المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة إحدى وأربعين وسبعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٨

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن]

- ‌سنة إحدى وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌سنة أربع وسبعمائة

- ‌سنة خمس وسبعمائة

- ‌سنة ست وسبعمائة

- ‌سنة سبع وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعمائة

- ‌سنة تسع وسبعمائة

- ‌سنة عشر وسبعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ست عشرة وسبعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وسبعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة عشرين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة أربعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة خمسين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ستين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وستين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وستين وسبعمائة

- ‌سنة ست وستين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وستين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وستين وسبعمائة

- ‌سنة سبعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمانين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة تسعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمانمائة

الفصل: ‌سنة إحدى وأربعين وسبعمائة

‌سنة إحدى وأربعين وسبعمائة

في ذي الحجّة منها كانت زلزلة عظيمة بمصر، والشام، والإسكندرية.

مات فيها تحت الرّدم ما لا يحصى، وغرقت مراكب كثيرة، وتهدّمت جوامع ومواذن لا تعدّ.

وفيها كانت واقعة طريف ببلاد المغرب.

قال لسان الدّين في كتاب «الإحاطة» [1] : استشهد فيها جماعة من الأكابر وغيرهم، وكان سببها أن سلطان فاس أمير المسلمين أبا الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني، جاز البحر إلى جزيرة الأندلس برسم الجهاد ونصرة أهلها على عدوهم، حسبما جرت بذلك عادة سلفه وغيرهم من ملوك العدوة، وشمّر عن ساعد الاجتهاد، وجنّد [2] من الجيوش الإسلامية نحو ستين ألفا. وجاء إليه أهل الأندلس بقصد الإمداد وسلطانهم ابن الأحمر ومن معه من الأجناد، فقضى الله الذي لا مردّ لما قدّره أن صارت [3] تلك الجموع مكسّرة، ورجع السلطان أبو الحسن مفلولا [4] ، وأضحى حسام الهزيمة عليه وعلى من معه مسلولا، ونجا برأس طمرّة ولجام، ولا تسل كيف، وقتل جمع من أهل الإسلام، وجملة [5] وافرة من الأعلام، وأمضى فيهم حكمه السّيف، وأسر ابن السلطان وحريمه، وانتهبت ذخائره، واستولت [6] على الجميع أيدي الكفر والحيف، واشرأبّ العدو الكافر لأخذ

[1] انظر «رقم الحلل» للسان الدّين بن الخطيب ص (16- 17) بتحقيق الأستاذ الدكتور عدنان درويش، طبع وزارة الثقافة بدمشق.

[2]

في «ط» : «ووجد» .

[3]

في «آ» و «ط» : «أن سارت» والتصحيح من «رقم الحلل» .

[4]

في «آ» و «ط» : «مغلولا» والتصحيح من «رقم الحلل» والمفلول المنهزم.

[5]

في «رقم الحلل» : «ولمّة» .

[6]

في «آ» و «ط» : «واستولى» وما أثبته من «رقم الحلل» .

ص: 224

ما بقي من الجزيرة ذات الظّلّ الوريف، وثبتت [1] قدمه في بلد طريف.

وبالجملة فهذه الواقعة من الدّواهي المعضلة الداء والأرزاء [2] التي تضعضع لها ركن الدّين بالمغرب، وقرّت بذلك عيون الأعداء. انتهى.

وممن استشهد في هذه الوقعة [3] والد لسان الدّين ابن الخطيب، وهو عبد الله بن سعيد [بن عبد الله بن سعيد][4] بن علي بن أحمد السّلماني [5] .

قال لسان الدين في «الإكليل» في حق والده هذا: إن طال الكلام، وجمحت الأقلام، كنت كما قيل: مادح نفسه يقرئك السلام، وإن أحجمت [6] فما أسديت في الثناء ولا ألمحت، أضعت الحقوق، وخفت معاذ الله العقوق. هذا ولو أني زجرت طير البيان عن أوكاره، وجئت بعون الإحسان وأبكاره، لما قضيت حقّه بعد، ولا قلت إلّا بالذي علمت سعد. فقد كان- رحمه الله ذمر عزم، ورجل رجاء وأزم، تروق أنوار خلاله الباهرة، وتضيء مجالس الملوك من صورتيه الباطنة والظاهرة، ذكاء يتوقّد، وطلاقة يحسد نورها الفرقد، وكانت له في الأدب فريضة، وفي النادرة العذبة منادح عريضة، تكلّمت يوما بين يديه في مسائل من الطّب، وأنشدته أبياتا من شعري ورقاعا من إنشائي، فتهلّل، وما برح أن ارتجل:

الطّبّ والشّعر والكتابة

سماتنا في بني النّجابه

هنّ ثلاث مبلغات

مراتبا بعضها الحجابة

ووقع لي يوما بخطّه على ظهر أبيات بعثتها إليه أعرض نمطها عليه:

وردت كما صدر النسيم بسحرة

عن روضة جار الغرام رباها

فكأنّما هاروت أودع سحره

فيها وآثرها به وحباها

[1] في «ط» : «وثبت» وهو خطأ.

[2]

تحرفت في «ط» إلى «الأزراء» .

[3]

في «ط» : «في هذه الواقعة» .

[4]

ما بين القوسين سقط من «آ» .

[5]

انظر «رقم الحلل» ص (12 و 16 و 18- 19) .

[6]

تحرفت في «ط» إلى «أجمحت» .

ص: 225

مصقولة الألفاظ يبهر حسنها

فبمثلها افتخر البليغ وباها

فقررت عينا عند رؤية وجهها

إني أبوك وكنت أنت أباها

ومن شعره:

عليك بالصّمت فكم ناطق

كلامه أدّى إلى كلمه

إن لسان المرء أهدى إلى

غرّته والله من خصمه

يرى صغير الجسم مستضعفا

وجرمه أكبر من جرمه

وقال في «الإحاطة» : كان من رجال الكمال، طلق الوجه، فقد في الكائنة العظمى بطريف يوم الاثنين سابع جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ثابت الجأش، غير جذوع ولا هيّابة.

حدّثني الخطيب بالمسجد الجامع من غرناطة الفقيه أبو عبد الله بن اللّوشي، قال: كبا بأخيك الطّرف وقد غشي العدو، فجنحت إلى أردافه فانحدر إليه والدك وصرفني وقال: أنا أولى به، فكان آخر العهد بهما. انتهى.

وذكر في «الإحاطة» : أن مولده بغرناطة في جمادى الأولى عام اثنين وسبعين وستمائة.

وفيها افتخار الدّين أبو عبد الله جابر بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد العزيز بن يوسف الخوارزمي الكاتي- بالمثناة أو المثلثة- الحنفي النّحوي [1] .

ولد في عاشر شوال سنة سبع وستين وستمائة، وقرأ على خاله أبي المكارم، وقرأ «المفصل» و «الكشّاف» على أبي عاصم الإسفندري، واشتغل ببلاده، ومهر، وقدم القاهرة، فسمع من الدّمياطي. وولي مشيخة الجاولية التي بالكبش، وباشر الإفتاء والتدريس بأماكن، وقدم مكّة.

وقرأ «الصحيح» على التّوزري، وتكلّم على أماكن فيه من جهة العربية، ودرّس بالقدس ومكّة. وكان فاضلا، حسن الشكل، مليح المحاضرة.

[1] انظر «النجوم الزاهرة» (9/ 326) و «الجواهر المضية» (2/ 5- 6) و «العقد الثمين» (3/ 403- 404) و «الدّرر الكامنة» (2/ 68) .

ص: 226

مات بالقاهرة في منتصف المحرم.

وفيها برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال الزّرعي ثم الدمشقي [1] ، الفقيه الحنبلي الأصولي المناظر الفرضي.

سمع بدمشق من عمر بن القوّاس، وأبي الفضل بن عساكر، وغيرهما.

