الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُهُ لِمُنْتَبِهٍ) : أَيْ لِمَنْ شَأْنُهُ الِانْتِبَاهُ (آخِرَ اللَّيْلِ) لِصَلَاةِ التَّهَجُّدِ لِيَكُونَ وَتْرُهُ (آخِرَ) صَلَاتِهِ مِنْ (اللَّيْلِ) ، فَإِنْ قَدَّمَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَانْتَبَهَ آخِرَ فَصَلَّى نَفْلًا (لَمْ يُعِدْهُ) إذْ لَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ.
(وَجَازَ) لِمَنْ صَلَّى الْوَتْرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ آخِرَهُ (نَفْلٌ بَعْدَهُ) إذَا لَمْ يُوصِلْهُ بِهِ، بَلْ أَخَّرَهُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ أَوْصَلَ وَتْرَهُ بِنَفْلٍ، أَخَذَا مِمَّا يَأْتِي (إنْ لَمْ يَنْوِهِ) : أَيْ النَّفَلَ (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ) : أَيْ فِي الْوَتْرِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا أَوْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ وَهُوَ فِي الْوَتْرِ، (وَإِلَّا) : بِأَنْ نَوَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْوَتْرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَهُ، (كُرِهَ) لَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوصِلْهُ بِهِ - (كَوَصْلِهِ) : أَيْ كَمَا يُكْرَهُ وَصْلُ النَّفْلِ (بِهِ) أَيْ بِالْوَتْرِ، إذَا لَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْوَتْرِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: أَنْ لَا يَنْوِيَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ النَّفَلَ بَعْدَهُ، وَأَنْ لَا يُوصِلَهُ بِهِ، قَوْلُهُ (بِلَا فَاصِلٍ عَادِيٍّ) احْتِرَازٌ بِهِ عَنْ الْفَاصِلِ الْيَسِيرِ، فَكَالْعَدَمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَامَ وَلَوْ قَلِيلًا أَوْ جَدَّدَ وُضُوءَهُ أَوْ ذَهَبَ مِنْ الْمَسْجِد
ــ
[حاشية الصاوي]
[خَاتِمَة طول السُّجُود وطول الْقِرَاءَة فِي النَّفَل]
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ تَأْخِيرُهُ لِمُنْتَبِهٍ] : قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي (ر) : «كَانَ الصِّدِّيقُ يُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَعُمَرُ يُؤَخِّرُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْأَوَّلَ أَخَذَ بِالْحَزْمِ وَالثَّانِيَ أَخَذَ بِالْقُوَّةِ» . وَرَأَيْت لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الصِّدِّيقَ تَحَقَّقَ بِمَقَامِ: مَا خَرَجَ مِنِّي نَفَسٌ وَأَيْقَنْت أَنْ يَعُودَ. وَعَنْ عَلِيٍّ: يُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِرَكْعَةٍ فَإِذَا انْتَبَهَ صَلَّى رَكْعَةً ضَمَّهَا لِلْأُولَى فَيَكُونُ شَفْعًا، ثُمَّ تَنَفَّلَ مَا شَاءَ ثُمَّ أَوْتَرَ وَهُوَ مَذْهَبٌ لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَعَنَّا بِهِمْ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [لَمْ يُعِدْهُ] إلَخْ: تَقْدِيمًا لِلنَّهْيِ الْمَأْخُوذِ مِنْ حَدِيثِ: «لَا وَتْرَانِ فِي
لِبَيْتِهِ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ.
(وَ) كُرِهَ (تَأْخِيرُهُ) : أَيْ الْوَتْرِ (لِلضَّرُورِيِّ) : أَيْ ضَرُورِيِّهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ (بِلَا عُذْرٍ) : مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا.
(وَ) كُرِهَ (كَلَامٌ) بِدُنْيَوِيٍّ (بَعْدَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ لَا) بَعْدَ (فَجْرٍ) وَقَبْلَ صُبْحٍ.
(وَ) كُرِهَ (ضِجْعَةٌ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْهَيْئَةُ الْمَعْلُومَةُ بِأَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُنَا؛ إذْ لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (فَجْرٍ) وَقَبْلَ صُبْحٍ. (وَ) كُرِهَ (جَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ) : أَيْ صَلَاتِهِ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ وَلَوْ بِمَكَانٍ غَيْرِ مَشْهُورٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَ النَّفْلِ الِانْفِرَادُ بِهِ.
(أَوْ) صَلَاتُهُ فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ (بِمَكَانٍ مُشْتَهَرٍ) بَيْنَ النَّاسِ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْجَمَاعَةُ كَثِيرَةً - بَلْ قَلِيلَةً كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ - وَلَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ مُشْتَهَرًا (فَلَا) يُكْرَهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الصُّبْحِ الضَّرُورِيُّ (إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ) : أَيْ لِمِقْدَارِ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَيْلَةٍ» عَلَى حَدِيثِ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وَتْرًا» .
قَوْلُهُ: [كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُنَا] : أَيْ فَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَتَذَكَّرُ بِهَا ضَجْعَةَ الْقَبْرِ، وَيَقُولُ عِنْدَ الِاضْطِجَاعِ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَعِزْرَائِيلَ وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ. وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الضِّجْعَةِ إذَا فَعَلَهَا اسْتِنَانًا لَا لِاسْتِرَاحَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهَا.
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ] : وَمِنْ الْغَيْرِ الشَّفْعُ وَالْوَتْرُ، فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ فِيهِمَا.
مَا يَسَعُهُمَا - وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْوَتْرَ وَعَلَيْهِ الصُّبْحُ - (تَرَكَ الْوَتْرَ) وَأَدْرَكَ الصُّبْحَ (لَا) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِثَلَاثٍ) : أَيْ لِقَدْرِ مَا يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَوْ أَرْبَعًا؛ فَلَا يَتْرُكُهُ بَلْ يُصَلِّيهِ وَلَوْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَيُؤَخِّرُ الْفَجْرَ لِحِلِّ النَّافِلَةِ وَسَقَطَ عَنْهُ الشَّفْعُ.
(وَ) إنْ اتَّسَعَ (لِخَمْسٍ) أَوْ سِتٍّ (زَادَ الشَّفْعَ) وَأَخَّرَ الْفَجْرَ (مَا لَمْ يُقَدِّمْهُ) أَيْ الشَّفْعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ أَيْ مَا لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الْعِشَاءِ نَفْلًا وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ صَلَّى اقْتَصَرَ عَلَى الْوَتْرِ وَصَلَّى الْفَجْرَ وَأَدْرَكَ الصُّبْحَ فِي الْبَاقِي؛ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ قَدَّمَهُ " ضَعِيفٌ.
(وَ) إنْ اتَّسَعَ (لِسَبْعٍ زَادَ) عَلَى الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (الْفَجْرَ) وَأَدْرَكَ الصُّبْحَ فِي الْبَاقِي.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [تَرَكَ الْوَتْرَ] : هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ: يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْوَتْرَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَرْبَعًا] : خَالَفَ أَصْبَغُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَرْبَعًا، فَقَالَ: يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ. خَاتِمَةٌ:
هَلْ الْأَفْضَلُ فِي النَّفْلِ كَثْرَةُ السُّجُودِ أَيْ الرَّكَعَاتِ؟ لِخَبَرِ: «عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْك خَطِيئَةً» أَوْ طُولُ الْقِيَامِ بِالْقِرَاءَةِ؟ لِخَبَرِ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ طُولُ الْقِيَامِ وَلِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «فَإِنَّهُ تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ مِنْ الْقِيَامِ وَمَا زَادَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» ؟ قَوْلَانِ مَحَلُّهُمَا: مَعَ اتِّحَادِ زَمَانِهِمَا.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْفَرَائِضِ، وَمَا يَشْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (اهـ) وَلِبَعْضِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ:
كَأَنَّ الدَّهْرَ فِي خَفْضِ الْأَعَالِي
…
وَفِي رَفْعِ الْأَسَافِلَةِ اللِّئَامِ
فَقِيهٌ صَحَّ فِي فَتْوَاهُ قَوْلٌ
…
بِتَفْضِيلِ السُّجُودِ عَلَى الْقِيَامِ
: