الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وعشرين وسبعمائة
فيها كان الغلاء المفرط بالشّام، وبلغت الغرارة [1] أزيد من مائتي درهم أياما، ثم جلب القمح من مصر بإلزام سلطاني [2] لأمرائه، فنزل إلى مائة وعشرين درهما، ثم بقي أشهرا، ونزل السّعر بعد شدّة، وأسقط مكس الأقوات بالشام بكتاب سلطاني. وكان على الغرارة ثلاثة دراهم ونصف. قاله في «العبر» .
وفيها توفي القاضي المعمّر العدل شمس الدّين أحمد بن علي بن الزّبير الجيلي ثم الدمشقي الشافعي [3] .
سمع من ابن الصّلاح من «سنن البهيقي» .
وتوفي بدمشق في ربيع الآخر عن تسع وثمانين سنة.
وفيها وزير الشّرق علي شاه بن أبي بكر التّبريزي [4] .
كان سنّيّا، معظّما لصاحب مصر، محبّا له.
توفي بأرّجان في جمادى الآخرة وقد شاخ.
وفيها الصّاحب الكبير كريم الدّين عبد الكريم بن هبة الله بن العلم
[1] جاء في «المعجم الوسيط» (2/ 672) : الغرارة: وعاء من الخيش ونحوه يوضع فيه القمح ونحوه.
[2]
في «ذيول العبر» مصدر المؤلف: «بإلزام السلطان» وهو أصح.
[3]
انظر «معجم الشيوخ» (1/ 77) و «الدّرر الكامنة» (1/ 209) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 470- 471) وقد تحرفت «الزبير» فيه إلى «الزير» فلتصحح.
[4]
انظر «البداية والنهاية» (14/ 116) .
هبة الله بن السّديد المصري [1] وكيل السلطان. أسلم كهلا في أيام الجاشنكير، وكان كاتبه، وتمكّن من السلطان غاية التمكن، بحيث صار الكلّ إليه، وبيده العقد والحلّ، وبلغ من الرّتبة ما لا مزيد عليه، وجمع أموالا عظيمة عاد أكثرها إلى السلطان، وكان حسن الخلق، عاقلا، خيّرا، سمحا، داهية، وقورا، مرض نوبة فزيّنت مصر لعافيته، وكان يعظّم الدّيّنين، وله برّ وإيثار، عمر البيارات، وأصلح الطّرق، وعمر جامع القبيبات [2] وجامع القابون، وأوقف عليهما الأوقاف، ثم انحرف عليه السلطان ونكبه، فنفي إلى الشّويكة [3] ثم إلى القدس، ثم إلى أسوان، فأصبح مشنوقا بعمامته، ولما أحس بالقتل صلّى ركعتين، وقال: هاتوا [ما عندكم][4] ، عشنا سعداء، ومتنا شهداء، أعطاني السلطان الدّنيا والآخرة، وشنق وقد قارب السّبعين.
وفيها الحافظ الزّاهد علاء الدّين علي بن إبراهيم بن دواد بن سلمان بن سليمان أبو الحسن بن العطّار الشافعي [5] ، ويلقب بمختصر النّووي. سمع من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وغيرهما.
ولد يوم عيد الفطر سنة أربع وخمسين وستمائة، وتفقّه على الشيخ محيي الدّين النّووي، وأخذ العربية عن جمال الدّين بن مالك، وولي مشيخة دار الحديث النّورية وغيرها، ومرض بالفالج أزيد من عشرين سنة، وكان يحمل في محفّة، وكتب الكثير وحمله، ودرّس، وأفتى، وصنّف أشياء مفيدة.
قال الذهبي: خرّجت له «معجما» في مجلد انتفعت به، وأحسن إليّ باستجازته لي كبار المشيخة، وله فضائل وتألّه وأتباع.
[1] انظر «البداية والنهاية» (14/ 116- 117) و «فوات الوفيات» (2/ 377- 383) .
[2]
وهو المعروف الآن بجامع الدّقّاق بحي الميدان جنوب دمشق، وقد شرع ببنائه سنة (718) ذكر ذلك ابن كثير في «البداية والنهاية» (14/ 86) وانظر «ثمار المقاصد» لابن المبرد ص (144) .
