الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَسُنَّ) حَالَ الْخُطْبَةِ (اسْتِقْبَالُ الْخَطِيبِ) بِذَاتِهِ لَا اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ فَقَطْ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ. وَهَذَا لَا يُمْكِنُ لِجَمِيعِ النَّاسِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَا الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ؛ أَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَلِأَنَّ الْمِنْبَرَ بِجَانِبِ الْمَقَامِ وَالْمَطَافُ حَائِلٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ فَإِذَا رَقَى الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَبَاقِيهِمْ فِي الْمَطَافِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَأَكْثَرُهُمْ خَلْفَ الْبَيْتِ وَجَوَانِبِهِ. وَأَمَّا الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ فَإِنَّ زِيَادَةَ عُثْمَانَ خَلْفَ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ وَخَلْفَ الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ مِنْ الْجِهَةِ الْقِبْلِيَّةِ، فَالْجَالِسُ فِيهَا يَكُونُ خَلْفَ ظَهْرِ الْخَطِيبِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ نَزَلَ وَتَخَطَّى الصُّفُوفَ حَتَّى يَصِلَ لِلْمِحْرَابِ الَّذِي فِي الزِّيَادَةِ
(وَ) سُنَّ (جُلُوسُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ (أَوَّلَ كُلِّ خُطْبَةٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْأُولَى وَأَوَّلِ الثَّانِيَةِ.
(وَ) سُنَّ (غُسْلٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ) الْجُمُعَةُ كَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى السَّطْحِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، قَالُوا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ لِلْمُؤَذِّنِ لَا غَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِهِ.
[سُنَن الْجُمُعَةِ وَمَنْدُوبَاتهَا]
قَوْلُهُ: [وَسُنَّ حَالَ الْخُطْبَةِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِ عليه الصلاة والسلام: «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ وَارْمُقُوهُ بِأَجْفَانِكُمْ» وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ، لَكِنَّ الَّذِي فِي (عب) أَنَّ طَلَبَ اسْتِقْبَالِهِ عِنْدَ نُطِقْهُ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ النُّطْقِ جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَرِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَجِبُ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (ح) وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ السُّنِّيَّةُ. وَقِيلَ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ طَلَبُ الِاسْتِقْبَالِ حَتَّى لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [وَالْمَطَافُ حَائِلٌ] : الْمُنَاسِبُ طَرِيقٌ.
قَوْلُهُ: [وَسُنَّ جُلُوسُهُ] : قَالَ ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ] : وَلَا يُشْكِلُ كَوْنُ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ
(وَصِحَّتُهُ) : أَيْ الْغُسْلِ: (بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ (وَاتِّصَالُهُ بِالرَّوَاحِ) إلَى الْمَسْجِدِ، وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ (فَإِنْ فَصَلَ كَثِيرًا أَوْ تَغَذَّى) خَارِجَهُ (أَوْ نَامَ خَارِجَهُ اخْتِيَارًا) أَوْ اضْطِرَارًا وَطَالَ (أَعَادَهُ) لِبُطْلَانِهِ.
(وَنُدِبَ) لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (تَحْسِينُ هَيْئَةٍ) : مِنْ قَصِّ شَارِبٍ، وَأَظْفَارٍ، وَحَلْقِ عَانَةٍ، وَنَتْفِ إبْطٍ - إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ - وَسِوَاكٍ؛ وَقَدْ يَجِبُ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ كَبَصَلٍ.
(وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) وَأَفْضَلُهَا الْأَبْيَضُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
سُنَّةً مَعَ أَنَّ نَفْسَ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ لَهَا وَاجِبٌ وَإِنْ شِئْت فَانْظُرْ إلَى السُّورَةِ وَنَحْوِهَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [وَاتِّصَالُهُ بِالرَّوَاحِ] : اسْتَعْمَلَ الرَّوَاحَ فِيمَا قَارَبَ الزَّوَالَ، وَإِلَّا فَالرَّوَاحُ فِي الْأَصْلِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ هَكَذَا قِيلَ، وَلَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي تَقْرِيرِهِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الرَّوَاحَ هُوَ الذَّهَابُ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ خِلَافًا لِجَمْعٍ. فَالْمَطْلُوبُ عِنْدَنَا هُوَ وَقْتُ الْهَاجِرَةِ فَلَوْ رَاحَ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا بِغُسْلِهِ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ - يُجْزِيهِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ.
