الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَصْنَافِ) . فَلَا يَنْدُبُ بَلْ مَتَى أَعْطَى لِأَيِّ شَخْصٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ مِنْ أَحَدِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ كَفَى.
(وَ) نُدِبَ (الِاسْتِنَابَةُ) فِيهَا: لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ وَحُبِّ الْمَحْمَدَةِ.
(وَجَازَ دَفْعُهَا) : أَيْ الزَّكَاةِ (لِقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) إذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَوْ تَرَكَ التَّكَسُّبَ اخْتِيَارًا.
(وَ) جَازَ (كِفَايَةُ سَنَةٍ) أَيْ إعْطَاءُ فَقِيرٍ أَوْ مِسْكِينٍ مَا يَكْفِيهِ سَنَةً (وَلَوْ) كَانَ (أَكْثَرَ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ نِصَابٍ لَا أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ وَلَا أَقَلَّ مِنْهُ.
(وَ) جَازَ (وَرِقٌ) أَيْ إعْطَاؤُهُ (عَنْ ذَهَبٍ وَعَكْسُهُ) بِلَا أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، وَقِيلَ بِأَوْلَوِيَّةِ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الْإِنْفَاقِ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْفُلُوسِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، مُعْتَبِرًا إخْرَاجَ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[مَا يَنْدُب فِي صَرْف الزَّكَاة وَمَا يَجُوز وَمَا يَجِب]
قَوْلُهُ: [لَا تَعْمِيمَ الْأَصْنَافِ فَلَا يُنْدَبُ] : أَيْ لِأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الْآيَةُ لِبَيَانِ الْمَصْرِفِ لَا لِلْمِلْكِ. وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ تَعْمِيمَ الْأَصْنَافِ إذَا وُجِدُوا، وَلَا يَجِبُ تَعْمِيمُ أَفْرَادِهِمْ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَالَ: لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْعِلْمُ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ
وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ
، وَلِمَا فِيهِ مِنْ سَدِّ الْخَلَّةِ وَالْغَزْوِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِمَا يُوجِبُهُ مِنْ دُعَاءِ الْجَمِيعِ وَمُصَادَفَةِ وَلِيٍّ فِيهِمْ. كَذَا فِي الْخَرَشِيِّ.
قَوْلُهُ: [كَفَى] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ لَهَا الْعَامِلَ إذَا كَانَتْ قَدْرَ عَمَلِهِ وَأَخَذَ الزَّائِدَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ الِاسْتِنَابَةُ] : أَيْ وَقَدْ تَجِبُ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ وُقُوعُ الرِّيَاءِ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ بِأَحْكَامِهَا وَمَصْرِفِهَا. وَمِنْ آدَابِهَا دَفْعُهَا بِالْيَمِينِ، وَدُعَاءُ الْجَابِي وَالْإِمَامِ لِدَافِعِهَا، وَأَوْجَبَهُ دَاوُد.
قَوْلُهُ: [فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ] : خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عَرْضًا.
وَقَوْلُهُ: [مَعَ الْكَرَاهَةِ] : هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطَّابِ عَنْ النَّوَادِرِ.
(بِصَرْفِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْإِخْرَاجِ - لَا وَقْتِ الْوُجُوبِ؛ الْمَسْكُوكِ بِصَرْفِهِ، وَغَيْرِهِ بِصَرْفِهِ. وَلَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ؛ فَمَنْ عِنْدَهُ حُلِيٌّ أَخْرَجَ صَرْفَ زِنَتِهِ لَا قِيمَةَ صِيَاغَتِهِ.
