الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ لا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ؛ فَحَدِّثُوْنِيْ مَا هِيَ؟ ".
ثم قال: "هِيَ النخْلَةُ"(1).
ووجه التمثيل: أن المسلم لا يتعرى من جماله وكسوته؛ أعني: من أعماله الصالحة، ولا من أخلاقه الجميلة، ولا من آدابه الحسنة، كما لا تتعرى النخلة من أوراقها صيفاً ولا شتاءاً.
وأيضاً فإنه ليس في النخلة شيء إلا ينفع؛ ثمرها، وجريدها، وكربها، وليفها، وقلبها.
وكذلك المؤمن لا يكون منه إلا نفع كما روى الرامهرمزي - بسند جيد - عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلَ النَّخْلَةِ؛ إِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ سَاكَنْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَارَكْتَهُ نَفَعَكَ"(2).
-
ومن ذلك النمل:
وإنما ذكرته مع الطير لأنه يطير آخر عمره كما تقدم.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4859)، والبخاري (61)، ومسلم (2811)، والترمذي (2867).
(2)
رواه الرامهرمزي في "أمثال الحديث"(ص: 69)، وكذا أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 129)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9072)، وأبو الشيخ في "أمثال الحديث" (ص: 405) كلهم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وفيه من الخصال المحمودة أنه ضعيف حتى يضرب به المثل، فيقال: أضعف من نملة.
ومع ذلك لا يدع الحركة فيما ينفعه، ولذلك سمي نملاً لتنمله، وهو كثرة حركته.
وله حيلة في طلب الرزق، فإذا وجد شيئاً أنذر إخوانه لتأتيه، ويقال: إنما يفعل ذلك رؤساؤها.
والاعتبار في ذلك أن المؤمن ينبغي له أن يتحرك في نفع نفسه ومن يعوله على قدر حاله، ولا يكون كَلًّا على الناس، ولا يستبعد على نفسه الوصول إلى مطلوبه لضعفه كما قيل:[من السريع]
اقْنَعْ فَلا تَبْقَى بِلا بلغَة
…
فَلَيْسَ يَنْسَى رَبُّكَ النَّمْلَةْ
إِنْ أَقْبَلَ الدَّهْرُ فَقُمْ قائِماً
…
وَإِنْ تَوَلَّى مُدْبِراً نَمْ لَهْ
وروى الدارقطني، والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقْتُلُوْا النَّمْلَ؛ فَإِنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسْتَسْقِيْ فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ مُسْتَلْقِيَةٍ عَلَىْ قَفَاهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا تَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، لا غِنَىْ لَهُ عَنْ فَضْلِكَ، اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنَا بِذِنُوْبِ عِبَادِكَ الْخَاطِئِيْنَ، وَاسْقِنَا مَطَرًا تُنْبِتْ لَنَا بِهِ شَجَرًا وَأَطْعِمْنَا ثَمَرًا، فَقَالَ سُلَيْمَانُ عليه السلام: ارْحَلُوْا فَقَدْ كُفِيْنَا وَسُقِيْتُمْ بِغَيْرِكُمْ"(1).
(1) رواه الدارقطني في "السنن"(2/ 66)، والحاكم في "المستدرك" (1215) ولفظهما: "خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقي، فإذا هو بنملة=