قَوْلُهُ: [أَوْ تَغَذَّى خَارِجَهُ] إلَخْ: وَأَمَّا إنْ تَغَذَّى أَوْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي ذَهَابِهِ إلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [اخْتِيَارًا] : رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا لِلنَّوْمِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] : الْمُرَادُ التَّأَكُّدُ، وَإِلَّا فَتَحْسِينُهَا مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: [وَأَفْضَلُهَا الْأَبْيَضُ] : اعْلَمْ أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْدُوبٌ لَا لِأَجْلِ الْيَوْمِ بَلْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، فَيَجُوزُ لُبْسُ الْبَيَاضِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُلْبَسُ الْأَبْيَضُ فِيهَا. بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ لُبْسَ الْجَدِيدِ فِيهِ مَنْدُوبٌ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ. فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ لَبِسَ الْجَدِيدَ غَيْرَ الْأَبْيَضِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَبْيَضَ عِنْدَ حُضُورِهَا.
(وَتَطْيِيبٌ لِغَيْرِ نِسَاءٍ) وَيَحْرُمُ التَّجْمِيلُ بِالثِّيَابِ وَالطِّيبِ عَلَيْهِنَّ لِتَعَلُّقِ الرِّجَالِ بِهِنَّ.
(وَمَشْيٌ) فِي الذَّهَابِ فَقَطْ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ.
(وَتَهْجِيرٌ) أَيْ ذَهَابٌ فِي الْهَاجِرَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا السَّاعَةُ السَّادِسَةُ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَطْيِيبٌ] : إنَّمَا نُدِبَ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ يَوْمَهَا لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَقِفُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ.
قَوْلُهُ: [وَمَشَى فِي الذَّهَابِ] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ عز وجل لِأَنَّهُ عَبْدٌ ذَاهِبٌ لِمَوْلَاهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّوَاضُعُ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي إقْبَالِهِ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ اغْبَرَّتْ قَدِمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ فِي طَاعَتِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَشَأْنُ الْمَاشِي الِاغْبِرَارُ وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُ الِاغْبِرَارِ فِيمَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ، وَاغْبِرَارُ قَدَمَيْ الرَّاكِبِ نَادِرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاغْبِرَارَ لَازِمٌ لِلْمَشْيِ عَادَةً فَأُطْلِقَ اسْمُ اللَّازِمِ وَأُرِيدَ الْمَلْزُومُ الَّذِي هُوَ الْمَشْيُ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ.
قَوْلُهُ: [فَقَطْ] : أَيْ وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُنْدَبُ الْمَشْيُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ قَدْ حَصَلَ.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ بِهَا السَّاعَةُ السَّادِسَةُ] : أَيْ وَهِيَ الْمُقَسَّمَةُ إلَى السَّاعَاتِ أَيْ الْأَجْزَاءِ فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ
(وَتَقْصِيرُ الْخُطْبَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ) مِنْ الْأُولَى، أَيْ يُنْدَبُ كَوْنُهَا أَقْصَرَ. (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ صَوْتِهِ بِهِمَا) زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ الْجَهْرِ الْوَاجِبِ.
(وَبَدْؤُهُمَا بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) ، وَأَوْجَبَهُمَا الشَّافِعِيُّ كَمَا أَوْجَبَ الِاسْتِغْفَارَ وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى وَلَوْ فِي أَحَدِهِمَا.
(وَخَتَمَ الثَّانِيَةَ بِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ) .
(وَأَجْزَأَ) فِي النَّدْبِ (اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ) . (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةٌ فِيهِمَا) وَلَوْ آيَةً وَالْأُولَى سُورَةٌ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَرُوِيَ: " أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71]، وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقِرَاءَةَ وَجَعَلَ أَرْكَانَهَا خَمْسَةً الْأَرْبَعَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَالْقِرَاءَةَ؛ فَيَكْفِي عِنْدَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
تِلْكَ السَّاعَاتِ أَجْزَاءٌ لِلسَّادِسَةِ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَشَهَّرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ تَقْسِيمٌ لِلسَّاعَةِ السَّابِعَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُطْلَبُ خُرُوجُهُ فِي أَوَّلِهَا وَبِخُرُوجِهِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ لِسَمَاعِ الذِّكْرِ.
