الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَيْنُهُ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ (قَرْضًا) : أَيْ كَانَ أَصْلُهُ سَلَفًا - وَلَوْ مَرْجُوًّا - فَلَا يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيُزَكِّيَهُ لِعَدَمِ النَّمَاءِ فِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ التِّجَارَةِ. (فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِعَامٍ) وَاحِدٍ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَلِكُلِّ عَامٍ مَضَى.
(وَحَوْلُهُ) أَيْ وَالْمُدِيرُ الَّذِي يُقَوَّمُ فِيهِ سِلَعَهُ لِزَكَاتِهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ الْحَالِّ الْمَرْجُوِّ (حَوْلُ أَصْلِهِ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ السِّلَعَ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِ الْأَصْلِ أَوْ زَكَّاهُ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ الْإِدَارَةُ عَنْهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ زَكَّاهُ فِي الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ أَدَارَهُ فِي رَجَبٍ؛ أَيْ شَرَعَ فِي التِّجَارَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِدَارَةِ فِي رَجَبٍ فَحَوْلُهُ الْمُحَرَّمُ، وَقِيلَ حَوْلُهُ وَسَطٌ بَيْنَ حَوْلِ الْأَصْلِ وَوَقْتِ الْإِدَارَةِ كَرَبِيعٍ الثَّانِي.
(وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانَيْ) الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا سِلَعُ التِّجَارَةِ كَالزِّلَعِ (وَالْآلَاتِ) كَالْمِنْوَالِ وَالْمِنْشَارِ وَالْقَدُومِ وَالْمِحْرَاثِ، (وَبَهِيمَةِ الْعَمَلِ) مِنْ حَمْلٍ وَحَرْثٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْقِنْيَةَ.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ) لِشَخْصٍ (احْتِكَارٌ) فِي عَرْضٍ (وَإِدَارَةٌ) فِي آخَرَ (وَتَسَاوَيَا،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَحَوْلُهُ الْمُحَرَّمِ] : هُوَ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ حَوْلُهُ وَسَطُ هُوَ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ وَقْتِ الْمِلْكِ وَالْإِدَارَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخْتَلِفَا فَحَوْلُهُ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ وَيُزَكِّي الشَّهْرَ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ الْأَصْلُ اتِّفَاقًا.
[تَنْبِيه انْتِقَال الْمُدِير إلَى الِاحْتِكَار]
قَوْلُهُ: [وَبَهِيمَةُ الْعَمَلِ] : كَالْإِبِلِ الَّتِي تَحْمِلُ مَالَ التِّجَارَةِ. وَبَقَرِ الْحَرْثِ مَا لَمْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ تِلْكَ الْمَوَاشِي. وَاخْتُلِفَ فِي الْكَافِرِ الْمُدَبَّرِ إذَا أَسْلَمَ وَنَضَّ لَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ دِرْهَمًا؛ فَقِيلَ: يَقُومُ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ، وَقِيلَ يَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ؛ وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَيَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ اتِّفَاقًا. كَذَا فِي الْأَصْلِ. تَنْبِيهٌ
يَنْتَقِلُ الْمُدَبَّرُ لِلِاحْتِكَارِ وَلِلْقِنْيَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَكَذَلِكَ الْمُحْتَكِرُ يَنْتَقِلُ لِلْقِنْيَةِ. لَا بِالْعَكْسِ؛ وَهُوَ انْتِقَالُ الْمُحْتَكِرِ وَالْمُقْتَنِي لِلْإِدَارَةِ فَلَا تَكْفِي فِيهِمَا النِّيَّةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَاطِي؛ لِأَنَّ النِّيَّة سَبَبٌ ضَعِيفٌ تُنْقَلُ لِلْأَصْلِ وَلَا تُنْقَلُ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَالِاحْتِكَارُ قَرِيبٌ مِنْهَا.
أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرَ) وَأَدَارَ فِي الْأَقَلِّ (فَكُلٌّ) مِنْ الْعَرْضَيْنِ (عَلَى حُكْمِهِ) فِي الزَّكَاةِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ أَدَارَا أَكْثَرَ سِلَعِهِ وَاحْتَكَرَ الْأَقَلَّ (فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ) ، وَبَطَلَ حُكْمُ الِاحْتِكَارِ.