[3]
الشّويكة: قرية بنواحي القدس. انظر «معجم البلدان» (3/ 374) .
[4]
زيادة من «منادمة الأطلال» للشيخ عبد القادر بدران صفحة (387)(ع) .
[5]
انظر «ذيول العبر» ص (136) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 355- 356) و «البداية والنهاية» (14/ 117) و «التبيان شرح بديعة البيان» (185/ ب) و «المعجم المختص»
وقال ابن كثير: له مصنفات مفيدة وتخاريج ومجاميع.
وقال غيره: هو أشهر أصحاب النّووي وأخصّهم به، لزمه طويلا، وخدمه وانتفع به، وله معه حكايات، واطّلع على أحواله، وكتب مصنّفاته، وبيّض كثيرا منها، وعدّه في الحفاظ العلّامة ابن ناصر الدّين [1] وأثنى عليه.
توفي بدمشق في ذي الحجّة عن سبعين سنة.
وفيها الإمام الزّاهد نور الدّين علي بن يعقوب بن جبريل بن عبد المحسن أبو الحسن البكري المصري الشافعي [2] .
ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وسمع «مسند الشافعي» من وزيرة بنت المنجّى، واشتغل، وأفتى، ودرّس، وكان يذكر نسبه إلى أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، ولما دخل ابن تيمية إلى مصر قام عليه وأنكر ما يقوله وآذاه. قاله ابن شهبة.
وقال السّبكي في «الطبقات الكبرى» : صنّف كتابا في البيان، وكان من الأذكياء.
سمعت الوالد يقول: إن ابن الرّفعة أوصى بأن يكمل [3] شرحه على «الوسيط» .
وكان رجلا، جيدا، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، وقد واجه مرّة الملك النّاصر [محمد بن قلاوون][4] بكلام غليظ فأمر السلطان بقطع لسانه، حتّى شفع فيه.
وقال الإسنويّ: تحيا بمجالسته النّفوس، ويتلقى بالأيدي فيحمل على
ص (156- 157) .
[1]
يعني في «التبيان شرح بديعة البيان» .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (133- 134) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 370- 371) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 288- 289) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 360- 363) .
[3]
كذا في «طبقات الشافعية الكبرى» : «يكمل» وفي «آ» و «ط» : «يعمل» .
[4]
زيادة من «طبقات الشافعية الكبرى» .
الرؤوس، تقمّص بأنواع الورع والتّقى، وتمسّك بأسباب الرّقيّ [1] فارتقى.
كان عالما، صالحا، نظّارا، ذكيا، متصوفا، أوصى إليه ابن الرّفعة بأن يكمل ما بقي من شرحه على «الوسيط» [2] لما علم من أهليته لذلك دون غيره، فلم يتفق ذلك، لما كان يغلب عليه من التخلّي، والانقطاع، والإقامة، والأعمال الخيرية.
تنقّل بأعمال مصر لأن الملك النّاصر منعه من الإقامة بالقاهرة ومصر، إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر ودفن بالقرافة.
وفيها الشيخ ركن الدّين عمر بن محمد بن يحيى القرشي العتبي الشّاهد بن جابي الأحباس [3] .
تفرّد عن السّبط ب «جزء شيبان» وب «الدعاء» للمحاملي، و «مشيخته» .
وتوفي بالثّغر في صفر عن خمس وثمانين سنة.
وفيها قاضي حلب زين الدّين عبد الله بن قاضي الخليل محمد بن عبد القادر الأنصاري [4] . ولي حلب نيّفا وعشرين سنة، وقبلها ولي بعلبك، وناب بدمشق. وولي حمص. وكان مسمتا، مليح الشكل، فاضلا، وتوفي عن سبعين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن الإمام جمال الدّين عبد الرحيم بن عمر الباجربقي الشّافعي [5] .
قال الذهبي: الضّالّ الذي حكم القاضي المالكي بضرب عنقه مرّة [6] بعد
[1] في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة: «بأسباب التقى» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
[2]
في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «وهو من صلاة الجماعة إلى البيع» .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (133) و «الدّرر الكامنة» (3/ 191) .
[4]
انظر «ذيول العبر» ص (135) و «الدّرر الكامنة» (2/ 295) .
[5]
انظر «ذيول العبر» ص (134) و «البداية والنهاية» (14/ 115) و «الوافي بالوفيات» (3/ 249) .
