الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشافعي رضي الله عنه: [من مجزوء الكامل]
وَالعِلْمُ يَنْهَى أَهْلَهُ
…
أَنْ يَمْنَعُوه أَهْلَهُ (1)
وقال أيضًا: [من مجزوء الرجز]
حَسْبِي بِعِلْمِي إِنْ نَفَعْ
…
ما الذُّلُّ إِلَاّ فِي الطَّمَعْ
مَنْ راقَبَ اللهَ نَزَعْ
…
عَنْ سُوءِ ما كانَ صَنَعْ
ما طارَ طَيْرٌ وَارْتَفَع
…
إِلَاّ كَما طارَ وَقَع
*
فائِدَةٌ:
روى الخطيب عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه للناس ثماني عشرة كلمة، حِكَمٌ كلُّها؛ قال: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك.
ولا تظنَّنَّ بكلمة خرجت من مسلم شرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً.
ومن عَرَّضَ نفسه للتهمة فلا يلومنَّ من أساء به الظنْ.
ومن كتم سرَّه كانت الخيرة في يده.
وعليك بإخوان الصدق تعِشْ في أكنافهم؛ فإنهم زينة في الوفاء، وعُدَّة في البلاء.
(1) انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (51/ 293).
وعليك بالصدق وإن قتلك.
ولا تعرض فيما لا يعني.
ولا تسأل عما لم يكن؛ فإنَّ فيما كان شغلاً عما لم يكن.
ولا تطلبن حاجتك إلى من لا يحب نجاحها.
ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله.
ولا تصحب الفجَّار تتعلم من فجورهم.
واعتزل عدوَّك.
واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خشي الله.
وتخشع عند القبور.
وذُلَّ عند الطاعة.
واستعصم عند المعصية.
واستشر في أمرك الذين يخشون الله؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28](1).
وزاجر الشيب: قال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37].
(1) كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 22) إلى الخطيب في "المتفق والمفترق"، ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(44/ 360).
قال عكرمة: النذير: الشيب. رواه عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (1).
وقال الشاعر: [من الطويل]
كَفى الشَّيْبُ وَالإِسْلامُ لِلْمَرْءِ ناهِياً (2)
وقال الإِمام أبو القاسم الرافعي رحمه الله تعالى: [من الطويل]
تَنبَّهْ فَحَقٌّ أَنْ يَطُولَ بِحَسْرَةٍ
…
تلهُّفُ مَنْ يَسْتَغْرِقُ العُمْرَ نَومُهُ
وَقَدْ نِمْتَ في عَصْرِ الشَّبِيبَةِ غافِلًا
…
فَهُبَّ فَصُبْحُ الشَّيْبِ قَدْ جاءَ يَومُه (3)
وقلت: [من الخفيف]
ناحَ إِذا لاحَ الْمَشِيبُ صباحُ
…
بَعْدَ لَيْلِ الْهَوى وَطِيبِ الغرارِ
لا تَلُمْهُ إِذا بَكَى لِمَشِيبٍ
…
ضَحِكَ الرَّوْضُ مِنْهُ بالأَزْهارِ
بانَ مِنْهُ الشَّبابُ فَاغْتاظَ مِمَّا
…
بانَ مِنْ شَيْبِ رَأْسِهِ وَالعِذارِ
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(10/ 3185).
(2)
عجز بيت لسحيم مولى بني الحسحاس، وصدره:
ودع سليمى إن تجهزت غاديا
كما في "الأدب المفرد" للبخاري (1238).
(3)
انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (8/ 292).
لَيْسَ يَشْفِيهِ مِنْ أَسى الشَّيْبِ إلَّا
…
أَنْ يَراهُ مُهَيِّجاً لاعْتذارِ
وَرُجُوعٍ إِلَى التُّقَى بِمَتابٍ
…
منْ قَبيحِ الذُّنوبِ وَالأَوْزارِ
مَنْ يتُبْ وَالْمَشِيبُ ثَوبُ وقارٍ
…
ثُمَّ يَعْصِ أَحالَ ثَوْبَ الوقارِ
إِنَّ مَنْ دَنَّسَ الْمَشِيبَ بِعَيْبٍ
…
مِثْلُ مَنْ شَوَّهَ البَياضَ بِقارِ
زاجِرُ الشَّيْبِ قَدْ أَتاكَ نَذِيراً
…
فتيَقَّظْ لِذَلِكَ الإِنْذارِ
وَكَفى بِالْمَشِيبِ ناهِيَ نَفْسٍ
…
عَنْ هَواها فِي اللَّيْلِ أَوْ فِي النَّهارِ
ما لِما فاتَ مِنْ شَبابِكَ عَوْدٌ
…
أَبْعَدَ الشَّيْبُ مِنْهُ قُرْبَ الْمَزارِ
إِنَّ شُغْلاً بِما أَمامَكَ أَوْلَى
…
مِنْ تَمَنِّيكَ فائِتَ الأَعْمارِ
دع وَراءَ فَلا رُجوعَ إِلَيْهِ
…
وَتَهَيَّأ لِما أَمامَكَ جارِي
وَابْتَعِ الْجارَ قَبْلَ أَنْ تتَبوَّا
…
الدَّارَ وَاللهُ ذُو العُلى خَيْرُ جارِ
إِنَّ شَيْئاً دَعا لأَبْهى سِبابٍ
…
في نَعِيمٍ لَخَيْرُ شَيْءٍ وَدارِي
إِنَّ دارَ النَّعِيمِ دارُ رِضَى اللـ
…
ـه تَعالَى وَفَضْلِهِ خَيْرُ دارِ
وزاجر الدهر، وهو ما فيه من النوائب والصُّروف:
روى ابن السني في "عمل يوم وليلة" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَفَىْ بِالدَّهرِ وَاعِظًا، وَالْمَوْتِ مُفَرِّقًا"(1).
وينسب للخطابي: [من الوافر]
(1) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 511).
أَنِسْتُ بِوَحْدَتِي وَلَزِمْتُ بَيْتِي
…
فَطابَ الأُنْسُ لِي وَنَما السّرورُ
وَأَدَّبَنِي الزَّمانُ فَلا أُبالِي
…
هُجِرْتُ فَلا أُزارُ وَلا أَزُورُ
وَلَسْتُ بِسائلٍ ما دُمْتُ حَيًّا
…
أَسارَ الْجُنْدُ أَمْ رَكِبَ الأَمِيرُ (1)
وقلت: [من الوافر]
كَفَى بِالدَّهرِ أَنْ يَعِظَ الأَناسِي
…
وَيزْجُرَ كُلَّ مَغْرُورٍ وَناسِي
تَرى عِبَرًا وَلَمَّا تَعْتَبِرْها
…
عَذِيرَكَ مِنْ فُؤادٍ مِنْكَ قاسِي
فَكَمْ كاسٍ بِهِ أَمْسى عَرِيًّا
…
وَعارٍ فِيهِ أَصْبَحَ وَهْوَ كاسِي
ومن ألطف ما قيل في الاتعاظ من الزمان قول أبي العتاهية: [من السريع]
ماذا يُرِيكَ الزَّمانُ مِنْ غِيَرِهْ
…
وَمِنْ تَصارِيفِهِ وَمِنْ عِبَرِهْ
طُوبَى لِعَبْدٍ ماتَتْ وَساوِسُه
…
وَاقْتَصَرَتْ نَفْسُهُ عَلى فِكَرِهْ
طُوبَى لِمَنْ هَمُّهُ الْمَعادُ وَما
…
أَخْبَرَهُ اللهُ عَنْهُ مِنْ خَبَرِهْ
(1) انظر: "العزلة" للخطابي (ص: 94) لكنه قال: أنشدني بعضهم، وقد عزاها بعضهم للخطابي؛ كالثعالبي في "التفسير"(3/ 47).