الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَهْرًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَهْرَ بِالْيَسِيرِ مَكْرُوهٌ. وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ مَا يَقَعُ بِدَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ بِالْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ مِنْ الصَّرِيخِ عَلَى صُورَةِ الْغِنَاءِ وَالتَّرَنُّمِ، وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ أَنْ يَقُولَ الْخَطِيبُ الْجَهُولُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ الْأُولَى: اُدْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَتَسْمَعُ مِنْ الْجَالِسِينَ ضَجَّةً عَظِيمَةً يَسْتَمِرُّونَ فِيهَا حَتَّى يَكَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَخْتِمَ الثَّانِيَةَ، وَعَلَى دَكَّةِ التَّبْلِيغِ جَمَاعَةٌ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ جِدًّا بِقَوْلِهِمْ آمِينَ آمِينَ يَا مُجِيبَ السَّائِلِينَ إلَى آخِرِ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَهَكَذَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
(وَ) جَازَ (نَهْيُ خَطِيبٍ) حَالَ الْخُطْبَةِ (أَوْ أَمْرُهُ) إنْسَانًا لَغَى أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْصِتْ أَوْ لَا تَتَكَلَّمْ، أَوْ لَا تَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(وَ) جَازَ لِلْمَأْمُورِ (إجَابَتُهُ) فِيمَا يَجُوزُ إظْهَارًا لِعُذْرِهِ، كَأَنَا فَعَلْتُ كَذَا خَوْفًا عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْمُجِيبِ لَاغِيًا.
[مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمَكْرُوهَاتِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَهْرَ] إلَخْ: أَيْ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ: مَنْدُوبٌ وَهُوَ الذِّكْرُ سِرًّا عِنْدَ السَّبَبِ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ الذِّكْرُ الْقَلِيلُ سِرًّا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ الذِّكْرُ الْقَلِيلُ جَهْرًا، وَحَرَامٌ وَهُوَ كَثْرَةُ الذِّكْرِ جَهْرًا كَالْوَاقِعِ بِدَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ.
قَوْلُهُ: [عَلَى صُورَةِ الْغِنَاءِ] : بِالْمَدِّ مَعَ كَسْرِ الْغَيْنِ: وَهُوَ تَطْرِيبُ الصَّوْتِ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَقُولَ الْخَطِيبُ الْجَهُولُ] : صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ لِأَنَّ جَهْلَهُ مُرَكَّبٌ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ يَأْمُرُ بِالْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهَا فِي الْخُطْبَةِ أَصْلًا فَهُوَ مِنْ الْبِدَعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْإِنْصَاتُ وَلَوْ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَاجِبٌ، وَرَفْعُ الْأَصْوَاتِ الْكَثِيرَةِ وَلَوْ بِالذِّكْرِ حَرَامٌ، فَهَذَا الْخَطِيبُ ضَلَّ فِي نَفْسِهِ وَأَضَلَّ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ] : إنَّمَا اسْتَرْجَعَ لِكَوْنِهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ حَيْثُ جَعَلُوا شَعِيرَةَ الْإِسْلَامِ مُلْحَقَةً بِالْمَلَاهِي بِحُضُورِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ وَالْخَلْقُ مُجْمِعُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مُغَيِّرٌ.
(وَكُرِهَ تَخَطٍّ قَبْلَ الْجُلُوسِ) : أَيْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ (لِغَيْرِ فُرْجَةٍ) لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْجَالِسِينَ.
(وَ) كُرِهَ (تَرْكُ طُهْرٍ) بِأَنْ يَخْطُبُ وَهُوَ مُحْدِثٌ (فِيهِمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِمَا الطَّهَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَ) كُرِهَ تَرْكُ (الْعَمَلِ يَوْمَهَا) : أَيْ الْجُمُعَةِ لِأَجْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي السَّبْتِ وَالْأَحَدِ.
(وَ) كُرِهَ (تَنَفُّلٌ عِنْدَ الْأَذَانِ) الْأَوَّلِ لَا قَبْلَهُ (لِجَالِسٍ) فِي الْمَسْجِدِ، لَا دَاخِلٍ (يُقْتَدَى بِهِ) مِنْ عَالَمٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَوْ إمَامٍ لَا لِغَيْرِهِمْ؛ خَوْفَ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهُ. وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ صَلَاتِهَا أَيْضًا إلَى أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ الْمَسْجِدِ.
(وَ) كُرِهَ (حُضُورُ شَابَّةٍ غَيْرِ مُفْتِنَةٍ) لِصَلَاتِهَا وَحَرُمَ لِمُفْتِنَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِمَا الطَّهَارَةُ] إلَخْ: أَيْ وَلَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي الْكُبْرَى مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ بِالْجَنَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ. (قَالَ) ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونَ: إنْ ذَكَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ جُنُبٌ نَزَلَ لِلْغُسْلِ وَانْتَظَرُوهُ إنْ قَرُبَ وَبَنَى - أَيْ عَلَى مَا قَرَأَهُ مِنْ الْخُطْبَةِ. قَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَمَادَى فِي الْخُطْبَةِ وَاسْتَخْلَفَ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ.
قَوْلُهُ: [فِي السَّبْتِ وَالْأَحَدِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ] : وَهَذَا حَيْثُ تَرَكَهُ تَعْظِيمًا كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِسَبْتِهِمْ وَأَحَدِهِمْ. وَأَمَّا تَرْكُهُ لِاسْتِرَاحَةٍ فَمُبَاحٌ، وَتَرْكُهُ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ تَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ فَحَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يُكْرَهُ اشْتِغَالُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَمْرٍ يَشْغَلُهُ عَنْ وَظَائِفِ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ] : أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي فَحَرَامٌ فَلَا يُعَارِضُهُ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ لِلْمِنْبَرِ، قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ التَّنَفُّلُ وَقْتَ كُلِّ أَذَانٍ لِلصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَقَالَ: وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنَيْنِ مِنْ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (اهـ. كَلَامُ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ) . وَلَكِنْ قَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ، كَمَا قَيَّدَهَا شَارِحُنَا بِقَوْلِهِ: إلَّا لِغَيْرِ مُقْتَدَى بِهِ وَكَذَا الدَّاخِلُ أَوْ مَنْ اسْتَمَرَّ يَتَنَفَّلُ حَتَّى أُذِّنَ.
قَوْلُهُ: [إلَى أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ] : أَيْ أَوْ يَأْتِيَ وَقْتُ انْصِرَافِهِمْ.
(وَ) كُرِهَ (سَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ) إلَى الزَّوَالِ لَا قَبْلَهُ، (وَحُرِّمَ) السَّفَرُ (بِالزَّوَالِ) لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهِ.
(كَتَخَطٍّ) لِرِقَابِ الْجَالِسِينَ (أَوْ كَلَامٍ) مِنْ الْجَالِسِينَ بِالْمَسْجِدِ (فِي) حَالِ (خُطْبَتَيْهِ) لَا قَبْلَهُمَا، وَلَوْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ الْجِلْسَةَ الْأُولَى (وَبَيْنَهُمَا) فِي الْجِلْسَةِ الثَّانِيَةِ (وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ) الْخُطْبَةَ لِبُعْدِهِ أَوْ صَمَمِهِ (إلَّا أَنْ يَلْغُوَ) فِي خُطْبَتِهِ: أَيْ يَأْتِيَ بِكَلَامِ لَغْوٍ أَيْ سَاقِطٍ كَأَنْ يَسُبَّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ، أَوْ يَمْدَحَ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ، أَوْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَارِجٍ عَنْ قَانُونِ الْخُطْبَةِ فَيَجُوزُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ.
(وَ) حُرِّمَ (سَلَامٌ) مِنْ دَاخِلٍ أَوْ جَالِسٍ عَلَى أَحَدٍ فَهُوَ الرَّفْعُ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي حُرِّمَ لِوُجُودِ الْفَصْلِ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى تَخَطٍّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَعْدَ الْفَجْرِ] : أَيْ لِمَنْ لَا يُدْرِكُهَا أَمَامَهُ.
قَوْلُهُ: [وَحُرِّمَ السَّفَرُ بِالزَّوَالِ] : أَيْ لِضَرُورَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ] : إنَّمَا مُنِعَ الْكَلَامُ لِغَيْرِ السَّامِعِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ النَّاسُ عَلَى الْكَلَامِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ مَنْ يَسْمَعُ الْإِمَامَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ " لَوْ " لِرَدِّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِنْ جَوَازِ الْكَلَامِ لِغَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ:[مِنْ الْجَالِسِينَ بِالْمَسْجِدِ] أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ وَلَوْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ، وَكَذَلِكَ رَحْبَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُرْمَةَ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ، قِيلَ: خَاصَّةٌ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ. وَقِيلَ بِمَنْ فِيهِ وَالرِّحَابِ، وَقِيلَ: بِمَنْ فِيهِمَا أَوْ فِي الطُّرُقِ، وَلَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ عَوَّلَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَلْغُوَ] إلَخْ: مِنْ جُمْلَةِ اللَّغْوِ: الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَذَا التَّرَضِّي عَنْ الصَّحْبِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ، لَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي تَقْرِيرِهِ نَقْلًا عَنْ الْبُنَانِيِّ: إنَّ التَّرَضِّيَ عَنْ الصَّحْبِ وَالدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ لَيْسَ مِنْ اللَّغْوِ، بَلْ مِنْ تَوَابِعِ الْخُطْبَةِ فَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لعب (اهـ) .
قَوْلُهُ: [عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي حُرِّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُرِّمَ بِالزَّوَالِ.
(وَ) حُرِّمَ (رَدُّهُ) أَيْ السَّلَامِ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِالْإِشَارَةِ مِنْ الْمُصَلِّي فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) حُرِّمَ (تَشْمِيتُ عَاطِسٍ) فَأَوْلَى الرَّدُّ عَلَيْهِ.
(وَ) حُرِّمَ (نَهْيُ لَاغٍ) بِأَنْ يَقُولَ كُفَّ عَنْ هَذَا اللَّغْوِ، أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ إشَارَةٌ لَهُ) : أَيْ لِلَّاغِي بِأَنْ يَنْكَفَّ.
(وَأَكْلٌ أَوْ شُرْبٌ) .
(وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ) نَفْلًا (بِخُرُوجِهِ) أَيْ الْخَطِيبِ لِلْخُطْبَةِ لِجَالِسٍ بَلْ (وَإِنْ لِدَاخِلٍ) . وَقَطَعَ وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إنْ. كَانَ جَالِسًا، (وَلَا يَقْطَعُ الدَّاخِلُ إلَّا إنْ تَعَمَّدَ) النَّفَلَ، بِأَنْ عَلِمَ بِخُرُوجِ الْخَطِيبِ وَأَحْرَمَ عَمْدًا فَيَقْطَعُ، وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً، لَا إنْ جَهِلَ خُرُوجَهُ أَوْ نَاسِيًا فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً لَكِنْ يُخَفِّفُ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ، وَمَفْهُومُ (ابْتِدَاءُ. . . إلَخْ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِنَفْلٍ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ، أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ] : نَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ، وَأَنْكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ رَدِّهِ] إلَخْ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَمُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ عِظَمُ هَيْبَةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِ الْإِشَارَةِ ذَرِيعَةً لِلْكَلَامِ.
قَوْلُهُ: [وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ] : حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ: إمَّا أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاةَ النَّفْلِ بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ، أَوْ قَبْلَهُ. فَإِنْ ابْتَدَأَهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَلَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا؛ فَهَذِهِ سِتٌّ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَفْهُومُ " ابْتِدَاءُ " إلَخْ، وَإِنْ ابْتَدَأَهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ وَكَانَ جَالِسًا قَطَعَ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا. وَإِنْ ابْتَدَأَهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ وَكَانَ دَاخِلًا قَطَعَ إنْ تَعَمَّدَ، عَقَدَ رَكْعَةٍ أَمْ لَا، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ تُضَمُّ لِلسِّتِّ قَبْلَهَا يَقْطَعُ فِيهَا. وَأَمَّا إنْ ابْتَدَأَهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا - سَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا - فَلَا يَقْطَعُ وَلَكِنَّهُ يُخَفِّفُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَيُتِمُّهَا جَالِسًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تُضَمُّ لِلسِّتِّ الْأُوَلِ لَا يَقْطَعُ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لِدَاخِلٍ] : رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى السُّيُورِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ لِلدَّاخِلِ حَالَ
(وَفَسْخُ بَيْعٍ وَنَحْوَهُ) مِنْ إجَارَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَشَرِكَةٍ وَشُفْعَةٍ وَإِقَالَةٍ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (بِأَذَانٍ ثَانٍ) إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا لَمْ يَفْسَخْ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ حَالَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا بَعُدَتْ دَارُهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَهُ فَاشْتَغَلَ بِهِ عَنْ السَّعْيِ فَيَفْسَخُ وَتُرَدُّ السَّلَّةُ لِرَبِّهَا إنْ لَمْ تَفُتْ (فَإِنْ فَاتَ) الْبَيْعُ وَلَوْ بِتَغَيُّرِ سُوقِهِ (فَالْقِيمَةُ) لَازِمَةٌ (حِينَ الْقَبْضِ) لَا حِينَ الْعَقْدِ وَلَا الْفَوَاتِ وَمَفْهُومُ بَيْعٍ وَنَحْوَهُ أَنَّ النِّكَاحَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْكِتَابَةَ لَا تُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَإِنْ حُرِّمَ.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا فَقَالَ:
(وَعُذْرُ تَرْكِهَا) أَيْ الْمُوجِبُ لِتَرْكِهَا أَيْ السَّبَبُ فِيهِ (كَالْجَمَاعَةِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: [وَفَسْخُ بَيْعٍ] إلَخْ: وَهُوَ مَا حَصَلَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ تَبَايَعَ اثْنَانِ تُلْزِمُهُمَا الْجُمُعَةُ أَوْ أَحَدَهُمَا فَسْخَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُفْسَخْ. (اهـ.) وَالْحُرْمَةُ وَالْفَسْخُ وَلَوْ فِي حَالِ السَّعْيِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَ (عب) عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَيُسْتَثْنَى مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا بِالشِّرَاءِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَى بَائِعٍ وَلَا مُشْتَرٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ إجَارَةٍ] : وَهِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ. وَالتَّوْلِيَةُ: أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مَا اشْتَرَاهُ بِمَا اشْتَرَاهُ. وَالشَّرِكَةُ: أَنْ يَبِيعَهُ بَعْضَ مَا اشْتَرَاهُ، وَالشُّفْعَةُ: هِيَ أَخْذُ الشَّرِيكِ الشِّقْصَ مِنْ مُشْتَرِيهِ بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، وَالْإِقَالَةُ: هِيَ قَبُولُ رَدِّ السِّلْعَةِ لِرَبِّهَا بَعْدَ لُزُومِهَا. وَهَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ الْفَسْخُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ؛ فَلَا يُفْسَخُ بَيْعُ مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ وَقْتُ غَيْرِهَا لِأَنَّ السَّعْيَ لِلْجَمَاعَةِ هُنَا مَقْصُودٌ، وَإِلَّا لَزِمَ فَسْخُ بَيْعِ مَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ، بَلْ الْغُصَّابُ لِوُجُودِ اشْتِغَالِهِمْ بِرَدِّ مَا عَلَيْهِمْ - كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ (ح) كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [فَالْقِيمَةُ لَازِمَةٌ] إلَخْ: أَيْ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ فَوَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [لَا تُفْسَخُ] : أَيْ إمَّا لِعَدَمِ الْعِوَضِ أَوْ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعِبَادَاتِ. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْمَجْمُوعِ إلْحَاقَ الْخُلْعِ بِالنِّكَاحِ، وَهِبَةُ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