الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحاربي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ فِي أَصْحَابِي أَشَدُّ عَلَيْكَ يَوْمَئِذٍ وَلَا أَبْعَدُ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنِّي، فَأَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَبْقَانِي حَتَّى صَدَّقْتُ بِكَ، وَلَقَدْ مَاتَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا مَعِي عَلَى دِينِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللَّهِ عز وجل "، فَقَالَ المحاربي: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي مِنْ مُرَاجَعَتِي إِيَّاكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْكُفْرِ " ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ» )
[فَصْلٌ فِي
قُدُومِ وَفْدِ صُدَاءٍ
فِي سَنَةِ ثَمَانٍ]
[قُدُومِ وَفْدِ صُدَاءٍ]
فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ صُدَاءٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
وَقَدِمَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَفْدُ صُدَاءٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ بُعُوثًا وَهَيَّأَ بَعْثًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً أَبْيَضَ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ رَايَةً سَوْدَاءَ، وَعَسْكَرَ بِنَاحِيَةِ قَنَاةَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَطَأَ نَاحِيَةً مِنَ الْيَمَنِ كَانَ فِيهَا صُدَاءٌ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَعَلِمَ بِالْجَيْشِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: جِئْتُكَ وَافِدًا عَلَى مَنْ وَرَائِي فَارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ صَدْرِ قَنَاةَ، وَخَرَجَ الصُّدَائِيُّ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْهُمْ يَنْزِلُوا عَلَيَّ، فَنَزَلُوا عَلَيْهِ فَحَيَّاهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ، وَكَسَاهُمْ ثُمَّ رَاحَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: نَحْنُ لَكَ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَفَشَا فِيهِمُ الْإِسْلَامُ، فَوَافَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ مِائَةُ رَجُلٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ذَكَرَ هَذَا الْوَاقِدِيُّ عَنْ بَعْضِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَذَكَرَ مِنْ حَدِيثِ زياد بن الحارث الصدائي أَنَّهُ الَّذِي قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: «ارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي فَرَدَّهُمْ. قَالَ: وَقَدِمَ وَفْدُ قَوْمِي عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: (يَا أَخَا صُدَاءٍ إِنَّكَ لَمُطَاعٌ فِي قَوْمِكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: بَلْ يَا
رَسُولَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَمِنْ رَسُولِهِ) .
وَكَانَ زياد هَذَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ: فَاعْتَشَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَيْ: سَارَ لَيْلًا، وَاعْتَشَيْنَا مَعَهُ، وَكُنْتُ رَجُلًا قَوِيًّا قَالَ: فَجُعِلَ أَصْحَابُهُ يَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، وَلَزِمْتُ غَرْزَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ قَالَ:" أَذِّنْ يَا أَخَا صُدَاءٍ " فَأَذَّنْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى ذَهَبْنَا، فَنَزَلَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا أَخَا صُدَاءٍ، هَلْ مَعَكَ مَاءٌ؟ قُلْتُ: مَعِي شَيْءٌ فِي إِدَاوَتِي، فَقَالَ " هَاتِهِ " فَجِئْتُ بِهِ، فَقَالَ " صُبَّ " فَصَبَبْتُ مَا فِي الْإِدَاوَةِ فِي الْقَعْبِ، فَجُعِلَ أَصْحَابُهُ يَتَلَاحَقُونَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ عَلَى الْإِنَاءِ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ، ثُمَّ قَالَ:" يَا أَخَا صُدَاءٍ لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي عز وجل لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا " ثُمَّ تَوَضَّأَ وَقَالَ: " أَذِّنْ فِي أَصْحَابِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالْوُضُوءِ فَلْيَرِدْ "، قَالَ: فَوَرَدُوا مِنْ آخِرِهِمْ ثُمَّ جَاءَ بلال يُقِيمُ، فَقَالَ (إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ) فَأَقَمْتُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِنَا، وَكُنْتُ سَأَلْتُهُ قَبْلُ أَنْ يُؤَمِّرَنِي عَلَى قَوْمِي، وَيَكْتُبَ لِي بِذَلِكَ كِتَابًا، فَفَعَلَ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَامَ رَجُلٌ يَتَشَكَّى مِنْ عَامِلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُ أَخَذَنَا بِذُحُولٍ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ) ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكِلْ قِسْمَتَهَا إِلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ جُزْءًا مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ، وَإِنْ كُنْتَ غَنِيًّا عَنْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ " فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَاتَانِ خَصْلَتَانِ حِينَ سَأَلْتُ الْإِمَارَةَ وَأَنَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، وَسَأَلْتُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَانِ كِتَابَاكَ فَاقْبَلْهُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" وَلِمَ؟ " فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: (لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ) وَأَنَا مُسْلِمٌ، وَسَمِعْتُكَ تَقُولُ:(مَنْ سَأَلَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا فَإِنَّمَا هِيَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ) وَأَنَا غَنِيٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا إِنَّ الَّذِي قُلْتَ كَمَا قُلْتَ " فَقَبِلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ لِي:" دُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِكَ أَسْتَعْمِلُهُ " فَدَلَلْتُهُ عَلَى