الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل أصحاب القول الثاني على عدم الإجزاء بأن في الاستدبار تركا للجهة المشروعة، فلا تجزئ الخطبة (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن استقبال الجهة لا دليل على وجوبه، وإنما الوارد فيه فعل مجرد، وهو لا يدل على الوجوب كما أسلفت.
وأما أصحاب القول الثالث فلعلهم يستدلون على الإجزاء بما استدل به أصحاب القول الأول، والله أعلم.
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بسنية استقبال الخطيب للناس واستدبار القبلة أثناء الخطبة؛ لما استدلوا به.
[المسألة الثانية أن يقصد تلقاء وجهه فلا يلتفت]
المسألة الثانية: أن يقصد تلقاء وجهه فلا يلتفت: اختلف الفقهاء في قصد الخطيب تلقاء وجهه أثناء الخطبة، وعدم الالتفات، وذلك على قولين:
(1) ينظر: المبدع 2 / 163.
القول الأول: يسن قصد تلقاء وجهه.
وبه قال الشافعية (1) والحنابلة (2) .
القول الثاني: يسن الالتفات في بعض الخطبة.
وهذا منسوب إلى الإمام أبي حنيفة (3) .
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأدلة من السنة، والمعقول:
أولا: من السنة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك (4) .
ويظهر أنهم أخذوا ذلك من حديثي ابن عمر رضي الله عنهما والشعبي المتقدمين في المسألة الأولى.
(1) ينظر: الأم 1 / 230، والحاوي 3 / 55، والمجموع 4 / 528، وروضة الطالبين 2 / 32، ومغني المحتاج 1 / 289.
(2)
ينظر: المغني 3 / 178، والفروع 2 / 119، والمبدع 2 / 163، وكشاف القناع 2 / 36.
(3)
نسبه إليه النووي في المجموع 4 / 528.
(4)
وممن استدل بذلك ابن قدامة في المغني 3 / 178، وبرهان الدين ابن مفلح في المبدع 2 / 163، والبهوتي في كشاف القناع 2 / 36.
ثانيا: من المعقول: 1 - أنه إذا قصد وجهه عم الحاضرين سماعه، وإذا التفت يمينا قصر عن سماع يسرته، وإذا التفت شمالا قصر عن سماع يمنته (1) .
2 -
أن في إعراضه عمن أقبل إليه وقصد بوجهه إليه قبح عشرة، وسوء أدب (2) .
دليل صاحب القول الثاني: استدل له النووي بأنه يسن الالتفات في بعض الخطبة قياسا على الأذان (3) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأنه قياس مع الفارق، فإن الأذان إعلام لغير الحاضرين، فيحتاج فيه إلى الالتفات لإعلام من على اليمين والشمال، أما الخطبة فهي خطاب للحاضرين في المسجد، فلا حاجة فيه للالتفات؛ لحصول الإبلاغ بدونه.
قال النووي عن هذا القول ودليله: " وهذا غريب، لا
(1) ينظر: الأم 1 / 230، والحاوي 3 / 55، ومعناه في المغني 3 / 178، والمبدع 2 / 163، وكشاف القناع 2 / 36.
(2)
ينظر: الأم 1 / 230، والحاوي 3 / 55.
(3)
ينظر: المجموع 4 / 528.