(وَوَجَبَ نِيَّتُهَا) : عِنْدَ الدَّفْعِ، وَيَكْفِي عِنْدَ عَزْلِهَا، وَلَا يَجِبُ إعْلَامُ الْفَقِيرِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِصَرْفِ الْوَقْتِ] : الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِعْطَاءِ، أَيْ: مُتَلَبِّسًا ذَلِكَ الْإِعْطَاءُ بِصَرْفِ الْوَقْتِ
قَوْلُهُ: [الْمَسْكُوكِ بِصَرْفِهِ] إلَخْ: أَيْ فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مَسْكُوكَةً وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ مَسْكُوكًا مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ أَوْ مِنْ نَوْعِهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ فِضَّةً غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ سِكَّةِ الدِّينَارِ زِيَادَةً عَلَى صَرْفِهِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ الْمَسْكُوكَةَ يَجِبُ فِيهَا وَاحِدٌ مَسْكُوكٌ. وَكَذَا إنْ أَرَادَ يُخْرِجُ عَنْهَا دِينَارًا غَيْرَ مَسْكُوكٍ مِنْ التِّبْرِ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ السِّكَّةِ فَيُزِيدُهَا عَلَى وَزْنِ الدِّينَارِ. وَسَوَاءٌ سَاوَى الصَّرْفَ الشَّرْعِيَّ - وَهُوَ كُلُّ دِينَارٍ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ - أَوْ نَقَصَ أَوْ زَادَ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ إخْرَاجِ قِيمَةِ السِّكَّةِ إذَا أَخْرَجَ مِنْ نَوْعِهِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ هُوَ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ السِّكَّةُ فِي النِّصَابِ كَمَا سَبَقَ. وَفِي (ر) وَ (بْن) : اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّهُ رِبًا لَمْ يَقُلْ الْقَابِسِيُّ الْقَائِلُ بِاعْتِبَارِ السِّكَّةِ.
قَوْلُهُ: [لَا قِيمَةَ صِيَاغَتِهِ] : فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصُوغٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَلِصِيَاغَتِهِ يُسَاوِي خَمْسِينَ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَيُلْغِي الزَّائِدَ وَهَذَا إذَا أَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ نَوْعِهِ كَذَهَبٍ عَنْ ذَهَبٍ. وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ وَرِقًا عَنْ ذَهَبٍ مَصُوغٍ، فَهَلْ هُوَ كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ تُلْغَى الصِّيَاغَةُ؟ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيلَ: لَا تُلْغَى وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَلِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ فِي إلْغَاءِ الصِّيَاغَةِ.
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ نِيَّتُهَا] : فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَلَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ تَجُزْ وَالنِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ إمَّا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ مَحْجُورِهِ بِأَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ مَا وَجَبَ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ مَحْجُورِهِ، قَالَ سَنَدٌ: وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ فَإِذَا عَدَّ دَرَاهِمَهُ وَأَخْرَجَ مَا يَجِبُ فِيهَا وَلَمْ يُلَاحِظْ أَنَّ هَذَا الْمُخْرَجَ زَكَاةٌ - لَكِنْ لَوْ سُئِلَ لَأَجَابَ - أَجْزَأَهُ.
قَوْلُهُ: [وَيَكْفِي عِنْدَ عَزْلِهَا] : كَمَا لِسَنَدٍ، فَإِذَا نَوَاهَا عِنْدَ الْعَزْلِ وَسَرَقَهَا مَنْ
بَلْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ الْفَقِيرِ.
(وَ) وَجَبَ (تَفْرِقَتُهَا فَوْرًا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ) وَهُوَ فِي الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي جُبِيَتْ مِنْهُ، وَفِي النَّقْدِ - وَمِنْهُ قِيمَةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ - مَوْضِعُ الْمَالِكِ حَيْثُ كَانَ مَا لَمْ يُسَافِرْ، وَيُوَكِّلُ مَنْ يُخْرِجُ عَنْهُ بِبَلَدِ الْمَالِ، فَمَوْضِعِ الْمَالِ. (أَوْ قُرْبِهِ) أَيْ قُرْبِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي. حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ فَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِمَنْ بِقُرْبِهِ وَلَوْ وُجِدَ مُسْتَحِقٌّ فِي مَوْضِعِهِ أُعْدِمَ. وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا لِمَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
(إلَّا لِأَعْدَمَ) مِمَّنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ، (فَأَكْثَرُهَا) تَنْقُلُ (لَهُ) أَيْ لِلْأَعْدَمِ وُجُوبًا وَأَقَلُّهَا فِي مَوْضِعِهِ، فَإِنْ أَدَّاهَا لِمَنْ بِمَوْضِعِهِ فَقَطْ أَجْزَأَتْ.
