الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ سَمَاعِ الْمُسَمِّعِ، وَهَذَا كَعَطْفِ مَا هُوَ عِلَّةٌ عَلَى مَعْلُولِهِ.
(وَ) اقْتِدَاءٌ (بِرُؤْيَةٍ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، (وَإِنْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (بِدَارٍ) مَثَلًا وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ مَثَلًا وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ الْإِمَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ
شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ
بِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فَقَالَ:
(وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ) بِالْإِمَامِ:
(نِيَّتُهُ) بِأَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ أَوْ الْمَأْمُومِيَّةَ بِالْإِمَامِ أَوْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (أَوَّلًا) : أَيْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا هُوَ مَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ؛ فَمَنْ صَلَّى فَذًّا ثُمَّ رَأَى إمَامًا بَعْدَ التَّكْبِيرِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (وَلَزِمَ) أَيْ الِاقْتِدَاءُ الْمَأْمُومَ إذَا نَوَاهُ بِشَرْطِهِ، فَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُفَارَقَتُهُ. فَلِذَا فَرَّعَ عَلَى الْقَيْدَيْنِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ قَوْلَهُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِسَبَبِ سَمَاعِ الْمُسَمِّعِ] : أَيْ وَأَوْلَى سَمَاعُ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: [وَاقْتِدَاءٌ بِرُؤْيَةٍ] : أَيْ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ لَهُ أَوْ لِلْمَأْمُومِينَ. فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَرَاتِبِ الِاقْتِدَاءِ الْأَرْبَعِ؛ وَهِيَ: الِاقْتِدَاءُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ، أَوْ الْمَأْمُومِ، أَوْ بِسَمَاعِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُ الْإِمَامِ. وَمِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا: شَخْصٌ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا؟ وَهُوَ الْأَعْمَى وَالْأَصَمُّ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ التَّوَصُّلِ] إلَخْ: أَيْ خِلَافًا لِلسَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ.
[شُرُوط الِاقْتِدَاء]
[تَنْبِيه لَا يَتَوَقَّف فَضْل الْجَمَاعَة عَلَى نِيَّة الْإِمَامَة]
قَوْلُهُ: [وَهَذَا هُوَ مَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ] : أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ نِيَّةٍ، لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وُجِدَتْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ خَارِجًا إلَّا بِهَا، فَجَعْلُهَا شَرْطًا لَا يَصِحُّ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا عَلَى النِّيَّةِ، فَلَوْ حَصَلَ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ لِثَانِي رَكْعَةٍ حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ وَلَكِنْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَهِيَ الْأَوَّلِيَّةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي عَدَّ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ رُكْنًا.
قَوْلُهُ: [فَمَنْ صَلَّى فَذًّا] : تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
(فَلَا يَتَنَقَّلُ مُنْفَرِدٌ) بِصَلَاتِهِ (لِجَمَاعَةٍ) لِعَدَمِ نِيَّتِهِ الِاقْتِدَاءَ أَوَّلًا (كَعَكْسِهِ) : أَيْ لَا يَنْتَقِلُ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ إلَى الِانْفِرَادِ لِلُزُومِهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ فِيهِمَا، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْمَأْمُومِيَّةِ.
(بِخِلَافِ الْإِمَامِ) لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ، وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ (وَلَوْ بِجِنَازَةٍ) إذْ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ.
(إلَّا جُمُعَةً) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ. لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.
(وَ) إلَّا (جَمْعًا) بَيْنَ عِشَاءَيْنِ (لِمَطَرٍ) فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاتَيْنِ، وَيَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى وُجُوبًا فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَبْطُلْ بِخِلَافِ تَرْكِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ.
(وَ) إلَّا (خَوْفًا) أَيْ صَلَاتُهُ إذَا صُلِّيَتْ بِطَائِفَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَعَكْسِهِ] : إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّ الْمَأْمُومِيَّةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ ابْتِدَاءً كَصَلَاةِ النَّفْلِ. وَمَحَلُّ مَنْعِ الِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ، مَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمَامُ بِالْمَأْمُومِينَ فِي الطُّولِ وَإِلَّا جَازَ الِانْتِقَالُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ. كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْإِمَامِ] : فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطًا، نَعَمْ لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ ثُمَّ رَفَضَهَا وَنَوَى الْفِدْيَةَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ لِتَلَاعُبِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِجِنَازَةٍ] : رَدَّ " بِلَوْ " عَلَى ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فُرَادَى أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ مُرَاعَاةً لِلْمُقَابِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا] : أَيْ شَرْطُ صِحَّةٍ. وَكُلُّ صَلَاةٍ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا شَرْطًا.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ الْأُولَى] : أَيْ وَتَسْتَمِرُّ لِلثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهُ يَبْعُدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ] : أَيْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا أَثَرُ الْجَمْعِ، وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا فَلَا تَبْطُلُ، وَقَالَ بِذَلِكَ (بْن) وَخَصَّ هَذَا الْجَمْعَ
نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ إلَّا بِجَمَاعَةٍ.
(وَ) إلَّا (مُسْتَخْلِفًا) لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لِتَمْيِيزِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ.
وَذَكَرَ الشَّرْطَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: (وَمُسَاوَاةٌ) : عُطِفَ عَلَى نِيَّتِهِ (فِي ذَاتِ الصَّلَاةِ) : كَظُهْرٍ خَلْفَ ظُهْرٍ فَلَا يَصِحُّ خَلْفَ عَصْرٍ مَثَلًا.
(وَ) فِي (صِفَتِهَا) فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ؛ فَلَا يَصِحُّ أَدَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ وَلَا عَكْسُهُ.
(وَ) فِي (زَمَنِهَا) وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَصِحُّ ظُهْرُ يَوْمِ السَّبْتِ خَلْفَ ظُهْرِ يَوْمِ الْأَحَدِ وَلَا عَكْسُهُ.
(إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ) : كَرَكْعَتَيْ ضُحًى خَلْفَ صُبْحٍ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَرَكْعَتَيْ نَفْلٍ خَلْفَ سَفَرِيَّةٍ، أَوْ أَرْبَعٍ خَلْفَ ظُهْرِ حَضَرِيَّةٍ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
دُونَ سَائِرِ الْجُمُوعِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَتَكْفِي النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ فِي الْإِمَامَةِ كَغَيْرِهَا، إنَّمَا الْمُضِرُّ نِيَّةُ الْفِدْيَةِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ] إلَخْ: أَيْ فَلَوْ تُرِكَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا فَقَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: تَبْطُلُ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ، وَأَمَّا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ.
قَوْلُهُ: [فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ] : أَيْ إلَّا أَنْ يَتَلَاعَبَ بِأَنْ يَنْوِيَ الْفِدْيَةَ مَعَ النِّيَابَةِ فَتَبْطُلُ. تَنْبِيهٌ:
لَا يَتَوَقَّفُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَوْلِ الْأَكْثَرِ: قَوْلُهُ: [إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ] : أَيْ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَلَوْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ وَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ فِي الْفَرْضِ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ فِي النَّفْلِ - كَتَرْكِ سُورَةٍ - فَاسْتَظْهَرَ الْأَشْيَاخُ اتِّبَاعَهُ فِي السُّجُودِ كَمَسْبُوقٍ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وَمُقْتَدٍ بِمُخَالِفٍ. تَنْبِيهٌ:
لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مُتَيَقِّنِ الْفَائِتَةِ كَشَاكٍّ فِيهَا لِاحْتِمَالِ بَرَاءَةِ الشَّاكِّ بِالْفِعْلِ
وَفَرَّعَ عَلَى شَرْطِ الْمُسَاوَاةِ قَوْلَهُ:
(فَلَا يَصِحُّ) لِمَأْمُومٍ (صُبْحٌ) صَلَّاهُ (بَعْدَ شَمْسٍ) بِاقْتِدَائِهِ (بِمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَهَا) : أَيْ قَبْلَ الشَّمْسِ فَاقْتَدَى بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِمَامِ أَدَاءٌ وَلِلْمَأْمُومِ قَضَاءٌ.
وَذَكَرَ شَرْطَ الِاقْتِدَاءِ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ:
(وَمُتَابَعَةٌ) لِلْإِمَامِ (فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) بِأَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ بَعْدَهُ وَيُسَلِّمَ بَعْدَهُ. (فَالْمُسَاوَاةُ) فِيهِمَا (مُبْطِلَةٌ) وَأَوْلَى السَّبْقُ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فِيهِمَا. وَصَحَّتْ إنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ بَعْدَهُ قَطْعًا أَوْ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ لَا إنْ خَتَمَ قَبْلَهُ. فَالصُّوَرُ تِسْعٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَإِنْ وَجَبَ ظَاهِرًا فَيَكُونُ فَرْضًا خَلْفَ نَفْلٍ، وَبِهَذَا أَلْغَزَ (عب) : رَجُلَانِ فِي كُلِّ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ تَصِحُّ إمَامَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِي صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا؟ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِنْ هُنَا مَا وَقَعَ: صَلَّى بِنَا شَيْخُنَا الْعَصْرَ - يَعْنِي الشَّيْخَ الْعَدَوِيَّ - فَقَالَ لَنَا إنْسَانٌ: صَلَّيْتُمْ قَبْلَ الْعَصْرِ وَعَارَضَهُ آخَرُ، فَحَصَلَ شَكٌّ وَأَرَدْنَا الْإِعَادَةَ فَأَرَادَ الدُّخُولَ مَعَنَا أُنَاسٌ لَمْ يُصَلُّوا أَوَّلًا، فَقُلْت قَدِّمُوا بَعْضَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا، وَاسْتَحْسَنَ كَلَامِي بَعْضُ الْعَارِفِينَ - يَعْنِي بِهِ شَيْخَنَا الْمُؤَلِّفَ - فَقَالَ الشَّيْخُ إنَّ إعَادَتَنَا وَاجِبَةٌ وَصَلَّى بِالْجَمِيعِ ثَانِيًا وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ (اهـ.)
قَوْلُهُ [لِأَنَّهَا لِلْإِمَامِ أَدَاءٌ] إلَخْ: أَيْ فَالْبُطْلَانُ جَاءَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَمِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُهُمَا فِي النِّيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ بَابِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ.
قَوْلُهُ: [وَمُتَابَعَةٌ لِلْإِمَامِ] إلَخْ: الْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا.
قَوْلُهُ: [فَالْمُسَاوَاةُ فِيهِمَا مُبْطِلَةٌ] : أَيْ وَإِنْ بِشَكٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْمَأْمُومِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ الْفِدْيَةِ، فَإِذَا شَكَّ: هَلْ هُوَ مَأْمُومٌ أَوْ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ فِي مَأْمُومِيَّةٍ مَعَ أَحَدِهِمَا وَسَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا إنْ تَسَاوَيَا، وَإِلَّا فَعَلَى السَّابِقِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا (فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) : أَنَّهُ إذَا شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفِدْيَةِ لَا تَبْطُلُ بِسَلَامِهِ قَبْلَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا فِي الْوَاقِعِ. وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفِدْيَةِ، أَوْ نَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ.
تَصِحُّ فِي صُورَتَيْنِ وَتَبْطُلُ فِي الْبَاقِي، إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ سَهْوًا قَبْلَ إمَامِهِ فَيُعِيدُهُ بَعْدَهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمَأْمُومِ (سَبْقُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مِنْ سَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ (وَكُرِهَ مُسَاوَاتُهُ) فِي غَيْرِهِمَا.
(وَ) إنْ سَبَقَهُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا وَلَوْ سَهْوًا (أُمِرَ) وُجُوبًا - وَقِيلَ: اسْتِنَانًا - (بِعَوْدِهِ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ) فِيهِ لِيَرْفَعَ بِرَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، أَوْ يَخْفِضَ بِخَفْضِهِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ إنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ. وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ: مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إدْرَاكَهُ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَبْطُلُ فِي الْبَاقِي] : لَكِنَّ الْبُطْلَانَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَهِيَ: مَا إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَخَتَمَ مَعَهُ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ سَاوَاهُ فِي الْبَدْءِ وَخَتَمَ قَبْلَهُ. وَأَمَّا إذَا سَاوَاهُ فِي الْبَدْءِ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَكَذَلِكَ إذَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ فِي الْبَدْءِ وَخَتَمَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَالْبُطْلَانُ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّحَّةَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ] : أَيْ حَيْثُ كَانَ يَشْرَعُ فِيهِ قَبْلَ الْإِمَامِ وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى يَأْخُذَ فَرْضَهُ مَعَهُ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَرْكَعُ قَبْلَهُ مَثَلًا وَيَرْفَعُ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَهْوًا فَيَرْجِعُ لَهُ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ. وَإِلَّا أُمِرَ بِالْعَوْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ تَرَكَ الْعَوْدَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَمَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ بِرُكْنٍ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ مَثَلًا فَتَارَةً يَكُونُ رَفْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ مَعَ الْإِمَامِ، وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ بَعْدُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ الرَّكْعَةُ مُطْلَقًا - سَبَقَ الْإِمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا - وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ مَعَ تَمَكُّنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ رَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَرَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدُ تَرْكِ رُكْنٍ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَلَمْ يُعِدْهُ، وَإِنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَأَعَادَهُ، فَقَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ رَفْعُهُ سَهْوًا وَجَبَ