وتفقه وأفتى قديما، ودرّس، وناظر، وولي نيابة الحكم عن علاء الدّين بن المنجّى وغيره، ودرّس بالحنبلية من حين سجن الشيخ تقي الدّين بالقلعة في المرة التي توفي فيها، فساء ذلك أصحاب الشيخ ومحبيه، واستمرّ بها إلى حين وفاته.

وكان بارعا في أصول الفقه، والفرائض، والحساب، وإليه المنتهى في التّحري، وجودة الخطّ، وصحة الذّهن، وسرعة الإدراك، وقوة المناظرة، وحسن الخلق، لكنه كان قليل الاستحضار لنقل المذهب، وكان قاضي القضاة أبو الحسن السّبكي يسمّيه فقيه الشام. وكان فيه لعب، وعليه في دينه مآخذ، سامحه الله تعالى. وتفقّه وتخرّج به جماعة، ولم يصنّف كتابا معروفا.

توفي وقت صلاة الجمعة سادس عشر رجب، ودفن بمقبرة باب الصغير.

وفيها الحسين بن أبي بكر بن الحسين الإسكندري المالكي النّحوي [2] .

قال في «الدرر» : ولد سنة أربع وخمسين وستمائة، واشتغل بالعلم، خصوصا العربية، وانتفع به الناس، وجمع «تفسيرا» في عشر مجلدات، وحدّث عن الدّمياطي.

وتوفي في ذي الحجّة.

وفي حدودها الشيخ علي بن عبد الله الطّواشي اليمني [3] الصّوفي الكبير، العارف الشهير.

[1] انظر «ذيول العبر» ص (222) و «الوفيات» لابن رافع (1/ 368) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 434) و «الدّرر الكامنة» (1/ 15) و «المقصد الأرشد» (1/ 215) .

[2]

انظر «بغية الوعاة» (1/ 532) و «الدّرر الكامنة» (2/ 73) و «حسن المحاضرة» (1/ 459) وفيه: «أبو الحسن بن أبي بكر» .

[3]

لم أعثر على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر.

ص: 227

ذو الأحوال السّنيّة والمقامات العليّة، وحسبك فيه ما قاله تلميذه ومريده الإمام اليافعي من أبيات:

إذا قصد الزّوّار للبيت كعبة

عليّ بن عبد الله قصدي وكعبتي

وفيها ركن الدّين شافع بن عمر بن إسماعيل [1] ، الفقيه الحنبلي الأصولي، نزيل بغداد.

سمع الحديث ببغداد على إسماعيل بن الطبّال، وابن الدّواليبي، وغيرهما.

وتفقّه على الشيخ تقي الدّين الزّريراتي، وصاهره على ابنته، وأعاد عنده بالمستنصرية.

وكان رئيسا، نبيلا، فاضلا، عارفا بالفقه والأصول والطّبّ، مراعيا لقوانينه في مأكله ومشربه، ودرّس بالمجاهدية بدمشق، وأقرأ جماعة من الأئمة.

قال ابن رجب: منهم والدي.

وله مصنّف في مناقب الأئمة الأربع سمّاه «زبدة الأخبار في مناقب الأربعة الأبرار» ، وكان قاصر العبارة لأن في لسانه عجمة، ومدرسة المجاهدية تعرف الآن بالحجازية، ثم صارت اصطبلا لخيل الطانشمندية، لا حول ولا قوة إلّا بالله.

توفي المترجم ببغداد يوم الجمعة ثاني عشر شوال، ودفن بدهليز تربة الإمام أحمد، رضي الله عنه.

وفيها شرف الدّين أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل الزّريراتي البغدادي [2] الحنبلي بن شيخ العراق تقي الدّين أبي بكر المتقدم ذكره.

ولد ببغداد، ونشأ بها، وحفظ «المحرّر» ، وسمع الحديث، واشتغل ثم رحل إلى دمشق، فسمع من زينب بنت الكمال، وجماعة من أصحاب ابن عبد الدائم،

[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 435) و «الدّرر الكامنة» (2/ 283) و «المقصد الأرشد» (1/ 441) .

