الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآخية - ويمد، ويخفف -: عود في حائط، أو في حبل يدفن طرفاه في الأرض، ويبرز طرفه كالحلقة تشد فيها الدابة، وجمع: أخايا، وأخاي؛ قاله في "القاموس"(1).
والمعنى في الحديث: أن المؤمن يبعد عن ربه تعالى بالذنوب والإيمان ثابت في قلبه، كما أن الفرس يبعد عن آخيته ما طال رَسَنُه، ثم يعود إلى آخيته الثابتة.
-
ومن أحوال الخيل:
أن تنقسم انقسام الإنسان من حيث النسب، وتعتبر بأنسابها.
قال أهل اللغة: إذا كان الفرس كريم الأصل رائع الخلق، مستعداً للجري فهو عتيق وجواد، فإذا استوفى أقسام الكرم وحسن المنظر والمخبر، فهو طرف - بالكسر - وبذلك يوصف الإنسان.
قال في "الصحاح": والطرف أيضاً: الكريم من الفتيان (2).
والذي تلخص من "القاموس": أن الطرف - بالفتح مع إسكان الثاني، وفتحه - بمعنى الكريم، وبالكسر: الكريم الطرفين (3).
قال في "الصحاح": ويقال: فلان كريم الطرفين؛ يراد به نسبُ أبيه ونسب أمه، انتهى (4).
(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1624)(مادة: أخو).
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1393)(مادة: طرف).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1074)(مادة: طرف).
(4)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1393)(مادة: طرف).
وإذا اختلف أبواه فهو إما هجين، وإما مقرف.
قال في "الصحاح": والهُجنة في الناس وفي الخيل إنما تكون من قبل الأم، فإذا كان الأب عتيقاً والأم ليست كذلك كان الولد هجيناً.
قال الراجز: [من الرجز]
ثَلاثَةٌ أَيُّهُمْ تلتمسُ
…
العَبْدُ وَالْهَجِينُ وَالفَلَنْقَسُ
قال: والإقراف من قبل الأم.
قالت هند:
فَإِنْ نُتِجتْ حُرًّا كَرِيْماً فَبِالْحرى
…
وإنْ يَكُ إقرافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ (1)
وقال في باب السين: الفلنقس: الذي أبوه مولى وأمه عربية، وأنشد:
العَبْدُ وَالْهَجِينُ والفلنقسُ
…
ثَلاثَةٌ فَأَيُّهُمْ تَلْتَمِسُ
قال: وقال أبو الغوث: الفلنقس: الذي أبوه مولى وأمه مولاة.
والهجين: الذي أبوه عتيق وأمه مولاة.
والمقرف الذي أبوه مولى وأمه ليست كذلك، انتهى (2).
وقال في "القاموس": الفلنقس - كسَمَنْدَل -: مَنْ أبوه مولى وأمه
(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2217)(مادة: هجن).
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 960)(مادة: فلقس).
عربية، أو أبواه عربيان وجدتاه أَمَتان، أو أمه عربية لا أبوه، أو كلاهما مولى.
والبخيل الرديء كالفلنقس (1).
وقال في باب النون: الهجين: اللئيم، وعربي ولِدَ من أمة أو من أبوه خير من أمه، انتهى (2).
ولا شك أنَّ من كرم طرفاه أفضل من غيره نسباً، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيْمَيْنِ" رواه الطبراني في "الكبير" عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه (3).
أي: مؤمن أبواه مؤمنان، أو أبواه نسبيان، أو بين عملين صالحين لا يفرغ من أحدهما إلا نصب في الآخر، أو بين صاحبين صالحين؛ أي: لا يصحب طالحاً، أو أحدهما صالح لدينه والآخر لدنياه، أو حالين كريمين بين حركة في خير أو سكون عن شر.
وقد يكون الإنسان كريم النسب لكنه خبيث الطباع، وقد يكون خبيث النسب كريم الطباع، والله يفعل ما يشاء في عباده، ويطبع كل واحد منهم على مراده، والمرجع إلى قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 727)(مادة: فلقس).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1599)(مادة: هجن).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 82). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 82): فيه معاوية بن يحيى، أحاديثه مناكير.
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]؛ أي: أتقاكم في نفسه وإن اختلفت أنسابكم وبلادكم وأزمنتكم.
