المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأمر الثالث حكم رد السلام وتشميت العاطس] - خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية

[عبد العزيز الحجيلان]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم لمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ]

- ‌[المقدمة]

- ‌[الفصل الأول تعريف الخطبة والجمعة وحكم خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الأول تعريف الخطبة والجمعة وتسميتها بذلك]

- ‌[المطلب الأول تعريف الخطبة]

- ‌[المطلب الثاني تعريف الجمعة وتسميتها بذلك]

- ‌[المبحث الثاني حكم خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الثالث هل الشرط خطبة واحدة أو خطبتان]

- ‌[الفصل الثاني شروط الخطبة]

- ‌[المبحث الأول النية]

- ‌[المبحث الثاني حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المطلب الأول اشتراط حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة للخطبة]

- ‌[المطلب الثاني استمرار حضور العدد حتى نهاية الخطبة]

- ‌[المبحث الثالث أن تكون بعد دخول وقت الجمعة]

- ‌[المبحث الرابع تقديمها على الصلاة]

- ‌[المبحث الخامس القيام]

- ‌[المبحث السادس الجهر بالخطبة]

- ‌[المبحث لسابع كونها باللغة العربية]

- ‌[المبحث الثامن الموالاة في الخطبة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المطلب الأول الموالاة بين أجزاء الخطبة]

- ‌[المطلب الثاني الموالاة بين الخطبة والصلاة]

- ‌[الفصل الثالث أركان خطبة الجمعة]

- ‌[التهميد]

- ‌[المبحث الأول حمد الله تعالى]

- ‌[المبحث الثاني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الثالث الموعظة]

- ‌[المبحث الرابع قراءة شيء من القرآن]

- ‌[المطلب الأول حكم قراءة شيء من القرآن في الخطبة]

- ‌[المطلب الثاني أقل مقدار للقراءة]

- ‌[المطلب الثالث قراءة ما فيه سجود تلاوة في الخطبة والسجود له]

- ‌[المبحث الخامس حكم ترتيب هذه الأركان عند من قال بها]

- ‌[المبحث السادس]

- ‌[الفصل الرابع سنن خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الأول السنن لها]

- ‌[المطلب الأول الطهارة]

- ‌[المسألة الأولى الطهارة من الحدث الأكبر (الجنابة) ]

- ‌[المسألة الثانية الطهارة من الحدث الأصغر]

- ‌[المطلب الثاني ستر العورة وإزالة النجاسة]

- ‌[المطلب الثالث التجمل]

- ‌[المسألة الأولى لبس أحسن ثيابه]

- ‌[المسألة الثانية لون الثياب التي يتجمل بها]

- ‌[المطلب الرابع أن تكون على منبر أو موضع عال]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المسألة الأولى حكم اتخاذ المنبر]

- ‌[المسألة الثانية حكم الخطبة على المنبر أو ما يقوم مقامه]

- ‌[المسألة الثالثة مكان المنبر ومكان الوقوف عليه]

- ‌[المطلب الخامس استقبال الخطيب للناس]

- ‌[المسألة الأولى استقبال الناس واستدبار القبلة]

- ‌[المسألة الثانية أن يقصد تلقاء وجهه فلا يلتفت]

- ‌[المطلب السادس استقبال الناس للخطيب]

- ‌[المطلب السابع السلام على الناس]

- ‌[المسألة الأولى السلام إذا دخل المسجد]

- ‌[المسألة الثانية السلام على الناس إذا صعد المنبر]

- ‌[المطلب الثامن الجلوس على المنبر حتى يفرغ المؤذن]

- ‌[المطلب التاسع اعتماد الخطيب على قوس أو عصا أو سيفا أو نحوها]

- ‌[المسألة الأولى حكم الاعتماد على قوس أو عصا أو سيف أو نحوها]

- ‌[المسألة الثانية اليد التي يمسك بها الخطيب القوس أو العصا أو نحوهما]

- ‌[المسألة الثالثة ما يفعل الخطيب بيديه إذا لم يعتمد على شيء]

- ‌[المطلب العاشر رفع الصوت بها زيادة على القدر الواجب]

- ‌[المطلب الحادي عشر الجلسة بين الخطبتين]

- ‌[المسألة الأولى حكم الجلوس بين الخطبتين]

- ‌[المسألة الثانية مقدار الجلسة بين الخطبتين]

- ‌[المبحث الثاني السنن في خطبة الجمعة]

- ‌[المطلب الأول تقصيرها]

- ‌[المسألة الأولى تقصير الخطبتين معا]

- ‌[المسألة الثانية تقصير الخطبة الثانية أكثر من الأولى]

- ‌[المطلب الثاني أن تكون الخطبة فصيحة بليغة مؤثرة مرتبة]

- ‌[المطلب الثالث قراءة سورة (ق) في الخطبة]

- ‌[المطلب الرابع الدعاء للمسلمين في الخطبة الثانية]

- ‌[المطلب الخامس الدعاء لولاة أمور المسلمين في الخطبة الثانية]

- ‌[المطلب السادس ختم الخطبة الثانية بالاستغفار]

- ‌[الفصل الخامس مسائل متفرقة في خطبة الجمعة]

- ‌[المبحث الأول التقصير في إعدادها بالاعتماد على خطب مدونة قديما ونحو]

- ‌[المبحث الثاني إخراجها عن مقصودها الشرعي]

- ‌[المبحث الثالث صلاة الخطيب تحية المسجد بعد دخوله وقبل صعود المنبر]

- ‌[المبحث الرابع دعاء الخطيب عند صعود المنبر وقبل جلوسه حال الأذان]

- ‌[المبحث الخامس الخطبة من صحيفة]

- ‌[المبحث السادس الكلام في الخطبة]

- ‌[المطلب الأول حكم السلام في الخطبة]

- ‌[المسألة الأولى حكم كلام الخطيب]

- ‌[المسألة الثانية حكم كلام الحاضر للخطبة]

- ‌[الأمر الأول حكم كلامه إذا كان يسمع الخطبة]

- ‌[الأمر الثاني حكم كلام الحاضر للخطبة إذا كان لا يسمعها]

- ‌[الأمر الثالث حكم رد السلام وتشميت العاطس]

- ‌[الأمر الرابع حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكره الخطيب]

- ‌[الأمر الخامس حكم التأمين على الدعاء والجهر به]

- ‌[المسألة الثالثة ما يستثنى من تحريم الكلام أو كراهته في خطبة الجمعة]

- ‌[المطلب الثاني وقت المنع من الكلام في الخطبة]

- ‌[المسألة الأولى حكم الكلام بعد صعود الخطيب المنبر وقبل الشروع في]

- ‌[المسألة الثانية حكم الكلام بين الخطبتين]

- ‌[المسألة الثالثة حكم الكلام إذا سكت الخطيب للتنفس]

- ‌[المسألة الرابعة حكم الكلام إذا شرع الخطيب في الدعاء]

- ‌[المبحث السابع الدق بالسيف على المنبر]

- ‌[المبحث الثامن إشارة الخطيب باليد أثناء الخطبة]

- ‌[المبحث التاسع التفات الخطيب يمينا وشمالا أثناء الخطبة]

- ‌[المبحث العاشر قول الخطيب في آخر الخطبة الأولى ادعوا الله وأنتم موقنون]

- ‌[المبحث الحادي عشر المبالغة في الإسراع في الخطبة الثانية وخفض الصوت]

- ‌[المبحث الثاني عشر رفع اليدين حال الدعاء في الخطبة]

- ‌[المبحث الثالث عشر ختم الخطبة الثانية بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[فهرس المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[الأمر الثالث حكم رد السلام وتشميت العاطس]

[الأمر الثالث حكم رد السلام وتشميت العاطس]

الأمر الثالث: حكم رد السلام، وتشميت العاطس: اختلف الفقهاء في حكم رد السلام وتشميت العاطس في خطبة الجمعة إذا حصل موجبه، وذلك على أربعة أقوال:

القول الأول: يحرم.

وبهذا قال أكثر الحنفية (1) وبه قال المالكية (2) وهو الوجه الصحيح عند الشافعية (3) ورواية عن الإمام أحمد (4) .

القول الثاني: يجوز.

وبهذا قال أبو يوسف في رواية عنه (5) وهو وجه عند الشافعية (6) والرواية الصحيحة عن الإمام أحمد، والصحيح عند

(1) ينظر: المبسوط 2 / 28، وبدائع الصنائع 1 / 264، والفتاوى الهندية 1 / 147، وعبر بعضهم بالكراهة والظاهر أنه يعني كراهة التحريم.

(2)

ينظر: بداية المجتهد 1 / 161، والقوانين الفقهية ص (86) .

(3)

ينظر: المجموع 4 / 523 - 524، وروضة الطالبين 2 / 28 - 29، ومغني المحتاج 1 / 287 - 288.

(4)

ينظر: الفروع 2 / 126، والإنصاف 2 / 418، والمبدع 2 / 176.

(5)

ينظر: المبسوط 2 / 29، وبدائع الصنائع 1 / 264.

(6)

ينظر: الحاوي 3 / 61، والمجموع 4 / 523 - 524، وروضة الطالبين 2 / 28 - 29.

ص: 329

أصحابه (1) وبه قال ابن حزم (2) .

القول الثالث: يحرم على من يسمع الخطبة، ويجوز لمن لا يسمعها.

وبهذا قال الإمام أحمد في رواية عنه، وهو قول لبعض أصحابه (3) .

القول الرابع: لا يجوز رد السلام، ويجوز تشميت العاطس.

وهذا قول للشافعية (4) قال عنه في حلية العلماء: " وليس بشيء "(5) .

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأدلة من السنة، والمعقول:

(1) ينظر: المغني 3 / 198 - 199، والفروع 2 / 125، والمستوعب 3 / 42، والإنصاف 2 / 418، والمبدع 2 / 176، وكشاف القناع 2 / 48.

(2)

ينظر: المحلى 5 / 62.

(3)

ينظر: المغني 3 / 199، والفروع 2 / 126، والإنصاف 2 / 418.

(4)

ينظر: الحاوي 3 / 61، وحلية العلماء 2 / 285، والمجموع 4 / 524، وروضة الطالبين 2 / 29.

(5)

حلية العلماء 2 / 285.

ص: 330

أولا: من السنة: 1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه المشهور الذي تقدم مرارا، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت» (1) .

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الأمر بالمعروف حال الخطبة لغوا، مع أنه أمر مطلوب شرعا، وفيه فائدة متعدية للآخرين وهي منع التشويش عليهم، فكذلك رد السلام وتشميت العاطس، بل هو أولى.

2 -

ما رواه أُبَيُّ بن كعب رضي الله عنه قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة (تبارك) وهو قائم، فذكرنا بأيام الله، وأبو الدرداء، أو أبو ذر يغمزني، فقال: متى أُنزلت هذه السورة؟ فإني لم أسمعها إلا الآن، فأشار إليه أن اسكت، فلما انصرفوا قال: سألتُك متى أُنزلت هذه السورة فلم تخبرني، فقال: إنه ليس لك من صلاتك إلا ما لغوتَ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، وأخبره بالذي قال له أُبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) تقدم تخريجه ص (93) .

ص: 331

صدق أُبي» (1) .

وجه الدلالة: أن ما طلبه أبو الدرداء أو أبو ذر من أبي بن كعب رضي الله عنهما من تاريخ المنزل، فقد كان فرضا عليهم، ليعرفوا الناسخ من المنسوخ، وقد جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللغو في حالة الخطبة، فكذلك رد السلام وتشميت العاطس (2) .

ثانيا: من المعقول: 1 - أن تشميت العاطس يترتب عليه ترك الاستماع المفروض والإنصات، والتشميت ليس بفرض، فلا يجوز ترك الفرض لأجله، وكذا رد السلام في هذه الحالة ليس بفرض، لأنه يرتكب بسلامه مأثما، فلا يجب الرد عليه كما في حالة الصلاة (3) .

2 -

أن السلام في حال الخطبة لم يقع تحية، فلا يستحق الرد (4) .

(1) تقدم تخريجه ص (315) .

(2)

ينظر: المبسوط 2 / 29.

(3)

ينظر: بدائع الصنائع 1 / 264.

(4)

المرجع السابق.

ص: 332

3 -

أن رد السلام مما يمكن تحصيله في كل حالة، أما سماع الخطبة فلا يتصور إلا في هذه الحالة، فكانت إقامته أحق، ونظيره ما قاله بعض الفقهاء من أن الطواف تطوعا بمكة في حق الآفاقي أفضل من صلاة التطوع، والصلاة في حق المكي أفضل من الطواف (1) .

واستدلوا على تحريمهما على من لم يسمع بما يلي:

أن وجوب الإنصات شامل لهم، فيكون المنع من رد السلام وتشميت العاطس ثابتا في حقهم، كالسامعين (2) .

أدلة أصحاب القول الثاني: استدلوا بأدلة من السنة، والمعقول:

أولا: من السنة: 1 - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس» (3) .

(1) المرجع السابق.

(2)

ينظر: المغني 3 / 199.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه في الجنائز - باب الأمر باتباع الجنائز 2 / 70، ومسلم في كتاب السلام - باب من حق المسلم للمسلم رد السلام 4 / 1704 لحديث رقم (2162) .

ص: 333

2 -

ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، ورد السلام، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم، وتشميت العاطس، ونصر المظلوم» . . .) الحديث (1) .

وجه الدلالة من هذين الحديثين ونحوهما مما جاء في معناهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برد السلام وتشميت العاطس، وهذا الأمر عام، فيشمل بعمومه الرد والتشميت حال خطبة الجمعة.

مناقشة هذا الاستدلال: يناقش بأن هذا محمول على حال غير الخطبة جمعا بين ذلك وبين ما ورد في تحريم الكلام حال الخطبة والأمر بالإنصات.

3 -

ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع» (2) .

(1) أخرجه البخاري في صحيحه في الكتاب والباب السابقين.

(2)

تقدم تخريجه ص (304) .

ص: 334

قال في فتح الباري: " واستدل به على جواز رد السلام وتشميت العاطس في حال الخطبة، لأن أمرهما أخف وزمنهما أقصر، ولا سيما رد السلام فإنه واجب "(1) .

مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن هناك فرقا بين الصلاة والرد والتشميت، فالصلاة يفوت بها الاستماع على المصلى وحده، أما الرد والتشميت فيفوت بهما الاستماع على الراد والمشمت ومن حولهما من الحاضرين، فضررهما أبلغ.

ثانيا: من المعقول: 1 - أن رد السلام فرض والاستماع سنة، فلا يترك الفرض لفعل سنة (2) .

مناقشة هذا الدليل: يناقش من وجهين:

الوجه الأول: أن رد السلام إنما يكون فريضة إذا كان تحية، وفي حال الخطبة المسلم ممنوع من السلام، فلا يكون جوابه فرضا (3) .

(1) ينظر: فتح الباري 2 / 412.

(2)

ينظر المبسوط 2 / 29، وبدائع الصنائع 1 / 264.

(3)

ينظر المبسوط 2 / 29.

ص: 335

الوجه الثاني: عدم التسليم بأن الاستماع للخطبة سنة، بل هو واجب كما تقدم.

2 -

أن رد السلام وتشميت العاطس واجب، فوجب الإتيان به في الخطبة، كتحذير الضرير (1) .

مناقشة هذا الدليل: يناقش بأنه وإن كان الرد والتشميت واجبا فإنه لا يصل إلى مماثلة تحذير الضرير من الهلكة؛ لأن الضرر المترتب على ترك التحذير أعظم من الضرر المترتب على ترك واجب الرد والتشميت، فلا يصح القياس.

أدلة أصحاب القول الثالث: أولا: استدلوا على التحريم على من يسمع بما استدل به أصحاب القول الأول.

ثانيا: واستدلوا على جواز الرد والتشميت لمن لا يسمع بما يلي:

أن الإنصات واجب، فلم يجز الكلام المانع منه من غير ضرورة للأمر بالإنصات، بخلاف من لم يسمع فإنه لم يؤمر بالإنصات، فله الرد والتشميت (2) .

(1) ينظر: المغني 3 / 199، والمبدع 2 / 176، وكشاف القناع 2 / 48.

(2)

ينظر: المغني 3 / 199.

ص: 336