[2]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 435- 436) وفيه: «عبد الرحيم بن عبد الله» .

ص: 228

وخطيب مردا، وطبقتهما، وارتحل إلى مصر، وسمع من مسندها يحيى ابن المصري، وغيره [ولقي بها أبا حيّان وغيره][1] ، ثم رجع إلى بغداد بفضائل جمّة، ودرّس للحنابلة بالبشرية بعد وفاة صفي الدّين بن عبد الحق، ثم درّس بالمجاهدية بعد وفاة صهره المترجم قبله شافع، ولم تطل بها مدته.

قال ابن رجب: وحضرت درسه، وأنا إذ ذاك صغير لا أحقّقه جيدا، وناب في القضاء ببغداد، واشتهرت فضائله، وخطّه في غاية الحسن. وألّف مختصرات في فنون عديدة.

وتوفي ببغداد يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجّة ودفن عند والده بمقبرة الإمام أحمد وله من العمر نحو الثلاثين سنة رحمه الله تعالى.

وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الشافعي [2] خازن كتب خانقاه السميساطية بدمشق.

ولد ببغداد سنة ثمان وسبعين وستمائة، وسمع الحديث، وكان صالحا، خيّرا. جمع، وألّف، فمن تأليفه «تفسير القرآن العظيم» [3] و «شرح عمدة الأحكام» وأضاف إلى «جامع الأصول» «مسند الإمام أحمد» و «سنن ابن ماجة» و «سنن الدارقطني» وسمّاه:«مقبول المنقول» ، وجمع «سيرة» . وحدّث ببعض مصنّفاته، وكان صوفيا بالخانقاه المذكورة، وكان بشوش الوجه، ذا تودّد وسمت حسن.

توفي في شعبان.

وفيها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تمّام بن حسان التّليّ ثم الصّالحي [4] القدوة الزّاهد الفقيه الحنبلي.

[1] ما بين القوسين سقط من «آ» .

[2]

انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 53- 54) و «الدّرر الكامنة» (3/ 97) و «كشف الظنون» (2/ 1792) .

[3]

أقول: وهو المعروف ب «تفسير الخازن» ، وهو بغدادي الأصل، يقال له: الشيحي، نسبة إلى شيحة من أعمال حلب (ع) .

[4]

انظر «ذيول العبر» (220) و «معجم الشيوخ» (2/ 141- 143) و «الوافي بالوفيات» (2/ 152) و «فوات الوفيات» (3/ 413) و «الوفيات» لابن رافع (1/ 353) و «الدّرر الكامنة» (3/ 311- 312) .

ص: 229

ولد سنة إحدى وخمسين وستمائة، وسمع من ابن عبد الدائم وغيره، وصحب الشيخ شمس الدّين ابن الكمال وغيره من العلماء والصّلحاء. وكان صالحا، تقيا، من خيار عباد الله، يقتات من عمل يده، وكان عظيم الحرمة، مقبول الكلمة عند الملوك. وولاة الأمور، ترجع إلى رأيه وقوله. أمّارا بالمعروف نهاء عن المنكر.

ذكره الذهبي في «معجم شيوخه» وقال: كان مشارا إليه في الوقت بالإخلاص، وسلامة الصّدر، والتّقوى، والزّهد، والتّواضع التّام، والبشاشة، ما أعلم فيه شيئا يشينه في دينه أصلا.

وقال ابن رجب: حدّث بالكثير، وسمع منه خلق، وأجاز لي ما تجوز له روايته بخطّ يده.

وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى.

وفيها شمس الدّين أبو المعالي محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة بن علي بن عقيل [1] ، الإمام، العالم، الفقيه، الشافعي، المفتي المدرّس الكبير بن القمّاح القرشي المصري.

ولد في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، وسمع الكثير، وقرأ الحديث بنفسه، وكتب بخطّه، وتفقه على الظّهير التّرميني وغيره، وبرع، وأفتى، ودرّس بقبة الإمام الشافعي إلى حين وفاته، بعد أن أعاد بها خمسين سنة، وناب في الحكم مدة سنين، وسمع منه خلق كثير من الفقهاء والمحدّثين.

