الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» ) يُرِيدُ الْغَضَبَ
[فصل لَا مُتَعَلِّقَ لِلْجَبْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ( «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ» ) قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَبْرِيُّ، وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ:( «وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا وَلَا أَمْنَعُ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ» ) فَإِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْأَمْرِ، فَإِذَا أَمَرَهُ رَبُّهُ بِشَيْءٍ نَفَّذَهُ، فَاللَّهُ هُوَ الْمُعْطِي وَالْمَانِعُ وَالْحَامِلُ، وَالرَّسُولُ مُنَفِّذٌ لِمَا أَمَرَ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17][الْأَنْفَالِ: 17] فَالْمُرَادُ بِهِ الْقَبْضَةُ مِنَ الْحَصْبَاءِ الَّتِي رَمَى بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ فَوَصَلَتْ إِلَى عُيُونِ جَمِيعِهِمْ، فَأَثْبَتَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الرَّمْيَ بِاعْتِبَارِ النَّبْذِ وَالْإِلْقَاءِ، فَإِنَّهُ فَعَلَهُ، وَنَفَاهُ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ الْإِيصَالِ إِلَى جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، وَهَذَا فِعْلُ الرَّبِّ تَعَالَى لَا تَصِلُ إِلَيْهِ قُدْرَةُ الْعَبْدِ، وَالرَّمْيُ يُطْلَقُ عَلَى الْخَذْفِ، وَهُوَ مَبْدَؤُهُ، وَعَلَى الْإِيصَالِ، وَهُوَ نِهَايَتُهُ
[فصل تَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ الْمُنَافِقِينَ]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: تَرْكُهُ قَتْلَ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ بَلَغَهُ عَنْهُمُ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ، فَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: لَا يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ إِذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ ; لِأَنَّهُمْ حَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ مَا قَالُوا، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِنْكَارًا فَهُوَ تَوْبَةٌ وَإِقْلَاعٌ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: وَمَنْ شُهِدَ
عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ شَيْءٍ عَنْهُ بَعْدُ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِذَا جَحَدَ الرِّدَّةَ كَفَاهُ جَحْدُهَا، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ تَوْبَةَ الزِّنْدِيقِ قَالَ: هَؤُلَاءِ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِعِلْمِهِ، وَالَّذِي بَلَّغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ قَوْلَهُمْ لَمْ يُبَلِّغْهُمْ إِيَّاهُ نِصَابُ الْبَيِّنَةِ، بَلْ شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَاحِدٌ فَقَطْ، كَمَا شَهِدَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَحْدَهُ عَلَى عبد الله بن أبي، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ أَيْضًا إِنَّمَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ
وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ، فَإِنَّ نِفَاقَ عبد الله بن أبي وَأَقْوَالَهُ فِي النِّفَاقِ كَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا كَالْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَبَعْضُهُمْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَقَدْ وَاجَهَهُ بَعْضُ الْخَوَارِجِ فِي وَجْهِهِ بِقَوْلِهِ: إِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَلَا تَقْتُلُهُمْ؟ لَمْ يَقُلْ: مَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ، بَلْ قَالَ: لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ
فَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ إِذَنْ، أَنَّهُ كَانَ فِي تَرْكِ قَتْلِهِمْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَصْلَحَةٌ تَتَضَمَّنُ تَأْلِيفَ الْقُلُوبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَمْعَ كَلِمَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي قَتْلِهِمْ تَنْفِيرٌ، وَالْإِسْلَامُ بَعْدُ فِي غُرْبَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى تَأْلِيفِ النَّاسِ، وَأَتْرَكُ شَيْءٍ لِمَا يُنَفِّرُهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ كَانَ يَخْتَصُّ بِحَالِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ تَرْكُ قَتْلِ مَنْ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ الزبير وَخَصْمِهِ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ
وَفِي قَسْمِهِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، وَقَوْلُ الْآخَرِ لَهُ: