الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإزالة النجاسة حكم الطهارة الصغرى في الإجزاء وعدمه " (1) .
القول الثاني: يشترط ستر العورة وإزالة النجاسة للخطيب حال الخطبة.
وهذا هو القول الجديد للإمام الشافعي، والصحيح عند أصحابه (2) ورواية عن الإمام أحمد، واختارها بعض أصحابه (3) .
ولم يصرحوا بأدلة على ذلك، والظاهر أنهم يستدلون بما استدلوا به على اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر، فاكتفوا بذكرها هناك، والظاهر فيها رجحان السنية كما ظهر هناك، والله أعلم.
[المطلب الثالث التجمل]
[المسألة الأولى لبس أحسن ثيابه]
المطلب الثالث: التجمل (4) وفيها مسألتان:
المسألة الأولى: لبس أحسن ثيابه.
المسألة الثانية: لون الثياب التي يتجمل بها.
(1) الإنصاف 2 / 393.
(2)
ينظر: المجموع 4 / 515، وروضة الطالبين 2 / 27، ومغني المحتاج 1 / 288.
(3)
ينظر: الفروع 2 / 111، والإنصاف 2 / 392 - 393.
(4)
تعرضت لهذه المسألة مع أنها مما لا يختص بالخطيب، لتأكيد أهل العلم عليها في حق الخطيب أكثر من غيره كما سيأتي.
المسألة الأولى: لبس أحسن ثيابه: لا خلاف في استحباب لبس أحسن الثياب للجمعة كما ذكر في المغني (1) وقد ثبتت أحاديث كثيرة في ذلك منها:
1 -
ما رواه أبو سعيد وأبو هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة، واستن، ومسّ من طيب إن كان عنده، ولبس أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، ولم يتخط رقاب الناس، ثم ركع ما شاء الله أن يركع، وأنصت إذا خرج الإمام كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها» (2) .
2 -
ما رواه أبو أيوب (3) رضي الله عنه قال: سمعت
(1) المغني 3 / 224.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الطهارة - باب في الغسل يوم الجمعة 1 / 94 - 95، الحديث رقم (343) ، والإمام أحمد في مسنده 5 / 177، وقال النووي في المجموع 4 / 537:" رواه أحمد بن حنبل في مسنده وأبو داود في سننه وغيرهما بأسانيد حسنة ".
(3)
هو خالد بن زيد بن كُلَيب الأنصاري، يكنى بأبي أيوب، من كبار الصحابة، شهد بدرا، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة عنده، مات غازيا الروم سنة خمسين، وقيل بعدها.
(ينظر: الإصابة 1 / 405، وتقريب التهذيب (1633) .
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اغتسل يوم الجمعة، ومسّ من طيب إن كان له، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد، ثم يركع إن بدا له، ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينهما» (1) .
3 -
ما رواه عبد الله (2) بن سلام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على أحدكم إن وجد أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته» (3) .
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5 / 420، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الجمعة - باب فضل إنصات المأموم عند خروج الإمام. 3 / 138، الحديث رقم (1775) وقال الأرنؤوط في هامش زاد المعاد 1 / 381:" وإسناده حسن ".
(2)
هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، ثم الأنصاري، من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام، يكنى بأبي يوسف، حليف الخزرج، قيل: كان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، أسلم أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكان يهوديا، روى عدة أحاديث، ومات سنة 43 هـ.
(ينظر: الإصابة 4 / 80، وأسد الغابة 3 / 176) .
(3)
أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصلاة - باب اللبس للجمعة 1 / 282 - 283، الحديث رقم (1078) ، وابن ماجه في سننه في كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في الزينة 1 / 348، الحديث رقم (1095)، وقال في الزوائد:" وإسناده صحيح ورجاله ثقات ".
قال في المغني: " والإمام في هذا ونحوه آكد من غيره؛ لأنه المنظور إليه من بين الناس "(1) .
وقد نص الشافعية (2) والحنابلة (3) على أنه يسنّ له أن يعتم ويرتدي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
ودليل الاعتمام: ما رواه عمرو بن حريث رضي الله عنه قال: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء» (4) .
ودليل الارتداء ببرد: ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد يلبسه في العيدين والجمعة» (5) .
ومع ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الاعتمام والارتداء أثناء الخطبة إلا أن هذا يحمل على أن هذه هي أحسن
(1) المغني 3 / 230، ومثله قال في المهذب مع المجموع 4 / 537.
(2)
ينظر: الحاوي: 3 / 54، والمجموع 4 / 538، وروضة الطالبين 2 / 45.
(3)
ينظر: المغني 3 / 229، والمبدع 2 / 170، وكشاف القناع 2 / 42.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجمعة - باب جواز دخول مكة بغير إحرام 2 / 990، الحديث رقم (1359) .
(5)
أخرجه البيهقي في سننه الكبرى في كتاب الجمعة - باب ما يستحب من الارتداء ببرد 3 / 247.
ثيابهم في وقتهم، وإلا فلا تلزم بعينها؛ لأن المقصود هو التجمل في الأحاديث التي تقدمت، ومن المعلوم أن لكل بلد ثيابا خاصة، ولكل زمان ثياب خاصة، تعتبر هي أحسن الثياب عند الناس فيه، والواقع شاهد بذلك. وأما أن يتخذ الخطيب لباسا معينا يختلف به عن الناس، ويلتزم به وينكر عليه لو تركه فهذا مما لا أصل له، قال ابن القيم (1) رحمه الله مبينا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته ومنكرا لما يُتخذ من ذلك في وقته: " ولم يكن يلبس لباس الخطباء اليوم لا طرحة (2) ولا زيقا (3) واسعا (4) وقال في موضع
(1) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، الدمشقي، يكنى بأبي عبد الله، ويعرف بـ " ابن قيم الجوزية "، تفقه على شيخ الإسلام ابن تيمية حتى صار من أبرز تلاميذه، وامتحن وأوذي مرارا، له مصنفات نفيسة في فنون متعددة منها: زاد المعاد، وإعلام الموقعين، وتوفي سنة 751 هـ.
(ينظر: ذيل طبقات الحنابلة 2 / 447، والمقصد الأرشد 2 / 374) .
(2)
قال في القاموس: " الطرحة: الطيلسان "، وسيأتي، ولم أطلع على من فسرها بغير ذلك، ولعل بينهما تشابها شديدا ففسر كل واحد بالآخر، والله أعلم.
(القاموس المحيط، مادة " طرح " 1 / 246) .
(3)
قال في اللسان: الزيق: ما كُفَّ من جانب الجيب، وزيق القميص ما أحاط بالعنق.
(لسان العرب، مادة " زيق " 10 / 150 - 151) .
(4)
زاد المعاد 1 / 189.