الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَكَرَ ابن سعد قَالَ: (بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرُّومَ قَدْ جَمَعَتْ جُمُوعًا كَثِيرَةً بِالشَّامِ، وَأَنَّ هرقل قَدْ رَزَقَ أَصْحَابَهُ لِسَنَةٍ، وَأَجْلَبَتْ مَعَهُ لَخْمٌ، وَجُذَامُ، وَعَامِلَةُ، وَغَسَّانُ، وَقَدَّمُوا مُقَدِّمَاتِهِمْ إِلَى الْبَلْقَاءِ، وَجَاءَ الْبَكَّاءُونَ وَهُمْ سَبْعَةٌ يَسْتَحْمِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، فَتَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَنْ لَا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ» ، وَهُمْ سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى المازني، وعمرو بن عنمة، وسلمة بن صخر، وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْبَكَّاءُونَ بَنُو مُقَرِّنٍ السَّبْعَةُ، وَهُمْ مِنْ مُزَيْنَةَ)
وابن إسحاق: يَعُدُّ فِيهِمْ عمرو بن الحمام بن الجموح
( «وَأَرْسَلَ أبا موسى أَصْحَابُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَحْمِلَهُمْ، فَوَافَاهُ غَضْبَانَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَاهُ إِبِلٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» )
[فصل قِصَّةُ عُلْبَةَ بْنِ زَيْدٍ]
فَصْلٌ
( «وَقَامَ علبة بن زيد فَصَلَّى مِنَ اللَّيْلِ وَبَكَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَمَرْتَ
بِالْجِهَادِ وَرَغَّبْتَ فِيهِ، ثُمَّ لَمْ تَجْعَلْ عِنْدِي مَا أَتَقَوَّى بِهِ مَعَ رَسُولِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ، وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي فِيهَا مِنْ مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ فَلْيَقُمْ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْشِرْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ» )
وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ فَلَمْ يَعْذِرْهُمْ، قَالَ ابن سعد: وَهُمُ اثْنَانِ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، وَكَانَ عبد الله بن أبي ابن سلول قَدْ عَسْكَرَ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ فِي حُلَفَائِهِ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ، فَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ عَسْكَرُهُ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ، وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ ابن هشام: سباع بن عرفظة، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ
فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَلَّفَ عبد الله بن أبي وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَتَخَلَّفَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وأبو خيثمة السالمي، وأبو ذر، ثُمَّ لَحِقَهُ أبو خيثمة وأبو ذر.
وَشَهِدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ، وَالْخَيْلُ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ، وَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وهرقل يَوْمَئِذٍ بِحِمْصَ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُرُوجَ خَلَّفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلَّا اسْتِثْقَالًا وَتَخَفُّفًا مِنْهُ، فَأَخَذَ علي رضي الله عنه سِلَاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا خَلَّفْتَنِي لِأَنَّكَ اسْتَثْقَلْتَنِي
وَتَخَفَّفْتَ مِنِّي، فَقَالَ: كَذَبُوا، وَلَكِنِّي خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ، أَفَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، فَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الْمَدِينَةِ
(ثُمَّ «إِنَّ أبا خيثمة رَجَعَ بَعْدَ أَنْ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّامًا إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي عَرِيشَيْنِ لَهُمَا فِي حَائِطِهِ قَدْ رَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ لَهُ مَاءً، وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا، فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَتَيْهِ وَمَا صَنَعَتَا لَهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ وَالْحَرِّ وأبو خيثمة فِي ظِلٍّ بَارِدٍ وَطَعَامٍ مُهَيَّأٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ فِي مَالِهِ مُقِيمٌ، مَا هَذَا بِالنَّصَفِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَيِّئَا لِي زَادًا، فَفَعَلَتَا، ثُمَّ قَدَّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَدْرَكَهُ حِينَ نَزَلَ تَبُوكَ، وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَ أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي فِي الطَّرِيقِ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَرَافَقَا، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ تَبُوكَ قَالَ أبو خيثمة لعمير بن وهب: إِنَّ لِي ذَنْبًا فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَتَخَلَّفَ عَنِّي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَعَلَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِتَبُوكَ قَالَ النَّاسُ: هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ مُقْبِلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْ أبا خيثمة، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ وَاللَّهِ أبو خيثمة، فَلَمَّا أَنَاخَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْلَى لَكَ يَا أبا خيثمة، فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ» )
(وَقَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَرَّ بِالْحِجْرِ بِدِيَارِ ثَمُودَ قَالَ: لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْهُ لِلصَّلَاةِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الْإِبِلَ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَفَعَلَ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجَ الْآخَرُ فِي طَلَبِ بَعِيرِهِ، فَأَمَّا الَّذِي خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَأَمَّا الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِ بَعِيرِهِ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى طَرَحَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ، فَأُخْبِرُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَلُمْ أَنْهَكُمْ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبُهُ؟ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَهْدَتْهُ طَيِّئٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ» )
قُلْتُ: وَالَّذِي فِي " صَحِيحِ مسلم " مِنْ حَدِيثِ أبي حميد: انْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:( «سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُمْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ» )
قَالَ ابن هشام: بَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجْرِ سَجَّى ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَاسْتَحَثَّ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ قَالَ: ( «لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ خَوْفًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ» )
قُلْتُ: فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا