الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: فِي النَّوَافِلِ
فِي بَيَانِ النَّوَافِلِ الْمَطْلُوبَةِ:
(نُدِبَ نَفْلٌ) فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّهْيِ، وَنَفْلُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي النَّوَافِلِ]
[النَّوَافِل الْمَطْلُوبَة وَالنَّوَافِل المؤكدة]
فَصْلٌ
إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِاحْتِوَائِهِ عَلَى تَطَوُّعٍ بِالصَّلَوَاتِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَإِنَّهُ بَعْضُ صَلَاةٍ.
وَالنَّفَلُ مَعْنَاهُ لُغَةً: الزِّيَادَةُ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَعَلَى السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ، وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيَفْعَلُهُ فِي بَعْضٍ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ رَأْسًا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ إدَامَةَ عَمَلِهِ. وَهَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ؛ لِخُرُوجِ نَحْوِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَهِيَ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ، وَاصْطِلَاحًا: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَظْهَرَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ.
وَالْمُؤَكَّدُ مِنْ السُّنَنِ مَا كَثُرَ ثَوَابُهُ كَالْوَتْرِ.
وَأَمَّا الرَّغِيبَةُ فَهُوَ لُغَةً: التَّحْضِيضُ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، وَاصْطِلَاحًا: مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّرْعُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي جَمَاعَةٍ. وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ حَدَّدَهُ تَحْدِيدًا بِحَيْثُ لَوْ زِيدَ فِيهِ عَمْدًا أَوْ نَقَصَ عَمْدًا لَبَطَلَ، فَلَا يُقَالُ إنَّهُ صَادِقٌ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ؛ فَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» لَا يُفِيدُ التَّحْدِيدَ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ غَيْرُهَا، بَلْ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَنَفْلُ الصَّلَاةِ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ الْقُرُبَاتِ لِجَمْعِهَا أَنْوَاعًا مِنْ
فَرْضَهَا أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ غَيْرِهَا.
(وَتَأَكَّدَ) النَّفَلُ (قَبْلَ) صَلَاةِ (ظُهْرٍ وَبَعْدَهَا)(وَقَبْلَ) صَلَاةِ (عَصْرٍ وَبَعْدَ) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِلَا حَدٍّ) فِي الْجَمِيعِ، فَيَكْفِي فِي تَحْصِيلِ النَّدْبِ رَكْعَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَّا الْمَغْرِبَ فَسِتٌّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْعِبَادَاتِ لَا تُجْمَعُ فِي غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: [وَتَأَكَّدَ النَّفَلُ] : قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي تَقْدِيم النَّوَافِلِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخِيرِهَا عَنْهَا مَعْنًى لَطِيفٌ مُنَاسِبٌ؛ أَمَّا فِي التَّقْدِيمِ فَلِأَنَّ النُّفُوسَ لِاشْتِغَالِهَا بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا بَعِيدَةٌ عَنْ حَالَةِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالْحُضُورِ الَّتِي هِيَ رُوحُ الْعِبَادَةِ، فَإِذَا قُدِّمَتْ النَّوَافِلُ عَلَى الْفَرَائِضِ أَنَسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ وَتَكَيَّفَتْ بِحَالَةٍ تَقْرُبُ مِنْ الْخُشُوعِ، وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا عَنْهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّوَافِلَ جَابِرَةٌ لِنَقْصِ الْفَرَائِضِ، فَإِذَا وَقَعَ الْفَرْضُ نَاسَبَ أَنْ يَقَعَ بَعْدَهُ مَا يَجْبُرُ الْخَلَلَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ (اهـ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَاعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ الْبَعْدِيَّ وَإِنْ كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ فِي الْوَاقِعِ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهِ لِعَدَمِ الْعَمَلِ، بَلْ يُفَوَّضُ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ الْجَبْرَ فِي الْوَاقِعِ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ صَلَاةِ ظُهْرٍ] إلَخْ: أَيْ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَإِلَّا مُنِعَ.
قَوْلُهُ: [بِلَا حَدٍّ] : أَيْ يَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى] إلَخْ: أَيْ فَالْأَفْضَلُ الْوَارِدُ وَكَوْنُهُ بَعْدَ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ.
(وَ) تَأَكَّدَ (الضُّحَى) : وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهُ ثَمَانٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَأَكَّدَ الضُّحَى] : أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «رَكْعَتَانِ مِنْ الضُّحَى يَعْدِلَانِ عِنْدَ اللَّهِ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَتَيْنِ» ، رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الثَّوَابِ عَنْ أَنَسٍ. وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الضُّحَى عُطِفَ عَلَى الضَّمِيرِ فِي " تَأَكَّدَ " لَا عَلَى نَفْلٍ، وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِدُخُولِ الضُّحَى فِي عُمُومِ نَدْبِ نَفْلٍ.
قَوْلُهُ: [أَكْثَرُهُ ثَمَانٍ] : لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: أَوْسَطُهُ سِتٌّ، لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَهَا اثْنَا عَشَرَ. فَمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِ بِنِيَّةِ الضُّحَى يُكْرَهُ لَا بِنِيَّةِ مُطْلَقِ نَفْلٍ. إنْ قُلْت الْوَقْتُ يَصْرِفُهَا لِلضُّحَى قِيلَ: صَرْفُهُ إذَا لَمْ يَصِلْ فِيهِ لِلْقَدْرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي هُوَ الثَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ (بْن) مَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ، عَلَى الثَّمَانِيَةِ قَوْلُ الْأُجْهُورِيِّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَالصَّوَابُ - كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ - إنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَكْثَرُهَا ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَكْثَرُ الْوَارِدِ فِيهَا لَا كَرَاهَةُ الزَّائِدِ عَلَى الثَّمَانِ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْبَاجِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .