الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ وُجُوبِهَا: الذُّكُورِيَّةُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا، وَالْإِقَامَةُ. وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِهَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِهَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُعَدُّ الشَّيْءُ شَرْطًا فِي شَيْءٍ إلَّا إذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوُضُوءَ وَسِتْرَ الْعَوْرَةِ لَا يُعَدَّانِ مِنْ شُرُوطِهِمَا؛ لِكَوْنِهِمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِهَا.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّتِهَا؛ وَهِيَ خَمْسَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، إذًا كُلُّ شَرْطٍ مِنْهَا لَهُ شُرُوطٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ الشَّرْطِ شُرُوطٌ. فَقَالَ:
(وَصِحَّتُهَا) : أَيْ وَشُرُوطُ صِحَّتِهَا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا: الِاسْتِيطَانُ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِقَامَةُ بِقَصْدِ التَّأْبِيدِ؛ الْإِقَامَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةٍ مَجْمُوعِهِ: لَا يَلْزَمُ هَذَا التَّعَبُ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْوِي إذَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ الْفَرْضِيَّةَ فَلَمْ يَنُبْ عَنْ الْوَاجِبِ إلَّا وَاجِبٌ، فَالنَّدْبُ مِنْ حَيْثُ سَعْيُهُ لِحُضُورِهَا فَقَطْ. (اهـ) .
[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَةِ]
قَوْلُهُ: [إذْ كُلُّ شَرْطٍ مِنْهَا لَهُ شُرُوطٌ] : عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: (خَمْسَةٌ) إجْمَالًا. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُرُوطَ الصِّحَّةِ إجْمَالًا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا الِاسْتِيطَانُ وَلَهُ شَرْطَانِ: أَنْ يَكُونَ بِبَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ، وَأَنْ يَكُونَ بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ تِلْكَ الْقَرْيَةُ عَادَةً بِالْأَمْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي: حُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا؛ وَلَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: كَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ. الثَّانِي: بَقَاؤُهُمْ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَتَيْنِ لِلسَّلَامِ. الثَّالِثُ: كَوْنُهُمْ مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ مُقَلِّدِينَ لِمَالِكٍ أَوْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى هَذَا الشَّارِحُ، وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْإِمَامُ. وَلَهُ شَرْطَانِ: كَوْنُهُ مُقِيمًا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْخَلِيفَةُ. وَكَوْنُهُ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ؛ وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْخُطْبَتَانِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ لَهُمَا شُرُوطًا ثَمَانِيَةً، وَيُزَادُ تَاسِعٌ: وَهُوَ اتِّصَالُهُمَا بِالصَّلَاةِ. وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْجَامِعُ وَلَهُ شُرُوطٌ أَرْبَعٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. فَتَكَامَلَ تَفْصِيلُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ الْإِقَامَةُ بِقَصْدِ التَّأْبِيدِ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ فِي بَلَدٍ خَرَابٍ مَثَلًا، وَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهِ مُدَّةً ثُمَّ يَرْتَحِلُونَ فَأَرَادُوا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ،
أَعَمُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) : مَبْنِيَّةٍ بِطُوبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) اسْتِيطَانِ (أَخْصَاصٍ) مِنْ قَصَبٍ أَوْ أَعْوَادٍ تُرَمُّ بِحَشِيشٍ، (لَا خِيَمٍ) مِنْ شَعْرٍ أَوْ قُمَاشٍ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا الِارْتِحَالُ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرِينَ، نَعَمْ إنْ أَقَامُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا تَبَعًا لِأَهْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْنَى كَوْنِ الِاسْتِيطَانِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَنَّهُ لَوْلَاهُ مَا صَحَّتْ جُمُعَةٌ لِأَحَدٍ؛ وَكَمَا أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ هُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ، أَيْضًا؛ إذْ لَوْلَاهُ مَا وَجَبَتْ عَلَى أَحَدٍ جُمُعَةٌ.
وَيُشْتَرَطُ لِهَذَا الشَّرْطِ شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ بِبَلَدٍ أَوْ خِصَاصٍ كَمَا قَدَّمْنَا.
الثَّانِي: كَوْنُهُ (بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى) أَيْ تُقَامُ وَتَسْتَغْنِي (بِهِمْ الْقَرْيَةُ) عَادَةً بِالْأَمْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ فِي مَعَاشِهِمْ الْعُرْفِيِّ عَنْ غَيْرِهِمْ. وَلَا يُحَدُّونَ بِحَدٍّ؛ كَمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ كَانُوا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ بِأَنْ كَانُوا مُسْتَنِدِينَ فِي مَعَاشِهِمْ لِغَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَبَعًا لَهُمْ،
ــ
[حاشية الصاوي]
بَلْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا تَبَعًا لِمَنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: [وَمَعْنَى كَوْنِ الِاسْتِيطَانِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنًا أَيْ: مَنْوِيًّا الْإِقَامَةُ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَاسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ شَرْطُ وُجُوبٍ. فَمَتَى كَانَ الْبَلَدُ مُسْتَوْطَنًا وَالْجَمَاعَةُ مُتَوَطِّنَةٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ، وَصَحَّتْ مِنْهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ تَحْتَ حُكْمِ الْكُفَّارِ؛ كَمَا لَوْ تَغَلَّبُوا عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَخَذُوهُ وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ التَّوَطُّنِ وَلَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [كَوْنُهُ بِبَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ] : أَيْ لَا خِيَمٍ فَلَا تَجِبُ إلَّا تَبَعًا.
قَوْلُهُ: [بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى] إلَخْ: أَيْ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: بِأَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ الْأُمُورَ الْغَالِبَةَ، وَلَا يَضُرُّ خَوْفُهُمْ مِنْ الْجُيُوشِ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي الْمُدُنِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَمْنُ بِنَفْسِ الْعَدَدِ فَلَا يُعْتَبَرُ جَاهٌ وَلَا اعْتِقَادُ وِلَايَةٍ مَثَلًا لِأَنَّ الْأَمْنَ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ جِدًّا. (اهـ) .
وَإِنْ كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ كَفَرْسَخٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ كَأَهْلِ الْخِيَمِ، وَلَوْ أَحْدَثَ جَمَاعَةٌ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ بَلَدًا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ اسْتِقْلَالًا.
الشَّرْطُ الثَّانِي: حُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا لِصَلَاتِهَا وَسَمَاعِ الْخُطْبَتَيْنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَحُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ) رَجُلًا لِلصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِهَذَا الشَّرْطِ شَرْطَانِ أَيْضًا: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونُوا (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْمُقِيمِينَ بِهِ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ إذَا لَمْ يَحْضُرْهَا الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُسْتَوْطِنِينَ بِالْبَلَدِ. الثَّانِي أَنْ يَكُونُوا (بَاقِينَ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ (لِسَلَامِهَا) أَيْ إلَى السَّلَامِ مِنْ صَلَاتِهَا، أَيْ سَلَامِ جَمِيعِهِمْ، فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ الْجُمُعَةُ، وَحُضُورُ مَنْ ذُكِرَ شَرْطُ صِحَّةٍ (وَإِنْ) كَانَ (فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ) أُقِيمَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَأَهْلِ الْخِيَمِ] : تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ أَحْدَثَ جَمَاعَةٌ] إلَخْ: فَعَلَى هَذَا يُسَوَّغُ لِلْكُفُورِ الَّتِي تَحْدُثُ بِجَانِبِ الْقُرَى إحْدَاثُ جُمُعَةٍ اسْتِقْلَالًا.
قَوْلُهُ: [وَحُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا] : أَيْ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَأَنْ يَكُونُوا مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ قَلَّدُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا، لَا إنْ لَمْ يُقَلِّدُوا. فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْمَالِكِيِّ مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ شَافِعِيِّينَ لَمْ يُقَلِّدُوا. لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ يَحْفَظُونَ الْفَاتِحَةَ بِشَدَّاتِهَا.
قَوْلُهُ: [بَطَلَتْ الْجُمُعَةُ] : أَيْ وَلَوْ دَخَلَ بَدَلَهُ مَسْبُوقٌ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ.
