الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْإِحْرَامِ، وَلَا يَكْفِي الِانْحِنَاءُ فِي ذَلِكَ.
(وَ) رَابِعَ عَشَرَهَا: (تَرْتِيبُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَهِيَ عَلَى الْفَاتِحَةِ، وَهِيَ عَلَى الرُّكُوعِ، وَهُوَ مَعَ الرَّفْعِ مِنْهُ عَلَى السُّجُودِ، وَهُوَ عَلَى السَّلَامِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فَرَائِضِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ (سُنَنِهَا) فَقَالَ:
(وَسُنَنُهَا) : أَيْ الصَّلَاةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ:
أَوَّلُهَا (قِرَاءَةُ آيَةٍ) : وَإِتْمَامُ السُّورَةِ مَنْدُوبٌ. وَيَقُومُ مَقَامَ الْآيَةِ بَعْضُ آيَةٍ طَوِيلَةٍ لَهُ بَالٌ نَحْوَ: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255](بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) : لَا قَبْلَهَا فَلَا يَكْفِي (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِيهِمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ، فَإِنْ ضَاقَ بِحَيْثُ يَخْشَى خُرُوجَهُ بِقِرَاءَتِهَا لَمْ تُسَنَّ، بَلْ يَجِبُ تَرْكُهَا لِإِدْرَاكِهِ.
(وَ) ثَانِيهَا: (قِيَامٌ لَهَا) : أَيْ لِلْآيَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الظَّرْفِ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَقَطْ إذَا نَصَبَ قَامَتَهُ فِي الْقِيَامِ أَوْ فِي الْجُلُوسِ وَلَمْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ وَتُوجَدُ الطُّمَأْنِينَةُ فَقَطْ فِيمَنْ اسْتَقَرَّتْ أَعْضَاؤُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَكْفِي الِانْحِنَاءُ فِي ذَلِكَ] : أَيْ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ خَلِيلٍ:" وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ " ضَعِيفٌ كَمَا فِي الشَّبْرَخِيتِيِّ.
قَوْلُهُ: [تَرْتِيبُهَا] إلَخْ: أَيْ الْفَرَائِضِ فِي أَنْفُسِهَا وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَيُطْلَبُ بِإِعَادَةِ السُّورَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
[سُنَنُ الصَّلَاة]
[تَنْبِيه إِن لَمْ يرفع يديه بَيْن السَّجْدَتَيْنِ]
قَوْلُهُ: [قِرَاءَةُ آيَةٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً كَ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] .
قَوْلُهُ: [وَإِتْمَامُ السُّورَةِ مَنْدُوبٌ] : أَيْ وَأَمَّا قِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ أَوْ سُورَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى فَمَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [بَعْدَ الْفَاتِحَةِ] : أَيْ إنْ كَانَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا قَرَأَهَا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَكْفِي] : أَيْ لِأَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ لِلسُّنَّةِ فَلَوْ قَدَّمَهَا فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِإِعَادَتِهَا بَعْدَهَا حَيْثُ لَمْ يَرْكَعْ، فَإِنْ رَكَعَ كَانَ تَارِكًا لِسُنَّةِ السُّورَةِ.
قَوْلُهُ: [قِيَامٌ لَهَا] : أَيْ لِأَجْلِهَا، فَالْقِيَامُ سُنَّةٌ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَرْكَعُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْآيَةِ إثْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَقُومُ بِقَدْرِهَا.
حُكْمُ الْمَظْرُوفِ فَلَوْ اسْتَنَدَ لِشَيْءٍ حَالَ قِرَاءَتِهَا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ لَمْ تَبْطُلْ، لَا إنْ جَلَسَ فَقَرَأَهَا جَالِسًا، فَتَبْطُلُ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُمْ الْقِيَامُ لَهَا سُنَّةٌ.
(وَ) ثَالِثُهَا: (جَهْرٌ) : فِي الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَأُولَتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
(وَ) رَابِعُهَا: (سِرٌّ) فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَخِيرَةِ الْمَغْرِبِ وَأَخِيرَتَيْ الْعِشَاءِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:(بِمَحَلِّهِمَا) ، وَهَذِهِ السُّنَنُ الْأَرْبَعَةُ مَخْصُوصَةٌ (بِفَرْضٍ) فَلَا تُسَنُّ فِي النَّفْلِ وَهَذَا مِمَّا زِدْنَاهُ عَلَيْهِ.