(وَالْقِرَاضُ) الَّذِي عِنْدَ الْعَامِلِ (الْحَاضِرِ) بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ (يُزَكِّيه رَبُّهُ) - لَا الْعَامِلُ - زَكَاةُ إدَارَةٍ (كُلُّ عَامٍ) بِمَا فِيهِ (مِنْ غَيْرِهِ) : لَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِئَلَّا يَنْقُصَ عَلَى الْعَامِلِ وَالرِّبْحِ يَجْبُرُهُ - وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى الْعَامِلِ - لَا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ (إنْ أَدَارَ الْعَامِلُ) سَوَاءٌ كَانَ رَبُّهُ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا أَوْ لَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ] : وَإِنَّمَا لَمْ يُغَلَّبُ الِاحْتِكَارُ فِيمَا الْأَكْثَرُ مُرَاعَاةً لَحِقَ الْفُقَرَاءِ إذَا غُلِّبَتْ الْإِدَارَةُ غَلَبَتْ
قَوْلُهُ: [الْحَاضِرُ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ] : أَيْ وَلَوْ حُكْمًا، بِأَنَّ عَلِمَ فِي غِيبَتِهِ، كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [يُزَكِّيه رَبُّهُ كُلَّ عَامٍ] إلَخْ: هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِي - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ، وَيُزَكِّي حِينَئِذٍ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ عَلَى حُكْمِ مَا يَأْتِي فِي الْغَائِبِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَّاهُ لِقِرَاضِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَلِرِوَايَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَكِنْ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَالدَّيْنِ، حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ - اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (انْتَهَى - بْن كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) ، وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَ الْقَوْلِ الْوَسَطِ أَيْضًا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُخْرِجُ رَبُّ الْمَالِ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْهُ وَيَحْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ وَزِيَادَةٌ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِتَوْفِيرِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ كَالنَّقْصِ إمَّا الْيَسَارَةُ جُزْءُ الزَّكَاةِ فَتَسَامَحَ بِهِ النُّفُوسُ أَوْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ. اُنْظُرْ الْخَرَشِيَّ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَدَارَ الْعَامِلُ] إلَخْ: تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَنْ يَنِضَّ لَهُ وَلَوْ دِرْهَمًا. فَهَلْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ مُدَبَّرًا يَكْفِي النَّضُوضُ لِأَحَدِهِمَا؟ وَإِذَا أَدَارَ الْعَامِلُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ - وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ - أَمْ لَا؟ قَالَهُ الشَّيْخ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: يُشْتَرَطُ النَّضُوضُ فِيمَنْ
وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْحَاضِرِ بِقَوْلِهِ: (وَصَبَرَ) رَبُّهُ بِلَا زَكَاةٍ (إنْ غَابَ) الْمَالُ عَنْ بَلَد رَبِّهِ غِيبَةً لَا يُعْلَمُ فِيهَا حَالِهِ وَلَوْ سِنِينَ. وَلَا يُزَكِّيه الْعَامِلُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَأْمُرَ رَبَّهُ بِهَا فَتَجْزِيه. وَيَحْسِبُهَا الْعَامِلُ عَلَى رَبِّهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يُحْضِرَ الْمَالَ (فَيُزَكِّي عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ مَا) وَجَدَ (فِيهَا) سَوَاءٌ زَادَ عَمَّا قَبْلَهَا أَوْ نَقَصَ أَوْ سَاوَى.
فَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ مُسَاوِيًا لِمَا مَضَى فَأَمْرُهُ ظَاهِرُ، (وَ) إنْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهَا أَزِيدُ (سَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مُسَاوِيًا لِسَنَةِ الْحُضُورِ، فَيَبْتَدِئُ فِي الْإِخْرَاجِ بِسَنَةِ لِحُضُورِ، ثُمَّ بِمَا قَبْلَهَا وَهَكَذَا. وَيُرَاعَى تَنْقِيصُ الْأَخْذَ النِّصَابَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَهُ الْحُكْمُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ] إلَخْ: أَيْ لِاحْتِمَالِ دَيْنِ رَبِّهِ أَوْ مَوْتِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَزَكَّاهُ رَبُّهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ، فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ. ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ زِيَادَةَ الْمَالِ عَلَى مَا أَخْرَجَ أَخْرَجَ عَنْهَا. وَإِنْ تَبَيَّنَ نَقْصَهُ عَمَّا أَخْرَجَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْفَقِيرِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِيَدِهِ وَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ (عب) مِنْ عَدَمِ رُجُوعِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِإِخْرَاجِهِ قَبْلَ عِلْمِ قَدْرِهِ.
قَوْلُهُ: [سَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا] : وَلَوْ زَكَّاهُ الْعَامِلُ عَنْ رَبِّهِ لَمْ يَرْجِعْ بِزَكَاةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ.
قَوْلُهُ: [فَيَبْتَدِئُ فِي الْإِخْرَاجِ بِسَنَةِ الْحُضُورِ] : اعْتَرَضَهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَوْلَى فَالْأَوْلَى، فَإِذَا كَانَ الْمَالُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ، وَفِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ سَنَة الْحُضُورِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْأُولَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ فِيمَا قَبْلَهَا. قُلْت: الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: إنَّ الْمَالَ وَاحِدٌ سَوَاءٌ بَدَأَ بِالْأُولَى أَوْ سَنَةِ الْحُضُورِ. وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ (انْتَهَى - بْن. كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَيُرَاعِي] أَيْ فِي غَيْرِ سَنَةِ الْحُضُورِ. وَكَمَا يُرَاعِي تَنْقِيصَ الْأَخْذِ النِّصَابَ يُرَاعِي أَيْضًا تَنْقِيصَهُ لِجُزْءِ الزَّكَاةِ. فَالْأَوَّلُ: كَمَنْ عِنْدَهُ أَحَدَ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَغَابَ بِهَا الْعَامِلُ خَمْسَ سِنِينَ، وَوُجِدَتْ بَعْدَ الْحُضُورِ كَمَا هِيَ فَيَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ
(وَإِنْ نَقَصَ) مَا قَبْلَهَا عَنْهَا (فَلِكُلٍّ) مِنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ (مَا فِيهَا) كَمَا إذَا كَانَ فِي الْأُولَى مِائَةٌ. وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَتَانِ (وَإِنْ زَادَ) الْمَالُ فِيمَا قَبْلَهَا تَارَةً (وَنَقَصَ) تَارَةً أُخْرَى، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهَا مِائَتَانِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ (قَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ) فَيُزَكِّي فِي سَنَةِ الْحُضُورِ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَعَنْ كُلِّ مَا قَبْلَهَا مِائَةً، لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، وَلَا يَقْضِي بِالنَّقْصِ عَلَى مَا بَعْدَهُ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ " إنْ أَدَارَ " الْعَامِلُ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ) - سَوَاءٌ احْتَكَرَ رَبُّهُ أَمْ لَا - (فَكَالدَّيْنِ) يُزَكِّيه لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ بِانْفِصَالِهِ مِنْ الْعَامِلِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
فَمَا بَعْدَهُ وَيُرَاعِي تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يُزَكِّي عَنْ الثَّالِثَةِ الْبَاقِيَةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَمِائَةٍ، وَفِي عَامِ الْحُضُورِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ؛ فَإِذَا زَكَّى عَنْهَا لِعَامِ الْحُضُورِ أَخْرَجَ سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَرُبْعًا، وَزَكَّى عَنْ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا سِتَّةً وَرُبْعًا الَّتِي أَخْرَجَهَا زَكَاةً، وَعَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ إلَّا رُبْعًا وَنَحْوَ الْعُشْرِ، قَالَ (بْن) : وَلَا يُقَالُ إنَّ اعْتِبَارَ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ لِجُزْءِ الزَّكَاةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَجْعَلُ فِي مُقَابِلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ - وَإِلَّا فَيُزَكِّي عَنْ الْجَمِيعِ كُلَّ عَامٍ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ - لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا، لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَفْرِيطٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ بَلْ بِالْمَالِ، فَيُعْتَبَرُ نَقْصُهُ مُطْلَقًا. نَقَلَهُ مَحْشِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [قَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ] : هَذَا ظَاهِرُ فَمَا إذَا تَقَدَّمَ الْأَزْيَدُ عَلَى الْأَنْقَصِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ. وَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَ الْأَنْقَصُ عَلَى الْأَزْيَدِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا خَمْسُمِائَةٍ؛ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مِائَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي أَرْبَعَمِائَةٍ لِسَنَةِ الْفَصْلِ وَلِمَا قَبْلَهَا وَيُزَكِّي عَنْ مِائَتَيْنِ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: [فَكَالدَّيْنِ] : أَفَادَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ فَائِدَتَيْنِ؛ الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِرَبِّهِ وَلَوْ نَضَّ بِيَدِ الْعَامِلِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ؛ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَبُّ الْمَالِ مُدَبَّرًا وَكَانَ مَا بِيَدِهِ أَكْثَرِ مِمَّا بِيَدِ الْعَامِلِ؛ وَإِلَّا كَانَ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ يُبْطِلُ حُكْمَ الِاحْتِكَارِ، وَحِينَئِذٍ فَيَقُومُ رَبُّ الْمَالِ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ كُلَّ سَنَةٍ وَيُزَكِّيهِ إنْ عَلِمَ بِهِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ وَحَاشِيَتِهِ.