قَوْلُهُ: [وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ] : أَيْ وَكَذَا يُنْدَبُ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّخْفِيفَ لِكُلِّ إمَامٍ مَطْلُوبٌ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ رَفْعُ صَوْتِهِ بِهِمَا] إلَخْ: وَلِذَلِكَ نُدِبَ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا عَلَى مِنْبَرٍ.
قَوْلُهُ: [وَأَجْزَأَ فِي النَّدْبِ: اُذْكُرُوا اللَّهَ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا خَتْمُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خَتْمِهَا وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي آخِرِهَا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَدَلًا عَمَّا كَانَ يَخْتِمُ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ خُطْبَتَهُمْ مِنْ سَبِّهِمْ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه، لَكِنْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ قِرَاءَةٌ فِيهِمَا] : أَيْ فِي مَجْمُوعِهِمَا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إنَّمَا تُنْدَبُ فِي الْأُولَى كَمَا فِي (شب) .
قَوْلُهُ: [يَقْرَأُ فِيهَا] : أَيْ فِي خُطْبَتِهِ الْأُولَى.
وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اتَّقُوا اللَّهَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [الزلزلة: 7] إلَخْ، غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ مِثْلُ ذَلِكَ. وَكَذَا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِنَدْبِ قِرَاءَةِ حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَعَلَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ.
(وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (تَوَكُّؤٌ) حَالَ الْخُطْبَةِ (عَلَى عَصَا) وَأَجْزَأَ قَوْسٌ وَسَيْفٌ.
(وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْجُمُعَةِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى، (وَهَلْ أَتَاك أَوْ سَبِّحْ) بَعْدَهَا فِي الثَّانِيَةِ.
(وَ) نُدِبَ (حُضُورُ صَبِيٍّ وَ) امْرَأَةٍ (مُتَجَالَّةٍ) أَيْ عَجُوزٌ لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا، (وَمُكَاتَبٍ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ (وَ) حُضُورُ (قِنٍّ) أَوْ مُدَبَّرٍ (أَذِنَ سَيِّدُهُ) لَهُ فِي الْحُضُورِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهَلْ أَتَاك أَوْ سَبِّحْ] إلَخْ: أَيْ فَيَكُونُ الْخَطِيبُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ] : أَيْ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُدَبَّرٍ أَذِنَ سَيِّدُهُ] إلَخْ: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلسَّيِّدِ الْإِذْنُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْمَنْدُوبِ. قَالَ الْأُجْهُورِيُّ:
مَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ مِنْ ذِي الْعُذْرِ
…
عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فَادْرِ
وَمَا عَلَى أُنْثَى وَلَا أَهْلِ السَّفَرْ
…
وَالْعَبْدِ فِعْلُهَا وَإِنْ لَهَا حَضَرْ
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَقَدْ نَازَعَ (ر) وَ (بْن) فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى ذِي الرِّقِّ بَعْدَ الْحُضُورِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُقْتَضَى بِحَثِّ الْقَرَافِيُّ الْمَشْهُورِ فِي إجْزَائِهَا عَنْ الظُّهْرِ. (اهـ.) قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: لَكِنَّ مُنَازَعَتَهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الدُّخُولِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُجْهُورِيَّ قَالَ بِهِ وَخَصَّ وُجُوبَ الدُّخُولِ بِالْإِقَامَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، فَقَالَ (ر) : الصَّوَابُ أَنَّ الْوُجُوبَ عَامٌّ، وَأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْأَشْيَاخِ: أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَعْذُورَ بِخَوْفٍ أَوْ وَحَلٍ أَوْ مَطَرٍ مَثَلًا - إذَا حَضَرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ - وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ لِارْتِفَاعِ عُذْرِهِمْ لَمَّا حَضَرُوا، فَارْتَفَعَ الْمَانِعُ الْمُسْقِطُ لِلْوُجُوبِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ وَمَنْ مَعَهُ فَعُذْرُهُمْ قَائِمٌ بِهِمْ حَالَ حُضُورِهِمْ فَلَهُمْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا اللُّزُومُ فَالْإِقَامَةُ فَقَدْرٌ مُشْتَرَكٌ. (اهـ) .