المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحداث غزوة أحد] - زاد المعاد في هدي خير العباد - ت الرسالة الثاني - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَادِ وَالْمَغَازِي وَالسَّرَايَا وَالْبُعُوثِ] [

- ‌الْجِهَادُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَرَاتِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَرَاتِبُ جِهَادِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَرَاتِبُ جِهَادِ الشَّيْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَرَاتِبُ جِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ]

- ‌[فَصْلٌ في جِهَادُ أَرْبَابِ الظُّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ في شَرْطُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ أَكْمَلُ الْخَلْقِ مَنْ كَمَّلَ مَرَاتِبَ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ في ذِكْرُ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ]

- ‌[اشتداد أذى المشركين على من أسلم]

- ‌[فَصْلٌ مُحَاوَلَةُ الْمُشْرِكِينَ رَدَّ النَّجَاشِيِّ الْمُهَاجِرِينَ]

- ‌[فَصْلٌ مُقَاطَعَةُ قُرَيْشٍ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَوْتَ أَبِي طَالِبٍ وَمَوْتَ خَدِيجَةَ والْخُرُوجُ إِلَى الطَّائِفِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ]

- ‌[فَصْلٌ في إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم لِقُرَيْشٍ بِالْإِسْرَاءِ]

- ‌[فِصَلٌ في الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ قَالَ كَانَ الْإِسْرَاءُ بِالرُّوحِ وَبَيْنَ أَنْ يُقَالَ كَانَ الْإِسْرَاءُ مَنَامًا]

- ‌[فَصْلٌ في دَعْوَتُهُ صلى الله عليه وسلم الْقَبَائِلَ]

- ‌[فَصْلٌ في لُقْيَاهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ قَدِمَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ]

- ‌[فَصْلٌ في لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ نَفَرٍ مِنَ الْخَزْرَجِ]

- ‌[فَصْلٌ في ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ صلى الله عليه وسلم لِقَتْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ في مروره صلى الله عليه وسلم بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّةِ]

- ‌[فَصْلٌ في وُصُولُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ في مُعَاهَدَتُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ يَهُودَ]

- ‌[فَصْلٌ في تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْأَذَانُ وَزِيَادَةُ الصَّلَاةِ إِلَى رُبَاعِيَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ في الْإِذْنُ بِالْقِتَالِ]

- ‌[فصل في فَرْضُ الْقِتَالِ]

- ‌[فصل في استحباب الْقِتَالَ أَوَّلَ النَّهَارِ]

- ‌[فصل في فضل الشهيد]

- ‌[فصل في مُبَايَعَتُهُ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ]

- ‌[فصل في سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى]

- ‌[فصل في أنه صلى الله عليه وسلم لَا يُخَمَّسُ الطَّعَامُ]

- ‌[فصل في حُكْمُ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ]

- ‌[فصل في النَّهْيُ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ حَالِ الْحَرْبِ]

- ‌[فصل في الْغُلُولُ]

- ‌[فصل في تَحْرِيقُ مَتَاعِ الْغَالِّ وَضَرْبُهُ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأُسَارَى]

- ‌[أسارى بدر]

- ‌[فصل أنه لا يفرق فِي السَّبْيِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ فِيمَنْ جَسَّ عَلَيْهِ]

- ‌[فصل من هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم عِتْقَ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْنُومَةِ]

- ‌[فصل في الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً]

- ‌[فصل في الْإِقَامَةُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ فِي الْأَمَانِ وَالصُّلْحِ وَمُعَامَلَةِ رُسُلِ الْكُفَّارِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فصل في تَقْرِيرُ مَصِيرِ الْكُفَّارِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في نَقْضُ بَنِي النَّضِيرِ الْعَهْدَ]

- ‌[فصل في نَقْضُ قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ]

- ‌[فصل في حصار بني قريظة وتخييرهم بين ثلاث خصال]

- ‌[فصل في حُكْمُ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَأَقَرَّ بِهِ الْبَاقُونَ]

- ‌[فصل مَنْ دَخَلَ فِي عَقْدِ الْمُصَالَحِينَ ثُمَّ حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ نَقَضَ الْعَهْدَ]

- ‌[فصل في أن رُسُلُ الْأَعْدَاءِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهَا]

- ‌[فصل في صُلْحُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ قُرَيْشٍ]

- ‌[فصل في الصُّلْحُ مَعَ أَهْلِ خَيْبَرَ]

- ‌[فصل في عَقْدُ الذِّمَّةِ وَأَخْذُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فصل في أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَجُوسِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى]

- ‌[فصل في صُلْحُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِ نَجْرَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ سِيَاقِ هَدْيِهِ مَعَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنْ حِينِ بُعِثَ إِلَى حِينِ لَقِيَ اللَّهَ عز وجل]

- ‌[أَوَّلُ مَا أَوْحَى إِلَيْهِ رَبُّهُ تبارك وتعالى أَنْ يَقْرَأَ بِاسْمِ رَبِّهِ الَّذِي خَلَقَ]

- ‌[فصل في سِيرَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَوْلِيَائِهِ وَحِزْبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سِيَاقِ مَغَازِيهِ وَبُعُوثِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ]

- ‌[سَرِيَّةُ حَمْزَةَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ سَعْدٍ إِلَى بَطْنِ رَابِغٍ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ بُوَاطٍ]

- ‌[فصل في خُرُوجُهُ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِ كُرْزٍ الْفِهْرِيِّ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ نَخْلَةَ]

- ‌[فصل في تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى]

- ‌[خَبَرُ الْعِيرِ الْمُقْبِلَةِ مِنَ الشَّامِ لِقُرَيْشٍ صُحْبَةَ أَبِي سُفْيَانَ]

- ‌[فصل في بدء القتال يوم بدر بالمبارزة]

- ‌[ظُهُورُ إِبْلِيسَ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ الْكِنَانِيِّ وَوَسْوَسَتُهُ لِقُرَيْشٍ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ السَّوِيقِ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ الْفُرْعِ]

- ‌[فصل في غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ]

- ‌[أحداث غزوة أحد]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْغَزَاةُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْفِقْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ]

- ‌[من حكم غزوة أحد]

- ‌[خُرُوجُ عَلِيٍّ فِي آثَارِ الْمُشْرِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ في سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ إِلَى بَنِي أَسَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ بَعْثُهُ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ لِقَتْلِ ابْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ في بِئْرُ مَعُونَةَ]

- ‌[قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا الْقُرَّاءَ]

- ‌[فَصْلٌ في غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ في غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ]

- ‌ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ في قُوَّةُ إيمَانِ عَائِشَةَ]

