الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِينَ صَحِبُوا الْمَسِيحَ بِأَفْضَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى أَعْرَفَ بِالصَّحَابَةِ وَفَضْلِهِمْ مِنَ الرَّافِضَةِ أَعْدَائِهِمْ، وَالرَّافِضَةُ تَصِفُهُمْ بِضِدِّ مَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا، وَ:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17][الْكَهْفِ: 17] .
[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ]
[عام غزوة خيبر]
فَصْلٌ
فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَكَثَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ غَازِيًا إِلَى خَيْبَرَ، وَكَانَ اللَّهُ عز وجل وَعَدَهُ إِيَّاهَا وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَالَ مالك: كَانَ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا فِي السَّابِعَةِ. وَقَطَعَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّادِسَةِ بِلَا شَكٍّ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَوَّلِ التَّارِيخِ، هَلْ هُوَ شَهْرُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ شَهْرُ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ أَوْ مِنَ الْمُحَرَّمِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ؟ وَلِلنَّاسِ فِي هَذَا طَرِيقَانِ: فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ التَّارِيخَ وَقَعَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ يَرَى أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حِينَ قَدِمَ، (وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَرَّخَ بِالْهِجْرَةِ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ بِالْيَمَنِ) كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عروة، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ جَمِيعًا، قَالَا: انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ عز وجل فِيهَا خَيْبَرَ {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20] [الْفَتْحِ: 20] خَيْبَرَ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَأَقَامَ بِهَا
حَتَّى سَارَ إِلَى خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالرَّجِيعِ - وَادٍ بَيْنَ خَيْبَرَ وَغَطَفَانَ - فَتَخَوَّفَ أَنْ تَمُدَّهُمْ غَطَفَانُ، فَبَاتَ بِهِ حَتَّى أَصْبَحَ فَغَدَا إِلَيْهِمْ. انْتَهَى
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سباع بن عرفطة، وَقَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَئِذٍ الْمَدِينَةَ فَوَافَى سباع بن عرفطة فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: كهيعص، وَفِي الثَّانِيَةِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: وَيْلٌ لِأَبِي فُلَانٍ، لَهُ مِكْيَالَانِ، إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي، وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَتَى سِبَاعًا فَزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَشْرَكُوهُ وَأَصْحَابَهُ فِي سُهْمَانِهِمْ.
وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لعامر بن الأكوع: أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عامر رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا
…
وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا
وبالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
…
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ قَالُوا: عامر. فَقَالَ: رحمه الله» ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ قَالَ: فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيِّةٍ.