الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الأول حمد الله تعالى]
المبحث الأول
حمد الله - تعالى - اختلف الفقهاء في حمد الله - تعالى - في خطبة الجمعة هل هو ركن، أو لا؟ وذلك على قولين:
القول الأول: أنه سنة.
وبهذا قال الحنفية (1) والمالكية (2) وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن سعدي كما تقدم (3) .
وبه قال ابن حزم (4) .
القول الثاني: أنه ركن، فلا تصح الخطبة إلا به.
وبهذا قال الشافعية (5) والحنابلة (6) قال في الإنصاف:
(1) ينظر: بدائع الصنائع 1 / 263، والفتاوى الهندية 1 / 146، ومراقي الفلاح ص (103) .
(2)
ينظر: المدونة 1 / 156، والإشراف 1 / 132، والفواكه الدواني 1 / 306.
(3)
ص (109) .
(4)
ينظر: المحلى 5 / 57.
(5)
ينظر: الحاوي 3 / 57، والوجيز 1 / 63، وحلية العلماء 2 / 277، والمجموع 4 / 519، وروضة الطالبين 2 / 24، ومغني المحتاج 1 / 285.
(6)
ينظر: الهداية لأبي الخطاب 1 / 52، وشرح الزركشي 2 / 175، والمغني 3 / 173، والفروع 2 / 109، والمحرر 1 / 146، والإنصاف 2 / 387.
" بلا نزاع "، يعني عند الحنابلة (1) .
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: لم أعثر على تصريح لهم بدليل، ولكن ظاهر كلامهم الاستدلال بفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الآتي في أدلة أصحاب القول الثاني، فحملوه على الاستحباب؛ لكونه مجرد فعل، والله أعلم.
أدلة أصحاب القول الثاني: 1 - ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك - وقد علا صوته واشتدّ غضبه. . .» الحديث (2) .
قال النووي: " فيه دليل للشافعي رضي الله عنه أنه يجب حمد الله - تعالى - في الخطبة، ويتعين لفظه، ولا يقوم غيره
(1) الإنصاف 2 / 387.
(2)
أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه في كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة 2 / 592، الحديث رقم (867 / 44) .
مقامه " (1) .
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن هذا مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، بل على الاستحباب، كما أن لفظ:(كان. . . .) لا يدل على المداومة، وإن دل عليها فإنها لا تدل على الوجوب، كما تقدم بيانه (2) .
2 -
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل كلامٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم» (3)) (4) .
(1) شرح النووي على صحيح مسلم 6 / 156.
(2)
ص (114 - 115) .
(3)
قال الرازي في المختار: جذم الرجل صار أجذم: وهو المقطوع اليد.
(مختار الصحاح، مادة " جذم " (42) .
(4)
أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الأدب - باب الهدي في الكلام 4 / 261 الحديث رقم (4840)، وقال:" رواه يونس، وعقيل، وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا "، وابن ماجه في كتاب النكاح - خطبة النكاح 1 / 610، الحديث رقم (1894) ، بلفظ (أقطع)، وقال السندي:" الحديث حسنه ابن الصلاح والنووي "، والإمام أحمد في مسنده 2 / 359، والدارقطني في سننه في كتاب الصلاة 1 / 229، الحديث رقم (1) . وقال:" تفرد به قرة. وأرسله غيره عن الزهري. وقرة ليس بقوي في الحديث، والمرسل هو الصواب "، والبيهقي في سننه الكبرى في كتاب الجمعة - باب ما يستدل به على وجوب التحميد في خطبة الجمعة 3 / 209.
مناقشة هذا الدليل: يناقش من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن في ثبوته كلاما لأهل العلم كما في تخريجه.
الوجه الثاني: على تقدير ثبوته فإنه ليس ظاهر في الدلالة على الوجوب؛ لأنه يفيد النقص، وغير الصحيح لا يوصف بالنقص وإنما يوصف بعدم الإجزاء.
الوجه الثالث: على تقدير ثبوته لو دل على وجوب التحميد لدل على وجوبه في كل أمر ذي بال، ولا نعلم أحدا يقول بذلك (1) .
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بسنية حمد الله - تعالى - في الخطبة؛ لعدم ثبوت ما يدل على الركنية، وإنما الذي ثبت هو مجرد الفعل، وهو لا يدل على الركنية وإنما على الاستحباب كما ذكرت.
(1) ذكر هذا الوجه صاحب الجوهر النقي بهامش سنن الكبرى للبيهقي 3 / 208.