الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَالْمَغْمُورِ) فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ اتِّفَاقًا إذَا اسْتَمَرَّ فِي غَمْرَتِهِ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى مَاتَ.
(وَدُفِنَ) وُجُوبًا (بِثِيَابِهِ الْمُبَاحَةِ) لَا الْمُحَرَّمَةِ كَالْحَرِيرِ (إنْ سَتَرَتْهُ) جَمِيعَهُ، (وَإِلَّا) تَسْتُرْهُ (زِيدَ) عَلَيْهَا قَدْرُ مَا يَسْتُرُ مَا لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا مِنْ وَجْهٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ (بِخُفٍّ) أَيْ مَعَ خُفٍّ (وَقَلَنْسُوَةٍ) هِيَ مَا يَلُفُّ عَلَيْهَا الْعِمَامَةَ (وَمِنْطَقَةٍ) قَلَّ ثَمَنُهَا لَا إنْ كَثُرَ (وَخَاتَمٍ) مُبَاحٍ (قَلَّ فَصُّهُ) أَيْ قِيمَةُ فَصِّهِ (لَا) يُدْفَنُ بِآلَةِ حَرْبٍ مِنْ (دِرْعٍ وَسِلَاحٍ) لِأَنَّهُ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(وَالْقَبْرُ حَبْسٌ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُنْبَشُ) : أَيْ يَحْرُمُ نَبْشُهُ (مَا دَامَ) الْمَيِّتُ (بِهِ) : أَيْ فِيهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) شَرْعِيَّةٍ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ دُفِنَ آخَرُ مَعَهُ عِنْدَ الضِّيقِ أَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْهُ أَوْ كُفِّنَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَأَرَادَ رَبُّهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ إذَا رُفِعَ حَيًّا فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَلَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْمُورًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ، وَلَكِنَّ شَارِحَنَا اعْتَمَدَ طَرِيقَةَ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَهُمَا طَرِيقَتَانِ وَاعْتَمَدَ (بْن) مَا قَالَهُ خَلِيلٌ مُحْتَجًّا بِتَغْسِيلِ عُمَرَ رضي الله عنه بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ، وَفِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ نَظَرٌ لِأَهْلِ النَّظَرِ.
قَوْلُهُ. [وَدُفِنَ وُجُوبًا] : أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «زَمِّلُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» .
قَوْلُهُ: [لَا الْمُحَرَّمَةِ كَالْحَرِيرِ] : أَيْ فَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ دَفْنِهِ بِهَا.
قَوْلُهُ: [مِنْ وَجْهٍ أَوْ رِجْلٍ] : بَيَانٌ لِ [مَا] .
[يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْر مَا دَامَ الْمَيِّتُ بِهِ]
قَوْلُهُ: [وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْهُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَانُ أَمْ لَا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَهُ إخْرَاجُهُ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ، وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَلَا، وَجُبِرَ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ فَلَهُ إخْرَاجُهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ وَلَا يُخْرِجُهُ، اُنْظُرْ (بْن) كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي حَبْسٍ عَلَى
أَخْذَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ " مَا دَامَ " أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْأَرْضَ أَكَلَتْهُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ أَوْ اتِّخَاذِ مَحَلِّهَا مَسْجِدًا لَا لِلزَّرْعِ وَالْبِنَاءِ.
(وَأَقَلُّهُ) : أَيْ الْقَبْرِ (مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَحَرَسَهُ) مِنْ السِّبَاعِ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَنُدِبَ عَدَمُ عُمْقِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عُمُومِ النَّاسِ وَدُفِنَ فِيهِ شَخْصٌ غَيْرُ بَانِيه فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا قِيمَةُ الْحَفْرِ وَالْبُنْيَانِ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ الْمَيِّتُ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ تَغَيُّرِهِ] : أَيْ وَأَمَّا بَعْدَ التَّغَيُّرِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُبْدَأُ بِهَا.
قَوْلُهُ: [أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ] : وَتُشَقُّ بَطْنُهُ أَيْضًا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ ابْتَلَعَ مَالًا نِصَابَ زَكَاةٍ وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ فَيُلْغَزُ بِهَا دَعْوَى عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ فِيهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَطْنِهِ الْمَالُ عُزِّرَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدُ، وَلَا يُشَقُّ بَطْنُ الْمَرْأَةِ عَنْ جَنِينٍ وَلَوْ رُجِيَ حَيَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لَهُ، وَلَكِنْ لَا تُدْفَنُ حَتَّى يُتَحَقَّقَ مَوْتُهُ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ. وَأَمَّا جَنِينُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُبْقَرُ عَنْهُ إذَا رُجِيَ حَيَاتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهُنَاكَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ يَقُولُ: بِالْبَقْرِ فِي جَنِينِ الْآدَمِيِّ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ: يُشَقُّ عَلَيْهِ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى إنْ كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى، وَمِنْ الْيُمْنَى إنْ كَانَ الْحَمْلُ ذَكَرًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ بِحِيلَةٍ غَيْرِ الشَّقِّ وَجَبَ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ، وَشَرْطُ وُجُودِهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ لِلدَّفْنِ] إلَخْ: قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحْجَارِ الْمَقَابِرِ الْعَافِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ دَارٍ، وَلَا حَرْثِهَا لِلزِّرَاعَةِ، لَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِلَ كِرَاؤُهَا فِي مُؤَنِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ.
(وَرَمْيُ مَيِّتِ الْبَحْرِ) بَعْدَ غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ فِيهِ (إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) ، وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهُ لِلْبَرِّ.
(وَحَرُمَ نِيَاحَةٌ) : عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ (وَلَطْمٌ) عَلَى وَجْهٍ وَصَدْرٍ (وَشَقُّ جَيْبٍ وَقَوْلُ قَبِيحٍ) نَحْوِ وَا مُصِيبَتَاهْ وَا وَلَدَاهْ (وَتَسْخِيمُ وَجْهٍ أَوْ ثَوْبٍ) بِطِينٍ أَوْ نِيلَةٍ.
(وَ) حَرُمَ (حَلْقٌ) لِشَعْرِ رَأْسٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إظْهَارِ عَدَمِ الرِّضَاءِ بِالْقَضَاءِ وَالصَّبْرِ لِحُكْمِ اللَّهِ الْمَالِكِ لِكُلِّ شَيْءٍ.
(وَلَا يُعَذَّبُ) الْمَيِّتُ بِبُكَائِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ إذَا (لَمْ يُوصِ) الْمَيِّتُ (بِهِ) ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ] إلَخْ: وَلَا يُثْقَلُ بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ لِرَجَاءِ أَنْ يَأْتِيَ إلَى الْبَرِّ فَيَدْفِنَهُ أَحَدٌ.
قَوْلُهُ: [وَلَطْمٌ] إلَخْ: لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَخَرَقَ وَذَلَقَ