قال الإسنوي: كان رجلا، عالما، فاضلا، فقيها، محدّثا، حافظا لتواريخ المصريين، ذكيا، إلّا أن نقله يزيد على تصرّفه. وكان سريع الحفظ، بعيد النسيان، مواظبا على النّظر والتحصيل، كثير التّلاوة، سريعا، متودّدا.

توفي في ربيع الآخر أو الأول، ودفن بالقرافة.

[1] انظر «ذيول العبر» ص (221) و «الوافي بالوفيات» (2/ 150) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 92- 93) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 338) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 66- 67) و «الدّرر الكامنة» (3/ 303- 304) و «حسن المحاضرة» (1/ 426) .

ص: 230

وفيها شرف الدّين محمد بن عبد المنعم المنفلوطي، المعروف بابن المعين الشّافعي [1] .

تفقه بالشيخ نجم الدّين البالسي وغيره، وقرأ الأصول على الشمس المحوجب.

قال الكمال الأدفوي: كان أديبا، فقيها، شاعرا، اختصر «الرّوضة» وتكلّم على أحاديث «المهذب» وسمّاه «الطّراز المذّهب» . انتهى.

وفيها عزّ الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن يوسف الأفقهسي المصري [2] .

سمع بالقاهرة ودمشق من جماعة.

قال ابن رافع: ودرّس بدمشق، وكان كثير النقل لفروع مذهبه، قوي الحافظة، قيل: إنه حفظ «محرّر الرافعي» في شهر وستة أيام.

توفي بدمشق شابا، رحمه الله تعالى.

وفيها أبو عبد الله محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن بكر بن سعد الأشعري المالقي، يعرف بابن بكر [3] .

قال في «تاريخ غرناطة» : كان من صدور العلماء، وأعلام الفضل، معرفة وتفنّنا، ونزاهة، عارفا بالأحكام والقراءات، مبرّزا في الحديث والتاريخ، حافظا للأنساب والأسماء والكنى. قائما على العربية، مشاركا في الأصول، والفروع، واللغة، والفرائض، والحساب، أصيل النظر، منصفا مخفوض الجناح، حسن الخلق، عطوفا على الطلبة، محبّا للعلم والعلماء.

أخذ القراءات، والعربية، والفقه، والحديث، والأدب عن الأستاذ

[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 80) و «الدّرر الكامنة» (4/ 33) .

[2]

انظر «الوفيات» لابن رافع (1/ 382) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 80- 81) و «الدّرر الكامنة» (4/ 37) .

[3]

انظر «الإحاطة بتاريخ غرناطة» (2/ 176- 180) و «الدّرر الكامنة» (4/ 284) .

ص: 231

أبي محمد بن أبي السّداد الباهلي، وابن الزّبير، وابن رشيد، وغيرهم، وأجاز له جماعة من سبتة وإفريقية، والمشرق. منهم: الشّرف الدّمياطي، والأبرقوهي.

وولي الخطابة والقضاء بغرناطة فصدع بالحقّ، وتصدّر لنشر العلم، فأقرأ العربية، والفقه، والقراءات، والأصول، والفرائض، والحساب، وعقد مجلس الحديث، شرحا وسماعا.

مولده في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وستمائة، ووقف في مصافّ المسلمين يوم المساحة الكبرى بظاهر طريف فكبت به بغلته، فمات منها، وذلك يوم الاثنين سابع جمادى الأولى انتهى.

وفيها أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن الإمام.

قال المقري في «التعريف بابن الخطيب» : قال مولاي الجدّ، رحمه الله تعالى،:

فممن أخذت عنه علماها- يعني تلمسان- الشّامخان، وعالماها الرّاسخان، أبو زيد عبد الرحمن، وأبو موسى عيسى، ابنا محمد بن عبد الله بن الإمام، وكانا قد رحلا في شبابهما من بلدهما برشك إلى تونس، فأخذا بها عن ابن جماعة، وابن العطّار، والنّفزي، وتلك الحلبة، وأدركا المرجاني وطبقته من أعجاز المائة السابعة، ثم وردا في أول المائة الثامنة تلمسان على أمير المسلمين أبي يعقوب وهو محاصر لها، وفقيه حضرته يومئذ أبو الحسن علي بن مخلف التّنّسي، وكان قد خرج إليه برسالة من صاحب تلمسان المحصورة، فلم يعد وارتفع شأنه عند أبي يعقوب حتّى إنه شهد جنازته ولم يشهد جنازة غيره، وقام على قبره، وقال: نعم الصّاحب فقدنا اليوم، ثم زادت حظوتهما عند أمير المسلمين أبي الحسن إلى أن توفي أبو زيد في العشر الأوسط من رمضان عام أحد وأربعين وسبعمائة، بعد وقعة طريف بأشهر، فزادت مرتبة أبي موسى عند السلطان، وكانا رحلا إلى المشرق في حدود العشرين وسبعمائة، فلقيا علاء الدّين القونوي، وجلال الدين القزويني صاحب «البيان» وسمعا «صحيح البخاري» على الحجّار، وناظرا تقي الدّين بن تيميّة، وظهرا عليه، وكان ذلك من أسباب محنته، وكان شديد الإنكار على الإمام فخر الدّين [1] .

[1] يعني الرازي.

ص: 232

حدّثني شيخي العلّامة أبو عبد الله الإيلي أن عبد الله بن إبراهيم الزموري أخبره أنه سمع ابن تيميّة ينشد لنفسه:

محصّل في أصول الدّين حاصله

من بعد تحصيله علم بلا دين

أصل الضّلالة والإفك المبين فما

فيه فأكثره وحي الشّياطين

قال: وكان في يده قضيب، فقال: والله لو رأيته لضربته بهذا القضيب.

وشهدت مجلسا عند السّلطان قرئ فيه على أبي زيد بن الإمام حديث:

«لقّنوا موتاكم لا إله إلّا الله» في «صحيح مسلم» [1]، فقال له الأستاذ أبو إسحاق بن حكم السّلوي: هذا الملقّن محتضر حقيقة، ميت مجازا، فما وجه ترك محتضريكم إلى موتاكم، والأصل الحقيقة، فأجابه أبو زيد بجواب لم يقنعه، وكنت قد قرأت على الأستاذ بعض «التنقيح» أي للقرافي، فقلت: زعم القرافي أن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال، مجازا في الاستقبال، مختلفا فيه في الماضي إذا كان محكوما به، أما إذا كان متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة إجماعا، وعلى هذا التقرير لا مجاز فلا سؤال.

وذكر أبو زيد ابن الإمام يوما في مجلسه أنه سئل بالمشرق عن هاتين الشرطيتين وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ 8: 23 [الأنفال: 23] ، فإنهما يستلزمان بحكم الإنتاج لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهو محال، ثم أراد أن يرى ما عند الحاضرين، فقال ابن الحكم: قال الخونجي: والإهمال بإطلاق لفظ لو، وأن في المتصلة، فهاتان القضيتان على هذا مهملتان، والمهملة في قوة الجزئية، ولا قياس عن جزئيتين. انتهى.

وفيها الملك النّاصر محمد بن الملك المنصور قلاوون بن عبد الله الصّالحي [2] .

[1] رواه مسلم رقم (916) في الجنائز: باب تلقين الموتى: لا إله إلّا الله.

[2]

انظر «ذيول العبر» ص (323- 225) و «النجوم الزاهرة» (9/ 165) و «الوافي بالوفيات» (4/ 353)

ص: 233

ولد في صفر، وقيل: في نصف المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة، وشوهد منه أنه ولد وكفّاه مقبوضتان ففتحتهما الدّاية فسال منهما دم كثير، ثم صار [1] يقبضهما، فإذا فتحهما سال منهما دم كثير، فأوّل ذلك بأنه يسفك على يديه دماء كثيرة، فكان كذلك. وولي السلطنة عقب قتل أخيه الأشرف وعمره تسع سنين، فولي السلطنة سنة إلّا ثلاثة أيام، ثم خلع بكتبغا، وكان كتبغا قد جهّز النّاصر إلى الكرك بعد أن حلف له أنه إذا ترعرع وترجّل يفرغ له عن المملكة بشرط أن يعطيه مملكة الشام استقلالا، ثم أحضر الناصر من الكرك إلى مصر سنة ثمان وتسعين وسلطنوه ثانيا، واستقرّ بيبرس الجاشنكير دويدارا وسلّار نائبا في السلطنة، ولم يكن للناصر معهما حكم البتة واستقرّ أقش الأفرم نائب دمشق، وحضر الناصر وقعة غازان سنة تسع وتسعين، وثبت الناصر الثبات القوي، وجرى لغازان بدمشق ما اشتهر، وقطعت خطبة الناصر من دمشق مدة ثم أعيدت فتحرّك غازان في العود، فوصل إلى حلب، ثم رجع.

وفي شعبان سنة اثنتين وسبعمائة كانت وقعة شقحب، وكان للناصر [2] فيها اليد البيضاء من الثبات والفتك ووقع النّصر للمسلمين.

ثم في سنة ثمان وسبعمائة أظهر الناصر أنه يطلب الحجّ، فتوجه إلى الكرك، وأقام بها، وطرد نائب الكرك إلى مصر، وأعرض عن المملكة لاستبداد سلّار، وبيبرس دونه بالأمور، وكتب الناصر إلى الأمراء بمصر يترقق لهم، ويستعفيهم من السلطنة، ويسألهم أن يتركوا له الكرك، فوافقوه على ذلك، وتسلطن بيبرس الجاشنكير، ثم قصد الناصر مصر في سنة تسع وسبعمائة فاستقرّ في دست سلطنته يوم عيد الفطر، ولما استقرّت قدمه قبض على أكثر الأمراء، وعزل، وولي، وحجّ، وجدّد خيرات كثيرة، وبنى جوامع، ومدارس، وخوانق، وفتحت في أيامه ملطية،

و «فوات الوفيات» (2/ 263) و «الدّرر الكامنة» (4/ 144) .

[1]

تحرفت في «ط» إلى «سار» .

[2]

هو الملك الناصر محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي. انظر ترجمته في «الوافي بالوفيات» (4/ 353) و «ذيول العبر» ص (224) و «الدّرر الكامنة» (4/ 144- 148) .

ص: 234

وطرسوس، وغيرهما. واشترى المماليك، فبالغ في ذلك، حتّى اشترى واحدا بما يزيد على أربعة آلاف دينار.

قال في «الدّرر» [1] : ولم ير أحد مثل سعادة ملكه وعدم حركة الأعادي عليه برّا وبحرا، مع طول المدة، فمنذ وقعة شقحب إلى أن مات، لم يخرج عليه أحد، ووجدت له إجازة بخط البرزالي من ابن مشرف وغيره، وسمع من ست الوزراء، وابن الشّحنة، وخرّج له بعض المحدّثين «جزءا» . وكان مطاعا، مهيبا، عارفا بالأمور، يعظّم أهل العلم والمناصب الشرعية، ولا يقرّر فيها إلّا من يكون أهلا لها.

وتوفي في تاسع عشري ذي الحجّة بقلعة مصر في آخر النهار، وحمل ليلا إلى المنصورية، فغسل بها، وصلّى عليه عزّ الدّين بن جماعة القاضي إماما بحضرة أناس قلائل من الأمراء، وحصل للمسلمين بموته ألم شديد، لأنهم لم يلقوا مثله.

وعهد قبيل موته لولده الملك المنصور، فجلس على كرسي الملك قبل موت والده بثلاثة أيام، والله أعلم.

[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 147- 148) .

ص: 235