الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك ينبغي للمؤمن أن يكون كثير الاستيقاظ للعبادة كلما استيقظ ذكر الله تعالى خائفاً من البَيَات.
روى الإمام أحمد في "الزهد" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنَّه كان له مِهْراس فيه ماء، فيصلي ما قُدِّر له، ثم يصير إلى الفراش، فيغفى إغفاء الطير، ثم يقوم فيتوضأ، ثم يصلي، ثم يرجع إلى فراشه، فيغفى إغفاء الطير، ثم يثب فيتوضأ، ثم يصلي؛ يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمس مرات (1).
وقوله: إغفاء الطير؛ يعني: إنَّه كان لا يدوم نومه وغفلته، بل ينام كأنه مذعور يخاف البيات، كما أن الطير لا ينام نومة واحدة، بل تغفي وتهب خوفاً من الجوارح.
وفي كتاب الله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 97 - 99].
-
ومن أوصاف طير الليل كالبوم، والهام، والخفاش:
الاختفاء نهاراً خوفاً من كواسر الطير، وسكنى الخراب، والانفراد في الأماكن الخالية.
ومنها ما لا يبني له وَكْنة ولا عُشاً.
(1) ورواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 438).
وقد يستحسن من العبد مثل ذلك حيث كان فيه صلاح حاله، وخلوص قلبه، كما أنَّ عيسى بن مريم عليهما السلام لم يتخذ داراً ولا عقاراً.
وقد روى أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعنده كعب الأحبار رحمه الله تعالى، فقال كعب: يا أمير المؤمنين! ألا أخبرك بأغرب شيء قرأته في كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: إن هامة جاءت إلى سليمان عليه السلام، فقالت: السلام عليك يا نبي الله.
قال: وعليك السلام يا هامة؛ أخبريني كيف لا تأكلين من الزرع.
قالت: يا نبي الله! إنَّ آدم عليه السلام أخرج من الجنة بسببه.
قال: وكيف لا تشربين الماء؟
قالت: لأنه غرق فيه قوم نوح عليه السلام، فلذلك لا أشربه.
قال لها سليمان: كيف تركت العمران ونزلت الخراب؟
قالت: لأن الخراب ميراث الله؛ فأنا أسكن ميراث الله.
قال سليمان: فما صياحك في الدور إذا مررت عليها؟
قال: أقول: ويل لبني آدم! كيف ينامون وأمامهم الشدائد.
قال: فما لك لا تخرجين بالنهار؟
قالت: من كثرة ظلم بني آدم لأنفسهم.