[6]
تحرفت في «ط» إلى «مدة» .
أخرى لثبوت أمور فظيعة وكلمات شنيعة، فتغيب عن دمشق، وأقام بمصر بالجامع الأزهر، وتردّد إليه جماعة. وكان الشيخ صدر الدّين يتردّد إليه ويبهت في وجهه ويجلس بين يديه، وكان يري الناس بوارق شيطانية، وكان له قوة تأثير، وشهد عليه أيضا بما أبيح دمه به، منهم: الشيخ مجد الدّين التّونسي، فسافر إلى العراق، ثم سعى أخوه بحماة حتّى حكم الحنبلي بعصمة دمه، فغضب المالكي وجدّد الحكم بقتله، وكان أولا فقيها بالمدارس، ثم حصل له كشف شيطانيّ فضلّ به جماعة، وكان يتنقّص بالأنبياء، ويتفوّه بعظائم، ثم قدم القابون [1] مختفيا، وسكن بها إلى أن مات في ربيع عن ستين سنة.
وفيها بدر الدّين أبو عبد الله محمد بن عثمان بن يوسف بن محمد بن الحدّاد الآمدي ثم المصري [2] ، الخطيب الحنبلي.
قال ابن رجب: الإمام، الصّدر، [الرئيس] الفقيه، خطيب دمشق وحلب.
سمع الحديث، وتفقّه بالدّيار المصرية، وحفظ «المحرر» وشرحه على ابن حمدان، ولازمه مدة من السنين، حتّى قرأه عليه، وبرع في الفقه، وكان ابن حمدان يشكره ويثني عليه كثيرا، واشتغل بالكتابة، واتصل بالأمير قراسنقر [3] المنصوري بحلب، فولّاه [4] نظر الأوقاف وخطابة جامعها، وصرف عنه جلال الدّين القزويني، ثم صرف بالقزويني. وولي ابن الحدّاد حينئذ نظر المارستان، ثم ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، واستمر في نظره إلى حين وفاته، وعيّن لقضاء الحنابلة في وقت.
وتوفي ليلة الأربعاء سابع جمادى [الأولى] بدمشق ودفن بمقبرة باب الصّغير.
[1] قرية كبيرة إلى الشرق من دمشق تعدّ أراضيها من أخصب أراضي الغوطة الشرقية وقد زحف العمران عليها في عصرنا فأتى على الكثير الكثير من أراضيها. انظر خبرها في «معجم البلدان» (4/ 290) .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 376- 377) وما بين الحاصرتين مستدرك منه.
[3]
في «آ» و «ط» : «سنقر» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[4]
في «ط» : «وولّاه» .
وفيها الشيخ شرف الدّين أبو عبد الله محمد بن المنجّى بن عثمان بن أسعد بن المنجّى التّنوخي الدمشقي الحنبلي [1] .
ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وأسمعه والده الكثير من المسلم بن علّان، وابن أبي عمر، وطبقتهما. وسمع «المسند» [2] والكتب الكبار، وتفقّه، وأفتى، ودرّس بالمسمارية. وكان من خواص أصحاب الشيخ تقي الدّين بن تيميّة وملازميه حضرا وسفرا. وكان مشهورا بالدّيانة والتّقوى، ذا خصال جميلة وعلم وشجاعة. روى عنه الذهبي في «معجمه» [3] وقال: كان إماما، فقيها، حسن الفهم، صالحا، متواضعا.
توفي إلى رضوان الله في رابع شوال ودفن بسفح قاسيون.
وفيها أمير العرب محمد بن عيسى بن مهنّا [4] .
كان عاقلا، نبيلا، فيه خير، وهو أخو مهنّا.
توفي بسلميّة في أحد الرّبيعين، عن نيّف وسبعين سنة، ودفن عند أبيه.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (135) و «معجم الشيوخ» (2/ 289- 290) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 377) .
[2]
يعني «مسند الإمام أحمد بن حنبل» .
[3]
لم أعثر على ترجمته في «المعجم المختص» للذهبي المطبوع وهذا النقل مأخوذ عنه.
[4]
انظر «ذيول العبر» ص (134- 135) و «الدّرر الكامنة» (4/ 131) و «النجوم الزاهرة» (9/ 261) .