الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجُلٍ مِنْهُمْ فَاسْتَعْمَلَهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا بِئْرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ كَفَانَا مَاؤُهَا، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ قَلَّ عَلَيْنَا، فَتَفَرَّقْنَا عَلَى الْمِيَاهِ، وَالْإِسْلَامُ الْيَوْمَ فِينَا قَلِيلٌ، وَنَحْنُ نَخَافُ فَادْعُ اللَّهَ عز وجل لَنَا فِي بِئْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" نَاوِلْنِي سَبْعَ حَصَيَاتٍ "، فَنَاوَلْتُهُ فَعَرَكَهُنَّ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُنَّ إِلَيَّ وَقَالَ:" إِذَا انْتَهَيْتَ، إِلَيْهَا فَأَلْقِ فِيهَا حَصَاةً حَصَاةً، وَسَمِّ اللَّهَ " قَالَ: فَفَعَلْتُ فَمَا أَدْرَكْنَا لَهَا قَعْرًا حَتَّى السَّاعَةِ» .
[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]
فَفِيهَا: اسْتِحْبَابُ عَقْدِ الْأَلْوِيَةِ وَالرَّايَاتِ لِلْجَيْشِ، وَاسْتِحْبَابُ كَوْنِ اللِّوَاءِ أَبْيَضَ، وَجَوَازُ كَوْنِ الرَّايَةِ سَوْدَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
وَفِيهَا: قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ الْجَيْشَ مِنْ أَجْلِ خَبَرِ الصُّدَائِيِّ وَحْدَهُ.
وَفِيهَا: جَوَازُ سَيْرِ اللَّيْلِ كُلِّهِ فِي السَّفَرِ إِلَى الْأَذَانِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ " اعْتَشَى " أَيْ: سَارَ عَشِيَّةً، وَلَا يُقَالُ لِمَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.
وَفِيهَا: جَوَازُ الْأَذَانِ عَلَى الرَّاحِلَةِ.
وَفِيهَا: طَلَبُ الْإِمَامِ الْمَاءَ مِنْ أَحَدِ رَعِيَّتِهِ لِلْوُضُوءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ السُّؤَالِ.
وَفِيهَا: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ حَتَّى يَطْلُبَ الْمَاءَ فَيُعْوِزَهُ.
وَفِيهَا: الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ بِفَوَرَانِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ لَمَّا وَضَعَهَا فِيهِ أَمَدَّهُ اللَّهُ بِهِ وَكَثَّرَهُ حَتَّى جَعَلَ يَفُورُ مِنْ خِلَالِ الْأَصَابِعِ الْكَرِيمَةِ وَالْجُهَّالُ تَظُنُّ أَنَّهُ
كَانَ يَشُقُّ الْأَصَابِعَ وَيَخْرُجُ مِنْ خِلَالِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا بِوَضْعِهِ أَصَابِعَهُ فِيهِ حَلَّتْ فِيهِ الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْمَدَدُ، فَجَعَلَ يَفُورُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ، وَقَدْ جَرَى لَهُ هَذَا مِرَارًا عَدِيدَةً بِمَشْهَدِ أَصْحَابِهِ.
وَفِيهَا: أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ مَنْ تَوَلَّى الْأَذَانَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ، وَيُقِيمَ آخَرُ كَمَا ثَبَتَتْ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ وَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( «أَلْقِهِ عَلَى بلال " فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادَ بلال أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا رَأَيْتُ، أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ، قَالَ: " فَأَقِمْ " فَأَقَامَ هُوَ وَأَذَّنَ بلال» ) ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله.
وَفِيهَا: جَوَازُ تَأْمِيرِ الْإِمَامِ وَتَوْلِيَتِهِ لِمَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ إِذَا رَآهُ كُفْئًا، وَلَا يَكُونُ سُؤَالُهُ مَانِعًا مِنْ تَوْلِيَتِهِ، وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:( «إِنَّا لَنْ نُوَلِّيَ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ» ) فَإِنَّ الصُّدَائِيَّ إِنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يُؤَمِّرَهُ عَلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَكَانَ مُطَاعًا فِيهِمْ مُحَبَّبًا إِلَيْهِمْ، وَكَانَ مَقْصُودُهُ إِصْلَاحَهُمْ وَدُعَاءَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَصْلَحَةَ قَوْمِهِ فِي تَوْلِيَتِهِ فَأَجَابَهُ إِلَيْهَا وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ السَّائِلَ