الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ
(الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ) مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ، (مُرَغَّبٌ فِيهِ) شَرْعًا. (وَهُوَ) فِي الْأَصْلِ: مُطْلَقُ اللُّزُومِ لِشَيْءٍ، وَشَرْعًا:(لُزُومُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ. (مَسْجِدًا) مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ خَلْوَةٍ، (مُبَاحًا) لِلنَّاسِ فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ الْبُيُوتِ الْمَحْجُورَةِ. (بِصَوْمٍ) : أَيُّ صَوْمٍ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ (كَافًّا) - حَالٌ مِنْ مُسْلِمٍ - (عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ) لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ وَإِلَّا فَسَدَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]
[حُكْم الِاعْتِكَافِ وَمُبْطِلَاته]
بَابٌ:
لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْ فُرُوعِ الصَّوْمِ، وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ تَصْفِيَةُ مِرْآةِ الْعَقْلِ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ فِي وَقْتِهِ، أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ التَّامِّ الشَّبَهِ بِهِمْ فِي اسْتِغْرَاقِ الْأَوْقَاتِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَحَبْسِ النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ، وَكَفِّ اللِّسَانِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي. وَيُقَالُ: عَكَفَ يَعْكُفُ - بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ - عَكْفًا وَعُكُوفًا: أَقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ مُوَاظِبًا، وَاعْتَكَفَ وَانْعَكَفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ اعْتَكَفَ عَلَى الْخَيْرِ وَانْعَكَفَ عَلَى الشَّرِّ (اهـ. خَرَشِيٌّ) .
قَوْلُهُ: [نَافِلَةٌ] : صَادِقٌ بِالنَّدْبِ وَالسُّنِّيَّةِ؛ وَهُمَا قَوْلَانِ.
قَوْلُهُ: [مُطْلَقُ اللُّزُومِ] : أَيْ لِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] قَوْلُهُ: مُمَيِّزٌ: هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَيُخَاطَبُ الْمُمَيِّزُ غَيْرُ الْبَالِغِ بِالصَّوْمِ تَبَعًا لِلِاعْتِكَافِ لِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ، وَتَقَدَّمَ كَرَاهَةُ الصَّوْمِ لَهُ اسْتِقْلَالًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ الْبُيُوتِ] : أَيْ وَلَوْ لِلنِّسَاءِ، وَلَا فِي الْكَعْبَةِ، وَلَا فِي
(يَوْمًا بِلَيْلَتِهِ) أَيْ لَيْلَةِ الْيَوْمِ وَهِيَ السَّابِقَةُ عَلَيْهِ كَلَيْلَةِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِهِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَقَلِّهِ، (فَأَكْثَرَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَأَحَبُّهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ:" يَوْمًا " ظَرْفٌ " لِلُّزُومِ ". (لِلْعِبَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِلُزُومٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَفْضَلِهَا. (بِنِيَّةٍ) : الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، مُتَعَلِّقَةٌ بِ (لُزُومٍ) - إذْ هُوَ عِبَادَةٌ، وَكُلُّ عِبَادَةٍ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ.
(وَمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ) : وَهُوَ الذَّكَرُ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْمُقِيمُ، (وَ) نَذَرَ أَوْ أَرَادَ اعْتِكَافًا (تَجِبُ) الْجُمُعَةُ (بِهِ) أَيْ فِيهِ - أَيْ فِي زَمَنِهِ - كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَالْجُمُعَةُ فِي أَثْنَائِهِ؛ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا الْخَمِيسُ، (فَالْجَامِعُ) مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهِ.
(وَإِلَّا) يَعْتَكِفْ فِي الْجَامِعِ، بَلْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ (خَرَجَ) لِلْجُمُعَةِ وُجُوبًا (وَبَطَلَ) اعْتِكَافُهُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا (وَيَقْضِيهِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
مَقَامِ وَلِيٍّ حَيْثُ كَانَ مَحْجُورًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ وَجُعِلَ مَسْجِدًا كَمَقَامِ الْحُسَيْنِ وَالشَّافِعِيِّ وَالسَّيِّدِ الْبَدَوِيِّ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي رَحْبَتِهِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، إذْ لَا يُقَالُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْجِدٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَالسِّقَايَةِ وَالسَّطْحِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَقَلِّهِ] : أَيْ الَّذِي يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ كَقَوْلِهِ: نَذَرْت الِاعْتِكَافَ أَوْ اعْتِكَافًا.
قَوْلُهُ: [أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ] : أَيْ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَحَبُّهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ] : أَيْ وَمُنْتَهَى الْمَنْدُوبِ شَهْرٌ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا زُبْدَةُ خِلَافٍ كَثِيرٍ، وَكُرِهَ الْأَقَلُّ عَنْ الْعَشَرَةِ وَالزَّائِدُ عَنْ الشَّهْرِ.
قَوْلُهُ: [لِلْعِبَادَةِ] : أَيْ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ فِيهِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَفْضَلِهَا] : أَيْ وَهُوَ اشْتِغَالُهُ بِذِكْرٍ نَحْوِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاسْتِغْفَارٍ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ مَجْمَعُ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ وُجُوبًا] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ يَجْهَلُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهُ مُبْطِلٌ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِمَا إذَا نَذَرَ أَوْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا
وُجُوبًا. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ وَالْقَضَاءِ قَوْلُهُ:
(كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) : دَنِيَّةً، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِبِرِّهِ بِعِيَادَتِهِ (أَوْ جِنَازَتِهِ) أَيْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، (وَالْآخَرُ) مِنْهُمَا (حَيٌّ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا جَبْرًا لِلْحَيِّ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي حَيًّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ لِلْحَالِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَوْ نَذَرَ أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَمَرِضَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ، ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ وَصَادَفَ الْجُمُعَةَ، قَالَ فَلَا خَوْفَ، أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَلَكِنْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَهُوَ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لَهَا، وَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ الْخُرُوجِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَهْمِ عَنْ مَالِكٍ، وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَاشِيهِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ (بْن) .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " خَرَجَ " أَنَّهُ إنْ ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَلَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ صَغِيرَةً لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا كَانَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً، فَإِذَا حَصَلَ التَّرْكُ فِي ثَلَاثٍ جَرَى - عَلَى الْخِلَافِ فِي الْكَبَائِر - هَلْ تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ] : أَيْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [دَنِيَّةً] : خَرَجَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِعِيَادَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ جَرَى فِي اعْتِكَافِهِ التَّأْوِيلَانِ فِي الْبُطْلَانِ بِالْكَبَائِرِ، لِأَنَّ الْعُقُوقَ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَحَيْثُ وَجَبَ الْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَأَحْرَى عِيَادَتُهُمَا مَعًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي حَيًّا لَمْ يَجِبْ] : بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ خُرُوجِهِ لِجِنَازَتِهِمَا، كَمَا يَجِبُ خُرُوجُهُ لِعِيَادَتِهِمَا وَقَيَّدَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّجْهِيزُ عَلَى خُرُوجِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ.
قَوْلُهُ: [وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ لِلْحَالِ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنَازَةِ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ
(وَكَخُرُوجِهِ) : عَطْفٌ عَلَى كَمَرَضٍ إلَّا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِيهِ فِي الْبُطْلَانِ، وَالْقَضَاءِ فَقَطْ دُونَ وُجُوبِ الْخُرُوجِ أَيْ أَنَّ خُرُوجَ الْمُعْتَكِفِ مِنْ الْمَسْجِدِ (لِغَيْرِ ضَرُورَتِهِ) مُبْطِلٌ لِاعْتِكَافِهِ، بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِضَرُورَتِهِ مِنْ اشْتِرَاءِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ لِطَهَارَةٍ أَوْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ.
(أَوْ تَعَمُّدِ فِطْرٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ، بِخِلَافِ السَّهْوِ وَالْإِكْرَاهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا نَهَارًا.
(أَوْ) تَعَمُّدِ شُرْبِ (مُسْكِرٍ لَيْلًا) فَأَوْلَى نَهَارًا وَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ.
(وَ) بَطَلَ (بِوَطْءٍ وَقُبْلَةٍ بِشَهْوَةٍ) لَيْلًا، (وَلَمْسٍ) كَذَلِكَ
(وَإِنْ) وَقَعَ مَا ذُكِرَ (لِحَائِضٍ مُعْتَكِفَةٍ) ، وَخَرَجَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ لِنَذْرِهَا فَوَقَعَ مِنْهَا ذَلِكَ (سَهْوًا)
ــ
[حاشية الصاوي]
مَظِنَّةُ الْعُقُوقِ لِلْحَيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَقَلَا جَمِيعًا لِلدَّارِ الْآخِرَةِ فَيَرْضَيَانِ بِطَاعَتِهِ لِرَبِّهِ عَلَى أَيِّ حَالٍ لِزَوَالِ الْحُظُوظِ النَّفْسَانِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِضَرُورَاتِهِ] : أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ وَإِلَّا بَطَلَ.
قَوْلُهُ: [مُسْكِرٍ] : مِثْلُهُ كُلُّ مُغَيِّبٍ كَالْحَشِيشَةِ حَيْثُ غَيَّبَتْ عَقْلَهُ، وَمَفْهُومُ تَعَمُّدِ إنْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمُسْكِرَ فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، بَلْ يَجْرِي عَلَى تَفْصِيلِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الصَّوْمِ.
1 -
تَنْبِيهٌ:
اُخْتُلِفَ فِي فِعْلِهِ الْكَبَائِرَ غَيْرَ الْمُسْكِرِ كَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْعُقُوقِ، فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ.
قَوْلُهُ: [وَبَطَلَ بِوَطْءٍ] : أَيْ فَإِنْ وَطِئَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَيَفْسُدُ عَلَى الْمَوْطُوءِ وَلَوْ نَائِمًا، وَالْوَطْءُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ وَإِنْ لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ، لِأَنَّ أَدْنَاهُ أَنْ يَكُونَ كَلَمْسِ الشَّهْوَةِ، بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الشَّهْوَةِ فِي اللَّمْسِ فِي غَيْرِ الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا يُشْتَرَطُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاللَّمْسُ هُنَا يَجْرِي عَلَى الْوُضُوءِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ لِحَائِضٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا حَاضَتْ وَخَرَجَتْ وَعَلَيْهَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ، فَحَصَلَ مِنْهَا مَا ذُكِرَ نَاسِيَةً لِاعْتِكَافِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، وَتَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَمِثْلُ الْحَائِضِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