الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ]
فَصْلٌ
فِي بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أكيدر دومة
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أكيدر دومة، وَهُوَ أكيدر بن عبد الملك، رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَ مَلِكًا عَلَيْهَا، «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لخالد:(إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ، فَخَرَجَ خالد حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ، وَفِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صَافِيَةٍ وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ لَهُ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَبَاتَتِ الْبَقَرُ تَحُكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَتْ: فَمَنْ يَتْرُكُ هَذِهِ؟ قَالَ: لَا أَحَدَ، فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ لَهُ، وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيهِمْ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ حسان، فَرَكِبَ وَخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطَارِدِهِمْ، فَلَمَّا خَرَجُوا تَلَقَّتْهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ قِبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُخَوَّصٍ بِالذَّهَبِ، فَاسْتَلَبَهُ خالد فَبَعَثَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ خالدا قَدِمَ بأكيدر عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَرَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ» )
وَقَالَ ابن سعد: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خالدا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: وَأَجَارَ خالد أكيدرا مِنَ الْقَتْلِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ فَفَعَلَ، وَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفَيْ بَعِيرٍ وَثَمَانِمِائَةِ رَأْسٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ دِرْعٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ رُمْحٍ، فَعَزَلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّهُ خَالِصًا، ثُمَّ قَسَّمَ الْغَنِيمَةَ فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَسَّمَ مَا بَقِيَ فِي أَصْحَابِهِ، فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسُ فَرَائِضَ
وَذَكَرَ ابن عائذ فِي هَذَا الْخَبَرِ، أَنَّ أكيدرا قَالَ عَنِ الْبَقَرِ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ
أَتَتْنَا إِلَّا الْبَارِحَةَ، وَلَقَدْ كُنْتُ أُضْمِرُ لَهَا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَلَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَاجْتَمَعَ أكيدر ويحنة عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَبَيَا وَأَقَرَّا بِالْجِزْيَةِ، فَقَاضَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَضِيَّةِ دومة، وَعَلَى تَبُوكَ، وَعَلَى أَيْلَةَ، وَعَلَى تَيْمَاءَ، وَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا
رَجَعْنَا إِلَى قِصَّةِ تَبُوكَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَمْ يُجَاوِزْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ مَاءٌ يَخْرُجُ مِنْ وَشَلٍ يَرْوِي الرَّاكِبَ وَالرَّاكِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: وَادِي الْمُشَقَّقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:( «مَنْ سَبَقَنَا إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَقِيَنَّ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَهُ، قَالَ: فَسَبَقَهُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَاسْتَقَوْا، فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَنْ سَبَقَنَا إِلَى هَذَا الْمَاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَقَالَ: أَوَلَمْ أَنْهَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى آتِيَهُ؟! ثُمَّ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ الْوَشَلِ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِي يَدِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَصُبَّ، ثُمَّ نَضَحَهُ بِهِ وَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ فَانْخَرَقَ مِنَ الْمَاءِ - كَمَا يَقُولُ مَنْ سَمِعَهُ - مَا إِنَّ لَهُ حِسًّا كَحِسِّ الصَّوَاعِقِ، فَشَرِبَ النَّاسُ وَاسْتَقَوْا حَاجَتَهُمْ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ بَقِيتُمْ أَوْ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ لَيَسْمَعَنَّ بِهَذَا الْوَادِي وَهُوَ أَخْصَبُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا خَلْفَهُ» )
قُلْتُ: ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم "( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا» ) ، الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ
فَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً فَالْمَحْفُوظُ حَدِيثُ مسلم، وَإِنْ كَانَتْ قِصَّتَيْنِ فَهُوَ مُمْكِنٌ
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، ( «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ: قُمْتُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَرَأَيْتُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ، فَاتَّبَعْتُهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