الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أنها لا تنعقد إلا بعدد تتقرَّى بهم القرية، ولا تنعقد بالثلاثة والأربعة ونحوهم، وهو المشهور عند المالكية (1) .
وليست هذه المسألة مقصودة بالبحث، فلا أرى الإطالة بتفصيل الأدلة والمناقشات فيها، والأظهر - حسب ما تبين لي - هو القول الأول، والله أعلم.
[المطلب الأول اشتراط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة]
المطلب الأول
اشتراط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة اختلف الفقهاء في اشتراط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة، وذلك على قولين:
القول الأول: يشترط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة.
وبهذا قال المالكية (2) والشافعية (3) والحنابلة (4) .
(1) ينظر: بداية المجتهد 1 / 158، والكافي لابن عبد البر 1 / 149، والقوانين الفقهية ص (85) .
(2)
ينظر: الإشراف 1 / 134، ومواهب الجليل 2 / 165 - 166، والفواكه الدواني 1 / 306.
(3)
ينظر: الوجيز 1 / 62، والمجموع 4 / 507، وروضة الطالبين 2 / 27، ومغني المحتاج 1 / 283، 287.
(4)
ينظر: الهداية لأبي الخطاب 1 / 52، والمغني 3 / 210، والفروع 2 / 111، والمحرر 1 / 148، والإنصاف 2 / 390.
القول الثاني: لا يشترط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة.
وهذا القول منسوب إلى الإمام أبي حنيفة (1) .
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأدلة من السنة، والمعقول: -
أولا: من السنة: ما رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) » (2) .
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة كما صلى، ولم يخطب وحده، وإنما خطب بحضرة العدد الذين تنعقد بهم الجمعة (3) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش من وجهين:
(1) لم أطلع على قول للحنفية فيما بين يدي من كتبهم، وقد نسب هذا القول لأبي حنيفة القاضي عبد الوهاب في الإشراف 1 / 134، وابن قدامة في المغني 3 / 210 رواية.
(2)
تقدم تخريجه ص (32) .
(3)
ينظر: الإشراف 1 / 134، ومواهب الجليل 2 / 166.
الأول: أن هذا استدلال بالفعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
الثاني: أن هذا الدليل - على تقدير القول بأنه يدل على الوجوب - لا يقتضي اكتمال العدد الذي تنعقد به الجمعة، وإنما يتحقق بحضور عدد يستمع الخطبة.
ثانيا: من المعقول: 1 - أن الغرض من خطبة الجمعة الوعظ والتذكير، وذلك ينافي كون الخطيب وحده (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بالوجه الثاني من وجهي مناقشة الدليل السابق، من أن ذلك لا يتطلب اكتمال العدد الذي تنعقد به الجمعة، فيتحقق غرض الوعظ والتذكير بحضور أيّ عدد.
2 -
أن الخطبة ذكر جعل شرطا في صحة الجمعة وانعقادها، فوجب أن يكون من شرطه اجتماع العدد، كتكبيرة الإحرام (2) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش من وجهين:
(1) ينظر: المرجعان السابقان.
(2)
ينظر: الإشراف 1 / 134، والمغني 3 / 210، والبدع 2 / 159، وكشاف القناع 2 / 34.
الأول: أن اعتبار الخطبة شرطا في صحة الجمعة محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من لا يعتبرها شرطا - كما تقدم - فلا يلزمه هذا الدليل.
الثاني: أنه قياس مع الفارق، فإن تكبيرة الإحرام جزء من الصلاة، وقد ثبت اشتراط العدد فيها - أي الصلاة - بأدلة خاصة، بخلاف الخطبة فليست جزء من الصلاة، والله أعلم.
دليل صاحب القول الثاني: أن الخطبة ذكر يتقدم الصلاة، فلم يشترط له العدد، كالأذان (1) .
مناقشة هذا الدليل: نوقش بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الأذان ليس بشرط، وإنما مقصوده الإعلام، والإعلام للغائبين، والخطبة مقصودها التذكير والموعظة، وذلك يكون للحاضرين، كما أنها مشتقة من الخطاب، والخطاب إنما يكون للحاضرين (2) .
الترجيح: بعد التأمل في أدلة القولين في المسألة اتضح أنها جميعا محل
(1) ينظر: المغني 3 / 210.
(2)
ينظر المرجع السابق.