(وَتَأَكَّدَا) : أَيْ الْجَهْرُ بِمَحَلِّهِ وَالسِّرُّ (بِالْفَاتِحَةِ) دُونَ السُّورَةِ بَعْدَهَا كَمَا يَتَبَيَّنُ لَك ذَلِكَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ.
(وَأَقَلُّ جَهْرِ الرَّجُلِ) : الْكَافِي فِي السُّنَّةِ (إسْمَاعُ مَنْ يَلِيهِ) فَقَطْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ بِجَانِبِهِ أَحَدًا مُتَوَسِّطَ السَّمْعِ، (وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ) : الْكَافِي لَهَا بِالْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ أَجَانِبَ يَخْشَوْنَ مِنْ عُلُوِّ صَوْتِهَا الْفِتْنَةَ (إسْمَاعُهَا نَفْسَهَا) فَقَطْ (كَأَعْلَى السِّرِّ) : لَيْسَ الْمُرَادُ بِأَعْلَاهُ غَايَتَهُ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ، فَاعْتَرَضَ بِأَنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَمْ تَبْطُلْ] : أَيْ لِتَرْكِهِ سُنَّةً خَفِيفَةً.
قَوْلُهُ: [لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ] : أَيْ وَهُوَ كَثْرَةُ الْأَفْعَالِ مِنْ جُلُوسٍ وَقِيَامٍ فَالْبُطْلَانُ لِذَلِكَ لَا لِتَرْكِ السُّنَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تُسَنُّ فِي النَّفْلِ] : أَيْ فَإِنَّ قِرَاءَةَ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ، وَالْجَهْرُ وَالسِّرُّ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [دُونَ السُّورَةِ بَعْدَهَا] : أَيْ فَالْجَهْرُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي مَحَلِّهِ وَالسِّرُّ فِي مَحَلِّهِ، أَوْكَدُ مِنْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ فِي السُّورَةِ. وَلِذَلِكَ مَنْ تَرَكَ السِّرَّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ الْجَهْرَ فِيهَا مِنْ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ سَهْوًا يَسْجُدُ لِتَرْكِ الْجَهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ وَتَرْكِ السِّرِّ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ تَارِكِ أَحَدِهِمَا مِنْ السُّورَةِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَأَقَلُّ جَهْرِ الرَّجُلِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَلَا حَدَّ لَهُ.
قَوْلُهُ: [كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ] : أَيْ وَهُوَ النَّفْرَاوِيُّ حَيْثُ اعْتَرَضَ فَقَالَ: إنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ مَا يَحْصُلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ، فَيَكُونُ بِالْعَكْسِ.
أَعْلَاهُ أَخْفَاهُ؛ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ: الظَّاهِرُ مِنْهُ لِمُشَاهَدَةِ السَّمْعِ، يُقَابِلُهُ الْخَفَاءُ وَهَذَا مِنْ الْبَدِيهِيَّاتِ، فَيَسْتَوِي جَهْرُهَا مَعَ أَعْلَى سِرِّهَا وَيَنْفَرِدُ أَخْفَى سِرِّهَا بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ كَالرَّجُلِ.
(وَ) خَامِسُهَا: (كُلُّ تَكْبِيرَةٍ) غَيْرُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.
(وَ) سَادِسُهَا: كُلُّ لَفْظِ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ حَالَ رَفْعِهِ) : مِنْ الرُّكُوعِ لَا مَأْمُومٍ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ قَوْلُهَا.
(وَ) سَابِعُهَا: كُلُّ (تَشَهُّدٍ) . (وَ) ثَامِنُهَا (جُلُوسٌ لَهُ) بِالرَّفْعِ أَوْ الْجَرِّ أَيْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [الظَّاهِرُ مِنْهُ] : أَيْ بِحَيْثُ لَوْ زِيدَ عَلَيْهِ خَرَجَ عَنْ السِّرِّيَّةِ، وَأَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ بِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ: أَنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ.
قَوْلُهُ: [فَيَسْتَوِي جَهْرُهَا] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ صَوْتَهَا كَالْعَوْرَةِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي سَمَاعِهِ فِتْنَةٌ، وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ عب وَالْخَرَشِيَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ جَهْرُهَا مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَقَطْ. وَلَيْسَ هَذَا سِرًّا لَهَا، بَلْ سِرُّهَا أَنْ تُحَرِّكَ لِسَانَهَا فَقَطْ، فَلَيْسَ لِسِرِّهَا أَدْنَى وَأَعْلَى كَمَا أَنَّ جَهْرَهَا كَذَلِكَ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [كُلُّ تَكْبِيرَةٍ] : يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُلِّ: الْكُلُّ الْجَمِيعِيُّ، فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُلِّ: الْمَجْمُوعِيُّ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ. وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ: السُّجُودُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ سَهْوًا عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ إنْ تَرَكَ السُّجُودَ لِثَلَاثٍ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [كُلُّ لَفْظِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ] : الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ كَالْأَوَّلِ: الْكُلُّ الْجَمِيعِيُّ. فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ كُلَّ تَسْمِيعَةٍ سُنَّةٌ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [كُلُّ تَشَهُّدٍ] : أَيْ وَلَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَيْ كُلُّ فَرْضٍ مِنْهُ سُنَّةٌ
وَكُلُّ جُلُوسٍ.
(وَ) تَاسِعُهَا (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَقِيلَ بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ كَالدُّعَاءِ بَعْدَهَا بِمَا أَحَبَّ كَمَا يَأْتِي،
ــ
[حاشية الصاوي]
مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ - وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُلَيْشَانِي - أَنَّ مَجْمُوعَ التَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهِ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَنِسْيَانِهِ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَلْيَقُمْ وَلَا يَتَشَهَّدْ. وَأَمَّا إنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَلَا يَدْعُو وَيُسَلِّمُ، وَسَوَاءٌ تَذَكَّرَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ قَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ عَنْ مَحَلِّهِ أَوْ بَعْدَ انْصِرَافِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِي سُجُودِ السَّهْوِ نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَحْصُلُ أَيْ سُنَّةُ التَّشَهُّدِ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَآخِرُهُ: " وَرَسُولُهُ "(اهـ.) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ، قِيلَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ مَنْدُوبٌ. وَأَمَّا التَّشَهُّدُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ فَهُوَ سُنَّةٌ قَطْعًا كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَالْحَطَّابُ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ، وَقِيلَ إنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ. وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا وَقَوَّاهُ (ر) حَيْثُ قَالَ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ (بْن) . وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ، وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، إذْ هُوَ لَيْسَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ بِاتِّفَاقٍ.
قَوْلُهُ: [أَيْ وَكُلُّ جُلُوسٍ] : أَيْ مِنْ الْجُلُوسَاتِ الَّتِي لِلتَّشَهُّدِ غَيْرِ الْجُلُوسِ بِقَدْرِ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ، وَغَيْرِ الْجُلُوسِ لِلدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا، وَغَيْرِ الْجُلُوسِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا.
وَأَفْضَلُهَا: " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ".
(وَ) عَاشِرُهَا: (السُّجُودُ عَلَى صَدْرِ الْقَدَمَيْنِ) وَعَلَى (الرُّكْبَتَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ) ، وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْجَبْهَةِ.
(وَ) حَادِي عَشْرَتَهَا: (رَدُّ الْمُقْتَدِي السَّلَامَ عَلَى إمَامِهِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ إنْ) كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ (شَارَكَهُ فِي رَكْعَةٍ) : فَأَكْثَرَ لَا أَقَلَّ، (وَأَجْزَأَ فِيهِ) : أَيْ فِي سَلَامِ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الَّذِي عَلَى الْيَسَارِ، (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) بِالتَّنْكِيرِ (وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) بِتَقْدِيمِ عَلَيْكُمْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَفْضَلُهَا] : أَيْ لِكَوْنِهَا أَصَحَّ مَا وَرَدَ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَارِدِ أَفْضَلُ، حَتَّى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا تَرْكُ السِّيَادَةِ لِوُرُودِهَا كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [السُّجُودُ عَلَى صَدْرِ الْقَدَمَيْنِ] : تَبِعَ الْمُصَنِّفُ خَلِيلًا التَّابِعَ لِابْنِ الْحَاجِبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَكَوْنُ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا سُنَّةً لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ، غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ: الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ إنَّ السُّجُودَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَاجِبٌ مُوَافَقَةً لِلشَّافِعِيِّ وَوَجْهُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» . تَنْبِيهٌ:
إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ فَقَوْلَانِ: بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ. فَعَلَى الْبُطْلَانِ يَكُونُ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبًا، وَعَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [شَارَكَهُ فِي رَكْعَةٍ] إلَخْ: يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مِنْ عَلَى الْيَسَارِ مَسْبُوقًا أَوْ غَيْرَ مَسْبُوقٍ، وَيُرَدُّ الْمَسْبُوقُ وَالسَّابِقُ. وَخَرَّجَ مِنْهُ النَّفْرَاوِيُّ الرَّدَّ فِي طَائِفَتَيْ الْخَوْفِ؛ أَيْ فَكُلُّ طَائِفَةٍ تُسَلِّمُ عَلَى الْأُخْرَى.
قَوْلُهُ: [أَجْزَأَ فِيهِ] : أَيْ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مُمَاثَلَتُهَا لِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ.
(وَ) ثَانِي عَشْرَتَهَا: (جَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) فَقَطْ دُونَ تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ.
(وَ) ثَالِثَ عَشْرَتَهَا: (إنْصَاتُ مُقْتَدٍ) أَيْ مَأْمُومٍ (فِي الْجَهْرِ) أَيْ جَهْرِ إمَامِهِ السُّنِّيِّ إنْ سَمِعَهُ الْمُقْتَدِي، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) قِرَاءَتَهُ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ سَكَتَ الْإِمَامُ) لِعَارِضٍ أَوْ لَا، كَأَنْ يَسْكُتَ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ.
(وَ) رَابِعَ عَشْرَتَهَا: (الزَّائِدُ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ) الْوَاجِبَةِ بِقَدْرِ مَا يَجِبُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ] : أَيْ وَأَمَّا الْجَهْرُ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَمَنْدُوبٌ وَبِغَيْرِهَا مِنْ التَّكْبِيرِ - يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ - فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْإِسْرَارُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ نُدِبَ الْجَهْرُ بِهَا، وَتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ حَيْثُ سُنَّ الْجَهْرُ بِهَا قُوَّةُ الْأُولَى، لِأَنَّهَا قَدْ صَاحَبَتْهَا النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ جَزْمًا، بِخِلَافِ التَّسْلِيمَةِ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ مَعَهَا خِلَافٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَيْضًا انْضَمَّ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ، وَالتَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [دُونَ تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ] : قَالَ بَعْضُهُمْ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى تَسْتَدْعِي الرَّدَّ فَطُلِبَ الْجَهْرُ بِهَا وَتَسْلِيمَةُ الرَّدِّ لَا تَسْتَدْعِي رَدًّا فَلِذَلِكَ لَمْ يُطْلَبْ الْجَهْرُ. وَسَلَامُ الْفَذِّ لَا يَسْتَدْعِي رَدًّا فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ جَهْرٌ. تَنْبِيهٌ:
لَوْ تَعَمَّدَ التَّحْلِيلَ عَلَى الْيَسَارِ أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ سَهَا عَنْ التَّحْلِيلِ وَسَلَّمَ بِقَصْدِ الْفَصْلِ صَحَّ إنْ عَادَ بِقُرْبٍ كَأَنْ قَدَّمَ الرَّدَّ نَاوِيًا الْعَوْدَ وَإِلَّا بَطَلَتْ.
قَوْلُهُ: [إنْصَاتُ مُقْتَدٍ] : جَعْلُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ بِوُجُوبِ الْقِرَاءَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ سَكَتَ الْإِمَامُ] إلَخْ: أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ سَنَدٍ الْمَعْرُوفِ: إنَّهُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ، وَفِيهِ رَدٌّ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [بِقَدْرِ مَا يَجِبُ] : قَالَ بَعْضُهُمْ اُنْظُرْ مَا قَدْرُ هَذَا الزَّائِدِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِعَدَمِ التَّفَاحُشِ.
بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ هَلْ هُوَ مُسْتَوٍ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