وقال أنس بن زنيم لعبد الله بن زياد: [من الرمل]
سَلْ أَمِيرِي ما الَّذِي غَيَّرَهْ
…
عَنْ وِصالِي اليَوْمَ حَتَّى وَدَّعَهْ
لا تُهِنِّي بَعْدَما أَكْرَمْتَنِي
…
وَعَزِيزٌ عادَةٌ مُنْتَزَعَهْ
لا يَكُنْ بَرْقُكَ بَرقاً خُلَّباً
…
إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ ما الْماءُ مَعَهْ
كَمْ بِجُودٍ مقرفٌ نالَ العُلَى
…
وَكَرِيمٍ بُخْلُهُ قَدْ وَضَعَهْ (1)
وفي المثل: استكرمت فاربط، أو فارتبط.
وربما قالوا: أكرمت فارتبط؛ أي: وجدت فرساً كريماً فاربطه، واستمسك به.
قال الزمخشري: يضرب في وجوب الاحتفاظ بالنفائس (2).
والمعنى في ذلك: أنَّ الإنسان إذا وجد رفيقاً رفيقاً، أو صديقاً صدوقاً، أو شيئاً موافقاً فليستمسك به؛ فإنه عزيز.
وقد قلت: [من البسيط]
(1) انظر: "الأغاني" للأصبهاني (8/ 402).
(2)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 158).
احْرِصْ عَلى وِدِّ خِلٍّ طابَ عُنْصُرُهُ
…
وَقَدْ صَفا لَكَ مِنْهُ الوِدُّ وَالوَمَقُ
مِنَ السَّعادَةِ أَنْ تَلْقَى أَخا ثِقَةٍ
…
فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِهِ إِنْ كانَ يتفقُ
وَمَنْ يُفارِقْ خَلِيلاً كَيْ يُوافِقَ مَنْ
…
يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُ خانَهُ الحمقُ
وَمَنْ يَعزهُ أَخو صِدْقٍ فَلَمْ يَرَهُ
…
فِي النَّاسِ وَالآنَ ما فِي قَولهم ألَقْ
فَلْيَرْضَ بِاللهِ مِنْ كُلِّ الوَرى عِوَضاً
…
كَفَى بِهِ آنِساً إِنْ مَسَّهُ الفَرَقُ
رَأَيْتُ عُزْلَةَ قَلْبِيَ الآنَ أَفْضَلَ ما
…
يَرْجُوهُ ذُو اللُّبِّ مِنْ أَمْرٍ بِهِ يَثقُ
قَلقتُ مِنْ فَعَلاتِ الدَّهْرِ فِي زَمَنٍ
…
حَتَّى عَرَفْتُ فَزالَ الْهَمُّ وَالقَلَقُ
وفي المثل: الخيل أعرف بفرسانها.
قال أبو عبيد: يعني: إنها اختبرت ركبانها، فهي تعرف الأكفاء من أهل الفروسية؛ يضرب لمن يستعين بالأكفاء، وربما يضرب لمن يخبر للصاحب بما هو عليه فينزله بمنزلته (1).
(1) وانظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (1/ 418).
وكذلك ينبغي للإنسان أن يكون عارفاً بمن له غناء ممن لا غناء فيه، فينزل الناس منازلهم، ويعرف الصديق من العدو.
وفي أمثال العوام: فلان ما يعرف صديقه من عدوه.
وفي معناه أيضاً قولهم في المثل الآخر: وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.
وقولهم: أنا أخبر بشمس بلادي.
وقولهم: المربي أخبر من الشاري.
وفي المثل: هما كفرَسَيْ رهان؛ يضرب للمتسابقين إلى غاية في خير أو شر (1).
والاعتبار فيه أنَّ الإنسان ينبغي له المسابقة إلى الخيرات كما قال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148].
وكثيراً ما يضرب المثل بالسوابق من الخيل في الاستباق إلى خير، فيمثلون السابق والتالي بالسابق من الخيل، ثم بالمصلي، ثم المسلي، ويقال: القفي، ثم التالي، ثم المرتاح، ثم العاطف، ثم الحظي، ثم المؤمل، ثم اللطيم، ثم السكيت.
وقال الجاحظ: كانت العرب تعد السوابق ثمانية، ولا يعد ما جاء بعدها حظاً، وجعل اللطيم ثامناً.
(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 369).
قال: وكانت العرب تلطم وجه الأخير وإن كان له حظ.
ويقال لمن جاء بعد العشرة: المقروح، والفسكل، والقاشور؛ والثلاثة بمعنى واحد.
والفسكل فيه لغات: كقنفذ، وزبرج، وزنبور، وبرذون.
ويقال للقاشور: القاشر، ويضرب المثل بها للمقصر في الأمر (1).
والأناسي كالخيل في الاستباق، فالسابقون كالسوابق، والمتأخرون عن الخير والسبق فيه كالمتأخرات.
وفي المعنى يقال في المثل: ولكن جئت في الزمن الأخير.
ويقال: ليس السابق كاللاحق.
وقالوا: ليس قطاً كمثل قطي.
ويقال: فرُّوج تدايك.
وقال كشاجم: [من مجزوء الكامل المرفّل]
وَتَسابَقَتْ عُرْجُ الْحَمِيـ
…
ـرِ فَقُلْتُ مِنْ عَدَمِ السَّوابِقْ
وقلت: [من المجتث]
ما فِي الزَّمانِ سَبُوقٌ
…
وَلا سَبُوحٌ مُصْلِّيْ
وَلا مُسلٍّ إِذا كا
…
نَ لِلقُلُوبِ يُسلِّي
بَلِ البطالَةُ صارَتْ
…
لِلنَّاسِ أَفْضَلَ شُغْلِ
(1) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 520)(مادة: فسكل).
وَلَيْتَهُمْ بَعْدَ هَذا
…
لَمْ يَزْعُموا كُلَّ فَضْلِ
تَساوَتِ النَّاسُ حَتَّى
…
لَمْ يُحْسِبُوا رَبَّ أَصْلِ
وَإِنْ تَرُمْ سَيِّدَ النَّا
…
سِ لا تَجِدْ غَيْرَ فسلِ
فَما البُكاءُ بِمُجْدٍ
…
لِذاتِ حُزْنٍ وَثُكلِ
تُرِيدُ إِقْبالَ خَيْرٍ
…
عَلى الزَّمانِ الْمُوَلِّي
لا يَنْفَعُ الْمَرْءَ إِلَاّ
…
أَداءُ فَرْضٍ وَنَفْلِ
وفي المثل: جري المذكي حسرت عنه الحمر؛ أي: كلت وأعيت (1).
والمذكي فاعل من التذكية: هو الفرس إذا أتى عليه بعد القروح سنة أو سنتان، وهو أقوى ما يكون فيه الفرس من السن؛ يضرب في تبريز الرجل على أقرانه.
وفي المثل: مذكية تقاس بالجذاع.
المذكية: الفرس المسنة، والجذاع: الصغار؛ يضرب لمن يقيس الصغير بالكبير (2).
والاعتبار في ذلك أن يكون الإنسان قوياً في دينه، لا يلحق شَأْوه في العلم والعبادة والفضائل.
(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (2/ 51).
(2)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (2/ 344).
روى الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيٌّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلِّ خَيْرٌ.
احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْء فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ" (1).
وفي المثل: يجري بُليق ويُذم.
قال في "الصحاح": وهو اسم فرس كان يسبق الخيل، وهو مع ذلك يعاب (2).
وكذلك قال الزمخشري، وقال: يضرب لذم المحسن (3).
ومثله: الشعير يؤكل ويذم؛ يضرب في ذم المحسن (4).
قلت: وقد يضربان في شكاية سوء حظ بعض المحسنين.
وفي المثل: أحشُّك وتروثني؛ يضرب لمن يسيء إليك وأنت تحسن إليه.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 366)، ومسلم (2664)، وابن ماجه (4168).
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1451)، (مادة: بلق).
(3)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (2/ 409).
(4)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 327).
وأول من قاله رجل كان يعلف فرساً له، فراث عليه، فقال ذلك مخاطباً للفرس (1).
ولا يقال ذلك للعتيق؛ فإنه لا يكون منه ذلك.
ثم صار مثلاً لكل من قابل الإحسان بالإساءة، وهو غير لائق.
وفي هذا المعنى قيل: [من الوافر]
أُعَلِّمُهُ الرِّمايَةَ كُلَّ يَوْمٍ
…
فَلَمَّا اسْتَدَّ ساعِدُهُ رَمانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ القَوافِي
…
فَلَمَّا قالَ قافِيةً هَجانِي (2)
والحق الذي لا شبهة فيه قول الله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60].
وفي المعنى قالوا: ما جزاء من أحب إلا أن يُحب.
نعم، الإحسان إلى المسيء أعلى رتبة من الإحسان إلى المحسن، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ أَخْلاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ". رواه البيهقي (3).
(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (1/ 110).
(2)
انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (2/ 200)، والبيتان لمعن بن أوس المزني، انظر:"البيان والتبيين" للجاحظ (ص: 449).
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8300)، وكذا عبد الرزاق في "المصنف"(20237) عن ابن أبي حسين.