- ‌[طَلَبَهُ صلى الله عليه وسلم فيمن يعذره فيمن تولى الإفك]

- ‌[ما وقع في حديث الإفك من الوهم]

- ‌[فَصْلٌ هَلِ الْجَارِيَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى عَائِشَةَ هِيَ بَرِيرَةُ]

- ‌[مرجعه صلى الله عليه وسلم من غزوة المريسيع]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[عام غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[سَبَبُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ]

- ‌[فَصْلٌ اغْتِيَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَبَا رَافِعٍ]

- ‌[فَصْلٌ غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ نَجْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الْغَابَةِ]

- ‌[إغارة عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي بِالْغَابَةِ]

- ‌[كَانَتْ غَزْوَةِ الْغَابَةِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَتَوْهِيمُ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِصّةِ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[عام الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في تَقْلِيدُهُ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَعْثُهُ عَيْنًا لَهُ ابْنَ خُزَاعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ]

- ‌[فصل في ما جرى عليه صلح الحديبية]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْضِ مَا فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ الْحِكَمِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الْهُدْنَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ]

- ‌[عام غزوة خيبر]

- ‌[فَصْلٌ في الْقُدُومُ إِلَى خَيْبَرَ]

- ‌[فَصْلٌ في قَسْمُ خَيْبَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[قُدُومُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَشْعَرِيِّينَ]

- ‌[قِصَّةُ سَمِّ يَهُودِيَّةٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا كَانَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ]

- ‌[جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ]

- ‌[فَصْلٌ في قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ]

- ‌[فَصْلٌ في تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ]

- ‌[فَصْلٌ في جَوَازُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ في عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ في خَرْصُ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ]

- ‌[فَصْلٌ في انصرافه صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ في رَدُّ الْمُهَاجِرِينَ مَنَائِحَ الْأَنْصَارِ]

- ‌[فَصْلٌ في السَّرَايَا بَيْنَ مَقْدَمِهِ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى شَوَّالٍ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ غَالِبٍ الْكَلْبِيِّ إِلَى بَنِي الْمُلَوَّحِ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إِلَى جَمْعِ يَمَنَ وَغَطَفَانَ وَحَيَّانَ]

- ‌[فصل في سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ]

- ‌[فصل في بعثه سَرِيَّةٌ إِلَى إِضَمَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ]

- ‌[عام عمرة القضية]

- ‌[فصل في زواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة وهو محرم]

- ‌[فصل في اخْتِلَافُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَجَعْفَرٍ فِي حَضَانَةِ بِنْتِ حَمْزَةَ]

- ‌[فصل في الِاخْتِلَافُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فصل فِي وَقْتِ النَّحْرِ لِلْمُحْصَرِ]

- ‌[الْمُحْصَرَ بِالْعُمْرَةِ يَتَحَلَّلُ]

- ‌[الْمُحْصَرَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ]

- ‌[أحداث غزوة مؤتة]

- ‌[فَصْلٌ وَهْمٌ فِي التِّرْمِذِيِّ بِإِنْشَادِ ابْنِ رَوَاحَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ]

- ‌[أحداث غزوة ذات السلاسل]

- ‌[فصل في قِصَّةُ تَيَمُّمِ ابْنِ الْعَاصِ مِنَ الْجَنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرِيّةِ الْخَبَطِ]

- ‌[عام سرية الخبط]

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي الْوَقَائِعِ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ]

- ‌[أسباب الفتح الأعظم]

- ‌[فَصْلٌ في صَلَاةُ الْفَتْحِ]

- ‌[فصل مَنْ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِمْ]

- ‌[ذِكْرُ سَرِيَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جُذَيْمَةَ]

- ‌[فصل في إِنْشَادُ حَسَّانَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا فِي الْغَزْوَةِ منَ الْفِقْهِ وَاللَّطَائِفِ]

- ‌[مقدمة وتوطئة الفتح العظيم]

- ‌[فصل أَنَّ أَهْلَ الْعَهْدِ إِذَا حَارَبُوا مَنْ هُمْ فِي ذِمَّةِ الْإِمَامِ وَجِوَارِهِ وَعَهْدِهِ صَارُوا حَرْبًا لَهُ بِذَلِكَ]

- ‌[فصل في انْتِقَاضُ عَهْدِ الرِّدْءِ وَالْمُبَاشِرِينَ إِذَا رَضُوا بِذَلِكَ]

- ‌[فصل في صُلْحِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ]

- ‌[فصل في الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ إِذَا سُئِلَ مَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ]

- ‌[فصل في رَسُولُ الْكُفَّارِ لَا يُقْتَلُ]

- ‌[فصل في تَبْيِيتِ الْكُفَّارِ وَمُغَافَضَتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ]

- ‌[فصل في جَوَازُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا]

- ‌[جَوَازُ تَجْرِيدِ الْمَرْأَةِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ]

- ‌[فصل في الرَّجُلَ إِذَا نَسَبَ الْمُسْلِمَ إِلَى النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ]

- ‌[فصل في أن الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ مِمَّا دُونَ الشِّرْكِ قَدْ تُكَفَّرُ بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَاحِيَةِ]

- ‌[فصل في جَوَازُ مُبَاغَتَةِ الْمُعَاهَدِينَ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ]

- ‌[فصل في اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ لِرُسُلِ الْعَدُوِّ إِذَا جَاءُوا إِلَى الْإِمَامِ]

- ‌[فصل في جَوَازُ دُخُولِ مَكَّةَ لِلْقِتَالِ الْمُبَاحِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ]

- ‌[فصل في بيان أن مكة فتحت عنوة]

- ‌[فصل يُمْنَعُ قِسْمَةُ مَكَّةَ لِأَنَّهَا دَارُ نُسُكٍ]

- ‌[فصل هَلْ يُضْرَبُ الْخَرَاجُ عَلَى مَزَارِعِ مَكَّةَ كَسَائِرِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا فِي خُطْبَتِهِ الْعَظِيمَةِ ثَانِيَ يَوْمِ الْفَتْحِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ]

- ‌[تَحْرِيمُ اللَّهِ لِمَكَّةَ]

- ‌[فصل في قَلْعُ شَجَرِ مَكَّةَ]

- ‌[فصل لَا يُقْلَعُ حَشِيشُ مَكَّةَ مَا دَامَ رَطْبًا]

- ‌[فصل في النهي عن تفير صيد مكة]

- ‌[فصل لَا تُمْلَكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَتَعَيَّنُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ]

- ‌[فَصْلٌ في إِبَاحَةُ قَطْعِ الْإِذْخِرِ]

- ‌[فصل في الدَّلِيلُ عَلَى كِتَابَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[فصل في الصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمُصَوَّرِ]

- ‌[فصل في جَوَازُ لُبْسِ السَّوَادِ]

- ‌[فصل مَتَى حُرِّمَتْ مُتْعَةُ النِّسَاءِ]

- ‌[فصل في إِجَارَةِ الْمَرْأَةِ وَأَمَانِهَا لِلرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَتُسَمَّى غَزْوَةَ أَوْطَاسٍ]

- ‌[تسميتها بأوطاس وهوازن]

- ‌[فصل في قُدُومُ وَفْدِ هَوَازِنَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَالنُّكَتِ الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[تَسَبَّبَتْ حَرْبُ هَوَازِنَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي إِظْهَارِ أَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فصل في إِيجَابُ بَعْثِ الْعُيُونِ وَالسَّيْرِ إِلَى الْعَدُوِّ إِذَا سَمِعَ بِقَصْدِهِ لَهُ]

- ‌[فصل هَلِ الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ]

- ‌[فصل في جَوَازُ عَقْرِ مَرْكُوبِ الْعَدُوِّ إِذَا كَانَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِهِ]

- ‌[فصل في العطاء الَّذِي أَعْطَاهُ صلى الله عليه وسلم لِقُرَيْشٍ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ]

- ‌[فصل في بَيْعِ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَمُتَفَاضِلًا]

- ‌[فصل في أن من قتل قتيلا فله سلبه]

- ‌[فصل في الِاكْتِفَاءُ فِي الْأَسْلَابِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ يَمِين]

- ‌[فصل في أن السلب جميعه للقاتل]

- ‌[فصل يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ جَمِيعِ مَنْ قَتَلَهُ وَإِنْ كَثُرُوا]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ]

- ‌[عام غزوة الطائف]

- ‌[فصل في قدوم وَفْدُ ثَقِيفٍ]

- ‌[فصل في غَزْوِ الرَّجُلِ وَأَهْلُهُ مَعَهُ]

- ‌[فصل في الْإِمَامَ إِذَا حَاصَرَ حِصْنًا]

- ‌[فصل في أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ بِعُمْرَةٍ]

- ‌[فصل في اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِ ثَقِيفٍ]

- ‌[فصل في كَمَالُ مَحَبَّةِ الصِّدِّيقِ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في أنه لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ مَوَاضِعِ الشِّرْكِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى هَدْمِهَا]

- ‌[فصل في جَوَازُ صَرْفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي فِي مَوَاضِعِ الشِّرْكِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فصل في أن وَادِي وَجٍّ حَرَمٌ]

- ‌[فَصْلٌ في بَعْثُ الْمُصَدِّقِينَ لِجَلْبِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ]

- ‌[سَرِيَّةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ]

- ‌[قدوم وفد بني تميم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرِيَّةِ قُطْبَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ إِلَى خَثْعَمَ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ سَرِيَّةِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ إِلَى بَنِي كِلَابٍ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ سَرِيَّةِ عَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ إِلَى الْحَبَشَةِ سَنَةَ تِسْعٍ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سَرِيَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِلَى صَنَمِ طَيِّئٍ لِيَهْدِمَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ]

- ‌[عام غزوة تبوك]

- ‌[فصل قِصَّةُ عُلْبَةَ بْنِ زَيْدٍ]

- ‌[فصل في اسْتِسْقَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في الصُّلْحُ مَعَ صَاحِبِ أَيْلَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دَوْمَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ وَصَلَاتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جَمْعِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ] [

- ‌مَا هَمَّ الْمُنَافِقُونَ بِهِ مِنَ الْكَيْدِ وَعِصْمَةِ اللَّهِ للرسوله]

- ‌[بَيَانُ وَهْمِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَمْرِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ]

- ‌[خروج الناس لتلقيه صلى الله عليه وسلم عند مقدمه إلى المدينة]

- ‌[فصل في اعْتِذَارُ الْمُخَلَّفِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَوَائِدِ]

- ‌[جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ]

- ‌[فَصْلٌ في اسْتِحْبَابُ حِنْثِ الْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ إِذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا]

- ‌[فصل في انْعِقَادُ الْيَمِينِ فِي حَالِ الْغَضَبِ إِلَّا حِينَ الْإِغْلَاقِ]

- ‌[فصل لَا مُتَعَلِّقَ لِلْجَبْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ]

- ‌[فصل تَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ الْمُنَافِقِينَ]

- ‌[فصل في إِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ حَدَثًا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ]

- ‌[فصل في جَوَازُ الدَّفْنِ لَيْلًا]

- ‌[فصل إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً فَغَنِمَتْ كَانَ مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ لَهَا بَعْدَ تَخْمِيسِهِ]

- ‌[فصل في ثَوَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ]

- ‌[فصل في تَحْرِيقُ أَمْكِنَةِ الْمَعْصِيَةِ وَهَدْمُهَا]

- ‌[فصل في جَوَازُ إِنْشَادِ الشِّعْرِ لِلْقَادِمِ فَرَحًا بِهِ]

- ‌[فصل في نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لِتَأْدِيبِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمْ]

- ‌[تخلف أصحاب كعب عن صلاة الجماعة]

- ‌[فصل في أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِاعْتِزَالِ نِسَائِهِمْ]

- ‌[فصل في سُجُودُ الشُّكْرِ مِنْ عَادَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في عَظَمَةُ الصِّدْقِ]

- ‌[فَصْلٌ في مَعْنَى تَكْرِيرِ اللَّهِ لِلَفْظِ التَّوْبَةِ فِي الْآيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعْنَى كَلِمَةِ خُلِّفُوا فِي الْآيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَ مَقْدِمِهِ مِنْ تَبُوكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وُفُودِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[وَفْدُ ثَقِيفٍ]

- ‌[قدوم وفد ثقيف]

- ‌[فصل ما في قصة قدوم وفد ثقيف من الأحكام]

- ‌[فَصْلٌ في الْوُفُودُ]

- ‌[قدوم وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ]

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ يَتَضَمَّنُ خِصَالًا أُخْرَى مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ]

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ طَيِّئٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ كِنْدَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ الْأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ هَمْدَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ مُزَيْنَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ دَوْسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ بِخَيْبَرَ] [

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ دَوْسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ بِخَيْبَرَ] [

