الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للخطيب أن يسلم على من حوله إذا دخل وقبل أن يصعد المنبر.
الأدلة: استدلوا بأدلة من السنة، والمعقول.
أولا: من السنة: ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلَّم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلَّم» (1) .
لكنه ضعيف الإسناد كما في تخريجه.
ثانيا: من المعقول: أن دخول الخطيب على الناس إقبال منه عليهم، فيسنّ له السلام عليهم، كالإقبال في سائر الأحوال (2) .
[المسألة الثانية السلام على الناس إذا صعد المنبر]
المسألة الثانية: السلام على الناس إذا صعد المنبر: اختلف الفقهاء في حكم الخطيب على الناس إذا صعد
(1) تقدم تخريجه ص (206) .
(2)
ينظر: مغني المحتاج 1 / 289.
المنبر واستقبلهم، وذلك على قولين:
القول الأول: أنه يسن سلامه عليهم.
وبهذا قال الشافعية (1) والحنابلة (2) . قال في الإنصاف: " بلا نزاع "(3) يعني عند الحنابلة.
القول الثاني: لا يشرع السلام عليهم.
وبهذا قال الحنفية (4) والمالكية (5) .
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأدلة من السنة، وآثار الصحابة، والمعقول:
أولا: من السنة: 1 - ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
(1) ينظر: الحاوي 3 / 53، والوجيز 1 / 64، وحلية العلماء 2 / 278، والمجموع 4 / 527، وروضة الطالبين 2 / 31، ومغني المحتاج 1 / 289.
(2)
ينظر: الهداية لأبي الخطاب 1 / 52، والمغني 3 / 161، والفروع 2 / 118، والمحرر 1 / 151، والإنصاف 2 / 395 - 396، وكشاف القناع 2 / 35.
(3)
الإنصاف 2 / 396.
(4)
ينظر: البناية 2 / 810، وحاشية ابن عابدين 2 / 150، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق بهامشه 1 / 220، ومراقي الفلاح ص (104) .
(5)
ينظر: الإشراف 1 / 133، ومواهب الجليل والتاج والإكليل بهامشه 2 / 171، والمنتقى شرح الموطأ 1 / 189.
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم» (1) .
2 -
ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلَّم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلَّم» (2) .
3 -
ما رواه الشعبي قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس فقال: (السلام عليكم، ويحمد ال له، ويثني عليه، ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه» (3) .
(1) أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة 1 / 325، الحديث رقم (1109)، وقال البوصيري في الزوائد 1 / 370:" هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة "، والبيهقي في كتاب الجمعة - باب الإمام يسلم على الناس إذا صعد المنبر قبل أن يجلس 3 / 204 - 205، وقال ابن حجر في التلخيص بهامش المجموع 4 / 598:" إسناده ضعيف "، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1 / 183.
(2)
تقدم تخريجه ص (206) ، وبيان ضعفه، وقال النووي في المجموع 4 / 526 عنه وعن الذي قبله:" وإسنادهما ليس بقوي ".
(3)
تقدم تخريجه ص (169) .
وهذه الأحاديث واضحة الدلالة.
مناقشة هذه الأدلة: تناقش بأنها متكلم في صحتها كما في تخريجها.
ثانيا: من آثار الصحابة رضي الله عنهم: 1 - تقدم في حديث الشعبي فعل ذلك عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
2 -
ما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان إذا صعد المنبر سلَّم، فأطال قدر ما يقرأ إنسان أم الكتاب (1) .
ثالثا: من المعقول: أنه استقبال بعد استدبار، فيسنّ له التسليم، كما لو استدبر قوما ثم عاد فاستقبلهم (2) .
أدلة أصحاب القول الثاني: 1 - أن عمل أهل المدينة المتصل بينهم عدم التسليم في هذه الحال، فلو كان عندهم شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لم
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الصلوات - باب الإمام إذا جلس على المنبر يسلم 2 / 114.
(2)
ينظر: المهذب مع المجموع 4 / 526، ومغني المحتاج 1 / 289 ورؤوس المسائل الخلافية للعكبري 1 / 335، والمبدع 2 / 161 - 162، وكشاف القناع 2 / 35.
يعدلوا عنه (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن مبناه على الاحتجاج بعمل أهل المدينة، وهذا أصل من أصول المالكية لا يوافقون عليه.
2 -
أن صعود الخطيب على المنبر اشتغال بافتتاح عبادة، فلم يشترط فيه السلام، كسائر العبادات (2) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن أصحاب القول الأول لم يقولوا بالاشتراط، وإنما قالوا بالسنية، ثم إن الخطيب لم يشتغل بالافتتاح حتى الآن وإن كان قد صعد.
3 -
أن الخطبة ذكر يتقدّم الصلاة، فلم يشرع له السلام، كالأذان، والإقامة (3) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن سبب التسليم ليس لكون الخطبة ذكرا متقدما على الصلاة، وإنما لأجل الدخول والإقبال على الحاضرين، وهذا لا يتحقق في الأذان والإقامة.
4 -
القياس على الخطبة الثانية، فكما أنها لا تفتتح بالتسليم فكذلك الأولى (4) .
(1) ينظر: الإشراف 1 / 133، والمنتقى شرح الموطأ 1 / 189.
(2)
ينظر: المرجعان السابقان.
(3)
ينظر: الإشراف 1 / 133.
(4)
المرجع السابق.
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأنه قياس مع الفارق، فالخطيب في الأولى قد دخل على الناس من خارج المسجد واستقبلهم فاقتضى عموم الأدلة التسليم، بخلاف الثانية فهو بينهم، ولم يحصل منه استقبال جديد، فلم يكن هناك ما يقتضي التسليم.
هذه المناقشات بناء على القول بأن الأحاديث التي استدلَّ بها أصحاب القول الأول لا تصلح جميعها للاستدلال، ولا يعضد بعضها بعضا، وإلا فإن من جعلها أو بعضها صالحة للاستدلال إنه يرد هذه الأدلة بأنها أدلة عقلية في مقابل نص، فلا يلتفت إليها. الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بسنية سلام الخطيب على الناس إذا صعد المنبر؛ لما استدلوا به، ولعموم الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة في الحث على إفشاء السلام.