِّ الْبَسَاتِينَ الْمَذْكُورَةَ إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا وَكَانَ مُحَاذِيًا لَهَا، وَإِلَّا فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ كَذَا فِي (عب) . وَفِي (بْن) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا إلَّا إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا، فَإِنْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَلَوْ كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ] إلَخْ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ: إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ، وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بُنْيَانِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَيَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ. وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَ هَذَا التَّفْصِيلِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ عَدَا الْعَمُودِيُّ] إلَخْ: هُوَ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحِلَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ مَحَلَّتُهُ، وَهِيَ مَنْزِلَةُ قَوْمِهِ. فَالْحِلَّةُ وَالْمَنْزِلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: [حَيْثُ جَمَعَهُمَا اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ] إلَخْ: الْمُرَادُ بِالْحَيِّ: الْقَبِيلَةُ. وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ: الْمَنْزِلُ الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ، أَوْ الدَّارُ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إلَّا إذَا جَاوَزَ جَمِيعَ الْبُيُوتِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الْمُجَاوِرِ لِلْأَبْنِيَةِ. فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْفَضَاءِ، لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ جَمِيعِ الْبُيُوتِ. وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ - بِأَنْ كَانَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ فِي دَارٍ - فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ كُلُّ دَارٍ عَلَى
بِأَنْ يَتَوَقَّفَ رَحِيلُهُمْ وَنُزُولُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ - وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَبِيلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَ) إنْ (انْفَصَلَ غَيْرُهُمَا) : أَيْ غَيْرُ الْبَلَدِيِّ وَالْعَمُودِيِّ عَنْ مَكَانِهِ، كَسَاكِنٍ بِجَبَلٍ أَوْ بِقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَا بَسَاتِينَ لَهَا. وَيَنْتَهِي الْقَصْرُ (إلَى) مِثْلِ (مَحَلِّ الْبَدْءِ) فِي ذَهَابِهِ أَوْ إلَيْهِ نَفْسِهِ فِي عَوْدِهِ، فَيُتِمُّ بِوُصُولِهِ إلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ، أَوْ إلَى الْبُيُوتِ فِيمَا لَا بَسَاتِينَ لَهَا (لَا) إنْ سَافَرَ (أَقَلَّ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَا يَقْصُرُ.
(وَبَطَلَتْ) إنْ قَصَرَ (فِي) مَسَافَةِ (ثَلَاثَةِ بُرُدٍ) أَوْ أَقَلَّ (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا فَلَا تَبْطُلُ بِقَصْرِهَا، وَذَلِكَ مِنْ سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا إلَى سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ، (وَإِنْ مُنِعَ) الْقَصْرُ فِي ذَلِكَ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَنْعِ الْبُطْلَانُ (كَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَصْرُ، وَلَكِنَّهُ إنْ قَصَرَ لَمْ تَبْطُلْ وَأَمَّا الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ قَطْعًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَاصِيَ بِهِ نَفْسُ سَفَرِهِ مَعْصِيَةٌ، كَآبِقٍ وَمُسَافِرٍ لِقَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ لِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ، وَالْعَاصِي فِيهِ سَفَرُهُ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ، لَكِنْ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ كَشُرْبٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ.
(وَكُرِهَ) الْقَصْرُ (لِلَاهٍ بِهِ) : أَيْ بِالسَّفَرِ وَتَصِحُّ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَقِيلَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
حِدَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. وَإِلَّا، فَهُمْ كَأَهْلِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ. وَكَذَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ.
قَوْلُهُ: [كَسَاكِنٍ بِجَبَلٍ] إلَخْ: أَيْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّهُ، وَسَاكِنُ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ بِهَا مَسْكُونَةٌ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ وَالْأَبْنِيَةَ الْخَرَابَ الَّتِي فِي طَرَفِهَا. وَكَذَلِكَ سَاكِنُ الْبَسَاتِينِ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ مَسْكَنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ أَوْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ. كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَقْصُرُ] : أَيْ يَحْرُمُ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ لَفْظُهُ وَهُوَ نَفْيُ السُّنِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: [بَطَلَتْ إنْ قَصَرَ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الْقَصْرَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا، وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ:
مَنْ يَقْصُرْ الصَّلَاةَ فِي أَمْيَالِ
…
بُعْدٍ لَهُ تَبْطُلُ بِلَا إشْكَالِ
وَقَصْرُهَا بَعْدَ مِيمٍ لَا ضَرَرْ
…
وَفِيمَا بَيْنَ ذَا وَذَا الْخُلْفُ اشْتَهَرْ
فَقِيلَ لَا يُعِيدُهَا أَصْلًا وَقِيلَ
…
يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ فَافْهَمْ يَا نَبِيلُ