(وَأَجْزَأَ) نَقْلُهَا (لِمِثْلِهِمْ) فِي الْعُدْمِ، وَأَثِمَ. إذْ الْوَاجِبُ تَفْرِقَتُهَا كُلِّهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ عِنْدَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْعُدْمِ. (لَا) إنْ نَقَلَهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا (لِدُونِهِمْ) أَيْ لِمَنْ هُوَ دُونَ أَهْلِ الْمَوْضِعِ (فِي الْعُدْمِ) فَلَا تُجْزِئُ.
(كَأَنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا) أَيْ زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ لَمْ يُجْزِهِ، وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إذَا وَجَبَتْ؛ إذْ هُوَ كَمَنْ صَلَّى قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
يَسْتَحِقُّهَا: أَجْزَأَتْ.
قَوْلُهُ: [مَوْضِعُ الْمَالِكِ] : وَقِيلَ مَوْضِعُ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: [فَأَكْثَرُهَا تُنْقَلُ لَهُ] : أَيْ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا أَوْ فُرِّقَ الثَّمَنُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ. وَهَذَا إذَا كَانَ النَّقْلُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَأَمَّا لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَبِأُجْرَةٍ مِنْهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ الْمَشَايِخِ الْعَدَوِيُّ.
قَوْلُهُ: [وُجُوبًا] : تَبِعَ الشَّارِحَ (عب) ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَبَقَ أَنَّ إيثَارَ الْمُضْطَرِّ مَنْدُوبٌ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [أَجْزَأَتْ] : وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَلَهَا كُلَّهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْحُرْمَةِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تُجْزِئُ] : فِي (بْن) : اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِجْزَاءُ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْكَافِي. اُنْظُرْهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [فَيُزَكِّي كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ إنْ نَضَّ لَهُ وَلَوْ دِرْهَمًا، وَأَمَّا إنْ زَكَّى قَبْلَ النَّضُوضِ فَلَا يُجْزِئُ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ.
(أَوْ) زَكَّى (دَيْنًا) حَالَ حَوْلُهُ (أَوْ عَرْضًا مُحْتَكَرًا) وَلَوْ بَاعَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ. أَوْ قَبَّضَهُ ثَمَنَ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ لَمْ يُجْزِهِ. وَالْمُرَادُ بِالدَّيْنِ: الدَّيْنُ الَّذِي لَا يُزَكَّى كُلَّ عَامٍ وَهُوَ دَيْنُ الْمُحْتَكِرِ مُطْلَقًا وَدَيْنُ الْمُدِيرِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ؛ وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ مِنْ بَيْعٍ وَهُوَ حَالٌّ مَرْجُوٌّ فَيُزَكَّى كَمَا تَقَدَّمَ كُلَّ عَامٍ.
(أَوْ دُفِعَتْ) الزَّكَاةُ (لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) لَهَا كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ هَاشِمِيٍّ، أَوْ غَنِيٍّ، فَلَا تُجْزِئُ. (أَوْ) دُفِعَتْ (لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ دَفَعَ عَرْضًا) عَنْهَا بِقِيمَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ.
(أَوْ) دَفَعَ (جِنْسًا) مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ (عَنْ غَيْرِهِ) : مِمَّا فِيهِ زَكَاةٌ؛ لَمْ تُجْزِئْهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ غَنِيٍّ فَلَا تُجْزِئُ] أَيْ إلَّا الْإِمَامَ يَدْفَعُهَا بِاجْتِهَادِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْآخِذَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَتُجْزِئُ حَيْثُ تَعَذَّرَ رَدُّهَا، وَالْوَصِيُّ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي كَذَلِكَ. فَتَحَصَّلَ: أَنَّ رَبَّهَا إذَا دَفَعَهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا لَا تُجْزِئُهُ مُطْلَقًا، وَالْإِمَامُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ تُجْزِئُهُ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ دَفَعَ عَرْضًا] : أَيْ حَيْثُ أَطَاعَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا - فَإِنْ أُكْرِهَ - أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ كَمَا فِي الْأَصْلِ: أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الْعَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ؛ كَإِخْرَاجِ الْحَرْثِ أَوْ الْمَاشِيَةِ عَنْ الْعَيْنِ. أَوْ الْحَرْثِ عَنْ الْمَاشِيَةِ أَوْ عَكْسِهِ. فَهَذِهِ تِسْعٌ الْمُجْزِئُ مِنْهَا اثْنَتَانِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيّ: هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْأُجْهُورِيِّ وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ. قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ - بَلْ الْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ - طَرِيقَتَانِ: عَدَمُ إجْزَاءِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَإِجْزَاؤُهَا مُطْلَقًا، فَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبَاجِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. وَفِي تَقْرِيرِ الْمُؤَلِّفِ مَا يُوَافِقُهُ؛ فَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلُ بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الْقِيمَةِ بَدَلَ الشَّيْءِ الْوَاجِبِ فِي الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ هُنَا فَلْيُحْفَظْ هَذَا الْمَقَامُ.
