الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل فِي وَقْتِ النَّحْرِ لِلْمُحْصَرِ]
فَصْلٌ
وَفِي نَحْرِهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُحْصِرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَقْتَ حَصْرِهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ، فَجَازَ الْحِلُّ مِنْهُ، وَنَحْرُ هَدْيِهِ وَقْتَ حَصْرِهِ كَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ، وَجَمِيعُ الزَّمَانِ وَقْتٌ لَهَا، فَإِذَا جَازَ الْحِلُّ مِنْهَا وَنَحْرُ هَدْيِهَا مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ فَوَاتِهَا، فَالْحَجُّ الَّذِي يُخْشَى فَوَاتُهُ أَوْلَى، وَقَدْ قَالَ أحمد فِي رِوَايَةِ حنبل: إِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَا يَنْحَرُ الْهَدْيَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَوَجْهُ هَذَا، أَنَّ لِلْهَدْيِ مَحِلَّ زَمَانٍ وَمَحِلَّ مَكَانٍ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ مَحِلِّ الْمَكَانِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ مَحِلُّ الزَّمَانِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ فِي مَحِلِّهِ الزَّمَانِيِّ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لِقَوْلِهِ:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196][الْبَقَرَةِ: 196] .
[الْمُحْصَرَ بِالْعُمْرَةِ يَتَحَلَّلُ]
فَصْلٌ
وَفِي نَحْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَحِلِّهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ بِالْعُمْرَةِ يَتَحَلَّلُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مالك رحمه الله أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَتَحَلَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الْفَوْتَ وَهَذَا تَبْعُدُ صِحَّتُهُ عَنْ مالك رحمه الله لِأَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ مُحْرِمِينَ بِعُمْرَةٍ، وَحَلُّوا كُلُّهُمْ وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
[الْمُحْصَرَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ]
فَصْلٌ
وَفِي ذَبْحِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ بِالِاتِّفَاقِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وأحمد، ومالك، وَالشَّافِعِيِّ.
وَعَنْ أحمد رحمه الله رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَحْرُ هَدْيِهِ، إِلَّا فِي الْحَرَمِ، فَيَبْعَثُهُ إِلَى الْحَرَمِ وَيُوَاطِئُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَنْحَرَهُ فِي وَقْتٍ يَتَحَلَّلُ فِيهِ،