الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ فَتَّشْتَ عَنْ أَعْمالِهِ لا
…
تَجِدْهُ أخاً لأَعْمالٍ حِسانِ
رآهُ النَّاسُ فَافْتُتِنُوا بِما قَدْ
…
رَأَوْا مِنْهُ أَشَدَّ الافْتِتانِ
وقرأت في بعض المجاميع حديثاً: "الْمُؤْمِنُ فِي الْمَسْجِدِ كَالسَّمَكِ فِيْ الْمَاءِ، وَالمُنَافِقُ فِيْ الْمَسْجِدِ كَالطَّيْرِ فِيْ الْقَفَصِ"(1).
ولم أجده في كتب الحديث مع التطلُّب، ولكن معناه صحيح يشهد له الحديث المتقدم:"إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإيْمَانِ"(2).
وفي كتاب الله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [التوبة: 18].
-
ومن ذلك: الإبل
.
وهي توصف بالحنين، وهو الشوق وتوقان النفس، وهي تحن إلى أوطانها، وتشتاق إلى معاطنها حتى قالوا في المثل: لا أفعله ما حنت الإبل.
وقالوا: ما حنت النيب، وهي جمع ناب، وهي المسنة من النوق (3).
(1) قال العجلوني في "كشف الخفاء"(2/ 388): لم أعرفه حديثاً، وإن اشتهر بذلك، ويشبه أن يكون من كلام مالك بن دينار، فقد نقل المناوي عنه أنه قال: المنافقون في المسجد كالعصافير في القفص.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (2/ 247).
وقال الشريف الرضي يخاطب ناقته: [من الطويل]
تَحِنِّينَ إِلَاّ أَنَّ بِي لا بِكِ الْهَوى
…
وَلِي لا لَكِ اليوْمَ الْخليطُ المودَّعُ
وَباتَتْ تَشَكَّى تَحْتَ رِجلي ضَمانهُ
…
كِلانا إِذاً يا ناقُ نضوٌ مُفَجَّعُ
أَحَسَّتْ بِنارٍ فِي ضُلُوعِي فَأَصْبَحَتْ
…
يَخُبُّ بِها حر الغَرامِ ويوْضِعُ
وأجاد مهيار في قوله: [من الطويل]
إِذا فاتَها رَوْضُ الْحِمى وَجُنُوبُه
…
كَفاها نَسِيمُ البابِلِيِّ وَطِيبُهُ
فَدَعْها تَكْسُ العَيْشَ طوعَ قُلُوبِها
…
فأمرَعُ ما تَرْعاهُ ما تَسْتَطِيبُهُ
وَإِنَّ الثُّمادَ البرض فِي عِزِّ قَوْمِها
…
لأَنْقعُ مِنْ جمرٍ يذل غَرِيبُهُ
يَلُومُ عَلى نَجدٍ ضنينٍ بدمعةٍ
…
إِذا فارقَ الأَحْبابَ جفتْ غُروبُه
وما النَّاسُ إِلَاّ مَنْ فُؤادِي فؤادهُ
…
لأَهْلِ الغَضا أَوْ مَنْ حَبِيبي حبيبُه
ومما يمدح به الإنسان حنينه إلى الأوطان حتى قيل: حب الوطن من الإيمان؛ وليس بحديث.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه.
وقال أيضاً: قالت حكماء الهند: ثلاثة أصناف من الحيوان تحن إلى الأوطان: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وَكْره وإن كان موضعه مجدباً، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر له نفعاً، رواهما الدينوري في "المجالسة"(1).
وروى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85]: إلى مكة (2).
وروى البخاري، والنسائي، وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى:{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85]؛ قال: إلى مكة كما أخرجك منها (3).
وروى الخطابي في "الغريب" عن الزهري قال: قدم أُصَيل
(1) رواهما الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 60).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 3026).
(3)
رواه البخاري (4495)، والنسائي في "السنن الكبرى"(11386).
- بالتصغير - الغفاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قبل أن يضرب الحجاب، فقالت له عائشة رضي الله تعالى عنها: كيف تركت مكة؟
قال: اخضرت جنباتها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وانتشر سلمها
…
الحديث.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حَسْبُكَ يَا أُصَيْلُ! لا تَحْزُنِّيْ"(1).
وروى ابن الجوزي في "مثير الغرام الساكن" عن الأصمعي، عن أبي بكر الهذلي، عن رجال من قومه: أن أصيل الهذلي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فقال له: يا أصيل! كيف تركت مكة؟
قال: يا رسول الله! تركتها وقد ابيضت بطائحها، واخضرت مسيلاتها، وأمشر سلمها، وأغدق إذخرها، وأحجن ثمامها.
فقال: "يَا أُصَيْلُ! دعِ الْقُلُوْبَ تَقِرُّ، لا تُشَوِّقْهُمْ إِلَىْ مَكَّةَ"(2).
والمسيلات: جمع مسيل، وهي الشعاب.
والأشار: خروج ورق الشجر وأغصانها، أو إمشار المسلم: إثماره ثمراً أحمر.
وإغداق الإذخر: اجتماع أصوله.
وإحجان الثمام: تعقفه؛ يقال: أحجن الثمام: إذا خرجت
(1) انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 278)، ورواه الأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 155).
(2)
انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 92).