الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المطلب الثاني أن تكون الخطبة فصيحة بليغة مؤثرة مرتبة]
المطلب الثاني
أن تكون الخطبة فصيحة بليغة مؤثرة مرتبة أن تكون الخطبة فصيحة، بليغة، مؤثرة، مرتبة ذكر بعض الفقهاء صفات يسن للخطيب أن يميز بها خطبته، وأن يأخذها في الاعتبار عند إعداد الخطبة وإلقائها، لتكون أكثر تأثيرًا وتحقيقًا للمقصود، منها ما ذكرت في العنوان ومنها أيضًا الترسل، والبيان، والإعراب، واجتناب الألفاظ الغريبة، وعدم العجلة والتمطيط.
وممن ذكر هذه الصفات الشافعية (1) والحنابلة (2) .
ولا شك أن غيرهم من الفقهاء يوافقونهم على ذلك وإن لم يصرحوا به، ولعل عدم التصريح به لكونه أمرًا واضحًا ومعلومًا، والله أعلم.
وما أجود ما قاله صاحب الحاوي في هذا الشأن حيث قال: " المقصود بالخطبة شيئان: الموعظة، والإِبلاغ، ويقصد بموعظته ثلاثة أشياء: إيراد المعنى الصحيح، واختيار اللفظ الفصيح،
(1) ينظر: الأم 1 / 230، والحاوي 3 / 55، والوجيز 1 / 64، والمجموع 4 / 528، وروضة الطالبين 2 / 31، ومغني المحتاج 1 / 289.
(2)
ينظر: المغني 3 / 180، وكشاف القناع 2 / 36.
واجتناب ما يقدح في فهم السامع من تمطيط الكلام ومده، أو العجلة فيه عن إبانة لفظه، أو ركب ما يستنكر من غريب الكلام وإعرابه، ولا يطيل إطالة تضجر، ولا يقصر تقصيرا يبتر، ويعتمد في كل زمان على ما يليق بالحال " (1) .
الأدلة: استدلوا بأدلة من السنة، وآثار الصحابة، والمعقول:
أولا: من السنة: 1 - ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد الكلام كسردكم هذا، كان كلامه فصلا بينا، يحفظه كل من سمعه» ، وفي لفظ:«. . . لكن كان إذا تكلم تكلم فصلا، يبينه، يحفظه كل من سمعه» (2) .
2 -
ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كان في
(1) الحاوي 3 / 55.
(2)
أخرجه بلفظيه البيهقي في سننه الكبرى في كتاب الجمعة - باب ما يستحب من تبيين الكلام وترتيله، وترك العجلة فيه 3 / 207، وقال:" وبهذا الإسناد رواه وكيع بن الجراح وأبو أسامة عن الثوري: أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، قال: قال أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي: أسامة عن القاسم والزهري صحيحان جميعا ".
كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل» (1) . فعموم هذين الحديثين يشمل كلامه صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة.
ثانيا: من آثار الصحابة رضي الله عنهم: الأثر الذي استدلوا به هنا هو في تجنب الكلام البعيد عن أفهام الحاضرين، وما لا يعرفونه، وهو ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:" حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ الله ورسوله "(2) .
ثالثا: من المعقول: أن الخطبة إذا لم تتصف بهذه الصفات فإنها لا تقع في النفوس موقعًا كاملا، ولا يحصل مقصودها (3) .
(1) أخرجه البيهقي في الكتاب والباب السابقين 3 / 207.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب العلم - باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا 1 / 41.
(3)
ينظر: المجموع 4 / 528.