الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْهِرِّ وَنَحْوِهَا، فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْ فَضَلَاتِهَا. وَبِخِلَافِ مَا أَصَابَ غَيْرَ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فَلَا عَفْوَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ:" لَا غَيْرَهُ ". وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ رِجْلَ الْمُكَلَّفِ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ فِي الْعَفْوِ بِالْخُفِّ وَالنَّعْلِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْفَقِيرِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ رِجْلَهُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ عُذْرِهِ. وَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَهَا بِهِمَا أَيْضًا. وَشَرْطُ الْعَفْوِ إنْ دُلِكَ كُلٌّ مِنْ الْخُفِّ أَوْ النَّعْلِ أَوْ الرِّجْلِ بِخِرْقَةٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ دَلْكًا لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ.
(وَمَا تَفَاحَشَ نُدِبَ غَسْلُهُ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ) : أَيْ أَنَّ مَا تَفَاحَشَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ حَتَّى صَارَ يُسْتَقْبَحُ النَّظَرُ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُهُ. كَمَا أَنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ إذَا تَفَاحَشَ لَا إنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ.
(وَمَا سَقَطَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَارٍّ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَإِنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْعَدْلَ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا وَلَوْ دَلْكًا.
قَوْلُهُ: [وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ] إلَخْ: وَمِثْلُهُ غَنِيٌّ لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اللُّبْسِ لِمَرَضٍ. قَوْلُهُ: [لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ] إلَخْ: وَلَا يُعْتَبَرُ بَقَاءُ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ. قَوْلُهُ: [مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ] إلَخْ: يُحْتَرَزُ عَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ كَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ وَالْمِرْآةِ فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ لِلْإِفْسَادِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ] : فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ يُنْدَبُ غَسْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ وَعَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالتَّفَاحُشِ.
قَوْلُهُ: [دَمِ الْبَرَاغِيثِ] إلَخْ: فَسَّرَهُ فِي الْأَصْلِ - تَبَعًا لِلْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِ - بِالْخَرْءِ، قَائِلًا: وَأَمَّا دَمُهَا الْحَقِيقِيُّ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَدُونَ دِرْهَمٍ. قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: وَقَدْ يُقَالُ هُوَ كَدُمَّلٍ زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ، غَايَةُ مَا هُنَاكَ يُنْدَبُ غَسْلُهُ عِنْدَ التَّفَاحُشِ فَتَعْمِيمُ شَارِحِنَا صَوَابٌ.
[كيف تزال النَّجَاسَة]
قَوْلُهُ: [مَا سَقَطَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ] إلَخْ: حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الشَّخْصَ السَّاقِطَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مَارًّا أَوْ جَالِسًا تَحْتَ سَقَائِفِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ طَهَارَةَ الْوَاقِعِ، أَوْ يَظُنَّهَا، أَوْ يَتَحَقَّقَ النَّجَاسَةَ، أَوْ يَظُنَّهَا أَوْ يَشُكَّ.
الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ، وَمَا مُبْتَدَأٌ، وَحُمِلَ خَبَرُهُ؛ يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَسْقُطُ عَلَى شَخْصٍ مَارٍّ أَوْ جَالِسٍ فِي طَرِيقٍ مِنْ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ تَقُمْ أَمَارَةٌ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَا نَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا يُطْلَبُ غَسْلُهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ السَّاقِطُ مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ، لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الطَّهَارَةُ.
وَإِنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِمْ أَوْ كُفْرِهِمْ حُمِلُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ طَهَارَتِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ لَكِنَّهُ إنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْمُجِيبَ إنْ كَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا صَالِحًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا. فَإِنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ وَجَبَ الْغَسْلُ، أَيْ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا، وَإِلَّا نُدِبَ. وَلَا عِبْرَةَ بِإِخْبَارِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ، وَيَنْبَغِي نَدْبُ الْغَسْلِ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ. وَأَمَّا مَا سَقَطَ مِنْ بُيُوتِ الْكُفَّارِ فَمَحْمُولٌ عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى النَّجَاسَةِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ، إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ حَاضِرٌ مَعَهُمْ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ. وَعِبَارَتُنَا أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخِ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْغَسْلُ إنْ ظَنَّ إصَابَتَهَا فَإِنْ عَلِمَ مَحَلَّهَا؛ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَشْكُوكِ) : لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ الْمُصَابِ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنَاءٍ إلَّا إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشْرَ؛ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ تُحُقِّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَ صُورَةً. وَأَمَّا إذَا شَكَّ، فَإِنْ كَانَ مَارًّا أَوْ جَالِسًا تَحْتَ سَقَائِفِ مُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ سُؤَالٌ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِالنَّجَاسَةِ عَمِلَ عَلَيْهَا إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ. وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا مَا لَمْ يُخْبِرْهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِالطَّهَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مَعَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ عَلَيْهِ] : أَيْ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ.
قَوْلُهُ: [لَكِنَّهُ إنْ سَأَلَ] : أَيْ كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ.
قَوْلُهُ: [إنْ أُخْبِرَ بِالنَّجَاسَةِ] : أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ] : أَيْ فَيُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مَعَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا بُدَّ مَعَ الْعَدَالَةِ مِنْ اتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ] : أَيْ فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ وَجَدَ فِيهَا إجْمَالًا مِنْ وُجُوهٍ وَإِيهَامِ خِلَافِ الْمُرَادِ.
ظَنَّ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لَهُ. وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ. فَإِنْ عَلِمَ الْمَحَلَّ الْمُصَابَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ بِعَيْنِهِ بِأَنْ حَصَلَ شَكٌّ؛ هَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ الْمُحَقَّقَةُ أَوْ الْمَظْنُونَةُ هَذِهِ النَّاحِيَةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ هَذَا الْكُمَّ أَوْ الْكُمَّ الْآخَرَ، أَوْ فَرْدَةَ الْخُفِّ هَذِهِ أَوْ الْأُخْرَى، تَعَيَّنَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَا ثَوْبَيْنِ كَفَى غَسْلُ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ، وَإِلَّا صَلَّى بِإِحْدَاهُمَا وَاجْتَهَدَ.
(وَيَطْهُرُ إنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ طَاهِرًا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ الْمَظْنُونَةُ] : أَيْ فَالْمَشْكُوكَةُ وَالْمُتَوَهَّمَةُ لَا تُعَدُّ.
قَوْلُهُ: [مَا شَكَّ فِيهِ] : أَيْ تَرَدَّدَ فِي مَحَلَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ] : أَيْ حَيْثُ كَانَا مُتَّصِلَيْنِ أَوْ فِي حُكْمِهِمَا كَالْخُفَّيْنِ، فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعًا وَلَا يَتَحَرَّى وَاحِدًا بِالْغَسْلِ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ يَتَحَرَّى فِي الْكُمَّيْنِ وَاحِدًا يَغْسِلُهُ كَالثَّوْبَيْنِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِغَسْلِ الْكُمَّيْنِ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُهُمَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ إلَّا غَسْلَ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَغْسِلُ وَاحِدًا تَحَرَّى وَاحِدًا يَغْسِلُهُ فَقَطْ اتِّفَاقًا، ثُمَّ يَغْسِلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَبَعْدَ وُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي. فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ غَسْلَ وَاحِدٍ، صَلَّى بِدُونِ غَسْلٍ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْخَبَثِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَا ثَوْبَيْنِ] : الْمُرَادُ شَيْئَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ، بِحَيْثُ يُصَلَّى بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.
قَوْلُهُ: [إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ] إلَخْ: أَيْ وَالثَّوْبُ الْبَاقِي لَمْ يُغْسَلْ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَاجْتَهَدَ] : أَيْ تَحَرَّى طَهَارَةَ ثَوْبٍ وَصَلَّى بِهِ إنْ وَجَدَ سَعَةً مِنْ الْوَقْتِ لِتَحَرِّيهِ، وَإِلَّا صَلَّى بِأَيِّهِمَا. وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلشَّيْخِ خَلِيلٍ هُوَ الْمُعَوَّلُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا أَصَابَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْأَثْوَابِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهَا صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ، وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَالْأَوَانِي. وَفَرَّقَ لِلْمُعْتَمَدِ بَيْنَ الْأَوَانِي وَالْأَثْوَابِ بِخِفَّةِ الْأَخْبَاثِ عَنْ الْأَحْدَاثِ.
قَوْلُهُ: [إنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ طَاهِرًا] : أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِالْأَوْسَاخِ، وَذَلِكَ كَثَوْبِ الْبَقَّالِ
وَزَالَ طَعْمُهَا، بِخِلَافِ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا كَمَصْبُوغٍ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) ؛ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ يَطْهُرُ إنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْهُ طَاهِرًا وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ طَهُورًا خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ. بَلْ الْمَدَارُ عَلَى زَوَالِ طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْنِهَا وَرِيحِهَا فَمَتَى بَقِيَ فِي الْمَاءِ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَحَلُّ لَمْ يَطْهُرْ وَالْغُسَالَةُ نَجِسَةٌ، لَكِنَّ الطَّعْمَ لَا بُدَّ فِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مِنْ زَوَالِهِ، وَلَوْ تَعَسَّرَ. وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ فَإِنْ تَيَسَّرَ زَوَالُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِمَا وَإِنْ تَعَسَّرَ، كَثَوْبٍ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نِيلَةٍ كَذَلِكَ، كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الدَّنِّ فَأْرٌ فَمَاتَ فِيهِ - كَمَا يَتَّفِقُ كَثِيرًا - أَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ مَنِيٌّ انْطَبَعَ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُمَا لِعُسْرِهِ عَادَةً، إذْ لَا يَرْجِعُ عَادَةً لِحَالَتِهِ الْأُولَى. وَلَا يُقَالُ الرِّيحُ يَسْهُلُ زَوَالُهُ، لِأَنَّا نَقُولُ بَعْضُ الرَّوَائِحِ كَالْمِسْكِ وَالزَّبَادِ الْمُتَنَجِّسَيْنِ لَا يَسْهُلُ زَوَالُ رِيحِهِمَا. فَقَوْلُهُ:(كَمَصْبُوغٍ بِهَا) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ مِثَالٌ لِلْمُتَعَسِّرِ، فَإِذَا طَهُرَ بِانْفِصَالِ الْمَاءِ طَاهِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ عَصْرُهُ.
(وَتَطْهُرُ الْأَرْضُ بِكَثْرَةِ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا) : الْأَرْضُ الْمُتَنَجِّسَةُ إذَا انْصَبَّ الْمَاءُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَاللَّحَّامِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ. فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِهِ إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ، بَلْ مَتَى انْفَصَلَ الْمَاءُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ كَفَى، كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَزَالَ طَعْمُهَا] : وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ - وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَوْقُهَا - بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ، أَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهَا، فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ، اخْتِبَارًا أَوْ ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَذَاقَهَا. وَحُرْمَةُ ذَوَاقِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ بِهَا حَرَامٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ لَوْنٍ وَرِيحٍ] إلَخْ: أَيْ وَلَا يَجِبُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ لِإِزَالَتِهِمَا، بِخِلَافِ الطَّعْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: [شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ] : أَيْ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالرِّيحُ] إلَخْ: إنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ وَبَيْنَ الطَّعْمِ؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ طَعْمَ جُرْمِ النَّجَاسَةِ بَاقٍ مَعَهُ بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ فَهُمَا مِنْ الْأَعْرَاضِ. قَوْلُهُ: [لَمْ يَلْزَمْهُ عَصْرُهُ] : أَيْ حَيْثُ زَالَ الطَّعْمُ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ تَثْلِيثُ الْغَسْلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلَا تَسْبِيعُهُ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ (انْتَهَى شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ) .