الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإياك والعُجْب؛ فإنه أخوف ما أخاف عليك، والمعجب كالممتنِّ على الله تعالى، فالله أولى بالمنَّة فيه (1).
وأمَّا سواد القلب وظلمته، وشين الوجه وتشوهه بسبب المعصية فذلك مما لا يشهده من الناس في وجوه أهل المعصية إلا الخواصُّ من المؤمنين الذين ينظرون بنور الله تعالى، ووظيفة عوام المسلمين في ذلك التصديق بما جاء في الحديث مما يدل عليه والإيمان به؛ فإنَّ الإيمان به يجلو بصر العبد وبصيرته حتى يرى ذلك عياناً.
وأما الزين والنضرة في وجوه أهل الطاعة؛ فإنَّ عوام الناس يشاهدون ذلك غالباً إمَّا زيادة في إيمانهم بحال ذلك الطائع، وإمَّا ليؤيد ذلك الطائع عندهم ويُصان عن ابتذالهم.
وزين وجوه أهل الطاعة أكثر ما يخفى على الحاسدين.
ومن هنا يرى الناس العالم العامل مَهيباً كاملاً يتبركون به، ويأخذون عنه، ويراه قِرْنه في العلم نازلاً عن ذلك، وليس على العلماء شيء أشد ضرراً من الحسد ورؤية الكمال لأنفسهم، والنقص لغيرهم.
*
الفائِدَةُ التَّاسِعَةُ:
رقة قلب التائب، وحياؤه وتوقعه لرحمة الله تعالى، وقبول التوبة منه.
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "التوبة"(46).
روى الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: جالسوا التوابين؛ فإنهم أرق شيءِ أفئدة (1).
وروى ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله رحمه الله تعالى قال: داروا الذنوب بالتوبة، ولرُبَّ تائب دعته التوبة إلى الجنة حتى أوفدته عليها.
وقال: قلب المؤمن التائب بمنزلة الزجاجة يُؤثِّر فيها جميع ما أصابها، فالموعظة إلى قلوبهم سريعة وهم إلى الرقة أقرب.
وقال: جالسوا التوابين؛ فإنَّ الرحمة إلى قلوبهم أقرب (2).
قلت: وقد يستدل لذلك بقوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]؛ فإنَّ التائب محسن.
وروى ابن أبي الدنيا عن محمد بن واسع رحمه الله تعالى قال: الذنب على الذنب يميت القلب (3).
وقال ابن المبارك رحمه الله تعالى كما رواه ابن أبي الدنيا: [من المتقارب]
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 120)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(34465)، وابن أبي الدنيا في "التوبة"(137).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "التوبة"(175).
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "التوبة"(156).