الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانْ يَسْعَىْ عَلَىْ وَلَدهِ صِغَارًا فَهُوَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ" (1).
وفي "صحيح مسلم"، و"جامع الترمذي" عن أبي قلابة، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ دِيْنَارِ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِيْنَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَىْ عِيَالِهِ، وَدِيْنَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دابَّتِهِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ، وَدِيْنَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَىْ أَصْحَابِهِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ".
قال أبو قلابة رحمه الله تعالى: بدأ بالعيال.
ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم الله به؛ أي: ينفعهم الله به ويغنيهم (2).
-
ومن ذلك: الأرنب والثعلب؛ يضرب بهما المثل في الفرار
.
وفي المثل: ألطف من الأرنب (3)، وأطعم أخاك من كلية الأرنب (4)؛ يضرب في المواساة ولو في القليل، وهو من أخلاق المؤمن.
والثعلب ذو فرار مما يؤذيه، وحذر وحيلة.
وذلك كله ممدوح من العبد إذا كان في محله كأن يفر بدينه، ويحذر من عدوه، ويحتال في استخلاص نفسه إذا وقع في معضلة، وفي نفع نفسه من غير مخالفة للشرع في شيء من ذلك.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه مسلم (994)، والترمذي (1966).
(3)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 285).
(4)
انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 433).
وإنما كراهية المشابهة بالثعلب في الروغان إذا كان عن الحق كما تقدم.
روى أبو نعيم، والبيهقي في "الزهد"، والرافعي في "تاريخ قزوين" عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَأْتِيْ عَلَىْ النَّاسِ زَمَانٌ لا يَسْلَمُ لِذِيْ دِيْنٍ دِيْنُهُ إِلَاّ مَنْ فَرَّ مِنْ شَاهِقٍ إِلَىْ شَاهِقٍ أَوْ جُحْرٍ إِلَىْ جُحْرٍ كَالثَّعْلَبِ بِأَشْبَالِهِ"(1).
وذلك في آخر الزمان إذا لم تحصل المعيشة إلا بمعصية الله تعالى، فإذا كان ذلك حلت الغربة.
يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يدي أبويه إن كان له أبوان، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم يكن له ولد فعلى يدي الأقارب والجيران؛ يعيرونه بضيق المعيشة، ويكلفونه ما لا يطيق.
وقلت موالياً: هَذا الزَّمانُ الَّذِي لَمْ يَصْفُ فِيهِ العَيْش
إِلَاّ بِمَعْصِيَةِ اللهِ وَاتِّباعِ الْهَيش
فَاحْرِصْ عَلى الدِّينِ وَاهْرُبْ مِنْ مَكافيِ الطَّيش
وَاقْنَعْ تَسَاوي البِلَى بَيْنَ الْحَرِيرِ وَالْخَيْش
(1) تقدم تخريجه.