الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الخامس حكم ترتيب هذه الأركان عند من قال بها]
المبحث الخامس
حكم ترتيب هذه الأركان عند من قال بها اختلف من قال بركنية هذه الأمور الأربعة، وهي الحمد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والموعظة، وقراءة شيء من القرآن في خطبة الجمعة، وهم الشافعية والحنابلة كما تقدم في حكم ترتيبها، وذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يشترط الترتيب في هذه الأركان، ولكن يستحب، فله التقديم والتأخير، وصفته: أن يبدأ بالحمد، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الموعظة، ثم قراءة القرآن.
وهذا هو الوجه الصحيح عند الشافعية كما ذكر النووي (1) وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة (2) .
القول الثاني: يشترط الترتيب في هذه الأركان على الصفة
(1) ينظر: المجموع 4 / 522، وروضة الطالبين 2 / 30 - 31، ومغني المحتاج 1 / 286 - 287، 288.
(2)
ينظر: المغني 3 / 180، والإنصاف 2 / 389، المبدع 2 / 159، وكشاف القناع 2 / 33.
التي ذكر أصحاب القول الأول، فلا يجوز التقديم والتأخير.
وهذا وجه عند الشافعية (1) وقول لبعض الحنابلة (2) .
القول الثالث: يشترط ترتيب الحمد، ثم الصلاة، ثم الوصية، ولا ترتيب بين القراءة وغيرها.
وبهذا قال بعض الشافعية (3) .
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: 1 - أن المقصود من الخطبة الوعظ والتذكير، وهذا حاصل مع عدم الترتيب (4) .
2 -
أنه لم يرد نص في اشتراط الترتيب، فلا يلزم (5) .
أدلة أصحاب القول الثاني: لم أطلع على أدلة صريحة لهم، ولكن الظاهر أنهم يستدلون
(1) ينظر: المجموع 4 / 522، ومغني المحتاج 1 / 287.
(2)
ينظر: الإنصاف 2 / 389.
(3)
ينظر: المجموع 4 / 522، وروضة الطالبين 2 / 30، ومغني المحتاج 1 / 286 - 287.
(4)
ينظر: المجموع 4 / 522، ومغني المحتاج 1 / 288، وكشاف القناع 2 / 33.
(5)
ينظر: المجموع 4 / 522، ومغني المحتاج 1 / 288.
بما يلي:
أولا: الاستدلال على البداءة بالحمد بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل كلام لا يُبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم» (1) .
وهذا واضح الدلالة.
مناقشة هذا الدليل: يناقش بما سبقت مناقشته به في مسألة اشتراط الحمد في الخطبة (2) .
ثانيا: الاستدلال على التثنية بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن كل عبادة ذكر الله - تعالى - فيها يذكر فيها رسوله صلى الله عليه وسلم بعده كالأذان، والتشهد، وغيرهما.
مناقشة هذا الدليل: يناقش من وجهين:
الوجه الأول: أن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الله - تعالى - غير مطرد في جميع العبادات، فمنها ما يشرع فيها ذكر الله دون ذكر رسوله كالوضوء، والذكاة.
(1) تقدم تخريجه ص (127) .
(2)
ص (128) .
الوجه الثاني: أنه ليس ظاهر الدلالة على وجوب الترتيب.
وأما الوصية والقراءة فلم يظهر لي دليلهم عليهما.
أما أصحاب القول الثالث فالظاهر أنهم يستدلون على اشتراط البدء بالحمد، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سبق الاستدلال به لأصحاب القول الثاني عليه.
وأما الوصية والقراءة فلم يظهر لي دليل لهم عليهما.
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بسنية ترتيب الأمور الأربعة: الحمد، ثم الصلاة، ثم الوصية، ثم القراءة؛ لقوة ما استدلوا به، ولأن الأصل عدم وجوب الترتيب.