بِهَذَا الْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ حُضُورُ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ جَزْمًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْإِمَامُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَإِمَامٌ مُقِيمٌ) فَلَا تَصِحُّ أَفْذَاذًا. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَطِّنًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ بِالْوَصْفِ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبُ، فَلَوْ صَلَّى بِهِمْ غَيْرُ الْخَاطِبِ لَمْ تَصِحَّ إلَّا لِعُذْرٍ يُبِيحُ الِاسْتِخْلَافَ كَرُعَافٍ وَنَقْضِ وُضُوءٍ، وَجَبَ انْتِظَارُهُ إنْ قَرُبَ زَوَالُ الْعُذْرِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَكَوْنُهُ الْخَاطِبَ، إلَّا لِعُذْرٍ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [هَذَا هُوَ الصَّوَابُ] : أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وُجُودُهُمْ فِيهَا شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ بِالْفِعْلِ. وَالِاثْنَا عَشَرَ حُضُورُهُمْ شَرْطُ صِحَّةٍ تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى حُضُورِهِمْ بِالْفِعْلِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا. فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَشْغَالِهِمْ - وَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ - جَمَعُوا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ غَلَّابٍ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ شَخْصٌ مُقِيمٌ وَاثْنَا عَشَرَ مُتَوَطِّنُونَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ. وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: شَخْصٌ إنْ صَلَّى إمَامًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِيهِ، وَإِنْ صَلَّى مَأْمُومًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ (اُنْظُرْ المج) .
قَوْلُهُ: [وَجَبَ انْتِظَارُهُ] : أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الِاخْتِيَارِيِّ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ، ثُمَّ يُصَلُّونَهَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [إنْ قَرُبَ زَوَالُ الْعُذْرِ] : وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: بِقَدْرِ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَالْقِرَاءَةُ فِيهِمَا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ السُّورَةِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْخُطْبَتَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَبِخُطْبَتَيْنِ) بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ. أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (مِنْ قِيَامٍ) ، وَقِيلَ الْقِيَامُ فِيهِمَا سُنَّةٌ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، فَإِنْ جَلَسَ أَتَمَّ وَصَحَّتْ.
وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَا (بَعْدَ الزَّوَالِ) فَإِنْ تَقَدَّمَتَا عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ.
وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) وَلَوْ سَجْعَتَيْنِ نَحْوَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ، وَانْتَهُوا عَمَّا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ. فَإِنْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ لَمْ يُجْزِهِ.
وَرَابِعُهَا: (دَاخِلُ الْمَسْجِدِ) فَلَوْ خَطَبَهُمَا خَارِجَهُ لَمْ يَصِحَّا.
وَخَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَا (قَبْلَ الصَّلَاةِ) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَهُمَا (فَإِنْ أَخَّرَهُمَا) عَنْهُمَا (أُعِيدَتْ) الصَّلَاةُ (إنْ قَرُبَ) الزَّمَنُ عُرْفًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ طَالَ أُعِيدَتَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الصَّلَاةِ كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ، فَالطُّولُ وَالْقُرْبُ كَالْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْبِنَاءِ.
وَسَادِسُهَا، أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:(يَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ) الِاثْنَا عَشَرَ؛ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا مِنْ أَوَّلِهِمَا لَمْ يُجْزِيَا لِأَنَّهُمَا كَرَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَبَقِيَ شَرْطَانِ: أَنْ يَجْهَرَ بِهِمَا وَأَنْ يَكُونَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ لِأَعْجَمِيِّينَ.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْجَامِعُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ] إلَخْ: أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِإِجْزَاءِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَالْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْبِنَاءِ] : أَيْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَهُوَ الْعُرْفُ، أَوْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ.
قَوْلُهُ: [يَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ] : أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُمْ إصْغَاءٌ أَمْ لَا، فَاَلَّذِي هُوَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ الْحُضُورُ لَا الِاسْتِمَاعُ وَالْإِصْغَاءُ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَةِ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَوْ كَثُرَ الْعَدَدُ جِدًّا، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَيْنِيَّةَ إذَا كَانَ الْعَدَدُ اثْنَيْ عَشَرَ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْخُطْبَةِ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَجْهَرَ بِهَا] أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ صُمًّا.
قَوْلُهُ: [وَأَنْ يَكُونَا بِالْعَرَبِيَّةِ] : فَلَوْ كَانَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْإِتْيَانَ بِالْخُطْبَةِ