الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: يا رسول الله! ما الوعول والتحوت؟
قال: "الْوعُوْلُ وجُوْهُ النَّاسِ، وَالتُّحُوْتُ الَّذِيْنَ تَحْتَ الأَقْدَامِ".
وفي رواية: قالوا: يا رسول الله! ما الوعول؟
قال: "وجُوْهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُها"(1).
شبههم بالوعول لتمنعها تشبيهاً لشرف نفوسهم وارتفاع هممهم بالوعول في تحصُّنها، وسكناها قنان الجبال، وقلل الأطواد والشوامخ.
-
ومن عادة الوعل:
أنه إذا لسعته حية أكل السرطان فيبرأ، وقد سبق أنه مولع بأكل الحيات فربما ضرته، وقد سبق أنه يحتمي بعد أكلها عن الماء.
وهذا أمر عجيب الإلهام؛ فإنه ألهم الطب بطرفيه لأن الطب يرجع إلى الحمية، والعلاج بالأدوية.
ونظير ذلك أن الأفعى تختفي في التراب أربعة أشهر في البرد، ثم تخرج وقد أظلمت عيناها، وقيل: تعمى، فتطلب شجرة الرازيانج فتحك عينيها به، فيرجع إليها بصرها. ذكره القزويني.
وقال غيره: إذا مرضت أكلت ورق الزيتون فتشفى.
وكثير من الأنعام والدواب تأكل من المرعى شيئاً دون شيء،
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 98)، وكذا ابن حبان في "صحيحه"(6844).
وربما كان فيما عافته ضررها فتحجم عنه بإلهام من الله تبارك وتعالى.
فينبغي للإنسان أن لا يكون أعجز من الحيوان في تدبير فصول السنة، واتقاء حرها وبردها صيفاً وشتاءً؛ فإن الحية وغيرها من دواب الأجحرة يحتجر أربعة أشهر ونحوها، وبعض الطير يشتي في البلاد الدافئة، ويصيف في البلاد الباردة كالخطاف، ولا في الحمية عما يضره، والتداوي بما ينفعه عند الحاجة إليه، ولا ينفي عنه ذلك شيئاً من التوكل والثقة بالله تعالى.
روى ابن ماجه عن قيس بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فوضعنا له ماء يتبرد به، فاغتسل (1).
وروى ابن السني، وأبو نعيم؛ كلاهما في "الطب" عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وقد وضع له ماء ليتبرد به، فجاء العباس فستره (2).
وروى أبو نعيم عنه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسْتَدْفِئُوْا مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْد"(3).
(1) رواه ابن ماجه (3604)، وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف"(24762).
(2)
ورواه الحاكم في "المستدرك"(5415)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5829)، والروياني في "مسنده" (1062). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 269): رواه الطبراني، وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس، وهو ضعيف.
(3)
كذا عزاه السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص: 120) إلى أبي نعيم، وضعفه.
وعن مدركة بن حجير رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً نائماً في الشمس فقال: "قُمْ؛ فَإِنَّها تُغَيِّرُ الْبَدَنَ وَتُبْلِي الثَّوْبَ"(1).
وروى ابن السني، وأبو نعيم، والحاكم وصححه، عن عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم يُستعذب له الماء العذب (2).
وروى الشيخان، وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَاّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً"(3).
وروى أبو داود، والترمذي، والحاكم وصححاه، والنسائي، وابن ماجه، وابن السني، وأبو نعيم عن أسامة بن شريك رضي الله تعالى عنه قال: قالوا: يا رسول الله! هل علينا جُناح ألا نتداوى.
قال: "تَدَاووا عِبَادَ اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَاّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَم"(4).
(1) وروى بمعناه الحاكم في "المستدرك"(8264) عن ابن عباس رضي الله عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: ذا من وضع الطحان.
(2)
ورواه أبو داود (3735)، وابن حبان في "صحيحه"(5332).
(3)
رواه البخاري (5354)، وابن ماجه (3439). وذكره الحميدي في "الجمع بين الصحيحين"(3/ 242) في أفراد البخاري.
(4)
رواه أبو داود (3855)، والترمذي (2038) وقال: حسن صحيح، والحاكم في "المستدرك"(7430)، والنسائي في "السنن الكبرى"(7553)، وابن ماجه (3436).
وروى ابن السني، وأبو نعيم، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: أجيف برجل من الأنصار يوم أحد، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبين كانا بالمدينة، فقال:"عَالِجَاهُ".
فقالا: إنما كنا نعالج ونحتال في الجاهلية، فلما جاء الإسلام فما هو إلا التوكل.
فقال: "عَالِجَاهُ؛ فَإِنَّ الَّذِيْ أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ، ثُمَّ جَعَلَ فِيْهِ شِفَاءً".
فعالجاه، فبرأ (1).
وروى الإمام مالك في "الموطأ" عن زيد بن أسلم رحمهما الله تعالى: أن رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح، فحقن الدم، فدعى له رجلان من بني أنمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيُّكُمَا أَطَبُّ؟ ".
فقال أحدهما: يا رسول الله! أوفي الطبِّ خير؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِيْ أَنْزَلَ الدَّاءَ هُوَ الَّذِيْ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ"(2).
وهو - وإن كان مرسلاً - فذِكْرُ مالك له إثبات لأصله، وشاهده
(1) روى الحاكم في "المستدرك"(7433) الحديث دون القصة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 99): رواه البزار، وفيه عاصم بن عمر العمري، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: يخطئ ويخالف، وبقية رجاله ثقات.
(2)
رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 943).