الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقشة هذا الدليل: يناقش بعدم التسليم بأن من لم يسمع لم يؤمر بالإنصات، بل إن عموم الأدلة تشمله كما تقدم.
دليل أصحاب القول الرابع: أن السلام قد وضعه المسلم في غير موضعه باختياره، فلم يستحق الرد عليه، والعاطس عطس بغير اختياره فلم يكن منسوبا إلى وضعه في غير موضعه، فاستحق التشميت (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن ليس المانع عدم الاستحقاق للاختيار، وإنما المانع هو عموم الأحاديث المانعة من الكلام في هذه الحال؛ لما يترتب عليه من ترك الإنصات والتشويش على السامعين.
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بتحريم رد السلام وتشميت العاطس في خطبة الجمعة، لقوة ما استدلوا به، وعدم استقامة أدلة الأقوال الأخرى.
وقد أفتى بعدم جواز رد السلام فيها فضيلة شيخنا محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - (2) .
[الأمر الرابع حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكره الخطيب]
والجهر بها
(1) ينظر: الحاوي 3 / 61.
(2)
ينظر: فتاوى فضيلته 1 / 126 المنشورة ضمن سلسلة كتاب الدعوة رقم (4) .
الأمر الرابع: حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكره الخطيب والجهر بها: اختلف الفقهاء في حكم صلاة المستمع على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكره الخطيب في الخطبة، والجهر بها، وذلك على قولين:
القول الأول: تجوز الصلاة عليه سرا.
وهذا مروي عن أبي يوسف من الحنفية (1) وبه قال الحنابلة (2) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (3) .
القول الثاني: لا تجوز الصلاة عليه.
وبهذا قال الحنفية، وهو ظاهر الرواية عندهم (4) .
(1) ينظر: المبسوط 2 / 29، وبدائع الصنائع 1 / 264.
(2)
ينظر: الفروع 2 / 125، والإنصاف 2 / 418، والمبدع 2 / 176، وكشاف القناع 2 / 48.
(3)
ينظر: الاختيارات ص (80) .
(4)
ينظر: المبسوط 2 / 28 - 29، وبدائع الصنائع 1 / 264؛ والفتاوى الهندية 1 / 147.
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: 1 - أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سرا لا يشغل عن سماع الخطبة، ففي فعله إحراز للفضيلتين: الصلاة والاستماع (1) .
2 -
أن الخطيب إذا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56](2) فهو يبلغ الحاضرين أمرا، فيجب عليهم امتثاله (3) .
دليل أصحاب القول الثاني: 1 - أن حال الخطبة كحال الصلاة في المنع من الكلام، فكما أن الإمام لو قرأ قوله - تعالى -:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56](4) في صلاته لم يشتغل الحاضرون بالصلاة عليه، فكذلك إذا قرأها في الخطبة (5) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بعدم التسليم بأن حال الخطبة
(1) ينظر: بدائع الصنائع 1 / 264، وفتح القدير 2 / 38.
(2)
سورة الأحزاب جزء من الآية رقم (56) .
(3)
ينظر: المبسوط 2 / 29.
(4)
سورة الأحزاب جزء من الآية رقم (56) .
(5)
ينظر: المبسوط 2 / 29.
كحال الصلاة في المنع من الكلام، بل الخطبة أخف حيث يجوز فيها مخاطبة الإمام لحاجة، وما كان لضرورة من تحذير ضرير ونحوه، ولا يؤثر ذلك في صحتها، بخلاف الصلاة.
2 -
أن إحراز فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مما يمكن في كل وقت، وإحراز ثواب سماع الخطبة يختص بهذه الحالة، فكان السماع أفضل (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن في الرد سرا جمعا بين الأمرين تحصيل فضيلة الصلاة والاستماع، وعدم التشويش على الحاضرين.
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بجواز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سرا عند ذكره في خطبة الجمعة؛ لقوة ما استدلوا به، ولما في ذلك من الجمع بين الأدلة التي ورد فيها الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، والتي ورد فيها تحريم الكلام في خطبة الجمعة.
(1) ينظر: بدائع الصنائع 1 / 264.