كَأَنْ دَفَعَ مَاشِيَةً عَنْ حَرْثٍ أَوْ عَكْسِهِ. وَمُرَادُهُ بِالْجِنْسِ: مَا يَشْمَلُ الصِّنْفَ؛ فَلَا يُجْزِئُ تَمْرٌ عَنْ زَبِيبٍ وَلَا عَكْسُهُ. وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْقَطَّانِي عَنْ آخَرَ، وَلَا زَيْتُ ذِي زَيْتٍ عَنْ آخَرَ، وَلَا شَعِيرٌ عَنْ قَمْحٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ أُرْزٍ.
(إلَّا الْعَيْنَ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً يُخْرِجُهَا (عَنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ) بِالْقِيمَةِ (فَتُجْزِئُ بِكُرْهٍ) أَيْ مَعَ كَرَاهَةٍ. وَهَذَا شَامِلٌ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ. (كَتَقْدِيمِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا (بِكَشَهْرٍ) فَقَطْ لَا أَكْثَرَ. وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ: بِكَشَهْرٍ زَائِدَةٌ أَوْلَى حَذْفُهَا (فِي عَيْنٍ) وَمِنْهَا عَرْضُ تِجَارَةِ الْمُدِيرِ، (وَمَاشِيَةٍ) لَا سَاعِيَ لَهَا فَتُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ وَبِخِلَافِ الْحَرْثِ فَلَا تُجْزِئُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ تَلِفَ) بَعْدَ الْوُجُوبِ (جُزْءُ نِصَابٍ) - وَأَوْلَى كُلُّهُ - (وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ) : إمَّا لِعَدَمِ تَمَامِ طِيبِ الْحَرْثِ أَوْ لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ، أَوْ لِغَيْبَةِ الْمَالِ (سَقَطَتْ) الزَّكَاةُ. فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ وَلَمْ يُؤَدِّ ضَمِنَ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَيُعْتَبَرُ الْبَاقِي. وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ قَوْلَهُ:(كَعَزْلِهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ) لِيَدْفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا (فَضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ) مِنْهُ، (لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا) بَعْدَ الْوُجُوبِ وَبَقِيَتْ هِيَ فَلَا تَسْقُطُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا فَرَّطَ أَمْ لَا، وَلَا إنْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْوُجُوبِ فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا شَيْءَ مِنْ الْقَطَانِيِّ عَنْ آخَرَ] : أَيْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا وَكَانَ الْمُخْرَجُ أَدْوَنَ.
قَوْلُهُ: [لَا أَكْثَرَ] : أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ: يُغْتَفَرُ الشَّهْرَانِ وَنَحْوُهُمَا، وَقِيلَ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: خَمْسَةٌ، وَقِيلَ: عَشْرَةٌ. وَهَذَا التَّقْدِيمُ الْمُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ سَوَاءٌ كَانَ لِأَرْبَابِهَا أَوْ لِوَكِيلٍ يُوَصِّلُهَا لَهُ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا] : أَيْ دُونَهَا؛ وَذَلِكَ بِأَنْ عَزَلَ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ الَّذِي هُوَ أَصْلُهَا وَبَقِيَتْ هِيَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَرَّطَ] : حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْحَوْلُ وَأَخَّرَ تَفْرِقَتَهَا عَنْ الْحَوْلِ - مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّفْرِقَةِ - فَتَلِفَتْ، سَوَاءٌ تَلِفَ أَصْلُهَا أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزَّكَاةَ لِتَفْرِيطِهِ.