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ نَجْرَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ نَجْرَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ عَظَّمَ مَخْلُوقًا بِحَيْثُ أَخْرَجَهُ عَنْ مَنْزِلَةِ الْعُبُودِيَّةِ الْمَحْضَةِ فَقَدْ أَشْرَكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ رَسُولِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الرُّومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَوْمِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ تُجِيبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي سَعْدِ هُذَيْمٍ مِنْ قُضَاعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي فَزَارَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي أَسَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَهْرَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ عُذْرَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ بَلِيٍّ]

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ بَلِيٍّ]

- ‌[ما يتعلق بقصة وفد بلي من فوائد]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ ذِي مُرَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ خَوْلَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ مُحَارِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي‌‌ قُدُومِ وَفْدِ صُدَاءٍفِي سَنَةِ ثَمَانٍ]

- ‌ قُدُومِ وَفْدِ صُدَاءٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ غَسَّانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ سَلَامَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي عَبْسٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ غَامِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ النَّخْعِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُكَاتَبَاتِهِ إِلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُقَوْقِسِ]

- ‌[فَصْلٌ كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى عَامِلِ الْبَحْرَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَلِكِ عُمَانَ]

- ‌[فَصْلٌ كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَاحِبِ الْيَمَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ]

الفصل: ‌[أحداث غزوة أحد]

ثُنَّتِهِ، فَقَتَلَهُ، وَصَاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً شَدِيدَةً أَفْزَعَتْ مَنْ حَوْلَهُ. وَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ، وَجَاءَ الْوَفْدُ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، وَجُرِحَ الحارث بن أوس بِبَعْضِ سُيُوفِ أَصْحَابِهِ، فَتَفَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَرِئَ، فَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِ مَنْ وُجِدَ مِنَ الْيَهُودِ لِنَقْضِهِمْ عَهْدَهُ وَمُحَارَبَتِهِمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ) .

[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ]

[أحداث غزوة أحد]

فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ

وَلَمَّا قَتَلَ اللَّهُ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ بِبَدْرٍ، وَأُصِيبُوا بِمُصِيبَةٍ لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِهَا، وَرَأَسَ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِذَهَابِ أَكَابِرِهِمْ، وَجَاءَ كَمَا ذَكَرْنَا إِلَى أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ السَّوِيقِ، وَلَمْ يَنَلْ مَا فِي نَفْسِهِ، أَخَذَ يُؤَلِّبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَجْمَعُ الْجُمُوعَ، فَجَمَعَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْحُلَفَاءِ، وَالْأَحَابِيشِ، وَجَاءُوا بِنِسَائِهِمْ لِئَلَّا يَفِرُّوا، وَلِيُحَامُوا عَنْهُنَّ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِمْ نَحْوَ الْمَدِينَةِ. فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: عَيْنَيْنِ، وَذَلِكَ فِي

ص: 172

شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، أَمْ يَمْكُثُ فِي الْمَدِينَةِ؟ وَكَانَ رَأْيُهُ أَلَّا يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَنْ يَتَحَصَّنُوا بِهَا، فَإِنْ دَخَلُوهَا، قَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَزِقَّةِ، وَالنِّسَاءُ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ عبد الله بن أبي، وَكَانَ هُوَ الرَّأْيَ، فَبَادَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ فَاتَهُ الْخُرُوجُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ، وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَشَارَ عبد الله بن أبي بِالْمُقَامِ فِي الْمَدِينَةِ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، فَأَلَحَّ أُولَئِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَضَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَقَدِ انْثَنَى عَزْمُ أُولَئِكَ، وَقَالُوا: أَكْرَهْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْخُرُوجِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَمْكُثَ فِي الْمَدِينَةِ فَافْعَلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:( «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ» ) .

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَلْفٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاسْتَعْمَلَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِمَنْ بَقِيَ فِي الْمَدِينَةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ رَأَى رُؤْيَا وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، رَأَى أَنَّ فِي سَيْفِهِ ثُلْمَةً، وَرَأَى أَنَّ بَقَرًا تُذْبَحُ، وَأَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَتَأَوَّلَ الثُّلْمَةَ فِي سَيْفِهِ بِرَجُلٍ يُصَابُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَتَأَوَّلَ الْبَقَرَ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقْتَلُونَ وَتَأَوَّلَ الدِّرْعَ بِالْمَدِينَةِ.

فَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا صَارَ بِالشَّوْطِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ، انْخَزَلَ عبد الله بن أبي بِنَحْوِ ثُلُثِ الْعَسْكَرِ، وَقَالَ: تُخَالِفُنِي وَتَسْمَعُ مِنْ غَيْرِي، فَتَبِعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَالِدُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُوَبِّخُهُمْ وَيَحُضُّهُمْ عَلَى الرُّجُوعَ، وَيَقُولُ: تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ ادْفَعُوا. قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ

ص: 173

تُقَاتِلُونَ، لَمْ نَرْجِعْ، فَرَجَعَ عَنْهُمْ، وَسَبَّهُمْ، وَسَأَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَسْتَعِينُوا بِحُلَفَائِهِمْ مِنْ يَهُودَ، فَأَبَى، وَسَلَكَ حَرَّةَ بَنِي حَارِثَةَ، وَقَالَ:( «مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ بِنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ» ) ؟ ، فَخَرَجَ بِهِ بَعْضُ الْأَنْصَارِ حَتَّى سَلَكَ فِي حَائِطٍ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ أَعْمَى، فَقَامَ يَحْثُو التُّرَابَ فِي وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقُولُ: لَا أُحِلِّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فِي حَائِطِي إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ، فَابْتَدَرَهُ الْقَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ:( «لَا تَقْتُلُوهُ فَهَذَا أَعْمَى الْقَلْبِ أَعْمَى الْبَصَرِ» ) .

وَنَفَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلَ الشِّعْبَ مِنْ أُحُدٍ فِي عُدْوَةِ الْوَادِي، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى أُحُدٍ، وَنَهَى النَّاسَ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ يَوْمَ السَّبْتِ، تَعَبَّى لِلْقِتَالِ، وَهُوَ فِي سَبْعِمِائَةٍ، فِيهِمْ خَمْسُونَ فَارِسًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الرُّمَاةِ - وَكَانُوا خَمْسِينَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَمَرَهُ وَأَصْحَابَهُ أَنْ يَلْزَمُوا مَرْكَزَهُمْ، وَأَلَّا يُفَارِقُوهُ، وَلَوْ رَأَى الطَّيْرَ تَتَخَطَّفُ الْعَسْكَرَ، وَكَانُوا خَلْفَ الْجَيْشِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْضَحُوا الْمُشْرِكِينَ بِالنَّبْلِ، لِئَلَّا يَأْتُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَرَائِهِمْ.

فَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَئِذٍ، وَأَعْطَى اللِّوَاءَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَجَعَلَ عَلَى إِحْدَى الْمَجْنَبَتَيْنِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَعَلَى الْأُخْرَى المنذر بن عمرو، وَاسْتَعْرَضَ الشَّبَابَ يَوْمَئِذٍ فَرَدَّ مَنِ اسْتَصْغَرَهُ عَنِ الْقِتَالِ، وَكَانَ مِنْهُمْ عبد الله بن عمر، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وأسيد بن ظهير، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ،

ص: 174

وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وعرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، وَأَجَازَ مَنْ رَآهُ مُطِيقًا، وَكَانَ مِنْهُمْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَلَهُمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقِيلَ: أَجَازَ مَنْ أَجَازَ لِبُلُوغِهِ بِالسِّنِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَرَدَّ مَنْ رَدَّ لِصِغَرِهِ عَنْ سِنِّ الْبُلُوغِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا أَجَازَ مَنْ أَجَازَ لِإِطَاقَتِهِ، وَرَدَّ مَنْ رَدَّ لِعَدَمِ إِطَاقَتِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ فِي ذَلِكَ قَالُوا: وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: ( «فَلَمَّا رَآنِي مُطِيقًا أَجَازَنِي» ) .

وَتَعَبَّتْ قُرَيْشٌ لِلْقِتَالِ، وَهُمْ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَفِيهِمْ مِائَتَا فَارِسٍ، فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ إِلَى أَبِي دُجَانَةَ سِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، وَكَانَ شُجَاعًا بَطَلًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ.

وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَدَرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أبو عامر الفاسق، واسمه عبد عمرو بن صيفي، وَكَانَ يُسَمَّى: الرَّاهِبَ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَاسِقَ، وَكَانَ رَأْسَ الْأَوْسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ شَرِقَ بِهِ، وَجَاهَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَدَاوَةِ، فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَذَهَبَ إِلَى قُرَيْشٍ يُؤَلِّبُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَحُضُّهُمْ عَلَى قِتَالِهِ، وَوَعَدَهُمْ بِأَنَّ قَوْمَهُ إِذَا رَأَوْهُ أَطَاعُوهُ، وَمَالُوا مَعَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَادَى قَوْمَهُ، وَتَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: لَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ. فَقَالَ: لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ، ثُمَّ قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ أَمِتْ.

ص: 175

وَأَبْلَى يَوْمَئِذٍ أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وأنس بن النضر، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ.

وَكَانَتِ الدَّوْلَةُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكُفَّارِ، فَانْهَزَمَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى نِسَائِهِمْ، فَلَمَّا رَأَى الرُّمَاةُ هَزِيمَتَهُمْ تَرَكُوا مَرْكَزَهُمُ الَّذِي أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِهِ، وَقَالُوا: يَا قَوْمُ الْغَنِيمَةَ. فَذَكَّرَهُمْ أَمِيرُهُمْ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَسْمَعُوا، وَظَنُّوا أَنْ لَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ رَجْعَةٌ، فَذَهَبُوا فِي طَلَبِ الْغَنِيمَةِ، وَأَخْلَوُ الثَّغْرَ، وَكَرَّ فُرْسَانُ الْمُشْرِكِينَ، فَوَجَدُوا الثَّغْرَ خَالِيًا، قَدْ خَلَا مِنَ الرُّمَاةِ، فَجَازُوا مِنْهُ، وَتَمَكَّنُوا حَتَّى أَقْبَلَ آخِرُهُمْ، فَأَحَاطُوا بِالْمُسْلِمِينَ، فَأَكْرَمَ اللَّهُ مَنْ أَكْرَمَ مِنْهُمْ بِالشَّهَادَةِ، وَهُمْ سَبْعُونَ، وَتَوَلَّى الصَّحَابَةُ، وَخَلَصَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَرَحُوا وَجْهَهُ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ الْيُمْنَى، وَكَادَتِ السُّفْلَى، وَهَشَّمُوا الْبَيْضَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ، وَسَقَطَ فِي حُفْرَةٍ مِنَ الْحُفَرِ الَّتِي كَانَ أبو عامر الْفَاسِقُ يَكِيدُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذَ علي بِيَدِهِ، وَاحْتَضَنَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى أَذَاهُ صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة، وعتبة بن أبي وقاص، وَقِيلَ: إِنَّ عبد الله بن شهاب الزهري، عَمَّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، هُوَ الَّذِي شَجَّهُ.

وَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَنَشِبَتْ حَلْقَتَانِ مِنْ حِلَقِ الْمِغْفَرِ فِي وَجْهِهِ، فَانْتَزَعَهُمَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ

ص: 176

وَعَضَّ عَلَيْهِمَا حَتَّى سَقَطَتْ ثَنِيَّتَاهُ مِنْ شِدَّةِ غَوْصِهِمَا فِي وَجْهِهِ، وَامْتَصَّ مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدَّمَ مِنْ وَجْنَتِهِ، وَأَدْرَكَهُ الْمُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ مَا اللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَحَالَ دُونَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَحْوُ عَشَرَةٍ حَتَّى قُتِلُوا، ثُمَّ جَالَدَهُمْ طلحة حَتَّى أَجْهَضَهُمْ عَنْهُ، وَتَرَّسَ أبو دجانة عَلَيْهِ بِظَهْرِهِ، وَالنَّبْلُ يَقَعُ فِيهِ، وَهُوَ لَا يَتَحَرَّكُ، ( «وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِيَدِهِ، وَكَانَتْ أَصَحَّ عَيْنَيْهِ وَأَحْسَنَهُمَا» )، وَصَرَخَ الشَّيْطَانُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفَرَّ أَكْثَرُهُمْ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا.

( «وَمَرَّ أنس بن النضر بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ مَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا تَصْنَعُونَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ، وَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ

ص: 177

فَقَالَ: يَا سعد إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ مِنْ دُونِ أُحُدٍ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَوُجِدَ بِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ جِرَاحَةً» ) .

وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ عَرَفَهُ تَحْتَ الْمِغْفَرِ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَبْشِرُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَنَهَضُوا مَعَهُ إِلَى الشِّعْبِ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ، وَفِيهِمْ أبو بكر، وعمر، وعلي، والحارث بن الصمة الأنصاري، وَغَيْرُهُمْ، فَلَمَّا اسْتَنَدُوا إِلَى الْجَبَلِ، أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف عَلَى جَوَادٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الْعَوْذُ، زَعَمَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنَّهُ يَقْتُلُ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُ، تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَرْبَةَ مِنَ الحارث بن الصمة، فَطَعَنَهُ بِهَا، فَجَاءَتْ فِي تَرْقُوَتِهِ، فَكَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ: وَاللَّهِ مَا بِكَ مِنْ بَأْسٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَا بِي بِأَهْلِ ذِي الْمَجَازِ، لَمَاتُوا أَجْمَعُونَ، وَكَانَ يَعْلِفُ فَرَسَهُ بِمَكَّةَ وَيَقُولُ: أَقْتُلُ عَلَيْهِ مُحَمَّدًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:( «بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» )، فَلَمَّا طَعَنَهُ تَذَكَّرَ عَدُوُّ اللَّهِ قَوْلَهُ: أَنَا قَاتِلُهُ، فَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي طَرِيقِهِ بِسَرِفَ مَرْجِعَهُ إِلَى مَكَّةَ.

ص: 178

وَجَاءَ علي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ، فَوَجَدَهُ آجِنًا، فَرَدَّهُ وَغَسَلَ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ. فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْلُوَ صَخْرَةً هُنَالِكَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ لِمَا بِهِ، فَجَلَسَ طلحة تَحْتَهُ حَتَّى صَعِدَهَا، وَحَانَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَصَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَحْتَ لِوَاءِ الْأَنْصَارِ.

وَشَدَّ حنظلة الْغَسِيلُ، وَهُوَ حنظلة بن أبي عامر عَلَى أبي سفيان، فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهُ حَمَلَ عَلَى حنظلة شداد بن الأسود فَقَتَلَهُ، ( «وَكَانَ جُنُبًا فَإِنَّهُ سَمِعَ الصَّيْحَةَ وَهُوَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَامَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى الْجِهَادِ، فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ " أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ " ثُمَّ قَالَ: " سَلُوا أَهْلَهُ؟ مَا شَأْنُهُ؟ " فَسَأَلُوا امْرَأَتَهُ، فَأَخْبَرَتْهُمُ الْخَبَرَ» ) . وَجَعَلَ الْفُقَهَاءُ هَذَا حُجَّةً، أَنَّ الشَّهِيدَ إِذَا قُتِلَ جُنُبًا، يُغَسَّلُ اقْتِدَاءً بِالْمَلَائِكَةِ.

وَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ حَامِلَ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَرَفَعَتْهُ لَهُمْ عمرة بنت علقمة الحارثية حَتَّى اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَقَاتَلَتْ أم عمارة، وهي نسيبة بنت كعب المازنية قِتَالًا شَدِيدًا، وَضَرَبَتْ عمرو بن قمئة بِالسَّيْفِ ضَرَبَاتٍ فَوَقَتْهُ دِرْعَانِ كَانَتَا عَلَيْهِ، وَضَرَبَهَا عمرو بِالسَّيْفِ فَجَرَحَهَا جُرْحًا شَدِيدًا عَلَى عَاتِقِهَا.

«وَكَانَ عمرو بن ثابت المعروف بالأصيرم مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَأْبَى الْإِسْلَامَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، قَذَفَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِهِ لِلْحُسْنَى الَّتِي سَبَقَتْ

ص: 179

لَهُ مِنْهُ، فَأَسْلَمَ وَأَخَذَ سَيْفَهُ، وَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَاتَلَ فَأُثْبِتَ بِالْجِرَاحِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ بِأَمْرِهِ، فَلَمَّا انْجَلَتِ الْحَرْبُ، طَافَ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِي الْقَتْلَى، يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ، فَوَجَدُوا الأصيرم وَبِهِ رَمَقٌ يَسِيرُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الأصيرم، مَا جَاءَ بِهِ، لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ لِهَذَا الْأَمْرِ، ثُمَّ سَأَلُوهُ مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ؟ أَحَدَبٌ عَلَى قَوْمِكَ، أَمْ رَغْبَةٌ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: بَلْ رَغْبَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصَابَنِي مَا تَرَوْنَ، وَمَاتَ مِنْ وَقْتِهِ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ) . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَلَمْ يُصَلِّ لِلَّهِ صَلَاةً قَطُّ.

وَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ «أَشْرَفَ أبو سفيان عَلَى الْجَبَلِ فَنَادَى: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ، فَقَالَ: أَفِيكُمُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. فَقَالَ: أَفِيكُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ، وَلَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لِعِلْمِهِ وَعِلْمِ قَوْمِهِ أَنَّ قِوَامَ الْإِسْلَامِ بِهِمْ، فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ، فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ، فَلَمْ يَمْلِكْ عمر نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ ذَكَرْتَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَقَدْ أَبْقَى اللَّهُ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ لَمْ آمُرْ بِهَا، وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ قَالَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (" أَلَا تُجِيبُونَهُ "؟ فَقَالُوا: مَا نُقُولُ؟ قَالَ " قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ " ثُمَّ قَالَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. قَالَ: " أَلَا تُجِيبُونَهُ؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» ") .

ص: 180

فَأَمَرَهُمْ بِجَوَابِهِ عِنْدَ افْتِخَارِهِ بِآلِهَتِهِ، وَبِشِرْكِهِ تَعْظِيمًا لِلتَّوْحِيدِ، وَإِعْلَامًا بِعِزَّةِ مَنْ عَبَدَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَقُوَّةِ جَانِبِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُغْلَبُ، وَنَحْنُ حِزْبُهُ وَجُنْدُهُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِجَابَتِهِ حِينَ قَالَ: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ أَفِيكُمُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِيكُمْ عمر؟ بَلْ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ إِجَابَتِهِ، وَقَالَ: لَا تُجِيبُوهُ، لِأَنَّ كَلْمَهُمْ لَمْ يَكُنْ بَرَدَ بَعْدُ فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، وَنَارُ غَيْظِهِمْ بَعْدُ مُتَوَقِّدَةٌ، فَلَمَّا قَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ، حَمِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَكَانَ فِي هَذَا الْإِعْلَامِ مِنَ الْإِذْلَالِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَعَدَمِ الْجُبْنِ وَالتَّعَرُّفِ إِلَى الْعَدُوِّ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَا يُؤْذِنُهُمْ بِقُوَّةِ الْقَوْمِ وَبَسَالَتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يَضْعُفُوا، وَأَنَّهُ وَقَوْمَهُ جَدِيرُونَ بِعَدَمِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَبْقَى اللَّهُ لَهُمْ مَا يَسُوءُهُمْ مِنْهُمْ، وَكَانَ فِي الْإِعْلَامِ بِبَقَاءِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَهْلَةٌ بَعْدَ ظَنِّهِ وَظَنِّ قَوْمِهِ أَنَّهُمْ قَدْ أُصِيبُوا، مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَغَيْظِ الْعَدُوِّ وَحِزْبِهِ، وَالْفَتِّ فِي عَضُدِهِ مَا لَيْسَ فِي جَوَابِهِ حِينَ سَأَلَ عَنْهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَكَانَ سُؤَالُهُ عَنْهُمْ، وَنَعْيُهُمْ لِقَوْمِهِ آخِرَ سِهَامِ الْعَدُوِّ وَكَيْدِهِ، فَصَبَرَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَوْفَى كَيْدَهُ، ثُمَّ انْتُدِبَ لَهُ عمر، فَرَدَّ سِهَامَ كَيْدِهِ عَلَيْهِ، وَكَانَ تَرْكُ الْجَوَابِ أَوَّلًا عَلَيْهِ أَحْسَنَ، وَذِكْرُهُ ثَانِيًا أَحْسَنَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي تَرْكِ إِجَابَتِهِ حِينَ سَأَلَ عَنْهُمْ إِهَانَةً لَهُ، وَتَصْغِيرًا لِشَأْنِهِ، فَلَمَّا مَنَّتْهُ نَفْسُهُ مَوْتَهُمْ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ قُتِلُوا، وَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ مِنَ الْكِبْرِ وَالْأَشَرِ مَا حَصَلَ، كَانَ فِي جَوَابِهِ إِهَانَةٌ لَهُ، وَتَحْقِيرٌ، وَإِذْلَالٌ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مُخَالِفًا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَا تُجِيبُوهُ) فَإِنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ إِجَابَتِهِ حِينَ سَأَلَ: أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟ أَفِيكُمْ فُلَانٌ؟ أَفِيكُمْ فُلَانٌ؟ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ إِجَابَتِهِ حِينَ قَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ، فَقَدْ قُتِلُوا. وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَا أَحْسَنَ مِنْ تَرْكِ إِجَابَتِهِ أَوَّلًا، وَلَا أَحْسَنَ مِنْ إِجَابَتِهِ ثَانِيًا.

ثُمَّ قَالَ أبو سفيان: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، فَأَجَابَهُ عمر، فَقَالَ:(لَا سَوَاءً، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ) .

ص: 181

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( «مَا نُصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْطِنٍ نَصْرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ يُنْكِرُ كِتَابُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] [آلِ عِمْرَانَ: 152] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ، وَلَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ» ) . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ، وَالنُّعَاسُ فِي الْحَرْبِ وَعِنْدَ الْخَوْفِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمْنِ، وَهُوَ مِنَ اللَّهِ، وَفِي الصَّلَاةِ وَمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ.

وَقَاتَلَتِ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهُ رَجُلَانِ يُقَاتِلَانِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَشَدِّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ» ) .

وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": ( «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ، قَالَ: " مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ " فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَى قُتِلَ، ثُمَّ رَهِقُوهُ، فَقَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ " فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا» ) وَهَذَا يُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ: بِسُكُونِ

ص: 182

الْفَاءِ وَنَصْبِ " أَصْحَابَنَا " عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ وَرَفْعِ " أَصْحَابُنَا " عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ.

وَوَجْهُ النَّصْبِ: أَنَّ الْأَنْصَارَ لَمَّا خَرَجُوا لِلْقِتَالِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى قُتِلُوا، وَلَمْ يَخْرُجِ الْقُرَشِيَّانِ، قَالَ ذَلِكَ، أَيْ: مَا أَنْصَفَتْ قُرَيْشٌ الْأَنْصَارَ.

وَوَجْهُ الرَّفْعِ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَصْحَابِ الَّذِينَ فَرُّوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أُفْرِدَ فِي النَّفَرِ الْقَلِيلِ، فَقُتِلُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَلَمْ يُنْصِفُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ.

وَفِي " صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " عَنْ عائشة، قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: ( «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْصَرَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلًا يُقَاتِلُ عَنْهُ وَيَحْمِيهِ، قُلْتُ: كُنْ طلحة فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، كُنْ طلحة فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَلَمْ أَنْشَبْ، أَنْ أَدْرَكَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَإِذَا هُوَ يَشْتَدُّ كَأَنَّهُ طَيْرٌ حَتَّى لَحِقَنِي، فَدَفَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا طلحة بَيْنَ يَدَيْهِ صَرِيعًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " دُونَكُمْ أَخَاكُمْ فَقَدْ أَوْجَبَ "، وَقَدْ رُمِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جَبِينِهِ، وَرُوِيَ فِي وَجْنَتِهِ، حَتَى غَابَتْ حَلْقَةٌ مِنْ حَلَقِ الْمِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ، فَذَهَبْتُ لِأَنْزِعَهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أبو عبيدة: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أبا بكر إِلَّا تَرَكْتَنِي؟ قَالَ: فَأَخَذَ أبو عبيدة السَّهْمَ بِفِيهِ، فَجَعَلَ يُنَضْنِضُهُ كَرَاهَةَ أَنْ يُؤْذِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَلَّ السَّهْمَ بِفِيهِ، فَنَدَرَتْ ثَنِيَّةُ أبي عبيدة، قَالَ أبو بكر: ثُمَّ ذَهَبْتُ لِآخُذَ الْآخَرَ، فَقَالَ أبو عبيدة: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أبا بكر إِلَّا تَرَكْتَنِي؟ قَالَ فَأَخَذَهُ، فَجَعَلَ يُنَضْنِضُهُ حَتَى اسْتَلَّهُ، فَنَدَرَتْ ثَنِيَّةُ أبي عبيدة الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " دُونَكُمْ أَخَاكُمْ فَقَدْ أَوْجَبَ "، قَالَ: فَأَقْبَلْنَا عَلَى طلحة نُعَالِجُهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ بِضْعَةَ عَشَرَ ضَرْبَةً» ) .

ص: 183

وَفِي " مَغَازِي الْأُمَوِيِّ ": أَنَّ الْمُشْرِكِينَ صَعِدُوا عَلَى الْجَبَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لسعد " اجْنُبْهُمْ " يَقُولُ: ارْدُدْهُمْ. فَقَالَ: كَيْفَ أَجْنُبُهُمْ وَحْدِي؟ فَقَالَ: ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَأَخَذَ سعد سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَرَمَى بِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذْتُ سَهْمِي أَعْرِفُهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ آخَرَ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ أَخَذْتُهُ أَعْرِفُهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ آخَرَ فَقَتَلْتُهُ، فَهَبَطُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، فَقُلْتُ: هَذَا سَهْمٌ مُبَارَكٌ، فَجَعَلْتُهُ فِي كِنَانَتِي، فَكَانَ عِنْدَ سعد حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ كَانَ عِنْدَ بَنِيهِ.

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أبي حازم، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:( «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ، وَبِمَا دُووِيَ، كَانَتْ فاطمة ابْنَتُهُ تَغْسِلُهُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فاطمة أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا، فَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ» ) .

وَفِي " الصَّحِيحِ ": ( «أَنَّهُ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: " كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ "، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] » )[آلِ عِمْرَانَ: 128] .

وَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ لَمْ يَنْهَزِمْ أنس بن النضر، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يَا أبا عمر؟ فَقَالَ أنس:

ص: 184

وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ يَا سعد، إِنِّي أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، ثُمَّ مَضَى، فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ) .

وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَصَرَخَ فِيهِمْ إِبْلِيسُ! أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، أَخْزَاكُمُ اللَّهُ، فَارْجِعُوا مِنَ الْهَزِيمَةِ، فَاجْتَلِدُوا.

( «وَنَظَرَ حذيفة إِلَى أَبِيهِ، وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ، وَهُمْ يَظُنُّونَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ! أَبِي، فَلَمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدِيَهُ، فَقَالَ قَدْ تَصَدَّقْتُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَ ذَلِكَ حذيفة خَيْرًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» ) .

( «وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَطْلُبُ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لِي: إِنْ رَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَأَتَيْتُهُ، وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ، وَفِيهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، فَقُلْتُ: يَا سعد، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلَامُ، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِيَ الْأَنْصَارِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ خُلِصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ مِنْ وَقْتِهِ» ) .

ص: 185

( «وَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ أَشَعَرْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ؟ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ، فَقَدْ بَلَّغَ، فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ، فَنَزَلَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] » ) الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 142] .

وَقَالَ ( «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ حَرَامٍ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَبْلَ أُحُدٍ، مبشر بن عبد المنذر، يَقُولُ لِي: أَنْتَ قَادِمٌ عَلَيْنَا فِي أَيَّامٍ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِيهَا كَيْفَ نَشَاءُ. قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تُقْتَلْ يَوْمَ بَدْرٍ؟ قَالَ: بَلَى ثُمَّ أُحْيِيتُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَذِهِ الشَّهَادَةُ يَا أبا جابر» ) .

«وَقَالَ خيثمة أبو سعد، وَكَانَ ابْنُهُ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ بَدْرٍ: (لَقَدْ أَخْطَأَتْنِي وَقْعَةُ بَدْرٍ، وَكُنْتُ وَاللَّهِ عَلَيْهَا حَرِيصًا، حَتَّى سَاهَمْتُ ابْنِي فِي الْخُرُوجِ، فَخَرَجَ سَهْمُهُ، فَرُزِقَ الشَّهَادَةَ، وَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ ابْنِي فِي النَّوْمِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ يَسْرَحُ فِي ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَأَنْهَارِهَا، وَيَقُولُ: الْحَقْ بِنَا تُرَافِقْنَا فِي الْجَنَّةِ، فَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقَّا، وَقَدْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتُ مُشْتَاقًا إِلَى مُرَافَقَتِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَأَحْبَبْتُ لِقَاءَ رَبِّي، فَادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرْزُقَنِي الشَّهَادَةَ، وَمُرَافَقَةَ سعد فِي الْجَنَّةِ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقُتِلَ بِأُحُدٍ شَهِيدًا» ) .

وَقَالَ عبد الله بن جحش فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أَلْقَى

ص: 186

الْعَدُوَّ غَدًا فَيَقْتُلُونِي، ثُمَّ يَبْقُرُوا بَطْنِي، وَيَجْدَعُوا أَنْفِي، وَأُذُنِي، ثُمَّ تَسْأَلُنِي: فِيمَ ذَلِكَ فَأَقُولُ فِيكَ) .

«وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ شَبَابٌ، يَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا، فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى أُحُدٍ، أَرَادَ أَنْ يَتَوَجَّهَ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكَ رُخْصَةً، فَلَوْ قَعَدْتَ وَنَحْنُ نَكْفِيكَ، وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْكَ الْجِهَادَ. فَأَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ بَنِيَّ هَؤُلَاءِ يَمْنَعُونِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَكَ، وَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُسْتَشْهَدَ فَأَطَأَ بِعَرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْكَ الْجِهَادَ وَقَالَ لِبَنِيهِ: " وَمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَدَعُوهُ، لَعَلَّ اللَّهَ عز وجل أَنْ يَرْزُقَهُ الشَّهَادَةَ) ، فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا» .

(وَانْتَهَى أنس بن النضر إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَقَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ ، فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ فَقُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى

ص: 187

قُتِلَ) .

«وَأَقْبَلَ أبي بن خلف عَدُوُّ اللَّهِ، وَهُوَ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ، وَكَانَ حَلَفَ بِمَكَّةَ أَنْ يَقْتُلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُتِلَ مصعب، وَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْقُوَةَ أبي بن خلف مِنْ فُرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ، فَطَعَنَهُ بِحَرْبَتِهِ، فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ، فَاحْتَمَلَهُ أَصْحَابُهُ، وَهُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ، فَقَالُوا: مَا أَجْزَعَكَ؟ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ، فَذَكَرَ لَهُمْ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، فَمَاتَ بِرَابِغٍ» .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: (إِنِّي لَأَسِيرُ بِبَطْنِ رَابِغٍ بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ، إِذَا نَارٌ تَأَجَّجُ لِي فَيَمَّمْتُهَا، وَإِذَا رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا فِي سِلْسِلَةٍ يَجْتَذِبُهَا يَصِيحُ الْعَطَشَ، وَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: لَا تَسْقِهِ هَذَا قَتِيلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، هَذَا أبي بن خلف) .

وَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُ: شَهِدْتُ أُحُدًا، فَنَظَرْتُ إِلَى النَّبْلِ يَأْتِي مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَهَا، كُلُّ ذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عبد الله بن شهاب الزهري، يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَنْبِهِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ جَاوَزَهُ، فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ صفوان، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ، أَحْلِفُ بِاللَّهِ، إِنَّهُ مِنَّا مَمْنُوعٌ، فَخَرَجْنَا أَرْبَعَةً، فَتَعَاهَدْنَا، وَتَعَاقَدْنَا عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمْ نَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ.

( «وَلَمَّا مَصَّ مالك أبو أبي سعيد الخدري جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَنْقَاهُ قَالَ لَهُ: " مُجَّهُ "، قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَمُجُّهُ أَبَدًا ثُمَّ أَدْبَرَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» ) .

ص: 188